موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية


وثائق الجنيزا (القاهرية) 
هي مجموعة كبيرة من المخطوطات، كُتبت بين القرن التاسع والقرن التاسع عشر، وحُفظت في معبد بن عزرا في القاهرة.
منذ اكتشاف هذه المخطوطات ونشرها على يد شنيئور زلمان شختر، وباحثين يهود ومسيحيين في مختلف مجالات الدراسات اليهودية من بعده، تبيّن أن لها أهمية كبيرة في دراسة تاريخ الكتابة العبرية والشعر الديني والأدب العبري القديم وتاريخ يهود مصر ويهود منطقة البحر المتوسط، وتاريخ الصلاة اليهودية والتراث الديني اليهودي. وقد نُقل عدد كبير من هذه المخطوطات إلى مكتبة جامعة كامبريدج، بينما وُزعت أجزاء أخرى منها في أنحاء متفرقة من العالم.
بالإضافة إلى المخطوطات التي وُجدت في الجنيزا الخاصة بمعبد ابن عزرا، تم العثور على مخطوطات ووثائق في أماكن أخرى من القاهرة، مثل الجنيزا الخاصة بمعبد القرائين وفي مقابر البساتين القديمة.
لقد بني معبد الطائفة اليهودية في مدينة الفسطاط بمصر القديمة عام 882 على أنقاض كنيسة قبطية، إلا أنه تعرض للدمار عام 1012 . وقد أعيد بناؤه حوالي عام 1025 بإذن من السلطات. وفي طابقه العلوي، تم تخصيص غرفة خاصة ك "جنيزا"؛ أي مكان لتخزين الكتب المقدسة والوثائق التي بليت، ولم يعد من الممكن استعمالها.
وجدير بالذكر أن اليهود لم يحتفظوا في الجنيزا بكتب الصلوات والتعليم التالفة فحسب، بل احتفظوا أيضًا بوثائق قانونية، مثل سجلات المحاكم اليهودية ووثائق اقتصادية ورسائل وعقود، وقوائم أسماء، وأجزاء من دفاتر حسابات وخطابات. وذلك احترامًا لكل ما كُتب بالخط العبري. وقد ساعد المناخ الجاف في مصر على سلامة تلك الوثائق.
ويمكن تصنيف المواد المحفوظة في الجنيزا إلى نوعين رئيسين:
1. مواد أدبية
2. مواد وثائقية
أما عن اللغات التي دونت بها هذه الوثائق فكانت في الغالب:
- العربية اليهودية : أي العربية المكتوبة بحروف عبرية
- العبرية
- الآرامية
كما تم العثور على بعض الوثائق العربية المدونة بالخط العربي.
وقد تبين من خلال فحص تلك الوثائق أن أقدم وثيقة مؤرخة تعود إلى القرن التاسع، وأن أقدم نص أدبي مؤرخ يعود إلى أوائل القرن العاشر، كما تبين وجود عدد قليل من الوثائق المؤرخة التي تعود إلى القرن العاشر.
وبدءًا من عام 1002، وُجدت وثائق مؤرخة تعود لجميع السنوات تقريبًا، وزاد عددها بشكل كبير منذ العشرينيات من القرن الحادي عشر وحتى عام 1266 . وتشمل هذه المجموعة الفترة الفاطمية والأيوبية، وتُعرف باسم "الجنيزا الكلاسيكية". ومن اللافت أن الجنيزا القاهرية لا تحتوي على مواد تذكر من الفترة ما بين عام 1266. وحتى الربع الثاني من القرن السادس عشر.
ولم تظل الجنيزا سرًا غير مطروق، فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حاول بعض السياح اليهود، مثل شمعون فون جلدرن، جدّ الشاعر هاينريش هاينه، فحص محتواها، لكن نظرًا لافتقارهم إلى الأساليب البحثية المهنية، وبسبب عدم النظام والغبار المتراكم في المكان، لم ينجحوا في ذلك الأمر. ورغم أن أفراد الطائفة اليهودية كانوا يعتقدون أن هناك لعنة تصيب من يأخذ شيئا من الجنيزا، إلا أن بعض تجار الآثار المحليين قاموا ببيع بعض كتب الجنيزا إلى سياح أثرياء على أنها من الأشياء التذكارية.
اكتشاف الجنيزا
في عام 1864، زار الرحالة المقدسي يعقوب هالِفي سابير الجنيزا، وأخرج منها بعض الأوراق. وقد نشر وصف رحلته إلى مصر في كتابه"אבן ספיר"، الذي صدر في ألمانيا في نفس العام. وبعد زيارته هذه، بدأ آخرون أيضًا في إخراج مواد من الجنيزا. وفي عام 1893، نشر الحاخام شلومو أهارون فرتهايمر، وهو من القدس، المجلد الأول من كتاب "دور التعليم"، الذي احتوى على مدراشيم صغيرة مأخوذة من مخطوطات الجنيزا.
وفي مايو من عام 1896، قدمت شقيقتان اسكتلنديتان بعض أوراق الجنيزا إلى الباحث شنيئور زلمان شختر، الذي كان يعمل في جامعة كامبريدج . تضمنت هذه الأوراق النص العبري لكتاب "بن سيرا"، الذي كان معروفًا لعدة قرون من خلال ترجماته اللاتينية واليونانية فقط.
اندهش شختر مما رآه، فسارع في يونيو 1896 إلى الحصول على دعم من الجامعة للقيام برحلة إلى مصر. وهناك اكتشف الحجم الهائل للجنيزا، وما احتوته من مواد نادرة. وقد قدر بأن ما أخرجه منها يزيد عن مئة ألف ورقة .
وقد حصل شختر على دعم خاص من الباحث في الدراسات اليهودية، تشارلز تايلور (1840– 1908)، تلميذ الحاخام شلومو شيلر- سِنشي. كما قدم له المساعدة عدد من اليهود والمسيحيين، إضافة إلى دبلوماسيين بريطانيين في مصر. كما حصل شختر على خطاب توصية من الحاخام الأكبر في إنجلترا، نَفْتالي هِرمان أدلر، موجه إلى الحاخام الأكبر في القاهرة، رافائيل أهارون بن شمعون. لذلك عند وصوله إلى القاهرة، حظي بتعاون كبير من قبل زعماء الطائفة اليهودية، ومن إدارة معبد بن عزرا.
                    رائد دراسات الجنيزا شنيئور زلمان شختر

ظروف العمل في الجنيزا
تمت أعمال البحث في الجنيزا في ظروف صعبة؛ حيث اضطر شختر إلى الزحف عبر فتحة في الجدار الخاص بمصلى النساء داخل المعبد للوصول إلى مكان الجنيزا؛ إذ كان بلا أبواب أو نوافذ، ومليئ بالغبار الخانق. ولكن على الرغم من هذه الصعوبات، نجح شختر في فرز كمية هائلة من المخطوطات والوثائق وفحصها، واقتنى لصالح مكتبة جامعة كامبريدج مجموعة تُعد الأكبر عالميًا من نوعها، إذ كانت أكبر بثلاث مرات من أية مجموعة أخرى معروفة آنذاك. وقد حملت هذه المجموعة من الوثائق التي نقلت إلى جامعة كامبريدج اسم  "تايلور- شختر"
أماكن توزيع وثائق الجنيزا
تم نقل بعض وثائق الجنيزا إلى بعض المكتبات المهمة حول العالم، منها:
- سانت بطرسبرج
- بودابست
- فيينا
- ستراسبورج
- باريس
- لندن
- أكسفورد
- مانشستر
- المدرسة الحاخامية في نيويورك
- فيلادلفيا
- واشنطن
- مكتبة جامعة حيفا
أما الوثائق التي كانت في برلين وفرانكفورت ووارسو فقد فُقدت خلال الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فإن 70% من مواد الجنيزا لا تزال محفوظة في جامعة كامبريدج ضمن مجموعة "تايلور- شختر".
دراسة وثائق الجنيزا
إن البحث في وثائق الجنيزا لم ينتهِ بعد. وقد أفادت كل فروع الدراسات اليهودية أيمة إفادة من دراسة تلك الوثائق. إذ تحتوي على آلاف الوثائق التاريخية، مثل: الرسائل وعقود الزواج والطلاق، إضافة إلى آلاف الكتب في مجال الشريعة اليهودية واللغة العبرية والفكر اليهودي والشعر الديني، من عصر الجاءونيم وحتى فترة متأخرة.
هذا وتضم"الجنيزا الأدبية" نحو ربع مليون ورقة، بينما تضم "الجنيزا الوثائقية" 7,000 وثيقة، نصفها تقريبًا محفوظ بشكل كامل أو شبه كامل.
التحديات التي تواجه باحثي الجنيزا
1- فرز النصوص المهمة عن تلك التي لا تحمل أهمية كبيرة، والتي تم حفظها فقط لأنها مكتوبة بالعبرية.
2- الحالة السيئة لمعظم الكتب.
3- وجود نصوص موزعة على صفحات متفرقة أو ممزقة تحتاج إلى إعادة تجميع.
4- الحاجة إلى فك رموز الخطوط وأشكال الكتابة القديمة التي لم تعد مستعملة، إضافة إلى التعامل مع نصوص باهتة أو ممحوة.
5- صعوبة تحديد التسلسل الزمني للنصوص ومدى موثوقيتها.
                  صفحة بخط أفراهام بن موسى بن ممون


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button