المستخلص:
يتناول هذا البحث ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام
البقاعي للقرآن الكريم، باعتبارها نموذجًا لمصنف عربي متكامل الأركان لمترجم
يهودي؛ أي مصنف مدون باللغة العربية ومخطوط بالخط العربي. ومن ثم فهي تقدم نموذجًا
مغايرًا للنمط العبري في الكتابة، الذي شاع استعماله في فترة العصر الوسيط،
والمعروف بالكتابة العربية اليهودية، والذي دونت بها أهم الأعمال اليهودية في تلك
الحقبة الزمنية، والتي كان من أبرزها ترجمة سعديا جاءون للتوراة.
مشكلة البحث:
يحاول البحث الوصول
إلى هوية المترجم من حيث البيئة التي عاش فيها والزمن الذي وجد فيه، من خلال
البصمة اللفظة، على اعتبار أن هذه الترجمة لم يُدوَّن عليها اسم صاحبها، كما جرت
العادة في معظم الكتابات اليهودية المدونة بالخط العربي في تلك الفترة الزمنية.
منهج البحث:
يعتمد البحث على
المنهج الوصفي التحليلي؛ وذلك من خلال وصف الألفاظ والتراكيب في النصين العبري
والعربي، وتحليلها لبيان مدى اتساق المعاني في النصين من جهة، ومدى تأدية الأساليب
ذات الطابع القرآني للمعاني المرادة في النص العبري من جهة أخرى. ولما كان البحث
سيتطرق إلى ترجمة سعديا جاءون فسوف يفيد من المنهج المقارن.
أهداف البحث:
1- الوقوف على السمات
اللغوية لمصنف يهودي مدون باللغة العربية لفظًا وخطًّا.
2- التعرف على زمن
التصانيف مجهولة الصاحب وبيئتها من خلال البصمة اللفظية.
3- إبراز الأثر القرآني
في الترجمة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي.
ولتحقيق الهدف الثالث
سوف تسير الدراسة - عند التطرق إلى المحور المنوط به تناولها- في مسارين هما:
1- مراجعة الترجمة -
موضوع الدراسة - على الأصل العبري للتوراة.
2- مقارنة الترجمة -
موضوع الدراسة - بترجمة سعديا جاءون للتوراة.
كلمات
مفتاحية: ترجمة – توراة – تناص – بصمة لفظية - تفسير
مقدمة:
تعد أسفار اليهود المقدسة
من أقدم الآثار الدينية التي وصلت إلينا في لغتها الأم " اللغة
العبرية"، كما أنها من أكثر الكتب الدينية التي تمت ترجمتها غير مرة إلى كثير
من لغات العالم القديمة والوسيطة والحديثة[1].
ومن اللغات التي ترجمت إليها هذه الأسفار اللغة العربية؛ حيث ظهرت عدة ترجمات
عربية لها في فترات مختلفة، ترجمت بعضها على أيدي بعض علماء اليهود، وترجم البعض
الآخر على أيدي غيرهم. ومن أشهر الترجمات العربية التي وضعها علماء اليهود ترجمة
"سعديا جاءون"؛ إذ حظيت هذه الترجمة بأهمية كبيرة لدى اليهود ولدى
غيرهم، كما حظيت من الاهتمام البحثي بما لم تحظ بها غيرها من الترجمات. والثابت
للدارسين أن هذه الترجمة قد دونت بالكتابة العربية اليهودية؛ تلك الكتابة الذى شاع
استعمالها من قبل اليهود في فترة العصر الوسيط.
ومن الأمور الجديرة
بالملاحظة ندرة التصانيف – سواء المؤلفة أو المترجمة – التي دونها اليهود بالخط
العربي؛ لذا فدراسة مثل تلك التصانيف النادرة تعد من الأهمية بمكان؛ إذ إنها تعكس
واقعًا لغويًّا غير مألوف في تاريخ اليهود الذين عاشوا في البيئات العربية في العصر
الوسيط. فلعل تصانيف كهذه تعكس لنا صورة لغوية مغايرة لتلك الصورة التي دأب عليها
اليهود في فترة العصر الوسيط، والمتمثلة في تدوين مصنفاتهم بلغة عربية مخطوطة
بأحرف عبرية.
وتعد ترجمة التوراة
التي اعتمد عليها الإمام البقاعي[2]
في نقله عن العهد القديم على طول صفحات تفسيره للقرآن الكريم والمعروف باسم "
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور"، من أهم الوثائق التي خطها أحد علماء اليهود
في العصر الوسيط. وترجع أهمية هذه الترجمة إلى أنها مدونة بلغة عربية لفظًا وخطًّا،
كما أنها تتميز بسلامة لغوية واضحة.
محاور البحث:
1- الترجمات العربية
للتوراة بشكل عام والترجمة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي بشكل خاص.
2- البصمة اللفظية ودورها
في تحديد بيئة المترجم وزمانه.
3- التناص القرآني في
الترجمة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن الكريم.
المحور الأول: الترجمات
العربية للتوراة بشكل عام، والترجمة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي بشكل
خاص
أولًا: الترجمات
العربية للتوراة:
تكاد تُجمع المصادر
التاريخية أن اليهود بعد عام 70 م، وهو عام خراب الهيكل الثاني على يد (تيطس)
الروماني، قد تشتتوا في شتى أصقاع الأرض، كما تذكر كذلك أن أقرب الأماكن التي
اضطروا إلى الفرار إليها بعد هذا العام كان شمال شبه الجزيرة العربية؛ فاستقرت مجموعة
منهم في تلك المنطقة، وعاشوا بها فترة طويلة قبل ظهور الإسلام في القرن السابع
الميلادي. يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون " بعد حرب اليهود والرومان (70 ب.م)
التي انتهت بخراب بلاد فلسطين وخراب بيت القدس، وتشتت اليهود في أصقاع العالم،
قصدت جموع كثيرة أخرى من اليهود بلاد العرب"[3].
ولم تكن تلك الهجرة اليهودية بعد خراب الهيكل الثاني عام (70 م) هي أول وجود
لليهود في جزيرة العرب؛ إذ كان لليهود وجود في جزيرة العرب قبل هذا التاريخ بزمن
بعيد، من خلال تهود بعض القبائل العربية. يقول أحمد أمين في كتابه "فجر
الإسلام" "انتشرت اليهودية في جزيرة العرب قبل الإسلام بقرون، وتكونت
فيها مستعمرات يهودية، وأشهرها يثرب، وهي التي سميت بعد بالمدينة، ولكن من هم
هؤلاء اليهود في جزيرة العرب؟ هل هم من عنصر يهودي أم هم عرب تهودوا ؟ وإذا كان
الأول فمن أين أتوا: هل أتوا من فلسطين أو من غيرها ؟ اضطربت الأخبار في ذلك.
ويظهر أن الصنفين كانا موجودين في الجزيرة؛ يهود نزحوا وعرب تهودوا"[4]. غير
أنه من المرجح أن يكون اليهود النازحون من فلسطين عام (70 م) قد جاءوا إلى الجزيرة
العربية، واليهودية منتشرة بها بالفعل، من خلال القبائل العربية المتهودة. يقول
الدكتور إسرائيل ولفنسون " وإذا صح ما رويناه سابقًا عن تاريخ اليهود في
الجزيرة العربية في الدور الأول، كان مؤيدًا للرأي الذي يقول إن المهاجرين في
الدور الثاني قد توجهوا في بادىء أمرهم إلى الجهات التي كانت مسكونة بطوائف
إسرائيلية من زمن قديم"[5].
فكلام ولفنسون هذا يعني توافد اليهود من فلسطين بعد عام (70 م) على المتهودين
العرب الذين كانوا موجودين بالفعل في الجزيرة العربية. وكان لوجود اليهود في جزيرة
العرب – بغض النظر عن الطريقة التي وجودوا من خلالها في هذه البقعة العربية – دور
كبير في حدوث تأثيرات متبادلة بين اللغة والثقافة العربية من جهة، واللغة والثقافة
العبرية من جهة أخرى. يقول أحمد أمين "نشر اليهود في البلاد التي نزلوها في
جزيرة العرب تعاليم التوراة، وما جاء فيها: من تاريخ خلق الدنيا، ومن بعث وحساب
وميزان، ونشروا تفاسير المفسرين للتوراة، وما أحاط بها من أساطير وخرافات، كالتي
أدخلها – بعد – من أسلم من اليهود مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وأضرابهما"[6].
وليس من شك أن يكون
هؤلاء اليهود قد استوعبوا لغة العرب، وتعاملوا بها بشكل طبيعي فيما بينهم من جهة،
وفيما بينهم وبين العرب من جهة أخرى؛ لذلك كان من الطبيعي أن يقوم اليهود بترجمة
كتابهم المقدس بلغة الأقاليم التي عاشوا فيها واستقروا بها، وهي اللغة التي كانوا
يتحدثون بها بطبيعة الحال؛ لذا ذهب بعض الباحثين إلى أنه كانت هناك ترجمات عربية
للتوراة أو لأجزاء منها قبل الإسلام. وما يؤكد ذلك هو وجود أشعار جاهلية لبعض
الشعراء مثل عدي بن زيد وأمية بن أبي الصلت والأعشى؛ تشتمل على أمور تتعلق بأحداث
توراتية مثل حمامة نوح وأخبار سليمان وغير ذلك[7].
يقول الدكتور/ جواد على في معرض حديثه عن تأثر شعر أمية بن أبي الصلت بالقصص
التوراتي " فإن ما جاء في هذا الشعر هو اقتباس لما ورد في تلك الأسفار. ونجد
له أشعارًا، إن صحت نسبتها إليه، دلت على أنه كان على اتصال بأهل الكتاب، وعلى أخذه
منهم. ولعله كان يغرف من قصصهم الذي كان يشرح للناس ما جاء في التوراة، أو أنه كان
يراجع ترجمات للتوراة كانت بعربية أهل الكتاب في ذلك العهد، أو يسمع منهم ترجمة
التوراة سماعًا فوقف على بعض ما جاء فيها"[8].
ومما يؤكد وجود ترجمة عربية للتوراة أو لأجزاء منها قبل
نزول القرآن الكريم أو في زمن معاصر له أن هناك روايات تشير إلى اطلاع سيدنا عمر
بن الخطاب على بعض نصوص التوراة؛ إذ لم يعرف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قط أنه
كان دارسًا للغة العبرية، أو على علم بها؛ حتى يقرأ التوراة بالعبرية؛ ففي حديث
أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والبزار من حديث جابر بن عبد الله أن عمر بن
الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه
فغضب فقال: أمتهوكون (متحيرون أو شاكون) فيها يا ابن الخطاب. والذي نفسي بيده لقد
جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء؛ فيخبروكم بحق، فتكذبوا به، أو بباطل
فتصدقوا به. والذي نفسي بيده لو أن موسى عليه السلام كان حيًّا ما وسعه إلا أن
يتبعني[9].
فقراءة عمر بن الخطاب لكتاب اليهود هذا دليل على أنه كان مدونًا باللغة العربية. ومما
يؤكد أن الكتاب الذي كان في يد سيدنا عمر بن الخطاب هو كتاب التوراة وليس التلمود
مثلا، باعتبار هذين الكتابين هما عصب الديانة اليهودية، أنه من الثابت في المصادر
التاريخية أن ترجمة التلمود كانت في القرن الثالث قبل الميلاد إلى اليونانية، ثم تمت
ترجمته إلى الآرامية في القرن الثاني قبل الميلاد، وإن كانت هناك آراء تفيد بأن
الترجمة الآرامية بدأت في القرن الخامس قبـــل الميلاد [10]،
ثم إن المصادر التاريخية لم تذكر وجود ترجمة عربية مكتوبة للتلمود قبل الإسلام أو
في زمن معاصر له. وهناك آراء ربطت بين ترجمة التوراة للغة العربية والرغبة في
الحفاظ على الهوية والتراث اليهودي من الضياع خاصة بعد ظهور الإسلام في القرن
السابع، وانتشاره بشكل سريع في أرجاء واسعة من الشرق. يقول إدريس إبيزة " من
المحتمل جدًّا، في رأينا، أن تكون التوراة، أو جزء منها، قد ترجم إلى اللغة
العربية قبل الإسلام. إذا كانت التوراة قد ترجمت إلى اليونانية، زمن سيادة هذه
اللغة، وإذا كانت قد ترجمت إلى اللغة الآرامية، عندما سيطرت هذه اللغة على اللغة
العبرية، فما المانع من ترجمتها إلى اللغة العربية، خاصة إذا علمنا أنا الأمر هنا
مختلف عما كانت عليه اللغة العبرية، إبان سلطان كل من اليونانية والآرامية، إذ لم
يكن وراء هاتين اللغتين أية ديانة تهدد الديانة اليهودية، أما الآن – على عهد
اللغة العربية – فإن هناك دينًا جديدًا. فخوفًا – مرة ثالثة – على ضياع الشريعة
اليهودية ونسيانها، ترجم اليهود التوراة إلى اللغة العربية [11].
والسؤال الآن هو عن القائم على عملية الترجمة هذه؛ إذ
ذهبت بعض الآراء إلى أن ورقة بن نوفل قد ترجم الكتاب المقدس إلى اللغة العربية في
القرن السابع الميلادي، وذهب آخرون كذلك إلى أن حنين بن إسحق قد ترجمها في القرن
التاسع الميلادي[12]،
إلا أن تلك التراجم لم يصل منها إلينا شيء. وما استقر عليه رأي معظم الباحثين هو
أن أول ترجمة للكتاب المقدس كانت ترجمة أسقف أشبيلية عام 724 م[13].
وعلى أية حال فالحديث عن ترجمة ورقة بن نوفل أو أسقف أشبيليه أو حنين ابن إسحق
للكتاب هو حديث عن ترجمة غير يهودية للكتاب المقدس. أما الحديث عن التراجم
اليهودية للتوراة أو للعهد القديم فنجده يكاد يكون منصبًّا على ترجمة سعديا جاءون
وترجمة يافث بن على اللاوي في القرن العاشر الميلادي. يقول الدكتور أحمد هويدي في
معرض حديثه عن ترجمات التوراة " وفي العصر الوسيط تعددت الترجمات العربية؛ فقد
كانت الترجمات العربية في البداية شفوية، ثم بدأت عملية تدوينها مع سيادة اللغة
العربية بعد انتشار الإسلام. ومن الترجمات العربية التي وصلت إلينا مكتوبة ترجمة
سعديا الفيومي وترجمة يافث بن على اللاوي"[14].
ويفهم من كلام هويدي أن الترجمات العربية للتوراة في العصر الوسيط كانت متعددة،
إلا أنه لم يرد منها بشكل كامل إلا ترجمتا سعديا ويافث. وقد حازت ترجمة سعديا
جاءون للتوراة إلى اللغة العربية على شهرة لم تنلها غيرها من الترجمات العربية
للتوراة في ذلك الوقت؛ إذ يرى بعض الباحثين أنها تعد " أول وأحسن ترجمة عربية
وصلتنا كاملة "[15].
ثانيا: ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام
البقاعي للقرآن الكريم:
يرى بعض الباحثين – كما تقدم – أن ترجمة سعديا جاءون
للتوراة هي أول وأحسن ترجمة عربية وصلتنا كاملة، لكن بالرجوع إلى الترجمات العربية المختلفة للتوراة
في العصر الوسيط يتضح أن أمرًا كهذا لا يمكن الحكم به أو التثبت منه دون الدراسة العلمية
الدقيقة لسائر الترجمات العربية للتوراة، تاريخيًّا ولغويًّا؛ لأن الحكم بالحسن أو
السوء أمر نسبي، يخضع ليقين الباحث وتقديره، كما أنه لا يمكن إصدار حكم مطلق بكون
ترجمة سعديا جاءون هي أول ترجمة عربية للتوراة؛ إذ يجوز لمن يرى هذا أن يقول إنها أول ترجمة عربية للتوراة "حتى الآن".
ومن الترجمات العربية للتوراة المدونة باللفظ والخط العربي تلك الترجمة التي اعتمد
عليها الإمام برهان الدين البقاعي في تفسيره القيم للقرآن الكريم، والمعروف باسم (
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور)، وهي موضوع دراستنا هذه؛ فعند مطالعة هذا
التفسير على طول صفحات أجزائه المختلفة، يلاحظ أن الإمام البقاعي ينقل نصوصًا
توراتية بلغة عربية رصينة، وبأسلوب عربي بليغ، يغلب عليه الأسلوب الإسلامي
القرآني، ويلاحظ كذلك أن هذا الإمام قد اهتم اهتمامًا كبيرًا بذكر القصص التوراتي،
الذي تعرض له القرآن الكريم، مثل قصة الخلق، وقصة الطوفان، وقصة سيدنا ابراهيم،
وقصة سيدنا يوسف، وقصة سيدنا موسى، فكان بعد أن ينتهي من شرح القصة القرآنية من
المنظور الإسلامي، يقوم بعرض النص التوراتي لتلك القصة؛ رغبة منه في تدعيم الطرح
القرآني، فيما اتفقت فيه الروايتان القرآنية والتوراتية. يقول الدكتور وليد صالح
" فما لمح له القرآن من قصص اليهود والمسيحيين قام البقاعي بتفصيله نقلًا عن
التوراة والإنجيل؛ فلقد ضربت مثلا لقصة خلق الكون وخلق آدم، فهي مذكورة في القرآن،
ولكن دون تفصيل. وهي مذكورة في التوراة بشكل مسهب، فقام البقاعي حين ذكر قصة خلق
آدم بذكر القصة بكاملها من التوراة"[16].
وترجع أهمية الترجمة، التي اعتمد عليها الإمام البقاعي
في تفسيره، إلى أنها تقدم لنا ترجمة عربية خالصة للتوراة؛ أعني ترجمة عربية لفظًا
وخطًّا. يقول البقاعي "قال في آخر السفر الرابع منها في النسخ الموجودة بين
أظهر اليهود الآن في هذا القرن التاسع فيما قرأته في نسخة مترجمة بالعربية وخطها
كذلك"[17]، كما
أن مجيء هذه الترجمة العربية بالخط العربي يفند الزعم السائد بأن السواد الأعظم من
اليهود حرصوا على إضفاء حالة من القداسة على مؤلفاتهم، وبخاصة المتعلقة بالعهد
القديم، وذلك من خلال كتابتها بحروف عبرية،
وهو ما يعرف ب (الكتابة العربية اليهودية). ويفيدنا كلام البقاعي كذلك في
التثبت من بعض الأمور المتعلقة بتراجم التوراة إلى اللغة العربية في العصر الوسيط؛
إذ يذهب بعض الباحثين إلى أن سعديا جاءون قد كتب ترجمته للتوراة بالخط العربي
شكلًا ومضمونًا. يقول إدريس إبيزة: "كثير هم الذين تساءلوا عن الخط الذي كتب
به سعديا هذه الترجمة؛ فهناك من يرى أنه كتبها بخط عبري؛ مدعين في ذلك أن اليهود
الذين تشبعوا بالثقافة العربية كتبوا جل كتاباتهم بالخط العبري، محتفظين بذلك على
جانب من قداسة لغتهم المتمثل في الخط، وهناك من يرى أن سعديا كتب ترجمته باللغة
العربية شكلاً ومضموناً، ونحن نميل إلى هذا الرأي أكثر من ميلنا إلى الرأي السابق،
لسببين؛ 1- جل كتابات سعديا كؤون الفيومي، خاصة منها الفلسفية أو اللغوية، كتبها
بالخط العربي 2- ابن عزرا، وهو أحد الذين اهتموا بتفسير وشرح التوراة يقول بأن
سعديا كتب ترجمته بخط عربي وبلغة عربية"[18].
إلا أن المدقق في كلام الإمام البقاعي في تفسيره نظم الدرر يتضح له عكس ذلك،
ويتأكد له أن سعديا جاءون قد كتب ترجمته بالخط العبري واللفظ العربي؛ أي بالكتابة
العربية اليهودية. يقول البقاعي " ثم اعلم أن أكثر ما ذكرتُه في كتابي هذا من
نسخة وقعت لي، لم أدر اسم مترجمها. على حواشي فصولها الأوقات التي تُقرأ فيها،
فالظاهر أنها نسخة اليهود، وهي قديمة جدًّا. فكان في الورقة الأولى منها محو في
أطراف الأسطر، فكملتًه من نسخة السبعين، ثم قابلت نسختي كلها مع بعض اليهود
الربانيين، على ترجمة سعيد الفيومي، وهي عندهم أحسن التراجم، وكان هو القارئ"[19].
فمعنى أن يلجأ البقاعي لأحد اليهود كي يقرأ له ترجمة سعديا جاءون، دون أن يقوم هو
بنفسه بالقراءة والمقارنة بين النسختين، أو أن يعتمد على أحد ليقرأ له ترجمة
سعديا، أن تلك الترجمة – بلا شك - كانت مدونة بالخط العبري، كما يكشف لنا كلام
البقاعي كذلك في تفسيره (نظم الدرر) عن رؤيته النقدية لترجمة سعديا، فهو قد اطلع
عليها من خلال استعانته ببعض اليهود، وقارن بينها وبين النسخة التي اعتمد عليها في
الاستشهاد على طول صفحات التفسير، ووقع اختياره في النهاية على النسخة التي اعتمدها
دون ترجمة سعديا. وفي ذلك دليل على مآخذه على ترجمة سعديا. يقول البقاعي "ثم
قابلت نسختي كلها مع بعض اليهود الربانيين على ترجمة سعيد الفيومي، وهي عندهم أحسن
التراجم، وكان هو القارئ، فوجدت نسختي أقرب إلى حقائق لفظ العبراني، ومترجمها أقعد
من سعيد في لغة العرب"[20].
ويمكن الاستدلال مما ذكره الإمام البقاعي فيما تقدم على ما
يلي:
1- أن النسخة التي اعتمد
عليها في النقل عن التوراة مجهولة الصاحب.
2- أنها ترجمة يهودية، خاصة باليهود في عصره، بدليل أن
لها حواش مدون فيها أوقات قراءة التوراة، وقد أشار البقاعي نفسه إلى ذلك بقوله: "
فالظاهر أنها نسخة اليهود".
3- أن ترجمة سعديا جاءون
كانت مدونة بالحرف العبري، وهذا يفند الرأي القائل بأنه قد كتب ترجمته بالأحرف
العربية أولًا، ثم نقلت بعد ذلك إلى الخط العبري، ودليل كتابتها بالحرف العبري قول
الإمام البقاعي في معرض حديثه عن أحد
اليهود الذين استعان بهم فيما يتعلق بأمور العهد العهد القديم " وكان هو
القارئ" فلو كانت ترجمة سعديا مدونة
بالخط العربي ما احتاج الإمام البقاعي
بالضرورة إلى من يقرأ له.
4- أن نسخة الترجمة التي
اعتمد عليها الإمام البقاعي في تفسيره هي نسخة منضبطة اللغة سليمة الأسلوب.
المحور الثاني: البصمة
اللفظية ودورها في تحديد بيئة المترجم وزمانه:
لقد كان الإمام البقاعي باحثًا حريصًا على اتباع آليات
البحث التي يحرص على اتباعها الباحثون في العصر الحديث؛ فنجده يضع بين يدي القارئ طبيعة المادة التي
يرجع إليها في نقله عن الكتاب المقدس، والنسخة التي نقل منها، والخط الذي كُتبت
به، وعدم معرفته باسم مترجمها عن العبرية، وتقييمه لأسلوبها العربي، وكذلك يوضح
للقارئ في عصره، وفي العصور التي ستجيىء بعده، طبيعة النسخ التوراتية الموجودة في
ذلك العصر؛ فنجده يقول " اعلم أن التوراة ثلاث نسخ مختلفة اللفظ متقاربة
المعنى إلا يسيرًا: إحداها تسمى توراة السبعين، وهي التي اتفق عليها اثنان وسبعون
حبرًا من أحبارهم؛ وذلك أن بعض اليونان من ملوك مصر سأل بعض ملوك اليهود ببيت المقدس
أن يرسل إليه عددًا من حفَّاظ التوراة، فأرسل إليه اثنين وسبعين حبرًا، فأخلى كل
اثنين منهم في بيت، ووكل بهم كتّابًا وتراجمة؛ فكتبوا التوراة بلسان اليونان، ثم
قابل بين نسخهم الستة والثلاثين فكانت مختلفة اللفظ متحدة المعنى، فعلم أنهم صدقوا
ونصحوا. وهذه النسخة ترجمت بعد بالسرياني، ثم بالعربي، وهي في أيدي النصارى،
والنسخة الثانية نسخة اليهود من الربانيين والقرائين، والنسخة الثالثة نسخة
السامرة"[21].
وقد
أدى عدم علم البقاعي باسم مترجم النسخة التي اعتمد عليها في تفسيره إلى عدم الوقوف
على زمن تلك الترجمة أو على موطن مترجمها، فقد تكون تلك
الترجمة أقدم من ترجمة سعديا جاءون الشهيرة بدليل قول الإمام البقاعي في
معرض حديثه عن نسخته هذه " والظاهر أنها نسخة اليهود، وهى قديمة جدًا"[22]،
وقد تكون لاحقه على ترجمة سعديا جاءون، فالجزم في ذلك الأمر في غاية الصعوبة.
وتسعي الدراسة إلى تطبيق وسيلة لغوية تُمَكِّن - ولو بشكل
تقريبي - من التحقق من زمن الترجمة أو من موطن مترجمها، ألا وهي "البصمة
اللفظية". فمن خلال تلك البصمة يمكن الوقوف على البيئة التي عاش فيها هذا
المترجم، والعصر الذي وجد فيه، وذلك من خلال تتبع تاريخ الألفاظ، وربطها بالزمن
الذي استعملت فيه اللفظة أو تلاشت وانمحت منه أو هجرت .... إلخ. وقبل التطرق إلى
دور البصمة اللفظية في التحقق من بيئة الكاتب أو المترجم أو التحقق من عصرهما تجدر
الإشارة إلى تعريف البصمة اللفظية في اللغة وفي الاصطلاح. وذلك على النحو التالي:
- البصمة اللفظية: لغةً واصطلاحًا:
أولًا: البصمة لغةً:
لفظة "بصمة" مشتقة من الجذر (ب ص م)، يقال "بصم
الشخص: 1- ختم بطرف إصبعه 2- رسم أو طبع علامة على قماش أو ورق أو نحوهما "[23].
يفهم من ذلك أن البصمة تعني وجود أثر شيء في شيء آخر.
ثانيًا:البصمة اللفظية اصطلاحًا:
لا يمكن الفصل بين البصمة الأسلوبية للكاتب أو المترجم
عن الواقع اللغوي للبيئة التي يعيش فيها؛ فالبيئة التي يعيش فيها هذا الكاتب أو
ذاك المترجم تقدم له خيارات لغوية مختلفة ينتقي منها ما يشاء. ويخضع هذا الانتقاء
إلى ثقافتهما أو توجههما أو أغراضهما من الكتابة. ومن ثم يمكن التمييز بين البصمة
الأسلوبية - الخاصة بكاتب أو مترجم – والبصمة اللفظية الخاصة ببيئة أو عصر؛ إذ
تعني البصمة الأسلوبية- أو كما يطلق عليها بعض الباحثين البصمة الكلامية[24]
- سلوك الفرد اللغوي وطريقته الخاصة في التعبير، بينما تعنى البصمة اللفظية شيوع
ألفاظ بعينها وتداولها على الألسن في بيئة ما أو زمن ما. تلك الثروة اللفظية التي
تعد وعاء لغويًّا ينهل منه الكاتب أو المترجم. ومن ثم يمثل استعمالها من قبل
الكاتب أو المترجم انعكاسًا للغة السائدة في ذلك العصر أو تلك البيئة.
بعد عرض تعريف البصمة اللفظية لغةً واصطلاحًا نتطرق فيما
يلي إلى دور هذه الأداة اللغوية في التحقق من بيئة المترجم والعصر الذي عاش فيه.
وذلك على النحو التالي:
1.التحقق من بيئة المترجم من خلال البصمة اللفظية:
يمكن التكهن بأن مترجم التوراة التي اعتمد عليها البقاعي
في تفسيره كان يعيش في اليمن. والدليل على ذلك ورود بعض الألفاظ التي كانت مستعملة
في اللهجة اليمنية في تلك الترجمة. فما من شك أن مؤلف أي عمل أو مترجمه لا يستعمل
إلا اللغة أو اللهجة الشائعة في بيئته. ونعرض فيما يلى بعض الألفاظ الواردة في
الترجمة – موضوع الدراسة – وتأصيل بيئتها اللغوية، وذلك على النحو التالي:
-
لفظة "أَفْقَالٌ":
استعمل المترجم هذه اللفظة في ترجمة سفر التكوين:41/34 ،
حيث يقول (ويخزنوا الأفقال تحت يدي فرعون، ويحفظ القمح في القرى) حيث جاء في لسان
العرب (الفقل التذرية في لغة أهل اليمن، يقال: فقلوا ما ديس من كدسهم، وهو رفع
الدق بالمفقلة....ثم نثره) [25].
-
لفظة "قَضِيمٌ":
استعمل المترجم هذه اللفظة في ترجمة سفر التكوين: 42/27
، حيث يقول: "ففتح بعضهم وعاءه ليلقى قضيما لحماره في مبيتهم". والمقصود
بالقضيم هو طعام الماشية، حيث ورد هذا المعنى في معجم اللهجة اليمنية[26].
-
لفظة " عَوْسَجٌ":
استعمل المترجم هذه اللفظة في ترجمة سفر الخروج:3/2 ،
حيث يقول: "فتراءى له ملك الله بلهب النار من جوف العوسج"، حيث يذكر ابن منظور - عند حديثه عن هذه اللفظة -
أنها تعني نوعًا من الشجر الشائك النجدي[27].
-
لفظة "غَلَس":
استعمل المترجم هذه اللفظة في ترجمة سفر الخروج: 19/16، حيث يقول: "فلما كان في اليوم الثالث باكروا غَلَسًا". يقول الإرياني في معجم اللهجة اليمنية - في معرض حديثه عن مادة (غَلَس) " وهو في لهجاتنا ضياء آخر النهار أو أول اختلاط آخر النهار بأول ظلام الليل، وليس ظلام آخر الليل"[28].
-
لفظة "قُتَار":
استعمل المترجم هذه اللفظة في ترجمة سفر الخروج: 19/18،
حيث يقول: " وكان جبل سيناء يخرج منه القتار والدخان". ورد في معجم
اللهجة اليمنية: القَتَرَة، بفتحات : رائحة العظم المحترقة غير المستحبة. قَتَّرَ
العظم في النار يقترُ قتارًا وتقتيرًا، فرائحة قترته تملأ المكان"[29].
يُرَجَّحُ من خلال الأمثلة السابقة أن المترجم كان من
أصول يمنية، بدليل استعماله لألفاظ تنتمي إلى اللهجة اليمنية القديمة؛ فمن الأمور
المسلم بها أن لهجة الشخص تعكس البيئة التي يعيش فيها.
2- التحقق من زمن الترجمة من خلال البصمة اللفظية:
يمكن التكهن بأن زمن تلك الترجمة يعود إلى ما بعد
الإسلام؛ فالقارئ لها يستطيع أن يلمس طابعًا لغويًا إسلاميا طاغيًا عليها، بل إن
هناك تراكيب لغوية قرآنية قد جاء بها هذا المترجم المطلع بشكل كبير – بلا أدنى شك
- على الثقافة الإسلامية عند عرضه للقصص التوراتي الذي تعرض له القرآن الكريم.
وهذا ما سنعرض له بالأمثلة في المحور الثالث من هذه الدراسة، وكذلك يمكن التكهن
بأنها أسبق من ترجمة سعديا جاءون؛ ذلك أن هناك مجموعة من الألفاظ الواردة في تلك
الترجمة يتبين من خلال تتبع تاريخها أنها
كانت مستعملة في القرنين الأول والثاني الهجريين، ومن الثابت في المصادر التاريخية
أن سعديا جاءون كان يعيش في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري. ومن
البديهي أن يكتب الكاتب أو يترجم المترجم بلغة العصر الذي يعيش فيه، فمن غير
المنطقي أن يكتبا بلغة لا يفهمها أبناء عصرهما. وفيما يلي عرض لمجموعة من الألفاظ
التي تتخذها الدراسة عينةً للتأصل التاريخي لهذه الترجمة، وذلك على النحو التالي:
- عَلَالِي:
استعمل المترجم هذه اللفظة في سياق وصف سفينة نوح في سفر
تكوين:6/14 هكذا "واجعل في التابوت علالي، واطلها بالقار من داخلها وخارجها".
والمقصود بها الطابق العلوي من السفينة. وبتتبع تاريخ استعمال هذه اللفظة تبين
أنها كانت مستعملة في العصر العباسي؛ فقد وردت في بعض مؤلفات الجاحظ الذي كان يعيش
في القرن الثاني الهجري. تقول طيبة الشذر في معرض حديثها عن هذه اللفظة (الغرفة
التي في السطح تدعى العلية والجمع علالي. وقد ذكرها الجاحظ بقوله " ثم يتخذون
المطابخ في العلالي على ظهور السطوح"[30].
- أَنَابِير:
استعمل المترجم هذه اللفظة في سفر الخروج: 8/9-10 بمعنى
أكوام هكذا "فاستجاب الرب لموسى؛ فماتت الضفادع في الدور والبيوت
والرياض (9) فجمعوها أنابير أنابير".
وقد أشارت طيبة الشذر إلى ورود هذه اللفظة في مؤلفات الجاحظ بمعنى الأكوام
والأشياء المتكدسة فوق بعضها، حيث تقول"الأنبار أهراء الطعام، واحد نبر،
ويجمع أنابير جمع الجمع. وقال: وسمي الهرى نبرًا لأن الطعام إذا صب في موضعه انتبر
أي ارتفع"[31].
- رِدْنٌ:
استعمل المترجم هذه اللفظة في سفر الخروج: 4/6 بمعنى الكُم هكذا "وقال الرب لموسى: اردد يدك في ردنك - وفي نسخة : في كمك - فأدخلها، ثم أخرجها فإذ
بيده بيضاء كالثلج". وقد أشارت طيبة
الشذر إلى ورود هذه اللفظة في مؤلفات الجاحظ بمعنى الكم كذلك حيث تقول "
الردن وهو الكم وقد ذكره الجاحظ قائلاً " فمتى رأيت بستاناً يحمل في ردن"[32].
- عيالات:
استعمل المترجم هذه اللفظة في سفر العدد 32/16 بمعنى
الرعية هكذا " وقالوا:نبني هاهنا قرى لعيالاتنا، وحظائر لأنعامنا". وقد
وردت هذه اللفظة في مؤلفات الجاحظ بهذا المعنى. تقول طيبة الشذر "ذكرها
الجاحظ فقال: وإنما كان ذلك من زياد على جهة النظر للعيالات، وكما ينظر الراعي
للرعية"[33].
وتعد البصمة اللفظية تطبيقًا عمليًّا
لما طرحه بعض الباحثين بشأن عدم تبلور الكتابة العربية اليهودية إلا في القرن
العاشر الميلادي، وأن الكتابة الخاصة باليهود في القرنين الثامن والتاسع
الميلاديين كانت بخطوط أخرى.
وإلى جانب البصمة اللفظية، ودورها في تحديد الزمن الذي عاش
فيه الكاتب أو المترجم، والتي أعطتنا مؤشرًا يفيد بأسبقية الترجمة - موضوع الدراسة
- على ترجمة سعديا جاءون، فإنه يمكن تدعيم تلك النتائج المستخلصة من البصمة
اللفظية بما تحقق منه بعض الباحثين الذين اشتغلوا بحقل الكتابات اليهودية في العصر
الوسيط؛ إذ يقول (يهوشوع بلاو): " لم نعهد - حتى الثمانينيات من القرن
العشرين- ترجمات عربية للعهد القديم سابقة على ترجمة سعديا جاءون. وبناء على ذلك،
لم نستطع التحقق من كون سعديا قد وضع ترجمته دون الاعتماد على ترجمات أخرى، أم أنه
قد تأثر بترجمات سابقة. وها نحن الآن قد تكشفت لنا في الجنيزا القاهرية ترجمات
موضوعة قبل ترجمة سعديا جاءون"[34].
يفهم مما ذكره (يهوشوع بلاو) أن ترجمة سعديا جاءون لم تكن باكورة الترجمات العربية
للتوراة، بل سبقتها ترجمات أخرى. ثم يستطرد (بلاو) قائلا: " تلك الترجمات،
التي كان بعضها قرائيًّا، لم تكن معلومة التواريخ. لكن رغم ذلك، تشهد على قدمها – بشكل لا شك فيه - بعض الدراسات المؤسَّسة على أن كتابتها كانت بخط عبري،
يختلف في تفاصيل جوهرية عن ذلك الخط المستعمل في الكتابة في فترة ما بعد سعديا
جاءون..... ويذهب الجميع إلى أن هذا النمط من الخط قد استعمل – بشكل أساسي في
القرنين الثامن والتاسع، إلى أن تلاشى من الاستعمال في القرن العاشر، وحلت محله
الكتابة العربية اليهودية المعروفة"[35].
وهذا الخط الذي أشار إليه (بلاو) هو خط يعكس اللهجة أو اللهجات العامية التي كانت
متداولة في تلك الحقب الزمنية، ولا يعكس العربية الكلاسيكية بضوابطها وأحكامها[36].
ومن خلال نمط الكتابة هذا استطاع (يوسف طوبي) أن يستنتج
وجود ترجمات عربية للتوراة سابقة على ترجمة سعديا جاءون، وذلك من خلال تحليله إحدى
المخطوطات الموجودة في جنيزا كامبردج بإنجلترا، ووضعه اختلاف نمط الخط
المستعمل في تدوينها عن الكتابة العربية اليهودية معيارًا في الأسبقية الزمنية
لذلك المخطوط[37]. كما أشار (طوبي) كذلك إلى أنه من وسائل تحديد زمن تلك
الترجمات هو المقارنة بين ترجمة سعديا جاءون وبين بقايا الترجمات المتقدمة
عليها، والتي أثبتت- وفقًا لما ذكر- رجوع سعديا إليها؛ بدليل ورود بعض الكلمات
العربية النادرة في ترجمته، وليس مجرد الكلمات الشائعة البسيطة"[38].
ومما يؤكد أسبقية الترجمات العربية للتوراة المدونة بالخط العربي عن تلك المدونة
بالكتابة العربية اليهودية رجوع ابن قتيبة إليها في بعض مصنفاته - والثابت تاريخيًّا
أن ابن قتيبة ولد في بداية القرن الثالث الهجري، وتحديدًا عام 213هـ - فيستشهد
مثلا في كتاب المعارف بما جاء في التوراة بشأن قصة الخلق؛ حيث يقول: "قرأت في
التوراة في أول سفر من أسفارها أن أول ما خلق الله تعالى من خليقته السماء والأرض.
كانت الأرض خربة خاوية، وكانت الظلمة على الغمر، وكانت ريح الله [تبارك وتعالى]
ترف على وجه الماء، فقال الله: ليكن النور، فكان النور. فرآه الله حسنًا، فميزه من
الظلمة وسماه نهارًا، وسمى الظلمة ليلًا، فكان مساءً وكان صباح يوم الأحد"[39].
من هنا يمكن تقسيم ترجمات التوراة إلى اللغة العربية في
العصر الوسيط إلى مجموعتين؛ أما المجموعة الأولى فهي الترجمات التي دونت بالكتابة
العربية اليهودية، والتي ظهرت في القرن العاشر الميلادي، وكان على رأسها ترجمة
سعديا جاءون، وأما المجموعة الثانية فتنقسم بدورها كذلك إلى مجموعتين؛ الأولى هي
تلك المجموعة المدونة بالخط العبري "النمطي"، الذي يعكس العربية الدارجة
لا الكلاسيكية – عكس الكتابة العربية اليهودية- والمجموعة الثانية هي تلك الترجمات
المدونة بالخط العربي، والتي ترجع معظمها إلى طائفة القرائين، وخاصة الترجمات
المبكرة منها[40].
المحور الثالث: التناص
القرآني في ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن الكريم
تسير الدراسة في هذا المحور في مسارات
أربعة هي:
1- التناص
لغةً
2- التناص
اصطلاحًا
3- أنواع
التناص وتطبيق ذلك على الترجمة موضوع الدراسة
أولا: التناص لغة:
يعود
المصطلح من الناحية اللغوية إلى مادة "نصص"،
حيث ورد في القاموس المحيط للفيروزآبادي:
"نصص المتاع أي جعل بعضه فوق بعض
"[41].
يفهم من ذلك أن هذه المادة اللغوية تنضوي على معنى التداخل أو التلاحم بين أكثر من
عنصر، أما الوزن الوارد عليه المصطلح المأخوذ من هذه المادة اللغوية "التناص"
فينضوي على معنى "المفاعلة"،
باعتبار أن التداخل بين نصين أو أكثر يعد نوعًا
من المشاركة والتفاعل.
ثانيا:
التناص اصطلاحًا:
التناص
ظاهرة قديمة، وإن كان المصطلح حديثًا، فهناك العديد من المصطلحات القديمة التي
تعبر عن ظاهرة التداخل بين النصوص، حيث
أولى النقاد العرب القدامى هذه الظاهرة عنايتهم، ولكن باستعمال مصطلحات أخرى عليها مثل: "الاقتباس"
و "التضمين"
و "السرقات"
و"الاستشهاد .... وغيرها[42]. فمثلا يقول الحلبي في معرض
حديثه عن التضمين: " هو أن يُضمن المتكلم كلامه
كلمة من آية أو حديث أو مثل سائر أو بيت شعر"[43].
أما التناص كمصطلح حديث فيعرفه أحمد الزعبي بقوله " التناص ، في أبسط صوره،
يعني أن يتضمن نص أدبي ما نصوصًا
أو أفكارًا أخرى سابقة عليه عن طريق الاقتباس أو التضمين أو التلميح أو الإشارة أو
ما شابه ذلك من المقروء الثقافي لدى الأديب، بحيث تندمج هذه الأفكار مع النص
الأصلي وتندغم فيه ليتشكل نص جديد واحد متكامل"[44].
إن مصطلح "التناص"
مصطلح مقابل للمصطلح الإنجليزي (Intertextuality)، وقد شاع هذا المصطلح في السيتينيات من القرن العشرين، وعرف
وظهر، كما يشير أغلب الدارسين، على يد الباحثة جوليا كرستيفا عام 1966[45]،
حيث استعملته هذه الباحثة في عدة أبحاث لها كُتبت بين عامي 1966 و1967، وصدرت في
مجلتي "تيل كيل" "Tel
Quel"
و"كريتيك" "Critique"، وأُعيد نشرها في كتابيها (سيميوتيك) "Semiottike" و(نص الرواية) "Le
text du roman"، وأيضًا في
مقدمة الترجمة الفرنسية لكتاب "ميخائيل باختين" (شعرية دوستويفيسكي)[46].
ومن الجدير بالذكر أن هذا المصطلح الإنجليزي لم تقتصر ترجمته في العربية على مصطلح
"التناص" فحسب، بل تعددت المصطلحات المقابلة له، فنجد مثلا إلى جانب
مصطلح "التناص" مصطلحات أخرى مثل: النَّصوصية وتداخل النصوص[47].
وإن كان لهذه الظاهرة مصطلحات عديدة فهذا يرجع إلى تعدد مجالات البحث فيها، يقول
سعيد يقطين: " مفهوم التناص منذ ظهوره، وهو يتحرك طليقًا وبحرية. يشتغل به
البويطيقي والسيميوطيقي والأسلوبي والتداولي والتفكيكي، رغم ما بين هذه الاختصاصات
من اختلافات وتناقضات. ويبحث فيه المشتغل بالسوسيولسانيات والمهتم بالأنثروبولوجيا
والسيكولسانيات والفلسفة، ويُعنَى به المنهمك في تحليل الخطاب والباحث في نظريات
النص"[48]. إلا
أنه لا ينبغي الانشغال بتعدد المصطلح قدر الانشغال بالبحث عن وظيفته ومجالات
استعماله، حيث يذكر " مارك أنجينو" في مقال له عن التناص "إن
المسألة ليست في معرفة ماذا نعني بالتناص، ولكن لأي شئ يصلح التناص أو فيما يستخدم"[49].
وغالبًا ما تُستشَف من خلال التناص ثقافة الكاتب ومطالعاته وانتماؤه الفكري، فكل نص، كما تقول جوليا كريستيفا، خاضع منذ البداية لنصوص أخرى تفرض عليه
عالمًا ما. وتتجلى مقدرة الأديب - في الأساس- في أنه يستطيع أن يُشكِّل من هذه
النصوص، التي أُتيح له تمثلها في أطوار سابقة من تكوينه الثقافي، نصًا جديدًا يحمل
بصماته الخاصة[50].
ثالثا: أنواع التناص وتطبيق ذلك على ترجمة التوراة المستشهَد
بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن الكريم
يتم التمييز بين نوعين من التناص هما؛ التناص المباشر
والتناص غير المباشر. أما التناص المباشر فهو أن يُقتبس النص بلغته التي ورد فيها،
مثل الآيات والأحاديث والأشعار والقصص، وأما التناص غير المباشر فإنه يستنتج
استنتاجًا ويستنبط استنباطًا في النص، أو ما يمكن أن يطلق عليه تناص الأفكار أو
المقروء الثقافي أو الذاكرة التاريخية التي تستحضر تناصاتها بروحها أو بمعناها لا
بحرفيتها أو لغتها أو نسبتها إلى أصحابها، وتفهم من تلميحات النص وإيماءاته
وشفراته وترميزاته[51].
وما يعنينا في هذه الدراسة هو التناص المباشر، لأنه
يهتم- كما سبق- بالاقتباسات اللغوية المباشرة؛ الأمر الذي يُمَكِّنُ من رصد الأثر
القرآني في الترجمة موضوع الدراسة.
تقسم الدراسة التناص المباشر إلى قسمين:
1- التناص على مستوى
الألفاظ
2- التناص على مستوى
التراكيب
أولًا: التناص على مستوى الألفاظ:
نعرض فيما يلى بعض الفقرات التوراتية في نصها العبري متبوعة
بترجمتها في نسخة التوراة المستشهَد بها في تفسير البقاعي للقرآن الكريم وترجمتها عند سعديا
جاءون، كي يتسنى لنا الوقوف على الألفاظ التي تعد أثرًا قرآنيًّا في الترجمة
موضوع الدراسة، وذلك على النحو التالي:
-
(וַיְהִי, מִקֵּץ יָמִים; וַיָּבֵא קַיִן מִפְּרִי הָאֲדָמָה,
מִנְחָה לַיהוָה)
تكوين: 4/3
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير البقاعي:
(فلما
كان بعد أيام، جاء قايين من ثمر أرضه بقربان لله)[52]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فلما كانا بعد أيام أتى قاين من ثمر الأرض بهدية
لله)[53]
يلاحظ
من خلال ترجمة الفقرة السابقة أن مترجم نسخة الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي للقرآن الكريم قد ترجم الاسم (מִנְחָה) إلى (قربان)، وهو تناص مع
الآية الكريمة (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا) المائدة:27،
التي استعملت نفس الاسم في ذات السياق القصصي الخاص بقصة ابني آدم عليه السلام، في
حين ترجمه سعديا إلى (هدية). وبالرجوع إلى المعاجم العبرية نجد أن (إيفن شوشان) قد
ذكر أن هذه الكلمة قد ترد بمعنى الهدية بمفهومها العام، وقد ترد بمعنى الهدية
الخاصة المقدمة إلى الله تعالى[54]،
وهو ما يطلق عليه في العربية "قربان"؛ ذلك اللفظ الذي استعمله القرآن
الكريم، والذي آثره كذلك المترجم الأول تأثرًا بلغة القرآن الكريم.
-
(וַיַּחְסְרוּ הַמַּיִם-מִקְצֵה, חֲמִשִּׁים וּמְאַת
יוֹם) تكوين:8/3
1- الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي:
(وغاضت المياه بعد مائة وخمسين يومًا)[55]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(ونقص الماء بعد مائة وخمسين يوما)[56]
يلاحظ
من خلال ترجمة الفقرة السابقة أن مترجم نسخة الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي للقرآن الكريم قد ترجم الفعل (יַּחְסְרוּ) إلى (غاضت)،
وهو تناص مع الآية الكريمة " وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء"
هود:44 التي استعملت نفس الفعل في ذات السياق القصصي
الخاص بقصة الطوفان وانحصار مائه عن وجه الأرض، بينما ترجمه سعديا إلى "
نقص".
-
(וַתָּנַח
הַתֵּבָה בַּחֹדֶשׁ הַשְּׁבִיעִי, בְּשִׁבְעָה-עָשָׂר יוֹם לַחֹדֶשׁ, עַל, הָרֵי אֲרָרָט) تكوين 8/4
1- الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي:
(وسكن التابوت، ووقف في الشهر السابع لثلاث عشرة ليلة بقيت من
الشهر على جبال قودي)[57]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(واستقرت التابوت في الشهر السابع في اليوم
السابع عشر منه على جبل قردا)[58]
يلاحظ
من خلال ترجمة الفقرة السابقة أن مترجم الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي للقرآن الكريم قد ترجم كلمة (אֲרָרָט) إلى
(قودي)، وهو تناص مع الآية الكريمة " واستوت على الجودي" هود:44
التي استعملت كلمة (الجودي) في ذات السياق
القصصي الخاص باستقرار سفينة نوح على الأرض بعد انحصار الماء عن وجه الأرض، بينما
ترجمها سعديا إلى كلمة "قردا".
-
(וּכְמוֹ הַשַּׁחַר עָלָה, וַיָּאִיצוּ הַמַּלְאָכִים
בְּלוֹט) تكوين: 19/15
1- الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي:
(فلما كان عند طلوع الصبح، ألح
الملكان على لوط)[59]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فلما كان عند
طلوع الفجر ألح الملائكة على لوط)[60]
نلاحظ من خلال الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول قد
ترجم لفظة (הַשַּׁחַר) إلى
(الصبح)، بينما ترجمها سعديا إلى (الفجر). ويبدو أن اختيار المترجم الأول للفظة
(الصبح) دون (الفجر) يعد تأثرا بلغة القرآن الكريم؛ حيث وردت هذه اللفظة في سياق
السرد القصصي لقصة لوط عليه السلام في القرآن الكريم. يقول تعالى " قَالُوا
يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ
إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ
أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" هود/81
- (וַיְשַׁלַּח אֶת-לוֹט, מִתּוֹךְ הַהֲפֵכָה,
בַּהֲפֹךְ אֶת-הֶעָרִים, אֲשֶׁר-יָשַׁב בָּהֵן לוֹט) تكوين
19/29
1- الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي:
(فأرسل لوطا من المأفوكة، إذ قلب الله
القرى التي كان ينزلها لوط)[61]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فأطلق
للوط من وسط المقلب بعدما قلب
القرى التي كان يسكنها لوط)[62]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (הַהֲפֵכָה) إلى (المأفوكة)، بينما
ترجمها سعديا جاءون إلى (المقلب)، وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة
القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (المؤتفكة) – وهي كلمة مشتقة من نفس الجذر المشتقة
منه كلمة مأفوكة، وتقاربها صوتيا- في معرض سرد القرآن الكريم لقصة لوط عليه
السلام، وذكر القرية التي كان فيها. يقول الله تعالى "والمؤتفكة أهوى"
النجم:53 ؛ حيث يفسر الطبري هذه الكلمة بقولة "المخسوف بها المقلوب أعلاها
أسفلها، وهي قرية سدوم قوم لوط"[63].
-
(אַל-תִּשְׁפְּכוּ-דָם--הַשְׁלִיכוּ
אֹתוֹ אֶל-הַבּוֹר הַזֶּה אֲשֶׁר בַּמִּדְבָּר) تكوين
37/22
1-
الترجمة المستشهَد بها في تفسير البقاعي:
(لا تقتلوا نفسا، ولا تسفكوا دما، بل ألقوه في هذا الجب
الذي في البرية)[64]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(لا
تسفكوا دما، اطرحوه في هذا البئر الذي في البر)[65]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (הַבּוֹר) إلى (الجب)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (البئر)،
وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (الجب)
في معرض سرد القرآن الكريم لقصة يوسف عليه السلام؛ حيث ذكر القرآن الكريم على لسان
أحد إخوة يوسف عليه السلام قوله "لا تقتلوا يوسف، وألقوه في غيابة الجب"
يوسف/10
-
(וַיְהִי, כְּדַבְּרָהּ
אֶל-יוֹסֵף יוֹם יוֹם; וְלֹא-שָׁמַע אֵלֶיהָ לִשְׁכַּב אֶצְלָהּ) تكوين
39/10
1- الترجمة
المستشهَد بها في تفسير البقاعي:
(وإذ كانت تراوده كل يوم، لم يطعها ليضاجعها)[66]
1- ترجمة
سعديا جاءون:
(فلما
كلمته يوما بعد يوم ولم يقبل منها أن ينام لصقها)[67]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (כְּדַבְּרָהּ) إلى (تراوده)، بينما ترجمها
سعديا جاءون إلى (كلمته)، وفي ذلك
إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (تراوده)
في معرض سرد القرآن الكريم لقصة يوسف عليه السلام. يقول الله تعالى في سياق
الواقعة التي افتعلتها امرأة العزيز مع يوسف عليه السلام "وراودته التي هو في
بيتها عن نفسه" يوسف/23
وانتقاء مترجم التوراة المستشهَد بها في تفسير البقاعي للقرآن الكريم
الألفاظ القرآنية دون غيرها أدت، بلا شك، إلى إيصال المعنى الدقيق، إذ الكلام شيء
والمراودة شيء آخر. يقول الراغب الأصفهاني: "والمراودة أن تنازع غيرك في
الإرادة، فتريد غير ما يريد"[68]،
وهذا المعنى هو ما يوافق سياق تلك الواقعة، وليس ما يؤديه معنى الفعل (كلم).
-
(וַתַּנַּח
בִּגְדוֹ אֶצְלָהּ, עַד-בּוֹא אֲדֹנָיו אֶל-בֵּיתוֹ) تكوين
39/16
1- الترجمة
المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فصيرت قميصه عندها، حتى دخل سيدها البيت)[69]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(ووضعت قميصه عندها إلى أن دخل مولاه إلى منزله)[70]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (אֲדֹנָיו) إلى (سيدها)، بينما ترجمها
سعديا جاءون إلى (مولاه). وترجمة
هذه الفقرة تحديدا تعد خير دليل على تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ إذ
إنه لم يستعمل اللفظة المستعملة في القرآن فحسب، لكنه غير الضمير الوارد في النص
العبري ليخرج الترجمة العربية متوافقة مع الاستعمال القرآني؛ فلم يترجم كلمة (אֲדֹנָיו) إلى
(سيده)، وهي الترجمة المعيارية، لكنه ترجمها إلى (سيدها)، وفي ذلك تأثر مباشر
بقوله تعالى: "وألفيا سيدها لدى الباب" يوسف/23.
-
(וַיַּחַלְמוּ
חֲלוֹם שְׁנֵיהֶם אִישׁ חֲלֹמוֹ בְּלַיְלָה אֶחָד אִישׁ כְּפִתְרוֹן
חֲלֹמוֹ) تكوين 40/5
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فرأيا رؤيا جميعا، كل واحد منهما رئيا في
ليلة واحدة، وكل واحد أحب تعبير حلمه)[71]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(إلى أن رأيا جميعا رؤية، كل رجل على حدته في ليلة
واحدة، وكان حلم كل واحد حسب تفسيره)[72]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم لفظة
(פִתְרוֹן) إلى (تعبير)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (تفسير)، وفي ذلك
إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (تعبير)
في معرض سرد القرآن الكريم لقصة يوسف عليه السلام. يقول الله تعالى "إن كنتم
للرؤيا تعبرون" يوسف/43. واختيار المترجم الأول – تأثرا بالقرآن
الكريم- هذا اللفظ دون غيره، دليل على درايته الواسعة بالمعاني العربية؛ فالتفسير
شيء والتعبير شيء آخر. يقول الراغب الأصفهاني: " التعبير مختص بالرؤيا، وهو
العابر من ظاهرها إلى باطنها"[73].
-
(וַתֹּאכַלְנָה,
הַפָּרוֹת, הָרַקּוֹת, וְהָרָעוֹת אֵת שֶׁבַע הַפָּרוֹת הָרִאשֹׁנוֹת, הַבְּרִיאֹת) تكوين
41/20
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فابتلعت البقرات المهزولات الضعيفات القبيحات أولئك
السبع بقرات السمان)[74]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فأكلت البقرات الرقاق القبيحات السبع البقرات الأوائل الضخمات)[75]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (הַבְּרִיאֹת) إلى (السمان)، بينما ترجمها
سعديا جاءون إلى (الضخمات)، وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة
القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (السمان) في معرض سرد القرآن الكريم لقصة
يوسف عليه السلام. يقول الله تعالى " يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا
فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ "
يوسف/46.
-
(וּמֹשֶׁה
וְאַהֲרֹן, עָשׂוּ אֶת כָּל הַמֹּפְתִים הָאֵלֶּה לִפְנֵי פַרְעֹה) خروج 11/10
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(وإن موسى وهارون جرحا هذه الجرائح، وأظهرا هذه الآيات
كلها بين يدي فرعون)[76]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(وموسى وهارون صنعا جميع هذه البراهين بحضرته)[77]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (הַמֹּפְתִים) إلى (الآيات)، بينما ترجمها
سعديا جاءون إلى (البراهين)، وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة
القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (الآيات) في معرض سرد القرآن الكريم لقصة
موسى عليه السلام مع فرعون. يقول الله تعالى " فَلَمَّا
جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا
سِحْرٌ مُّفْتَرًى" القصص/36.
-
(וּבְרֹב
גְּאוֹנְךָ תַּהֲרֹס קָמֶיךָ) خروج 15/7
1- الترجمة في تفسير البقاعي:
(بعظم عزك كبت شانئك)[78]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(وبكثرة اقتدارك تهدم مقاوميك)[79]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (קָמֶיךָ) إلى (شانئك)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (مقاوميك)،
وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (شانئك) في القرآن الكريم بدلالة العدو في قوله تعالى
"إن شانئك هو الأبتر" الكوثر/3
-
(וַיֹּאמֶר
יְהוָה, אֶל-מֹשֶׁה: עַד אָנָה מֵאַנְתֶּם לִשְׁמֹר מִצְוֺתַי וְתוֹרֹתָי) خروج 16/28
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فقال الرب لموسى: حتى متى يأبوا أن يقبلوا وصاياي وسنني)[80]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فقال الله لموسى: إلى كم قد أبيتم أن تحفظوا وصاياي وشرائعي)[81]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
لفظة (תוֹרֹתָי) إلى (سنني)، بينما ترجمها
سعديا جاءون إلى (شرائعي)، وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة
القرآن الكريم؛ حيث وردت لفظة (سنن)
في القرآن الكريم بدلالة الشرائع وقوانين الحياة، كما في قوله تعالى "
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن
قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" النساء/26
ثانيًا: التناص على مستوى التراكيب:
نعرض ههنا بعض التراكيب التي استعملها مترجم التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن
الكريم، والتي نجد لها صدى في القرآن الكريم. وذلك على النحو التالي:
-
(וַיֹּאמֶר
אֵלָיו יְהוָה, מזה (מַה-זֶּה) בְיָדֶךָ; וַיֹּאמֶר מַטֶּה) خروج 4/2
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فقال له الرب: ما هذه التي في يدك، فقال:هي عصاي)[82]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فقال الله له منبها: ما ذا بيدك ؟ قال:عصا)[83]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
التركيب (וַיֹּאמֶר מַטֶּה) إلى (فقال:هي
عصاي)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (قال:عصا).يتبين من خلال ترجمة
المترجم الأول أنه أضاف الضمير (هي) - وهو غير موجود في النص العبري- ليُنتِج بذلك
جملة مفعول مكونة من (مسند إليه+ مسند)، وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول
بلغة القرآن الكريم؛ حيث ورد التركيب (هي عصاي) في القرآن الكريم، في سياق
سرد الحوار الوارد في قصة موسى عليه السلام بينه وبين "الذات الإلهية".
يقول تعالى: " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ قَالَ هِيَ عَصَايَ
" طه: 17/18
-
(וַיֹּאמֶר מֹשֶׁה אֶל-הָעָם אַל תִּירָאוּ) خروج 14/13
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فقال موسى للشعب: لا خوف عليكم)[84]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(قال موسى للقوم: لا تخافوا)[85]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
تركيب النهي (אַל תִּירָאוּ) إلى تركيب النفي (لا خوف عليكم)،
بينما ترجمها سعديا جاءون إلى تركيب النهي (لا تخافوا)، قياسا على النص
العبري. وفي تحويل المترجم الأول تركيب النهي في النص المصدر إلى تركيب نفي في
النص الهدف إشارة إلى تأثره بأسلوب القرآن الكريم في قوله تعالى "لا خوف
عليكم" الوارد في عدة مواضع منها "يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ
الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ" الزخرف/68
-
(וַיָּבֹאוּ
אֲחֵי יוֹסֵף, וַיִּשְׁתַּחֲווּ-לוֹ אַפַּיִם אָרְצָה) تكوين 42/6
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فأتى إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام فخروا له سجدا)[86]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(فجاء إخوته وسجدوا له على وجوههم)[87]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
التركيب (וַיִּשְׁתַּחֲווּ לוֹ) إلى (فخروا
له سجدا)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (وسجدوا له). وفي ذلك إشارة
إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث ورد التركيب (فخروا له سجدا)
في القرآن الكريم، في سياق سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام. يقول تعالى :" وَرَفَعَ
أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا" يوسف/100
-
(עַל-גְּחֹנְךָ
תֵלֵךְ, וְעָפָר תֹּאכַל כָּל-יְמֵי חַיֶּיךָ) تكوين 3/14
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(وعلى بطنك تمشين، والتراب تأكلين، كل أيام
حياتك)[88]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(وعلى صدرك تسلك، وترابا طول أيام حياتك تأكل)[89]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
التركيب (עַל-גְּחֹנְךָ תֵלֵךְ) إلى (وعلى
بطنك تمشين)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (وعلى صدرك تسلك). وفي ذلك
إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث يقول الله تعالى في معرض
حديثه عن بعض أنواع الدواب، ومنها الزواحف " وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ
مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ " النور/45.
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: "المشي على البطن للحيات والحوت ونحوه من
الدود وغيره"[90].
-
(וַיֹּאמֶר
יְהוָה אֶל-מֹשֶׁה: רָאִיתִי אֶת הָעָם הַזֶּה, וְהִנֵּה עַם קְשֵׁה-עֹרֶף הוּא) خروج 32/9
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(وقال الرب لموسى: إني قد رأيت هذا الشعب قاسية
قلوبهم)[91]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(ثم قال له: قد علمت أن هؤلاء القوم هوذا هم قوم صعاب
الرقاب)[92]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
المركب (קְשֵׁה-עֹרֶף) إلى التركيب (قاسية قلوبهم)،
بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (صعاب الرقاب). وفي ذلك إشارة إلى تأثر
المترجم الأول بلغة القرآن الكريم؛ حيث يقول الله تعالى في معرض وصفه لبعض البشر
غلاظ القلوب : " لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ" الحج/53
-
(וְעַתָּה
אֶעֱלֶה אֶל יְהוָה, אוּלַי אֲכַפְּרָה בְּעַד חַטַּאתְכֶם) خروج 32/30
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(فأما الآن فإني أصعد إلى الرب لعله أن يغفر لكم
ذنوبكم)[93]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(والآن أصعد إلى الله، لعل أستغفره عن خطيئتكم)[94]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
المركب (אֲכַפְּרָה בְּעַד חַטַּאתְכֶם) إلى
التركيب (يغفر لكم ذنوبكم)، بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (أستغفره عن
خطيئتكم). وفي ذلك إشارة إلى تأثر المترجم الأول بلغة القرآن الكريم. يقول
الله تعالى في سياق التكفير عن الخطايا " يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" الصف/12
-
(וְעַתָּה,
יִשְׂרָאֵל מָה יְהוָה אֱלֹהֶיךָ שֹׁאֵל מֵעִמָּךְ: כִּי אִם לְיִרְאָה אֶת יְהוָה
אֱלֹהֶיךָ) تثنية 10/12
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير
البقاعي:
(والآن يا بني اسرائيل ما الذي يطلب الله ربكم منكم، ما
يطلب الآن إلا أن تتقوا الله ربكم)[95]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(والآن يا إسرائيل ما الله ربك يطلب منك إلا أن تخافه)[96]
يلاحظ في الترجمتين السابقتين أن المترجم الأول ترجم
التركيب (כִּי אִם לְיִרְאָה אֶת יְהוָה
אֱלֹהֶיךָ) إلى التركيب (إلا أن تتقوا الله ربكم)،
بينما ترجمها سعديا جاءون إلى (إلا أن تخافه). وفي ذلك إشارة إلى تأثر
المترجم الأول بلغة القرآن الكريم. يقول الله تعالى " وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ
ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ" الطلاق/1
-
(וּמִפְּרִי
הָעֵץ, אֲשֶׁר בְּתוֹךְ-הַגָּן--אָמַר אֱלֹהִים לֹא תֹאכְלוּ מִמֶּנּוּ, וְלֹא תִגְּעוּ
בּוֹ פֶּן-תְּמֻתוּן) تكوين: 3/3
1- الترجمة المستشهَد بها في تفسير البقاعي:
(فأما من ثمرة الشجرة التي في وسط الجنة فإن الله قال لنا: لا تأكلا منها، ولا
تقرباها لكيلا تموتا)[97]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(لكن من ثمر الشجرة التي في وسطه قال الله لا تأكلا منها، ولا تدنوا
بها كيلا تموتا)[98]
يلاحظ
من خلال ترجمة الفقرة السابقة أن مترجم نسخة الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي للقرآن الكريم قد ترجم الفعل (תִגְּעוּ) إلى (تقربا)، وهو
تناص مع الآية الكريمة (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)
البقرة:35 التي استعملت نفس الفعل في ذات السياق القصصي الخاص بقصة آدم وحواء
عليهما السلام، في حين ترجمها سعديا إلى (تدنوا)، وهو ما يؤكد تأثر المترجم الأول
بلغة القرآن الكريم.
-
(וַיִּמְצָאָהּ מַלְאַךְ יְהוָה, עַל-עֵין הַמַּיִם בַּמִּדְבָּר)
تكوين 16/7
1- الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي:
(فلقيها ملاك الرب على عين ماء في
البرية)[99]
2- ترجمة سعديا جاءون:
(ووجدها ملاك الله على عين ماء في البرية)[100]
يلاحظ
من خلال ترجمة الفقرة السابقة أن مترجم نسخة الترجمة المستشهَد بها
في تفسير البقاعي للقرآن الكريم قد ترجم كلمة (וַיִּמְצָאָהּ) إلى (فلقيا). ولعل استعمال الفعل لقى بدلا من وجد هو
تأثر بلغة القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في بعض مواضعه تعبيرا عن مقابلة شخص
بشكل مفاجىء لا ترتيب له "فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما" الكهف/74
الخاتمة وأهم النتائج:
1- ترجح الدراسة كون مترجم التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن
الكريم من أصول يمنية، وهذا ما أثبتته البصمة اللفظية عن طريق رصد ورود بعض الألفاظ
المنتمية للهجة اليمنية القديمة في الترجمة.
2- ترجح الدراسة قدم ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن الكريم
على ترجمة سعديا جاءون، وهذا ما أثبتته البصمة اللفظية من خلال رصد ورود بعض
الألفاظ التي كانت متداولة في القرنين الأول والثاني الهجريين، والثابت تاريخيًّا أن
سعديا قد عاش في نهاية القرن الثالث الهجري. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تلك
الترجمة كانت مدونة بالخط العربي، والثابت لدى معظم الباحثين أن الكتابة العربية
اليهودية لم تظهر إلا في القرن العاشر الميلادي.
3- ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن
الكريم أكثر انضباطًا لغويًّا من ترجمة سعديا جاءون، فهي ترجمة سليمة على مستوى
مبانيها الصرفية والنحوية، ودقيقة على مستوى معانيها.
4- يغلب على ترجمة التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن
الكريم الطابع الإسلامي، ويتجلى فيها الأثر القرآني واضحًا؛ سواء على مستوى
الألفاظ أو على مستوى التراكيب.
5- حاول مترجم التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن
الكريم أحيانًا عدم الالتزام بمبنى بعض التراكيب في الأصل العبري حتى ينتج تراكيب
عربية متوافقة مع التراكيب القرآنية.
6- انتقاء مترجم التوراة المستشهَد بها في تفسير الإمام البقاعي للقرآن الكريم بعض الألفاظ العربية القرآنية دون غيرها، وعدم تقيده بالألفاظ الواردة في الأصل العبري، أدى إلى خروج الترجمة على قدر كبير من الدقة.
-
قائمة المصادر والمراجع:
-
المصادر :
-
تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، الإمام برهان
الدين البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، 1984
-
المراجع
-
أولًا: المراجع العربية:
1- أحمد الزعبي:
التناص نظريا وتطبيقيا، مؤسسة
عمون للنشر والتوزيع، عمان، ط2، 2000
2- أحمد أمين:
فجر الإسلام،
دار الكتاب العربي، بيروت، ط 10، 1969
3- أحمد محمود هويدي:
تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها ،
مقدمة كتاب تفسير سعديا جاءون للتوراة، إخراج وتصحيح: يوسف درينبورج، نقله إلى
الخط العربي وقدم له وعلق عليه: سعيد عطيه وأحمد عبد المقصود الجندي، المركز
القومي للترجمة، 2015
4- أحمد مختار عمر:
معجم اللغة العربية
المعاصرة، عالم الكتب، القاهرة، ط 1، 2008
5- إدريس إعبيزة:
مدخل إلى دراسة التوراة ونقدها مع ترجمتها العربية
لسعديا كؤون الفيومي، دار الأمان، الرباط، 2010
6- إسرائيل
ولفنسون:
تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر
الإسلام، المركز الأكاديمي للأبحاث، د.ت
7- برهان الدين البقاعي:
تفسير نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1984
8- جواد علي:
المفصل في تاريخ
العرب قبل الإسلام، نشر جامعة بغداد، ط2، 1993
9- حسن محمد حماد:
تداخل النصوص في الرواية العربية، الهيئة
المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1997
10- الراغب الأصفهاني:
مفردات القرآن، تحقيق:صفوان عدنان داوودي، دار
القلم،دمشق، ط4، 2009
11- السخاوي:
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، دار الجيل،
بيروت،1992
12- سعديا جاءون:
تفسير سعديا جاءون للتوراة، إخراج وتصحيح: يوسف
درينبورج، نقله إلى الخط العربي وقدم له وعلق عليه: سعيد عطيه وأحمد عبد المقصود
الجندي، المركز القومي للترجمة، 2015
13- سعيد يقطين:
الرواية والتراث السردي، دار رؤية للنشر
والتوزيع، ط1، 2006
14- شهاب الدين محمود
الحلبي:
حسن التوسل إلى صناعة الترسل، المطبعة الوهبية، القاهرة،
1889
15-
الطبري:
جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق:د.عبد
الله بن عبد المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة، ط1،
2001
16- طيبة صالح الشذر:
ألفاظ الحضارة العباسية في مؤلفات الجاحظ، دار قباء
للطباعة والنشر، 1998
17- عبد الله بن عبد الرحمن الخطيب:
برهان الدين
البقاعي ومنهجه في تفسيره دلالة البرهان القويم، المجلة العلمية لجامعة الملك
فيصل، المجلد 6، العدد الثاني
18- الفيروزآبادي:
القاموس المحيط، تحقيق: أنس محمد الشامي وزكريا
جابر أحمد، دار الحديث، القاهرة، 2008
19- ابن قتيبة:
المعارف، تحقيق د:ثروت عكاشة، دار المعارف، د.ت
20- القرطبي:
الجامع
لأحكام القرآن، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 2006
21- مارك أنجينو:
"التناصية"
بحث في انبثاق حقل مفهومي وانتشاره، مقال مترجم ضمن كتاب: آفاق التناصية
"المفهوم والمنظور"، ترجمة: محمد خير البقاعي، الهيئة المصرية العامة
للكتاب، 1998
22- محمد بيومي مهران:
بنو إسرائيل،
دار المعرفة الجامعية، 1999
23- محمد جلاء إدريس:
الإسرائيليات في
فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، المؤسسة المصرية للتسويق
والتوزيع، 2015
24: مطهر علي الإرياني:
المعجم اليمني في
اللغة والتراث، دار الفكر، دمشق، 1996
25- ابن منظور:
لسان العرب، دار
صادر، بيروت، د.ت
26- ناهدة أحمد الكسواني:
تجليات
التناص في شعر سميح القاسم، مجلة قراءات، جامعة بسكرة،العدد 4، 2012
27:
نور الهندي، عاصم بني عامر:
البصمة الكلامية بين التطبيقات القضائية الغربية
والعربية، مجلة دراسات- العلوم الإنسانية
والاجتماعية، مجلد 47، عدد 4، 2020
28- وليد صالح:
الاعتراف
بالموروث الديني القديم- أنموذج برهان الدين البقاعي، مجلة التفاهم، وزارة
الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، 2015
ثانيا: المراجع العبرية:
1- יהושוע
בלאו וסימון הופקינס:
-
תרגומי מקרא קדומים לערבית-היהודית, פעמים, רבעון לחקר קהילות ישראל במזרח , גיליון83 , 2000
2- יוסף טובי:
- שרידי תרגום ערבי לתורה קודם לתפסיר רב סעדיה גאון, מסורות ז,תשנ"ג
- תרגומי המקרא הערבייים היהודיים הקדומים. בתוך: משה בר אשר ושמעון
שרביט (עורכים), ספר היובל לכבוד הרב פרופ' משה עמאר, רמת גן, תשע"ח
- ערבית
יהודית קדומה בכתיב
פונטי- מהותה
וחשיבותה,איגרת כסלו תש״ף, גיליון 41, 2019
4- תאיר קיזל:
- תרגומי המקרא הקדם סעדיאנים לערבית יהודית, עבודת גמר המוגשת כמילוי חלק מהדרישות לקבלת התואר "מוסמך האוניברסיטה",אוניברסיטת חיפה,הפקולטה למדעי הרוח,החוג ללשון עברית2008,
ثالثا: الموسوعات والعبرية:
1-
האנציקלופדיה העברית, חברה להוצאת אנציקלופדיות בע״ם, ירושלים
2- מלון אבן שושן המרוכז, הוצאת עם עובד
בע"מ , כנרת זמורה ביתן דביר בע"מ , ידיעות אחרונות
ספרים , 2010
The impact of the language of the holy Qur’an in
translating the Torah cited in Imam Al-Biqa’i’s interpretation of the holy
Qur’an
Dr. Mohamed Mahmoud Al-Sami Ibrahim
Instructor of the Hebrew language - Faculty of
Al-Alsun - Ain Shams University
mohamedalsamy54@gmail.com
Abstract:
This research deals with the translation of the Torah adopted in the
interpretation of Imam al-Baq'i of the Holy Qur'an, as a model for a
comprehensive Arabic workbook by a Jewish translator; in another word, it is a
work written in Arabic and as an Arabic script. Therefore, it presents a
different model for the Hebrew writing style, which was widely used in the
medieval period, known as the Arabic-Jewish writing, in which the most
important Jewish works of that era were written down, the most prominent of
which was Saadia Camon’s translation of the Torah.
Research problem:
The research attempts to reach the identity of the translator in terms
of the environment in which he lived and the time in which he lived, through
the verbal mprint, given that this translation did not bear the name of the
translator, as was customary in most Jewish writings written down in Arabic calligraphy
at that time.
Research Methodology:
The research depends on the descriptive analytical method; this is done
by describing the words and structures in the Hebrew and Arabic texts, and
analyzing them to show the consistency of the meanings in the two texts on the
one hand, and the extent to which methods of a Qur’anic style Converys the
meanings desired in the Hebrew text on the other hand. Since the research will
deal with the translation of Saadia Camon, it will benefit from the comparative
method.
Research Aims:
1- Standing on the distinctive linguistic features of
some Jewish classifications written in Arabic verbally and in writing.
2- Identifying the time and environment of the unknown
classifications through the verbal imprint.
3- Highlighting the impact of the Qur’an on the
translation adopted in the interpretation of Imam Al-Beqa’i.
In order to achieve the third goal, the study will proceed - when
addressing the aspect entrusted with it - in two tracks:
1- Translation review - the subject of the study - on the
Hebrew origin of the Torah.
2- Comparing the translation - the subject of the study -
with Saadia's translation of the Torah.
Keywords: translation - Torah -
intertextuality - verbal imprint - interpretation
[1]
- أحمد محمود هويدي- تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة
ودوافعها ، مقدمة كتاب تفسير سعديا جاءون للتوراة، إخراج وتصحيح: يوسف درينبورج،
نقله إلى الخط العربي وقدم له وعلق عليه: سعيد عطيه وأحمد عبد المقصود الجندي،
المركز القومي للترجمة، 2015، ص7
[2] - هو إبراهيم بن عمر بن حسن الرُّبَاط- بضم الراء بعدها باء
موحدة خفيفة- ابن علي بن أبي بكر برهان الدين، وكنَّى نفسه أبا الحسن الخرباوي
البقاعي. ولد تقريبًا سنة تسع وثمانمائة بقرية خربة روحا من عمل البقاع، ونشأ بها،
ثم تحول إلى دمشق، ثم فارقها ودخل بيت المقدس، ثم القاهرة. وقد عاش البقاعي في مصر
حوالي خمسين عامًا من ( 834هـ إلى 880هـ )
قبل أن يعود إلى دمشق؛ ليمكث فيها خمس سنوات، ويتوفى بها عام ( 885هـ الموافق
1480م). وللإمام البقاعي مؤلفات عديدة في
مجالات مختلفة؛ لعل من أبرزها مجال التفسير، ويعد تفسيره "نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور" من أهم أعماله وأشهرها. ومن المجالات الأخرى التي ألف فيها مجال
الحديث والفقه والسيرة والعقيدة وعلوم القرآن وعلوم القراءات والتاريخ والشعر
والحساب. انظر في ذلك: السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، دار الجيل،
بيروت، ج 1، ص 101. وكذلك: الشوكاني، البدر الطالع بمحاسن مَنْ بعد القرن السابع،
الشوكاني، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ج 1، ص 19 وما بعدها، وكذلك: عبد الله بن
عبد الرحمن الخطيب، برهان الدين البقاعي ومنهجه في تفسيره دلالة البرهان القويم،
المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل، المجلد 6، العدد الثاني، 2005، ص 15 وما بعدها.
[3] - إسرائيل ولفنسون، تاريخ اليهود في بلاد العرب في
الجاهلية وصدر الإسلام، المركز الأكاديمي للأبحاث، ص 9
7- إدريس إعبيزة، مدخل إلى دراسة التوراة ونقدها مع ترجمتها العربية لسعديا كؤون
الفيومي، دار الأمان، الرباط، 2010، ص 153. وانظر كذلك: جواد علي، المفصل في تاريخ
العرب قبل الإسلام، نشر جامعة بغداد، 1993، ط2، ج 1، ص 412 وما بعدها
9- محمد جلاء إدريس، الإسرائيليات
في فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، المؤسسة المصرية للتسويق
والتوزيع، 2015، ص 25
10- محمد بيومي مهران، بنو
إسرائيل، دار المعرفة الجامعية، 1999، ج3، ص100. وانظر كذلك: إدريس إعبيزه، مدخل
إلى دراسة التوراة ونقدها، ص 150
14- أحمد محمود هويدي، تاريخ
ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها، مقدمة كتاب تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 16
16- وليد صالح، الاعتراف بالموروث
الديني القديم- أنموذج برهان الدين البقاعي، مجلة التفاهم، وزارة
الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، 2015عدد 29، ص
264
[23]
- أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، مج 1، ط 1، 2008،
مادة (بصم)
[24]
- نور الهندي، عاصم بني عامر، البصمة الكلامية بين التطبيقات القضائية الغربية
والعربية، مجلة دراسات، العلوم الإنسانية
والاجتماعية، مجلد 47، عدد 4، 2020، ص 121
[28] -
مطهر علي الإرياني، المعجم اليمني في اللغة والتراث، مادة غلس
[29] - المرجع السابق، مادة
قترة
[33] - المرجع السابق، ص 430
34-
יהושוע בלאו וסימון הופקינס, תרגומי מקרא קדומים לערבית-היהודית, פעמים, רבעון לחקר קהילות ישראל במזרח, עמ׳ 8
[35] - שם,עמ׳8. ראה גם: ימון הופקינס,ערבית יהודית קדומה בכתיב פונטי- מהותה וחשיבותה,איגרת כסלו תש״ף, גיליון 41, 2019, עמ'11
[36]- תאיר קיזל، תרגומי המקרא הקדם סעדיאנים לערבית יהודית, עבודת גמר המוגשת כמילוי חלק מהדרישות לקבלת התואר "מוסמך
האוניברסיטה",אוניברסיטת חיפה,הפקולטה למדעי הרוח,החוג ללשון עברית,2008, עמ'16
[37]- יוסף טובי, שרידי תרגום ערבי לתורה קודם לתפסיר רב סעדיה גאון, מסורות ז,תשנ"ג, עמ׳88
[38] - יוסף טובי,
תרגומי המקרא הערבייים היהודיים הקדומים. בתוך: משה בר אשר ושמעון
שרביט (עורכים), ספר היובל לכבוד הרב פרופ' משה עמאר,
רמת גן תשע"ח, עמ' 126
[39] - ابن قتيبة، المعارف،
تحقيق د:ثروت عكاشة، دار المعارف، ط4، ص 10
[40] - האנציקלופדיה העברית, חברה להוצאת
אנציקלופדיות בע״ם, ירושלים,כרך 24, עמ'305
[41]-
الفيروزآبادي، القاموس المحيط، تحقيق: أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد، دار
الحديث، القاهرة، 2008، ص 1615، مادة "نصص"
[42]- ناهدة أحمد الكسواني،
تجليات التناص في شعر سميح القاسم، مجلة قراءات، جامعة بسكرة،العدد 4، 2012، ص 4
[43]- شهاب الدين محمود الحلبي، حسن التوسل إلى صناعة الترسل،
المطبعة الوهبية، مصر، 1889، ص 61
[44]- أحمد الزعبي، التناص
نظريا وتطبيقا، مؤسسة عمون للنشر والتوزيع، الأردن، ط2، 2000، ص 11
[45]-
المرجع السابق، ص 11
[46]-
حسن محمد حماد، تداخل النصوص في الرواية العربية، الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة، 1997، ص23
[47]-
المرجع السابق- ص 11
[48]- سعيد يقطين، الرواية والتراث السردي، دار رؤية للنشر
والتوزيع، ط1، 2006، ص16
[49]-
مارك أنجينو، "التناصية، بحث في انبثاق حقل مفهومي
وانتشاره، مقال مترجم ضمن كتاب: آفاق التناصية "المفهوم والمنظور"، ترجمة:
محمد خير البقاعي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998، ص83
[51]- أحمد الزعبي، التناص
نظريا وتطبيقا، ص 20
[52]- تفسير نظم الدرر، ج 6، ص 117
[53]-
تفسير سعديا جاءون للتوراة، إخراج وتصحيح: يوسف درينبورج، نقله إلى الخط العربي
وقدم له وعلق عليه: سعيد عطيه وأحمد عبد المقصود الجندي، المركز القومي للترجمة،
2015، ص 88
[54]- אברהם אבן שושן,מלון אבן שושן המרוכז, הוצאת עם עובד בע"מ ,
כנרת זמורה ביתן דביר בע"מ , ידיעות אחרונות ספרים , 2010, עמ'
536(מִנְחָה)
[55]- تفسير نظم الدرر، ج 9، ص301
[56]-
تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 96
[57]-
تفسير نظم الدرر، ج 9، ص301
[58]-
تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 96
[59] - تفسير نظم
الدرر،ج 9، ص348
[60]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 117
[61]- تفسير نظم الدرر،ج 9، ص349
[62] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
118
[63] - الطبري، جامع البيان عن تأويل آي
القرآن، تحقيق:د.عبد الله بن عبد المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع
والإعلان، القاهرة، 2001، ط 1، ص 90
[64] - تفسير نظم الدرر، ج 10، ص52
[65]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
162
[66]-
تفسير نظم الدرر، ج 10، ص94
[67] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 167
[68]-
الراغب الأصفهاني، مفردات القرآن، تحقيق:صفوان عدنان داوودي، دار القلم،دمشق،
2009، ص371
[69] - تفسير نظم
الدرر، ج 10، ص95
[70] - تفسير سعديا
جاءون للتوراة، ص 168
[71]-
تفسير نظم الدرر، ج 10، ص96
[72]-
تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 169
[73] - الراغب
الأصفهاني، مفردات القرآن، ص 543
[74]- تفسير نظم الدرر، ج 10، ص140
[75] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
172
[76] - تفسير نظم الدرر، ج 8، ص62
[77] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 221
[78] - تفسير نظم الدرر، ج 1، ص430
[79] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
230
[80]- تفسير نظم الدرر،ج 1، ص434
[81]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
234
[82]- تفسير نظم الدرر، ج 14، ص290
[83]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 203
[84]- تفسير نظم الدرر، ج 1، ص428
[85]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 228
[86]- تفسير نظم الدرر، ج 10، ص182
[87] - تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص175
[88]- تفسير نظم الدرر، ج 1، ص270
[89]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص87
[90]- القرطبي،الجامع لأحكام القرآن، تحقيق
عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 2006، ج 15 ، ص 313
[91]- تفسير نظم الدرر، ج 1، ص442
[92]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص270
[93]- تفسير نظم الدرر، ج 1، ص443
[94]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 272
[95]- تفسير نظم الدرر، ج 8، ص98
[96]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص
487
[97]- تفسير نظم الدرر،ج 1، ص 269
[98]- تفسير سعديا جاءون للتوراة، ص 86
[99] - تفسير نظم الدرر، ج 2، ص174
[100] - تفسير سعديا
جاءون للتوراة، ص 110
