موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية

 

أظهر العهد القديم النبي عموماً على أنه المتحدث باسم الرب. أما أصل كلمة "נביא" في العبرية وصلته باللغات السامية، فقد اختلف العلماء حوله، إذا كانت من الجذر الأكادي (nabû) (بمعنى أن يقرأ) [1] أو من كلمة نابي أو من أصل آخر[2]، وكذلك اختلاط اسم النبي مع أسماء أخرى مثل "מתנבא"[3] "متنبىء"، "רואֶה-חוזֶה"[4] "الرائي والعراف"، "איש אלֹהים"[5] "رجل الله" ، وفي سفر أخبار الأيام أطلق على اللاويين(من يقومون بطقوس الكهانة) لقب أنبياء[6]، ومن هنا اختلطت وظيفة النبي مع وظائف أخرى مثل الكاهن والعراف والساحر[7]، واستناداً إلى تلك الصعوبات التى تكتنف البحث في معنى النبوة، ذهب بعض الباحثين إلى أن النبوة ظاهرة غريبة عن اليهودية، وقد استعارها اليهود من البيئات المجاورة في الشرق القديم وألبسوها عدداً من شخصياتهم التاريخية.[8] والدليل تطابق مظاهر النبوة العبرية مع ملامح ومراسم العبادات المتبعة في الشرق القديم وعلى وجه الخصوص لدى الكنعانيين.[9]

كما اتصفت النبوة الإسرائيلية بخصوصيتها الشديدة، حيث إنه لا يوجد اعتراف بالنبوة خارج بني إسرائيل[10]، بل هناك اعتقاد بأن بني إسرائيل كلهم أنبياء، حتى الأنبياء الذين عدهم الإسلام أنبياء اعتبرهم العهد القديم ملوكا فقط مثل داود وسليمان[11]، أما إبراهيم وإسحاق

ويوسف فهم آباء لا أنبياء تربطهم بإسرائيل علاقة النسب لا النبوة.[12]

أما عن الدور المنوط بالنبي في الديانة اليهودية فهو في الأغلب دور تاريخي لا ديني، وذلك يظهر في الحرص على ذكر اسم النبي ونسبه في بداية السفر المسمى باسم النبي، للتأكيد على صفته الشخصية ووجوده التاريخي، وهذا جعل من العهد القديم كتاب تاريخ لا كتاب دين، والأنبياء مؤرخي هذا الكتاب.[13] هذا بالإضافة إلى أنه قد غلبت السمة الأسطورية على بعض شخصيات الآباء (موسى ، إبراهيم، إسحاق، يوسف) في التوراة، وعلى التاريخ الإسرائيلي اللاحق في عصر القضاة[14]. كما أظهر العهد القديم وظائف أخرى للأنبياء مثل قيامه بطقوس الكهانة، والعمل في بلاط الملوك للتنبؤ وإعطاء المشورة للملوك، مما جعل الديانة اليهودية ديانة كهنوتية تركز على الطقوس والشعائر، وأصيبت بالجمود، وتفشت فيها الرؤية العنصرية.[15] 

حتى معجزات الأنبياء التى أثبتها العهد القديم للأنبياء، أثبتها أيضاً لمدعي النبوة وبذلك ألغى الفرق بين النبي ومدعي النبوة مثل بلعام الذى طلب منه بالاق بن صفور أن يلعن بني إسرائيل فنزل إليه الرب وكلمه وطلب منه ألا يفعل ذلك[16]، والكهنة من حاملي التابوت الذين بمجرد أن وطأت أقدامهم نهر الأردن توقف مجرى النهر يميناً ويساراً وجفت الأرض تحت أقدامهم وظلوا واقفين في وسط النهر حتى تم عبور الشعب بأكمله[17]، وعندما ننظر إلى هذه المعجزة نراها مثل معجزة موسى في شق البحر، وكذلك معجزات السحرة[18]، كما وجد أنبياء فاسدين تحدث عنهم الأنبياء المتأخرين أفسدوا بني إسرائيل ووافقوا هوى الحكام[19]، ولذلك من الصعب أن تجد في العهد القديم فرق بين المتنبئين وأنبياء الله فكلاهما يتحدث باسم الله، ولذلك كان يتم أحياناً الخلط بين النبي والرائي والعراف[20]، بل وكثيراً ما تغيب علامات النبوة تماماً عن النبي ويظهر في العهد القديم في صورة قائد عسكري يقود بني إسرائيل في الحروب، وأصبحت مهمة النبي وظيفة وراثية تنتقل من واحد للآخر مثلما انتقلت من موسى إلى هوشع.[21] ولم تظهر النبوة بمعناها الحقيقي بمعنى الموجه للشعب للخلاص من الذنوب ومحاربة عبادة الأوثان ومحاربة الملوك الفاسدين والدعوة إلى الوحدانية والتطهر والإصلاح الاجتماعي، لكن مع ربطها ببني إسرائيل وقضاياهم السياسية فقط ، إلا مع إيليا وعاموس وحجي وأشعيا وحزقيال وزكريا[22]، أما من كان قبلهم  مثل موسى وداود وصموئيل، فقد كان الدور الأبرز لهم هو الدور العسكري لا الديني[23]. ورغم ذلك رأى البعض أن النبوة فقدت دورها في عصر الأنبياء المتأخرين لأنها لم تحقق آمال الخلاص التى سبقت الخراب.[24]

ومن هنا اختلفت النظرة القرآنية للنبوة عن نظرة العهد القديم، حيث اتسمت النظرة القرآنية للأنبياء بالوحدة والتركيز على الجوانب الإيجابية في سبيل إصلاح المسار الديني للبشرية ونبذ الوثنية والإصلاح الاجتماعي، وهي أمور افتقرها التصور اليهودي حيث ركز على إطار القومية والخصوصية.[25] كما أن الإسلام اعترف بكل الأنبياء في حين أن اليهودية اعتبرت علاقة الدم والنسب هى العلاقة الرابطة بين الأنبياء، وخير مثال على ذلك الفصل بين إسحاق وإسماعيل واعتبار إسحاق وذريته أهلاً للنبوة وإنكار ذلك على إسماعيل.[26]

كما أن العهد القديم جعل المعجزات وأعمال السحر هى وظيفة النبي، وخاصة في عهد الأنبياء الأوائل، في حين أن هذه الأعمال في الإسلام أتت بوصفها دلائل للنبوة وتأييدا لها في بعض المواقف الخاصة، وينتهي دورها بمجرد تصديق النبي، ليبدأ في دوره الأساسي وهو الدعوة إلى عبادة الإله الواحد ونبذ السلوكيات الخاطئة في مجتمعه والدعوة إلى الطريق القويم. ولذلك نجد أن هذه الدعوة هى الخط الذى يربط بين كل الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم، في حين أن الخط الذى يربط بين الأنبياء الذين ذكرهم العهد القديم هو علاقتهم ببني إسرائيل فقط.

ولذلك اهتم سعديا اهتماماً كبيراً بموضوع النبوة، حتى يقدم مفهوماً جديداً لها يختلف عن مفهومها في العهد القديم ، وكي يرد على ادعاءات من أنكروا النبوة مثل "حيوي البلخي" و"ابن الراوندي"[27]، وكذلك باعتبار المحور الرئيسي لكل الديانات السماوية، ويعود ذلك إلى أن النبوة تعد الأصل الذى يفصل بين الكتب المنزلة وغير المنزلة.

والدور الأهم للأنبياء عند سعديا، والذى لم يهتم العهد القديم بإبرازه، هو الإنباء بما جاء من الله، فيقول سعديا: "وأقول إني وقفت أنه مع شرف منزلته وجلالته ليس هو جميع حجة الله على عباده...بل له علينا أصلان آخران من العلم أحدهما مقدم قبل هذا الكتاب والآخر مؤخر بعده...وأما الذى بعده فهو العلم المأثور من رسل الله وأنبياه (أنبيائه)...ووجدنا أتم الاستصلاح في قبول الأمر عند الناطقين إنما يكون بثلاث أشياء أمر واستحقاق واعتبار والأمر هو افعل أو لا تفعل والاستحقاق هو كشف العاقبة...والاعتبار هو الإخبار بأمور قوم امتثلوا"[28].

والإنباء أهم الجوانب التى أكد عليها أهل السنة لدى المسلمين، حيث إن من أهم مهام الأنبياء الإنباء بما أخبرهم الله به من أمر ونهي، فالعقل ليس كل شىء وليس طريق المعرفة الأوحد فهناك أمور لا يمكن معرفتها إلا بالخبر وهى أمور تعلو لمرتبة العلم الحقيقي مثلها مثل العلم العقلي تستند إلى الواقع[29].

 ثم يحدد سعديا أن اختيار هذا النبي يجب أن يكون عن طريق الاصطفاء، يقول سعديا: "يعلم الناس أنه لا يصطفي ولياًّ مجاناً إلا من كان له طايعاً (طائعاً). ليلا (لئلا) يقول القايل (القائل) لو شا (شاء) الله أن يختصني لقد كنت مثل إبرهم (إبراهيم)، فإذا شاهد ما امتحن به إبراهم (إبراهيم) علم من نفسه أنه لا يكون مثله وصدق أن من اصطفاه الله فعلى عدل واستحقاق"[30].

ولكن من الاستشهاد السابق نستنتج أيضاً أن اصطفاء الأنبياء يجب أن يكون له سبب، وهو أن هؤلاء الأنبياء حتى قبل اختيارهم لأداء مهمة النبوة كانوا من أفضل الناس خلقاً وعلماً وصبراً على الشدائد، وذلك حتى تأتمر الناس لهم. فيقول سعديا: "والفن الخامس خبر المحن حكى لنا ما جرى على الصالحين من الأشرار مثل ما نال אברהם יצחק יעקב יוסף משה من ضروب المحن المختلفة وصبرو (صبروا) فإن ...صبرو يدارو أعدايهم (أعدائهم) ويلطفوهم إلى وقت ...والثاني...امتثالها أن المر(المرء) يكون حييا كآدم محسنا كأبرهم صفيحا كإسحاق حنينا كيعقوب مكافى الشر بالخير كيوسف جائرا لله كفنحاس مستفيقا كهارون خاشعا كموسى ناهضا كيهوشع وسائر من رسم فيه أخلاقاً محمودة فإنما رسمها لتأديب الإنسان بها وبعكس ذلك لا يتخلق بالأخلاق القبيحة التى أثبتت في من ذم باستعماله لها"[31] 

وهذا هو ما أقره علماء أهل السنة بأن النبى يجب أن يمتاز بفضائل في نفسه يمتاز بها عن غيره، خصه الله بها حتى قبل أن تظهر عليه علامات النبوة. فالرسل والأنبياء هم أفضل الناس خلقاً وعلماً منزهين عن بعض أخطاء البشر لذلك اصطفاهم الله لتوصيل رسالته وتفسير كتبه المقدسة.[32]

دلائل النبوة:

        عندما يعلن شخص أنه نبى، يجب أن تكون هناك دلائل على نبوته، وإلا كيف يصدق الناس أنه نبي. وقد اقتصرت دلائل النبوة عند سعديا على المعجزة. وهى عنده تعنى حدوث ما ليس في الطبع والعادة كمنع النار أن تحرق أو قلب الأعيان كقلب الماء دماً، فإذا أتى النبى بهذه المعجزة كانت هى البرهان والدليل على أنه نبي وثبت صدق ما قاله. فالفعل الخارق للطبيعة الذى يعجز البشر العاديون عن الإتيان به متى ظهر عليه صدق الناس وسلموا أنه النبي. يقول سعديا: "ولما كان الرسول لا يجب عليهم القبول منه إلا بتأييد يتبين لهم منه أن الله أيده به وهو أن يفعل ما ليس في طاقة المخلوقين أن يفعلوا مثله"[33].

        كما يقول: "وأخبرنا بهذه الآيات شرف الأنبياء، فمنها الآيات له حتى يصح عنده أن الكلام الذى يسمعه هو من عند الله كما يظهر لموسى עמוד ענן وكذلك لآهارون وصموئيل حتى يعتقد أن الآيات والمعجزات التى قارنت مخاطبتهم ليصح عندهم أن الكلام الذى يسمعونه من عند الله إذ حدثت مع ابتدايه (ابتدائه) ثم ارتفعت مع انقضايه (انقضائه)"[34].

        وبذلك فالمعجزة عند سعديا مختصة بالنبى لا غيره، ولايقدر عامة البشر على وقفها وإبطالها لأنها من الله لا من النبى بل الله هو من يفعلها للنبي ليصدق الناس رسالته، ولايقدر أى أحد على الإتيان بمعجز الأنبياء.

        ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المعجزات لا تحدث بشكل دائم، بل هى استثناء لقاعدة تأتى لعمل معين لإثبات صدق النبي وتنتهى بإنتهاء غرضها، لأن في تكرارها أو دوامها فساد للحقائق وإلباس على جمهور البشر. يقول سعديا: "حتى يعتقدوا أن الآيات والمعجزات التى قارنت مخاطبتهم ليصح عندهم أن الكلام الذى يسمعونه من عند الله إذ حدثت مع ابتداؤه ثم ارتفعت مع انقضاؤه"[35].

        وقد اتفق غالبية علماء المسلمين على أن المعجزة هى كل فعل خارق لعادة البشر مما يعجزون عن الإتيان بمثله ولا يُقدر الله عليه إلا الأنبياء، فهى المعول الأول في إثبات النبوة. فالمعجز هو الدليل على البعثة وثبوت الشرائع، وليس وقوع البعثة دليلاً على المعجز، فالأصل في ذلك أننا نستدل على البعثة بكون المعجزة ناقضة للعادة لأنها من الله وليست من البشر، أو أنها خارجة عن مقدور الإنسان فهى من فعل الله تعالى والعكس ليس صحيحاً، لأن المعجزة ظهور أمر خلاف ما جرت عليه العادة في دار الدنيا لإظهار صدق النبي، مثل إحياء الموتي وإبراء الأكمه والأبرص وقلب العصا حية، ولا بد أن يقع هذا الحدث عقب دعوى من يدعى أنه نبي ليدل على صدقه.[36]

السبب في بعثة الأنبياء:

        كان السبب أو الحكمة من إرسال الأنبياء من أهم الأسباب التى دعت إلى الخلاف في ذلك العصر، العصر الذى رفع فيه شعار العقل، فرأت بعض الفرق مثل البراهمة أن إرسال الأنبياء لا حاجة له ما دام الإنسان يستطيع أن يعرف ربه عن طريق العقل[37].

        ولكن سعديا يرد على هذا الادعاء مستنداً على مبدأ العدل الإلهي فالله لا يفعل إلا خيراً للبشر لذلك بعث لهم بالأنبياء لما فيه خير العباد، ليكمل لهم التكليف فالإنسان بعقله يعرف الحسن من القبيح، وإلا كيف يشكر الله على نعمه، وكيف يصلى، وكيف يعرف أن شرب الخمر محرم لما ينتج عنه من أضرار، فالشرائع السمعية لا تعرف عن طريق العقل، وإلا فكيف يعاقب الله من لم يعرفه ما يفعل وما لا يفعل فالنبوة شكل من أشكال اللطف الإلهي. يقول سعديا: "ووجدنا أتم الاستصلاح في قبول الأمر عند الناطقين إنما يكون بثلاث (ثلاثة) أشياء أمر واستحقاق واعتبار. والأمر هو افعل أو لا تفعل، والاستحقاق هو كشف العاقبة وما يؤدى إليه الفعل المأمور به أو المنهى عنه. والاعتبار هو الإخبار بأمور قوم امتثلوا ذلك فأصلحوا وقوم خالفوه فهلكوا، وأمثل لذلك مثلاً طيباًَ وأقول كلام عرض وجلبه البلغم فإذا نهى المتطبب ذلك العليل عن تناول اللبن أو ما أشبهه من الأغذية الباردة والرطبة بالنهي فقط فهو استصلاح. وأقوى منه أن يعرفه عاقبة ذلك ويقول له إن أدمنت على تناوله البك إلى الفالج. وأتم من هذين الاستصلاحين فهو أن يعبره بمن فعل ذلك فهلك ويصل في قوليه هذين أن يقول كما أفلج فلان, وكما أن أتم التحذير هو ما جمع هذه الثلاث كذلك أتم الترغيب هو ما جمع ثلاث أخر وهو أن يقول مثلاً....فلعلم حكيم الحكماء أن نصلح باجتماع هذه الثلاثة فنون أتم انصلاح وضم أركان توراته هذه الثلاثة قواعد. ذلك كما نهى عن عبادة الأوثان ..وأخبر عن عاقبة ذلك أنها مهلكة..ثم أخبر عن ما لا امتثل ذلك وهلك..."[38]  

        فالنبى يأتى بما لم يفصح عنه الله في كتابه أو يشرح ما جاء ملتبساً فيه لتكمل طاعة العباد، يقول سعديا: " وأما السمعية فلسبب أنها لو لم تثبت في كتاب لم نصل إليها فكذاك إن مر في لفظ حكايتها لفظة متشابهة تحيرنا فيها إذ يتنازعها المعاني الكثيرة. فاحتاجنا إلى قول من شاهد الرسول حتى رد له هذه الألفاظ المتشابهة في الفرائض الخبرية إلى المحكم.....فأولها لأن في الكتاب شرائع لم تشرح فيها كيفياتها..والثاني لأن فيه شرائع لم تشرح كمياتها كما لا يبين كمية الزكوة... والثالث لأن فيه شرائع لم تشرح بماذا تعلم...ولذلك أحالنا على ذلك على آثار الرسول...وشرائع لم تذكر في التوراة...كميتها وكيفيتها وذلك كالصلوة[39]"

        ويرد القاضى أيضاً على من دحضوا إرسال الرسل، بأن العقل يعرف الحسن والقبح ولكن لا يعرف كيف يتعبد، فالعقل يعرف وجوب رد الوديعة والإنصاف وقبح الظلم والكذب، ولكنه لا يعرف أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وأن شرب الخمر يورث العداوة والبغضاء، لذلك كان لا بد أن يبعث لنا من يعرفنا هذه الأمور فحسنت لذلك بعثة الأنبياء، فالعبد يكون أقرب إلى الطاعة ويتجنب المعاصى عندما يتمسك بشريعة الأنبياء، فلا بد من بعثة الأنبياء فمن المكلفين من لا يطيع إلا بالبعثة. فالفائدة في بعثة الأنبياء أن نعلم من جهتهم ما لا طريق لنا إلى معرفته إلا من قبلهم من الشرائع والعبادات[40].

عصمة الأنبياء:

        اجتهد سعديا في الدفاع عن أخطاء الأنبياء التى نسبها العهد القديم لهم، وكانت مدخلاً للطعن في الديانة اليهودية، حيث إن مبدأ العصمة الإلهية مبدأ غير معروف لدى اليهود،[41] ونجد أن من أهم ما تميز به العهد القديم التعدى الصارخ على عصمة الأنبياء نظراً لتمادى بني إسرائيل في نسب صفات خاطئة عديدة إلى أنبيائهم تشكك في الاختيار الإلهي لهم وفي كونهم قدوة بشرية ولا يفرق بينهم وبين غيرهم من البشر، وذلك نتيجة للخلط في مفهوم النبوة وكثرة المدعين.[42]

وهو ما دفع سعديا إلى الاستعانة بمبادئ المعتزلة في محاولة لتنزيه أنبياء العهد القديم عن المعاصى والأخطاء، فمثلاً خطيئة آدم التى كانت سبب خروجه من الجنة، ففي حين جاءت هذه القصة بشكل مقتضب في القرآن الكريم واعتبرها مفكرو الإسلام سبباً في نزول آدم إلى الأرض وإعمارها، برر سعديا أن الخطيئة جاءت من حواء لأنها أنثى وأميل إلى الطغيان والمعصية، فهى من أجبرت آدم على المعصية وأن الشيطان تمثل لها في صورة رسول من الله فصدقت كلامه وأغوت آدم[43]. وكذلك شاؤل لم يقتل نفسه لأن قتل النفس معصية ولكن العمالقي هو من استغل فرصة اتكائه على السيف وضغط عليه فدخل السيف في أحشائه فمات[44]. وإبراهيم عندما دخل مصر وقال إن سارة أخته لا زوجته وطعن الملحدون في ذلك بأنه نبى وكذب، فبرر سعديا ذلك بأن إبراهيم كذب للصالح العام لأن في هلاكه وهلاك سارة هلاك للأمة، فهناك احتمالان إما أن يطلبها ملك مصر للخطبة فإن رفض فلا جناح عليه وإن أخذها عنوة يطلقها وطلاق الزوجة للخوف من السلطان مباح.[45] 

        ثم يأت جانب آخر من التنزيه أولاه سعديا لحكماء المشنا والتلمود، فحاول سعديا أن يثبت أنهم ورثة الأنبياء يشملهم الوحي، بل ربما كانوا أفضل من الأنبياء، لأن الأنبياء مجرد ناقلين للأخبار والشرائع والوحي، في حين أن حكماء التلمود يجتهدون في التفكير للوصول إلى الشرائع. يقول سعديا: "وعند الاعتبار الصحيح وجدت لشيوخ التلقين أثرة مزيدة على حملة الوحي، لأن هؤلاء استمدادهم في غرائزهم وقرائح عقولهم فيستنبطون النتائج من أمهاتها ويستمدون الفروع من أصولها، وهؤلاء إنما يقتدون الوحي ويهتدون من مواد النبوة".[46]

        وكان الهدف عند سعديا من ذلك إضفاء الصبغة الإلهية على التوراة الشفوية وتأكيد نزول الوحي على حكمائها وعصمتهم من الخطأ.

        في حين أن علماء المسلمين اختلفوا في تنزيه الأنبياء عن المعاصى باختلاف حجم المعصية (كبائر أم صغائر) فقد اجتمعت الأمة على عصمة الأنبياء من ارتكاب الكبائر ما خلا الكرامية من المرجئة[47]. أما الصغائر فانقسمت آراؤهم حولها فمنهم من يرى وجوب عصمة الأنبياء من صغار الذنوب ليستحقوا المكانة التى اصطفاهم الله لها نظراً لكونهم قدوة للبشر ويمثل هذا الفريق الرافضة والشيعة والمعتزلة[48]، أما الفريق الثاني وهو جمهور المسلمين فيقولون بعصمة الأنبياء من الكبائر دون الصغائر، ويرون جواز وقوع الصغائر من الأنبياء واستدلوا بالوقائع التالية: دعاء نوح في ابنه الكافر، قتل موسى للمصري، عبس النبي صلى الله عليه وسلم في وجه ابن مكتوم.[49]  

بشرية الرسول:

رغم تأكيد سعديا على تنزيه الأنبياء عن المعاصى، فإنه أكد على بشرية النبي أو الرسول في كل شىء في التبليغ، نظراً لأن العهد القديم أظهر الأنبياء في معظم حالات الوحي الإلهي وكأنهم مجبورون مقهورون على التبليغ، وهذا يظهر بشكل واضح مع أرميا وعاموس وحزقيال وأشعيا.[50] أما في القدرة، فقدرته مثل قدرة البشر وتسرى عليه كل القوانين الطبيعية فهو مسموح له بأن يتزوج ويأكل ويشرب وما إلى ذلك، فيقول سعديا: "وليس المفكر في هذا بخير من نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون الذى (الذين) تزوجوا"[51]. وكذلك يقول: "دلنا بذلك أن لم يكلف نوح أن يصعد الجبال وينزل الأودية حتى يجمع منها كل حيوان إذ ليس في طاقته وعلته أيضاً إذ لم يكن علمه يحيط بجميع أجناسها وأنواعها"[52].

        وما دامت قدرة النبي محدودة على حسب التكليف، فهو بالتالى حر في تبليغ الرسالة أو تركها، يقول سعديا: "والثاني أن ترك المرسل ...الأمر به مخالفة ولا يختار الكلام لرسالته من يعلم منه أنه يختار مكالفته فيها...وليس الهرب من الوحي مكالفة أصله لأنه لم يرسل فيخالف في الرسالة وإنما المخالفة تكون بعد التكليف".[53]

        وهذا التأكيد من سعديا على حرية الرسول في التبليغ عن ربه هو ما أقره المعتزلة نظراً لأنهم أكدوا على الجانب الإنساني لأصحاب الرسالات، ولم يرضوا بأن يصوروهم على أنهم أدوات مجبرة على التبليغ لأن ذلك يطعن في مصداقيتهم ويلحق الشبهة بالذات الإلهية، فالله كلفهم بالرسالة بعد أن أعطاهم الاستطاعة فبلغوا عنه ما أمرهم به عن اختيار وإيثار للطاعة واستشهدوا بقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ"[54] فكيف يأمر من لا يقدر أن يفعل فعلاً، فلم يأمر عز وجل أحداً بأمر إلا وهو يعلم أنه يقدر على ضده فأمره بالطاعة ونهاه عن المعصية.[55]

الشفاعة:

        الشفاعة هى السؤال في التجاوز عن الذنوب، والذى يقوم بها يسمى شافعاً وشفيعاً، وتستعمل كلمة شفاعة أيضاً في غير المعنى الديني مثل كلام الشفيع للملك في حاجة ليسألها لغيره.[56] وتستعمل كلمة شفاعة عادة بالمعنى الديني، وخصوصاً في الكلام عن اليوم الآخر، والشفاعة حسب مفهومها في الإسلام هى سؤال العفو وإسقاط العذاب عن العاصي وهى تكون عند الله، والله يقبل الشفاعة إكراماً للشافع، فالشفاعة تقتضي شافعاً ومشفوعاً له في موضع معين. وقد ارتبطت في الإسلام باليوم الآخر، حيث إن الخلق سيحشرون ومن هول الموقف وطول الوقوف يخطر لهم أن يستشفعوا إلى الله ليريحهم فيأتون آدم ليشفع لهم فيذكر لهم خطيئته في أكله من الشجرة، ثم نوح فيذكر لهم خطيئته في سؤال ربه بغير علم، ثم إبراهيم ولكنه كذب ثلاث مرات، ثم موسى ولكنه قتل نفساً، ثم عيسي فيقول لهم اذهبوا إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) فيشفع لهم، وشفاعة محمد (صلى الله عليه وسلم) معترف بها بإجماع الأمة.[57]

        وقد جاءت الشفاعة في التوراة في بعض المواضع مثل ما ورد في سفر أيوب "وتقرب نفسه إلى القبر وحياته إلى المميتين، إن وجد عنده مرسل وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته"[58].  ومن الواضح أنه في هذا الموضع لا توجد شفاعة ولا تدخل مقصود للمتشفع وليس مجرد الالتجاء إلى قديس شفاعة، كما وردت الشفاعة في قصة إبراهيم في إهلاك سدوم وعمورة، ولكن لم يوجد في القصة شفاعة لا باللفظ ولا بالمعنى، اللهم إلا فكرة عدم إهلاك الأبرار لا الإبقاء على المفسدين الأشرار، والدليل على هذا أن الله دمر المدينة على أهلها بعد خروج لوط وأهله، فإبراهيم لم يطلب من الله مجرد العفو عن مستحقي العقاب، وإنما كان يستفسر عن هذا الإهلاك الشامل، وهو لم يكن يعلم أن المدينة قد خلت من الأبرار، ولذلك ففكرة الشفاعة في اليهودية غير واضحة وضوح فكرة الشفاعة الإسلامية.[59]

        ولذلك جاءت الشفاعة عند سعديا في موضع دنيوي فقط في قصة إبراهيم وأهل سدوم وعمورة، ولكن لم يذكرها في موضع آخروي، ربما لأن الفكرة في حد ذاتها لم تكن مطروحة في العهد القديم، وكذلك لأن هذا الموضع هو الموضع الوحيد في التوراة الذى ظهرت فيه معالم لفكرة الشفاعة، كما أن الشفاعة الدنيوية جزء من دور النبي في الدنيا، ولكنها لم ترد في أى موضع آخروي[60]، يقول سعديا: "ثم ارتفع نور الله حين فرغ من مخاطبة إبراهم...فلأنه نبى ومن حق النبى على كثير من الأنبياء الشفاعة...والرابع لأنه تقياً (تقىُّ) وكثير من حق الأتقياء والخامس لأنه مستقيم"[61].

        ونستنتج من ذلك أن سعديا أوجب الشفاعة للأنبياء والأتقياء.

        وقد اختلف المسلمون في الشفاعة فأنكرها قوم مثل المعتزلة والخوارج. وذهب أهل السنة والأشعرية والكرامية وبعض الرافضة إلى القول بالشفاعة[62]، والمعتزلة أنكرتها حتى لا تتعارض مع أصل العدل وضرورة وقوع الثواب والعقاب، وجوزوها للمستحقين الثواب، بمعنى أن تحصل لهم زيادة في المنافع على قدر ما استحقوه، ولكن أهل السنة تمشياً مع مبدأ الفضل الإلهي قالوا بالشفاعة التى يكون تأثيرها إسقاط العذاب عن المستحقين حتى لا يدخلوا النار، فإن كانوا قد دخلوها فإنه يُشفع لهم حتى يخرجوا منها.[63]



[1] -האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ"800.

[2] -موسكاتي: الحضارات السامية القديمة. صـ 151.

[3] - مثل سفر صموئيل الأول (10: 5-13) مثل المتنبئين في عصر القضاة، فقد تم اعتبارهم من ضمن الأنبياء رغم أنهم لم يكن لهم دور اجتماعي واضح، وعدًّ شاؤل منهم. انظر: האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ"800.

[4] - مثل سفر صموئيل الأول: (9:9) (7: 12).

[5] - سفر ملوك أول: (20، 13، 28، 38، 41).

[6] -  سفر أخبار الأيام الأول: (25: 1-4).

[7] - האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ"798، 800.

[8] - محمد بحر عبد المجيد: اليهودية. مكتبة سعيد رأفت. القاهرة. 1978. صـ 180.

[9] - לקסיקון מקראי:כרך שני.עמ"636.

[10] - حيث رأى حكماء المشنا أن ظاهرة النبوة أمر اختص به بنو إسرائيل فقط دون غيرهم من الأغيار. انظر: האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ" 808.

[11] - فداود برز في العهد القديم دوره كملك فقد استطاع بدهائه ضم الكهنة، الذين اصطدم بهم شاؤل، إلي بلاطه، وجعل الهيئة الدينية إدارة من إدارات الدولة، وكذلك اهتم سليمان بالتقدم التجاري والترف في بلاطه وكثرة الزوجات، وإدخال عبادة الأوثان بسبب زوجاته الأجنبيات. موسكاتي: الحضارات السامية القديمة. صـ 142- 144.

[12] - محمد خليفة حسن : ظاهرة النبوة الإسرائيلية. صـ 6، 7، 17.

[13] - المرجع السابق : صـ 32- 35، 97، יחזקאל קויפמן:תולדות האמונה.כרך4.עמ"74، מ.צ.סגל:מבוא.כרך1.עמ"9.

[14] - حيث لعب هؤلاء القضاة دوراً شبيهاً بدور زعماء القبائل في النظام البدوي الذى تتميز به الحياة السامية في مراحلها الأقدم عهداً . موسكاتي: الحضارات السامية القديمة. صـ 140، 141.

[15] - محمد خليفة حسن: ظاهرة النبوة. صـ 56، 69، 87، 304، 305، יחזקאל קויפמן:תולדות האמונה.כרך4.עמ"75- 122- 132- 240.

[16] -سفر العدد :(22: 5-13).

[17] - سفر يشوع :(3: 14- 17).

[18] - سفر الخروج: (7: 11-12)، (7: 21-22).

[19] -سفر حزقيال: (13: 22، 25-28)، سفر ارميا (23: 9-40)، האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ" 803.

[20] - מ.צ.סגל:מבוא למקרא. כרך שני.עמ"231-  235- 242.

[21] -المرجع السابق:כרך שני.עמ" 242- 244.

[22] - האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ"802-803، موسكاتي: الحضارات السامية القديمة.صـ 145-147.

[23] - האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ" 801، מ.צ.סגל:מבוא למקרא.כרך שני. עמ"248.

[24] - האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ" 803.

[25] - محمد خليفة حسن: ظاهرة النبوة الإسرائيلية. صـ 303.

[26] -المرجع السابق: صـ 306.

[27] -هو الملحد أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق المتوفي عام 301هـ، كان في أول الأمر يهودياًّ ثم أعلن إسلامه ليستظل في ظل الخلافة العباسية. ووجد المعتزلة أقرب الفرق الإسلامية للخلفاء العباسيين فصار منهم وألف كتبا في مذهبهم ولكنهم نبذوه، فانقلب عليهم وهاجمهم في كتاب أسماه "فضيحة المعتزلة"، ثم انتقل لفرقة الشيعة الباطنية ثم انقلب عليهم، ثم لأهل السنة ثم خرج عن نطاق الإسلام تماماً، ورجع لليهودية، ثم كفر تماماً، وأهم كتبه "الفرند" يطعن فيه في الأنبياء والنبوة عموماً، وله أيضاً كتاب " الزمردة" يطعن فيه على الرسالات السماوية كلها ويشكك في الألوهية ذاتها.

[28]- مقدمة سعديا لتفسير سفر التكوين: صـ 5، 7.

[29] - الجويني: الإرشاد. صـ 302، وابن حزم : الفصل. ج1 .صـ 138- 141.

[30] - تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 140.

[31] - مقدمة سعديا لتفسير سفر التكوين: صـ 10.

[32] -ابن حزم: الفصل. جـ5. صـ125-132.

[33] -  تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 24.

[34] - المرجع السابق: صـ 9.

[35] -  مقدمة سعديا لتفسير سفر التكوين: صـ 9.

[36] - ابن حزم: الفصل ج1. صـ 142 ، ج5. صـ99، القاضى عبد الجبار: المختصر في أصول الدين. صـ 237.

[37] - الباقلاني: التمهيد. صـ96- 113.

[38] - مقدمة سعديا لتفسير سفر التكوين: صـ 7، 8.

[39] - تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 134.

[40] -  القاضى: المختصر في أصول الدين. صـ 235، 240.

[41] - محمد خليفة حسن : ظاهرة النبوة الإسرائيلية. صـ 8.

[42] -المرجع السابق: صـ 309.

[43] - تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 75.

[44] - المرجع السابق: صـ 106.

[45] - المرجع السابق: صـ 134. ويؤكد ابن حزم على أن سارة كانت تبلغ من العمر في ذلك الحين 90 عاماً فكيف تكون مصدر للإغواء والفتنة وذلك يدل على كذب ما جاءت به التوراة، انظر الفصل 1/ 225.

[46] - سعديا: تفسير الجامعة. وهو كتاب الزهد . تحقيق د/ محمود العزب . لم ينشر. صـ 3- وربما تبع سعديا في ذلك الروافض الذين زعموا أن الأئمة أفضل من الأنبياء. انظر الأشعري: مقالات الإسلاميين. صـ 48- 49.

[47] - ابن حزم: الفصل. ج5. صـ74.

[48] - الأشعري: مقالات الإسلاميين. صـ48، 49، 270، 226، 227.

[49] - ابن حزم: الفصل. ج4 . صـ 5-7.

[50] - محمد خليفة حسن : ظاهرة النبوة الإسرائيلية. صـ 44، 45، האנציקלובדיה העברית:כ"24. עמ" 800، 801.

[51] - مقدمة سعديا لتفسير سفر التكوين: صـ 11.

[52] - تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 104.

[53] - ملاحق  سفر التكوين: صـ432، 433.

[54] - سورة المائدة: الآية 67.

[55] - يحيى بن الحسين: الرد على الحسن بن محمد بن الحنفية. ضمن رسائل العدل والتوحيد. صـ 122- 123.

[56] - لسان العرب: مادة شفع.

[57] - دائرة المعارف الإسلامية. مادة شفع. ج13، صـ 322-325.

[58] - سفر أيوب: (33: 22)، (5: 1).

[59] - دائرة المعارف الإسلامية: مادة شفع. ج13، صـ 324.

[60] - מ.צ. סגל:מבוא למקרא.כרך שני.עמ"244- 245.

[61] - تفسير سعديا لسفر التكوين: صـ 126.

[62] - ابن حزم: الفصل. 4/ 110.

[63] - ابن حزم: الفصل. 4/ 111، 112.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button