موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية

 

د.عزة محمد سالم، كلية الألسن، جامعة عين شمس

فن المقامة من أهم فنون الأدب العربي، وخاصة من حيث الغاية التي ارتبطت به، وهي غاية تعليم الناشئة صيغ التعبير، وهي صيغ حُليت بألوان البديع، وزينت بزخارف السجع وعُنى أشد العناية بمعادلاتها اللفظية وأبعادها الصوتية. وبديع الزمان الهمذاني (358- 398هـ) (937- 977م)هو الذى مهد الطريق وعبّده لظهور هذا الفن في القرن الرابع الهجري، وهو الذى اختار لفظة "مقامة" لحكاياته التي كان يمليها كل يوم جمعة في مسجد نيسابور[1]، وإن رأى بعض الأدباء أن المقامة ظهرت على يد أبي بكر بن دريد[2] (321 هـ- 933 م)، وممن قالوا بهذا الرأى الحصري صاحب كتاب "زهر الآداب"، ود/ زكى مبارك[3]. ولكن ما يعنينا هنا هو أن بديع الزمان الهمذاني استطاع تطوير هذا النموذج باقتباسه وإعادة صياغته من إرهاصات أدبية سابقة.

وإذا كان أغلب الباحثين يرون أن الهمذاني قد استوحي فن المقامة من بعض الإرهاصات الأولى لفن المقامة عند بعض الأدباء العرب. فإن د/ أمين عبد المجيد بدوي  وتوماس تشنرى ((T.chenery يعتقدان أن البديع، نظراً لأنه من ذوى اللسانين، تأثر بأعمال فارسية مثل كليلة ودمنة والسندباد وأساطير التوراة عند اليهود والأساطير الهندية والبهلوية.[4]

وخلف بديع الزمان أبو محمد القاسم بن علي الحريري (446-516هـ) (1025-1095م)، ولكنه كان أوسع ثقافة وأحكم صياغة وأقوى تعبيراً، فإذا هو يصل بهذا الفن إلى القمة.

بدأت المقامة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، بعد أن سيطر البويهيون[5] على بغداد، وأصبحت الخلافة وسلطتها في ظل هذه السيطرة البويهية قليلة الشأن.[6] وكان من بين طوائف المجتمع طائفة تسمي الساسانيين[7] نسبة إلى ساسان أو أهل الكدية، وهذه الطائفة كانت وظيفتها الاستجداء والاحتيال على الناس نظراً لتمتعها بمقدرة أدبية فائقة.[8] واشتهر من هذه الطائفة في عصر البديع شاعران عقد لهما الثعالبي في كتابه "يتيمة الدهر" فصلين طويلين، وهما: الأحنف العكبري وأبو دلف الخزرجي. أما الأحنف فيقول عنه: "شاعر المكدين وظريفهم". وأما أبو دلف فيقول فيه: " "شاعر كثير الملح والطرف، مشحوذ المدية  في الكدية، خنق التسعين في الإطراب والاغتراب وركوب الأسفار والصعاب وضرب صفحة المحراب بالجراب في خدمة العلوم والآداب".[9]

والأدب في هذا العصر كان صورة صادقة للحياة الاجتماعية بما فيها من غني وبؤس ولهو وجد، فقد تعقدت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مما ساهم في نمو الفروق بين

الطبقات فكثر الفقر المدقع قي ظل الغني المفرط، فوجدت طبقة اللصوص والمكدين والشحاذين، وهو ما عبرت عنه هذه المقامات أصدق تعبير. وكان العصر، عصر القلق وعدم الاستقرار والفتن والحروب والمكائد والاحتيال والتكلف[10]. فجاءت المقامات وعبرت عن هذا  التعقيد الاجتماعي من خلال التعقيد اللغوي، لذلك نجد بها تكلفاً في الإكثار من المحسنات البديعية تعبيراً عن روح التكلف السائدة في المجتمع، ونجد السخرية اللاذعة من بين السطور تعبيراً عن الألم الذى ساد طبقات المجتمع من جراء الفوضى التي كانت سائدة، وذلك حين تسلط الأتراك وغيرهم على العرب وكذلك نجد أن النفاق في حياة بطل المقامات يعبر عن نفاق المجتمع كله حاكمه ومحكومه. [11]

ومدار هذه القصص مغامرات يقوم بها جميعاً بطل واحد تنتهي في معظمها إلى جواز حيلة البطل على الناس، وبلوغه ما يطمع فيه من تكسّب، وإلى جانب البطل الواحد في كل هذه المغامرات يقف راوية واحد، ينقل لنا أخبار هذه المغامرات. وفي ثنايا العرض لهذه المقامات تبدو ألوان من الطرافة والطرب والنقد الاجتماعي والأدبي والأحاديث اللغوية والوصف والمديح والهجاء، وما إلي ذلك من فنون القول. وما أكثر ما تزخر؛ هذه المقامات من الفوائد اللغوية، والمفردات الغريبة، والتعبيرات الطريفة، والمحسنات اللفظية. فلقد حمَّل الكُتاب في ذلك العصر النثر ما كان مقصوراً من قبلهم على الشعر، فأصبحنا نجد في المقامات موضوعات المديح، والهجاء، والوصف، والفخر، والغزل، وزركشوا النثر بالمحسنات البديعية والصور البيانية من الاستعارة، والتشبيه، والصور الخيالية.[12]وبذلك انعدمت الحواجز التي كانت تفصل بين عالمي النثر والشعر، فالنثر يتطرق إلى موضوعات الشعر والشعر يتطرق إلى موضوعات النثر.

معنى كلمة مقامة:

أولاً: المعنى اللغوي:

يقول ابن منظور: "والمقامة بالضم الإقامة يقال أقام الرجل إقامة ومقامة، ومقامة كالمقام، والمقام بالفتح والضم قد يكونان للموضع". فالمقامة هي المجلس، ومقامات الناس مجالسهم.[13]

وعرفت لفظة مقامة في العصر الجاهلي بمعنيين؛ المجلس والجماعة التي تجلس في المجلس،[14] مثل قول زهير :

وفيهم مقامات حسان وجوهها               وأندية ينتابها القول والفعل

وقول لبيد:

ومقامة غلب الرقاب كأنهم                 جن لدى باب الحصير قيام

وفي العصر العباسي استعملت الكلمة استعمالاً أدبياً، يقول إبراهيم بن المدبر(من أدباء القرن الثالث الهجري): "وانظر في كتب المقامات والخطب". والكلمة هنا بمعنى الحديث الأدبي المكتوب، والحديث الذى يلقي في المجلس.[15]

ثم أصبحت تعنى المجلس الذى يقوم فيه شخص بين يدي خليفة أو غيره ويتحدث واعظاً. ثم تطورت وأصبحت تعنى المحاضرة، فتخلصت الكلمة من معنى القيام، وأصبحت تدل على حديث الشخص في المجلس، وبهذا المعنى استخدمها بديع الزمان في المقامة الوعظية.[16]

يرى كارل بروكلمان أن مفهوم الكلمة قد تطور بتطور الحياة واتخذت سمتاً دينياً، فصارت تعنى مجلساً يقوم فيه شخص بين يدي الخليفة أو الأمير حيث يلقي خطبة وعظية ثم صارت تقرن بالشعر، وبالأخبار الأدبية، وذكر الوقائع، والأيام فصارت تستعمل بمعنى المحاضرة، ولكنها في القرن التاسع الميلادي تهبط من مستواها الرفيع إلى مستوى الكدية والاستجداء بلغة مختارة.[17]

فالمقامة صدى من أصداء الحضارة والاستقرار، فبعد أن ترك العرب حياة البداوة وخاضوا غمار الحضارة ، وكثرت مباهج حياتهم وسوامرهم ومنتدياتهم. ظهرت المقامة تواكب هذا التطور في الفكر العربي والحياة العربية، حيث كان انتقالهم وترحالهم وعدم استقرارهم حائلاً دون ظهور القصة على الرغم من غني الصور الفنية عندهم، حتى شغفوا بضرب أمثالهم حباً في الإيجاز ورغبة عن الإطناب والإسهاب، ومع اختلاطهم بشعوب الفرس والروم أصبحوا في رغد من العيش فألفوا قصصاً مُزخرفة بالبيان والبديع، وهو أمر جديد على الأدب العربي.

ثانياً: المعنى الاصطلاحي:

يعتبر بديع الزمان  أول من أعطى كلمة مقامة معناها الاصطلاحي، إذ عبر بها عن مقاماته المعروفة. وهي عبارة عن أحاديث تلقى في جماعات،  وعادة ما تصاغ هذه الأحاديث في شكل قصص قصيرة، يتأنق في ألفاظها وأساليبها ويتخذ لقصصه جميعاً راوياً واحداً هو عيسي بن هشام، كما يتخذ لها بطلاً واحداً هو أبو الفتح الإسكندري الذى يظهر في شكل أديب شحاذ لا يزال يدهش الناس بمواقفه وما يجرى على لسانه من فصاحة في أثناء مخاطبتهم.[18]

ومن العرض اللغوي لمعنى مقامة يتبين لنا وجود محاور دلالية أساسية، انطلق منها مصطلح المقامة ليدل على شكل أدبي بعينه عرفته الحضارة العربية الإسلامية وقدمته إبداعاً أصيلاً مميزاً لها وللثقافة الإنسانية كلها، فهناك المكان والجماعة وشخص قائم قائل في هذه الجماعة، فهي إذن قصص قصيرة أنيقة الأسلوب موضوعة على لسان رجل خيالي تنتهي بعبرة أو موعظة أو نكتة أو هي قصة قصيرة تروي خبراً نامياً في ذاته عن بطل محتال في لحظة من لحظات حياته [19].

ولكن المقامة ليست قصة كاملة الأركان، بل حديث أدبي بليغ، وهي أدني إلى الحيلة منها إلى القصة فليس منها من القصة إلا الظاهر فقط أما في حقيقتها فهي مُتخيلة، إذ إن العقدة ظهرت في المقامات ولكن بشكل غير واضح، فالمشكلات المعروضة في المقامات لم يكن هناك جهد في حبكتها وبالتالى لم يكن لها حل، ومن ثم فإن القارىء من السهل عليه أن يحيط علماً بنهاية المقامة منذ المقدمة قبل بلوغ الخاتمة.[20] لذلك من الصعب أن نطلق على

المقامة كلمة "قصة" وإنما هي حديث أدبي بليغ يدور حول الحيلة تروى بأسلوب أنيق، الغرض الأساس منها إظهار فصاحة كاتب المقامات وبلاغته وتعليم تلاميذه أساليب اللغة العربية المنمقة في إطار مشوق. ومن هنا جاءت غلبة اللفظ على المعنى في المقامة فقد كانت المقامة منذ بدايتها تتجه نحو بلاغة اللفظ والحلية اللفظية. وكان السجع كل ما لفتهم من جمال في اللغة وأساليبها، وكانت ألوان البديع كل ما جذبهم إليها.

وهناك رابط واضح بين العنصر القصصي المعتمد على لغة شفهية مسجوعة ذات إيقاع، وجرس مؤثر، وإمكانات صوتية، وتركيبية من جهة، وما رسخه القرآن الكريم من مفهوم استخدام القص في التعبير الاجتماعي، كما جاء في قوله تعالى: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ " وقوله تعالى "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابَ״[21] ، بالإضافة إلى وجود العنصر القصصي في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم). فالقص الوعظي المرتبط بقاص يتصدر الجماعة ويقوم فيها أو قاص شعبي يمزج بين الواقع والخيال للاستحواذ على اهتمام العامة بلغة لا تخلو من زخرف لفظي كان معروفاً في الأمصار الإسلامية بعد الفتح[22]، والمرجح كذلك أن تقليد اختيار بطل وراوية للمقامات جاء من السند، الذى كان تعنعن به الأحاديث الشريفة حتى يثبت به صحيحها.[23]

بديع الزمان الهمذاني والمقامات:

أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيي الملقب بلقب بديع الزمان. ولد في همذان- وهي مدينة جبلية في إيران- سنة (358هـ-937م)ـ وتوفي) 398هـ- 977م)، وقد ألف البديع مقاماته في أثناء نزوله بنيسابور، وكان يختم بها دروسه على الطلاب وقد أنشأ مقاماته معارضة لأحاديث ابن دريد.[24]

وكان القرن الرابع الهجري الذى ولد فيه بديع الزمان قرن النهضة العلمية والأدبية، وقرن التأنق في الأسلوب والتعمق في المعاني وكانت همذان تموج بحركة علمية وأدبية.

وقد اختار البديع لمقاماته بطلاً هو أبو الفتح الإسكندري وراوياً هو عيسي بن هشام وكلاهما شخصيتان خياليتان، من صنع البديع. وشخصية الراوي مهمة في القصص الشعبي لأنها تشيع جواً واقعياً ، كما أنه يمهد لظهور البطل ويتابعه حيثما وجد، وفي كل ذلك يغير طريقة التقديم فيجعلها الصدفة أو المناسبة أو ما إلى ذلك. كما أن ابن هشام يتخذ من الغربة والتجوال مدخلاً يتخلص منه إلى المناسبة أو إلى المكان الذى يلتقي فيه بالاسكندري حيث تدور أحداث مقامته.[25] وأكثر موضوعات مقامات البديع تدور حول الكدية والاستجداء، إذ يظهر أبو الفتح الإسكندري في شكل أديب شحاذ يخلب الجماهير ببيانه العذب ويحتال بهذا البيان على استخراج الدراهم من جيوبهم. وهو يتراءى بهذه الصورة في بلدان مختلفة، ولعل هذا ما دفع بديع الزمان إلى أن يسمى المقامات بأسماء البلدان، وقد يترك ذلك ويسمى المقامة باسم الحيوان الذى يصفه كالأسدية أو باسم الأكلة كالمضيرية نسبة إلى أكلة المضيرة[26]. وأحياناً يسميها باسم الموضوع الذى يعرض له كالوعظية، لأنها تدور حول الوعظ والقريضية لأنها تدور حول القريض والشعر والمقامة الإبليسية[27] والملوكية، لأنها تتصل بملك هو خلف بن أحمد وهكذا.[28] والهدف منها كلها رصف العبارات الأدبية المنمقة، وكأن الشكل القصصي ليس هدفها فهي إنما تتخذه خيطاً ينسج حوله هذا الوشى من الأساليب المسجوعة.

كما كان هدف الهمذاني من تأليف المقامات هو إصلاح المجتمع عن طريق عرض مشكلات مختلف الطبقات بأسلوب مزينٍ بالسجع والمحسنات، حيث كان السجع هو الطابع السائد في نثر القرن الرابع الهجري.[29] فمثلاً في المقامة النيسابورية أعطانا صورة دقيقة لفساد القضاء والقضاة في عصره، فالقاضى فيها ممن يأكلون أموال الناس بالباطل ويمضغ حق الضعيف والفقير. كما تتخلل المقامات صور مختلفة عن حياة الناس المعاصرين له وأطعمتهم وأكسيتهم وخمرهم ولهوهم وسلوكهم ونفاقهم، وكل ذلك شاهد ناطق بأن مقامات البديع تمثيل لمجتمعه.[30] وقد خاضت مقامته الصراعات المذهبية والمناقشات الكلامية، وكان العصر يزخر بهذه المناقشات بين أهل السنة والمعتزلة وغيرهم وثار الجدل حول مسألة خلق القرآن، وكان

بديع الزمان ضد مذهب المعتزلة ينتهز كل فرصة للتشهير بهم والطعن في آرائهم ويتجلى هذا في المقامة المارستانية.[31]

وضعت مقامات البديع في شكل حوار قصصي بين عيسي بن هشام وأبي الفتح الإسكندري، والحوار يأتي على الهامش ، فالقصد الأول هو صياغة ألفاظ من الكلام مصبوغة

بالمحسنات الفنية التي سادت عصره، ومن أشهرها السجع، فالأصل عنده السجع وسبيله إلى ذلك البديهة الحاضرة والذكاء الحاد والإلمام باللغة ومترادفاتها وأبنيتها واستعمالاتها المختلفة، فجاء جناسه متناسقاً ومتجانساً وعذباً، لأن البديع لجأ إلى السجع القصير فأحكم قوالبه وضبط أنغامه. ومن يرجع إلى مقامات البديع يلاحظ فيها كثيراً من اللفظ الغريب يحشو به أساليبه، ولعل المقامة الحمدانية أكثر المقامات ألفاظاً مهملة وحوشية غير مسموعة، فقد عنى فيها بوصف الفرس وعرض فيها كل محصوله اللغوي من هذا الوصف وكأنه يؤلف متناً في غريب الفرس. كل هذا مع مسحة من الفكاهة تتخلل مقاماته لتجعلها أكثر قبولاً لدى النفس. كما يُضمن البديع مقاماته كثيراً من الشعر والأمثال وآيات القرآن الكريم.

الحريري والمقامات:

هو أبو محمد القاسم بن على بن محمد بن عثمان الحريري البصري الحرامي، ولد لأسرة عربية سنة( 446هـ- 1025م) بضاحية من ضواحي البصرة تسمى مشان، وتوفي عام (516هـ- 1096م)،[32] قضى فيها فترة صباه ثم ذهب إلى البصرة، ونزل بحي فيها يسمى حى بني حرام، وأكب على الدراسات الدينية والعلوم اللغوية والنحوية، ولذلك أصبح حاذقاً في جميع هذه العلوم، وكان يتمتع بذكاء وفصاحة جذبت إليه الأنظار.[33]

ويري البعض أنه ألف مقاماته لأنوشروان بن خالد وزير الخليفة المسترشد (512- 529هـ) (1091-1108م) والبعض الآخر يري أنها لابن صدقة أو لشرف الدين وزير الإمام المسترشد بالله وأخيراً للخليفة نفسه المستظهر(487-512هـ) (1066-1091م).[34]

وخلف الحريري بجانب المقامات ديواناً في الشعر ومجموعة من الرسائل، كما خلف كتباً في النحو واللغة، من أشهرها كتاب "درة الغواص في أوهام الخواص"، وفيه يتعرض لأخطاء الأدباء وأغلاطهم في استعمال الألفاظ والأساليب.[35]

وقد كان الذوق الأدبي ما زال على عهده في أيام بديع الزمان، فالأديب الفذ من يحيد عن طريق الترسل والانطلاق على السجية ومن يلغز ويبهم ويأتى بالصعب والجديد الذى لا يستطيعه إلا القليل النادر. والأدب الذى يستحوذ على الإعجاب هو ما التزم السجع وتكلف المحسنات، وهكذا اجتهد الحريري أن تأتي مقاماته محققة ما يعجب عصره مشتملة على الأفانين والألغاز التي تعجز أقرانه ومنافسيه.[36]

أول ما ألف الحريري ألف أربعين مقامة فاستحسنها الناس وتداولوها واتهمه بعض الحساد أنها ليست من عمله وطالبوه بأن يؤلف مقامة جديدة ليثبت صحة قوله. فذهب إلى البصرة مغموماً وظل فترة قريحته خامدة ثم عاد وقد ألف عشر مقامات جديدة، حينئذ سلموا له واعترفوا بفضله.[37] وقد اختار لها بطلاً هو أبو زيد السروجي، وراوية هو الحارث بن همام. واتفق الرواة على أن الحارث شخصية خيالية أما أبو زيد فقالوا أنه شخصية حقيقية،[38] ولكنه لا يعدو عن كونه شخصية خيالية مثلها مثل أبي الفتح عند البديع.

وقد ألف الحريري مقاماته معارضة لمقامات بديع الزمان، فقد رأى الحريري أن الشعر والكتابة يشاركه فيهما الكثيرون، فعمد إلى كتابة المقامات ليحتل مكانة مشابهة للمكانة التي احتلها بديع الزمان، وقد اعترف الحريري بتواضع جم بأنه اقتفي أثر البديع، فيقول في مقدمته:" فإنه قد جرى في بعض أندية الأدب ذكر المقامات التي ابتدعها بديع الزمان، فأشار من إشارته حكم وطاعته غنم إلى أن أنشىء مقامات أتلو فيها تلو البديع وأن لم يدرك الظالع شأو الضليع". ومن هذا الاستشهاد السابق نستنتج أن بعض الحكام والأثرياء هم من حثوا الحريري على تأليف المقامات.[39]

أما عن وجهة الحريري من المقامات فهي كوجهة البديع ، حيث كان يُولى العناية اللفظ لا المعني، ففي مقامته الأولى "الصنعانية"  نجده يعرفنا على راويته الحارث بن همام الذى يلتقي بواعظ بليغ يتلاعب بألفاظه المسجوعة ليصنع موسيقي تشنف الآذان، ثم يتبعه داخل مغارة فيعرفه أحد تلاميذه بأنه "أبو زيد السروجي، سراج الغرباء وتاج الأدباء". ثم يطوف هذا البطل البلاد مستجدياً بالحيلة ومتجسداً في شخصيات مختلفة، ثم ينهي مقاماته بإعلان توبته وارتداء لباس التصوف، ويفترق عنه الحارث بن همام. وبذلك تنتهي المقامات خير نهاية بالفراق والتوبة كما بدأت بالتعرف على الراوي والبطل. وبذلك صنع الحريري من مقاماته شكل بناء متكامل له بداية ونهاية. 

وموضوعات المقامات عند الحريري تركزت في الكدية والوعظ الذى ينصب في عشر مقامات. أما ما ميز الحريري حقاً فهو بلاغته غير المعهودة، مثل المقامة السادسة التي أدهشنا فيها برسالة يشرح فيها حاله والتزم فيها بأن تكون حروف إحدى كلمتيها منقوطة وحروف الثانية غير منقوطة، مثل: "الكرم ثبت الله جيش سعودك يزين، واللؤم غض الدهر جفن حسودك يشين". ثم يتحفنا في مقامته السادسة عشر بلعبة فنية أخرى، وهي "مالا يستحيل بالانعكاس" كقولك "ساكب كاس"، فإنه يمكن أن تقرأ طرداً وعكساً فلا تتغير حروفها. وكذلك المقامة القهقرية، فهي ذات وجهين ، إن شئت قرأتها من اليسار إلى اليمين وإن شئت عكستها، وهي مجموعة من الحكم أخرجها في مائة كلمة مثل :"الإنسان صنيعة الإحسان" فأنت تستطيع أن تعكس هذه العبارة وتقرأها "الإحسان صنيعة الإنسان". وفي المقامة الرقطاء التي تتوالى حروفها بالتبادل بين الإعجام والإهمال، أو بين النقط وعدم النقط، فيقول فيها: "أخلاق سيدنا تحب، وبعقوته يلب، وقربه تحف، ونأيه تلف، وخلته نسب...". وفي المقامة السمرقندية يخطب في الناس خطبة كل كلماتها غير منقوطة فيقول "اعملوا رحمكم الله عمل الصلحاء، واكدحوا لمعادكم كدح الأصحاء، واردعوا أهواءكم ردع الأعداء..." وهكذا دواليك في مقامات عديدة وكأنه يتحدى نفسه ليأتى كل مرة بما هو أفضل من المرة السابقة. بل ولم يكفه هذا النموذج  فأضاف إليه نموذجاً آخر يقوم على التجنيس الخطي، بحيث لو حذفت النقط منها تراءت متماثلة تمام التماثل من مثل قوله:

زينت زينب بقد يقد                 وتلاه ويلاه نهد يهد

فهو يضيق على نفسه في اصطناع الجناس إذ يلتزمه في مطلع البيت وفي نهايته، كل ذلك ليدل على تفوقه. ولم يلبث أن أوغل في الغريب فأنشد أبياتاً لما يشكل من الكلمات ذوات السين وأخرى لما يجرى على السين والضاد وتمادى في مسائل لغوية عسيرة. فقد شاعت في هذا العصر الألغاز بالكلمات ووصف الأشياء لامتحان ذكاء السامع، ولعل هذا ما جعل الحريري يخص الألغاز بثلاث مقامات هي: المقامة السادسة والثلاثون والثانية والأربعون والرابعة والأربعون في وصف الدينار والإبرة والميل فقد أُلّفَت لامتحان الذكاء واستخراج المعاني الخفية. كما خص الحريري أيضاً بعض مقاماته للنحو والفقه.[40]ونقد بعض أحوال المجتمع مثل العلماء الذين لا يفتون إلا بمقابل ولا ينفعون بعلمهم إلا من رزقهم أطايب الطعام وأحاسن المال واللباس مثل المقامة الفرضية ومعاناة الأديب أو صاحب العلم عموماً، فالأدب مهما كان قدره لا يزين صاحبه إذا كان فقيراً، مثل المقامة البكرية. كما تعكس المقامات بعض أخلاق العامة ومعتقداتهم مثل إيمانهم بالغيبيات والتمائم، مثل المقامة العمانية.[41]

لكن الغاية القصصية أيضاً عند الحريري بعيدة فالغاية عنده إظهار مقدرته البلاغية ليلائم عصره، عصر العقد البلاغية. ولذا فقد خضع الحريري في سجعه لألوان البديع وللجناس خاصة. فأسلوب الحريري هو الأسلوب الذى يلزم ما لايلزم والسجع الملتزم في كل المقامات، ويأتى الجناس الناقص في المرتبة الثانية ثم الجناس التام في المرتبة الثالثة، ولا تكاد تخلو مقامة من مقامات الحريري من الازدواج وكثيراً ما يجمع بين الازدواج والسجع كقوله في المقامة البغدادية: "لا أبذل الحر إلا للحر، ولو أني مت من الضر، وقد ناجتني القرونة، بأن توجد عندكم المعونة"[42]. ولكنه كان من الذكاء أن يجعله خفيفاً لا يضيق به قارئه وطبعه بطابع فكاهي، مثل المقامة التي يتخاصم فيها أبو زيد وزوجته أمام القاضى (المقامة التبريزية).

المقامات في الأندلس:

كان لاتصال المد الثقافي بين المشرق والمغرب دور مهم في انتقال الفن المقامي، بجانب فنون أخرى، إلى الأندلس. فقد لعبت رحلات الأندلسيين إلى المشرق دوراً أساسياً في وقوفهم على هذا الجنس الأدبي ثم إن المشارقة الوافدين إلى الأندلس، طلباً للمجد والشهرة العلمية والأدبية، دعموا ركائز هذا الفن الجديد. ومنذ القرن الخامس الهجري بدأت بدايات المقامة تظهر في بلاد الأندلس، وكان لمقامات بديع الزمان الهمذاني، وما تمثله من بدايات لفن المقامة في المشرق، السبق في الانتقال إلى الأندلس.

وكان "ابن شهيد" أول من تأثر من أهل الأندلس بالمقامات  في رسالته "التوابع والزوابع"، فقد نقلنا فيها إلى عالم الجن وأوديته ليلتقى بتوابع الشعراء والكُتاب من أهل عصره وسابقيه حيث أدار بينهم محاورات وأحاديث شتى استطاع من خلالها أن ينقل إلينا كثيراً من آرائه الأدبية وكذلك يسخر من أدباء عصره سخرية لاذعة. وقد كان ابن شهيد في تلك الرسالة متأثراً بالمقامة الإبليسية لبديع الزمان.[43]

ويعود السبب في إقبال الأدباء على "فن المقامة" في الأندلس إلى حاجتهم إلى قالب فني-غير الرسالة- يصبون فيه مشاهداتهم ورحلاتهم، ولم تكن القصة والمقالة قد ظهرت بعد فوجدوا ضالتهم في المقامة. وما أدب الرحلات الذى ظهر في المقامات الأندلسية إلا ضرب من المقالات الوصفية أو قصص المشاهدة التي تقوم على الحكاية.[44]

وقد تعددت أغراض المقامة في ذلك العصر، ولم تعد قاصرة على مجرد الاحتيال لأجل التكسب والوعظ والإرشاد بل ظهرت مقامات للنقد وأخرى للتهكم والسخرية وكذلك المدح والوصف والشكوى والاعتذار، ومن هنا فقد اختلفت المقامات الأندلسية عن المشرقية في كونها أصبحت وصفاً للرحلات والتنقلات في بلاد الأندلس أو بعض الموضوعات الشعرية كالغزل والمدح، ومن هنا أصبحت المقامة الأندلسية أقرب إلى القصة.[45]

حتى البناء الفني للمقامات اختلف فقد قامت المقامة الشرقية على ثلاثة أضلاع:البطل والراوي والكدية، ولكن في الأندلس اختفت من بعضها الكدية والحيلة المقترنة بها كذلك اختفت شخصيتا البطل والراوي وجمعهما عنصر واحد هو قائل المقامة نفسها. كما أن المقامة الشرقية اعتادت البدء بعبارة "حدثنا..." بينما المقامة في عصر ملوك الطوائف في الأندلس كان لها بدايات أخرى، مثل ذكر المكان والزمان أو البداية الشعرية، مثل حفص عمر بن الشهيد الذى بدأ مقاماته بذكر صناعة الكتابة وأهميتها وصفات العاملين بها.[46]

اليهود في الأندلس

سيطر الأندلسيون المسيحيون في القرن الحادى عشر والثاني عشر على قطاعات كبيرة من الأندلس ولكن ثقافة المحتلين لم تؤثرعلي تلك القطاعات، وظلت الريادة فيها للثقافة العربية.[47] وكان اليهود يتمتعون بمكانة مهمة في الأندلس، فعلى سبيل المثال تقلد الطبيب اليهودي "شلومو المعلم" "שלומו אלמעלם" من أشبيلية  منصب وزير في بلاط الخليفة الثاني من خلفاء المرابطين، وكذلك كان رابي "حسداى أبو يوسف بن شبروط" "חסדאי אבו יוסף בן שפרוט" وزيراً بالإضافة إلى كونه طبيباً ومترجماً. وأيضاً "شموئيل هناجيد" ""שמואל הנגיד" . ثم توجه ولاء اليهود للمسيحيين بسبب تعصب الموحدين، فتولوا المناصب المهمة في فترة حكمهم للأندلس[48] والسبب وراء ذلك أن هؤلاء الحكام أدركوا الدور الاقتصادي المهم الذى يلعبه اليهود في ذلك الحين،  ولقد وجدت في سجلات الملوك الأندلسيين شهادات مالية تخص الدولة وعليها توقيع عبري. كما شكل أصحاب الحرف من اليهود مكانة مهمة  في الاقتصاد ولكن قوة وضعف الطائفة اليهودية في الأندلس، سواء في عهد الحكم الإسلامي أو المسيحيي، كانت تعتمد على مدى قرب أو قوة اليهود في بلاط الملوك.[49] وفى هذا العهد المسيحي أصبح لليهود أحياء كبيرة للتجارة والسكن بل وشارك اليهود في إعادة البناء والإعمار فشغلوا المناصب المهمة فكان منهم الأطباء والمترجمين ورجال المال والتجارة  كما كانوا ناقلين للثقافة والفلسفة العربية اليونانية إلى العالم المسيحي، ولذلك كانت أوضاع اليهود في الأندلس أفضل بكثير منها في كافة الأقطار الأخرى في أوربا.[50]

ونتج عن هذا الرغد من العيش الذى تمتع به اليهود سواء في عهد المسلمين أو المسيحيين، ظهور ثقافة يهودية عظيمة وازدهارها على مدى خمسة قرون منذ منتصف القرن العاشر وحتى نهاية القرن الخامس عشر. وجاءت بداية تكون مركز يهودي أندلسي مع تدهور مكانة الجاءون[51] وسلطته في بغداد وضعف سيطرة المراكز الدينية في الشرق. ومن هنا كانت

السيطرة الدينية الصارمة في بغداد أقل بكثير مما هي عليه في الأندلس لأن اليهود انفتحوا كثيراً على العالم وخاصة العالم العربي بعد الانغلاق الذى مارسته المؤسسة الربانية في بغداد. كما أن الصراع في الشرق، كان في الأغلب، صراعاً دينياً بين القرائين والربانيين لذلك كانت معظم الأعمال الأدبية في الشرق مختصة بالمجالات الدينية والفلسفة  وكتب الجدل، وخير مثال على ذلك كتابات سعديا جاءون "סעדיה גאון" (303-363هـ)(882-942 م) الذى أخرج الأدب الرباني من جموده. أما في الأندلس فقد بدأ عهد جديد حيث أصبح الرجل الذى يحظى بتقدير المجتمع، ليس الرجل الفقيه، كما كان الأمر في بغداد والشرق بل رجال البلاط والأطباء والأثرياء الذين يملكون قدراً من الثقافة في أمور عديدة، فكان يملك  حكمة الدين والثقافة الدنيوية. فطرأت تغيرات هائلة على الثقافة اليهودية، فظهرت أنواع أدبية جديدة حتى في الموضوعات اللغوية وتفاسير العهد القديم، ونشأت مدرسة جديدة للشعر الدنيوي وحتى الشعر التقليدي لحق به التطور. كما تطور الفكر اليهودي متأثراً بالفلسفة العربية الممتزجة بالفكر الأرسطي والأفلاطوني. وكُتبَت أبحاثُ علمية غاية في الدقة في مجال الفلك والطب والحساب.[52]

وقد شهد الشعر العبري في الأندلس طفرة غير مسبوقة، وخاصة في المجال الدنيوي، حيث كان الشعر في أغلبه، قبل فترة الأندلس، شعراً دينياً، وظهر هذا التقدم جلياً في اللغة والبلاغة، بالإضافة إلى أغراضه . وكان هذا بسبب إعجاب اليهود باللغة العربية وثقافتها، فبدأ اليهود في اختراع أوزان شعرية جديدة ملائمة للموضوعات الجديدة التي طرأت على الشعر العبري، متأثرين بأوزان وقوافي الشعر العربي، ويعود السبق فى هذا لدوناش بن لبراط[53] "דונש בן לברט". ولذلك لن نبالغ إذا قلنا أنه شعر عربي، كتب بلغة عبرية مقرائية، فكانت لغته عبرية في قالب عربي.[54] 

ثم طرأ تغير جديد على الأدب العبري في مجال النثر، فبدأ الكُتاب اليهود يكتبون نثراً عبرياً للتعبير عن أفكارهم، وساعدهم على هذا كتب النثر العربية التي ترجمت في تلك الفترة، إلى أن ظهر في القرن الثاني عشر أهم نوع نثرى في هذه الفترة على الإطلاق، وهو المقامة، تأثراً بمقامات الهمذاني والحريري. وكان الهدف من هذه المقامة في الأغلب السخرية، وخاصة السخرية الأخلاقية، وكانت موجهة لجمهور عريض ومتنوع أكثر من الجمهور الذى يوجه إليه شعر القصور.[55]

المقامة عند اليهود

المقامة في العبرية מחְבֶרֶת وجمعها מֵחְבָרות، تقابل مصطلح "مقامة" في العربية وجمعها مقامات. والمعنى في العهد القديم: الوصل والرباط[56]. وفي العصر الوسيط استخدمت للدلالة على "كُتَيَب" " ספר קטן"، أو مجموعة من الأوراق على هيئة كتيب صغير.[57] ثم أصبحت الكلمة مرادفة لكلمة مُؤلَّف في العربية، مثل معجم مناحم بن سروق " מַחברת מנחםومعجم سليمان فرحون " מַחברת הערך".

واستعملت كلمة "مقامة" "מחְבֶרֶת" للدلالة على القصص البديعة المكتوبة بالنثر المسجوع الممزوج بالشعر الموزون، وهي شكل خاص في العبرية بدأ في القرن العاشر وازدهر في الأدب العبري في القرن الثاني عشر الميلادي بالأندلس.[58]

ثم انتقل هذا الفن إلي الأندلس وكانت تلك الفترة فترة ازدهار للأدب العبري وخاصة في مجال الشعر، فأراد أدباء اليهود إثبات مقدرتهم على خوض هذا المجال الفنى الجديد  ومن ناحية أخرى إثبات مقدرة اللغة العبرية على التجدد والاستمرارية وذلك عن طريق استخدامها في  تأليف مثل هذا الفن الفريد مما يبرهن على عظمتها وقدسيتها.

وأول من أنشأ مقامة في العبرية، في النصف الأول من القرن الثاني عشر، هو سليمان بن صقبل " שלמה אבן צקבל "[59]، وعنوانها "נאם אשר בן יהודה" (حديث اشير بن

يهودا)، والمقامة يرويها فتى اسمه اشير بن يهودا عن المكيدة التي تعرض لها على يد صديقه "العدولامي" عندما تنكر في صورة فتاة جميلة فوقع اشير في غرامها ولكن "العدولامي" يكافئه بتزويجه من ابنته الجميلة[60].

والقصة مأخوذة من الأدب العربي، فهي قصة الخياط الأحدب في ألف ليلة وليلة[61] ثم أخذها الحريزى في مقامته العشرين. 

وبعد ابن صقبل يأتى يوسف بن زباره "יוסף בן זבארה" وكتابه "ספר שעשועים" (كتاب الفكاهة). وولد ابن زباره عام (651هـ-1140م) في برشلونه وعاش فيها طبيباً وشاعراً وعاصر الرحالة بنيامين الطليطلي "בנימין מטודילה"  والحريزي ويهودا بن تيبون ""יהודה בן תיבון" والنحوي يوسف قمحي "יוסף קמחי" ويعقوب بن العازار "יעקב בן אליעזר" مترجم كليلة ودمنة.[62]

وألف ابن زباره "كتاب الفكاهة" على شكل كتاب وليس مقامات، وقد تضمن الكتاب معارف علمية في مجال الطب والطبيعة وعلم النفس وخلط فيه بين الواقع والخيال.[63] ويظهر

فيه أثر المقامة الأبليسية لبديع الزمان الهمذاني، في تمثل الشيطان في صورة بشرية للإنسان. كما أن وجه التشابه بين كتابه ورسالة ابن شهيد (التوابع والزوابع) واضح للغاية في طريقة عرض مشكلاتهم، حتى وإن بدت مختلفة، في التعريض بحسادهم ومعارضيهم.

وهناك أيضاً يهودا بن شبتاى "יהודה אבן שבתי" (586-646هـ)(1186- 1225م) صاحب كتاب "מנחת יהודה שונא הנשים" (قربان يهودا عدو النساء).

وقد لد في أسبانيا المسيحية وهو من أهم من أدخلوا فن المقامة للأدب العبري. وتدور مقاماته حول صفات النساء سلباً وإيجاباً، والغرض منها الفكاهة والتسلية. وقد كتب ابن شبتاى مقامات أخرى ولكنها لم تنل ما نالته مقامته الشهيرة (قربان يهودا عدو النساء).[64]

وجاء بعد الحريزي عمونئيل الرومي "עמונאל הרומי"[65]، الذى ولد في النصف الثاني من القرن الثالث عشر)، الذى قلد الحريزي وأكنّ له كل تقدير وقال عنه في مقامته التاسعة:"ראיתים ושמעתם ועל גרגרותי ענק ענדתים אין ערוך אליו בשירות ובמליצה והוא לבדו במשוררי הזמן נרצה" (رأيتم وسمعتم وعلى عنقي وضعته قلادة ، فلا يوجد من يضاهيه في الشعر والبلاغة. وهو الوحيد في شعراء عصره  مرغوب).[66]

يهودا الحريزي "יהודה אלחריזי" 

هو يهودا بن سليمان الحريزي الطليطلي[67]، ولد في طليطلة فيما بين(586-591هـ) (1165- 1170م)، وتوفي قبيل عام (656هـ-1235م) في بروفانسا.

وقد كانت الطائفة اليهودية في برشلونة كبيرة وذات باع طويل في التجارة وتتمتع بحركة ثقافية نشطة، ولذلك أطلق عليها الحريزي في "تحكموني[68]  "עיר הנשאים וראשי הקרואים" (مدينة الرؤساء وعلية القوم)، ووصفها الرحالة اليهودي بنيامين الطليطلي "בנימין מטודילה" بأنها "مدينة جميلة وبها حركة تجارية نشطة، وطائفتها متدينة، وأفرادها حكماء فطناء ومن علية القوم"[69].

وقد استمدت بروفانسيا، التي عاش بها الحريزي، ثقافتها الروحية من الثقافة العربية، لذلك سادت بها روح التسامح الديني وازدهر بها الأدب والفن وخاصة الشعر. كما راجت

بها حركة التجارة والصناعة لقربها من البحر،عن طريق الجنوب والشرق، ومن اليابسة عن طريق الشمال.[70]

ولم تقتصر الحركة الثقافية عند اليهود في الأندلس على الديانة اليهودية، فقد تغلغلت إليها الثقافة الأندلسية، وأصبحت بروفانسيا في القرن الثاني عشر مركزاً مهماً للثقافة العبرية

التلمودية الربانية وكذلك العلمية العلمانية. وكانت العقبة أمام انتشار الثقافة العبرية الأندلسية هو عدم معرفة اللغة العربية التي أُلف بها معظم كتب الفلسفة والحكمة وكذلك بعض كتب الشريعة. ومن هنا ظهر المترجمون من اللغة العربية إلى اللغة العبرية. وبدأ هذا العمل رابي ابراهام بن عزرا "אברהם בן עזרא" بترجمته إلى العبرية كتب حيوج "חיוג" وابن جناح "בן גנאח". ورابي يوسف بن يتسحاق "יוסף בן יצחק"( 531-591هـ)(1110- 1170 م) [71] الذى ترجم للعبرية كتاب الأخلاق الفلسفي "חובות הלבבות" (فرائض القلوب) لبحيا بن فاقودة "בחיי אבן פקודה". وإلى جانب عائلة قمحي كانت هناك عائلة تيبون، وعلى رأسهم رابي يهودا بن شاؤل بن تيبون ""ר׳יהודה בן שאול בן תיבון"(541-611هـ) (1120-1190م) الذى ترجم إلى العبرية كتاب "الأمانات والاعتقادات" لسعديا جاءون وكتاب "תקון מדות הנפש" (إصلاح خصال النفس) لابن جبيرول وكتاب "חובות הלבבות" لبحيا بن فاقودة وكتاب "הכוזרי" (الخوزري) ليهودا اللاوي "יהודה הלוי"  وكتاب "ספר הדקדוק" (كتاب النحو) لابن جناح. ثم أوصى ابنه شموئيل أن يتعمق في دراسة اللغة العربية ليترجم إلى العبرية كنوزها الثقافية، فترجم جزءاً من تفسير رابي موسى بن ميمون للمشنا وكتاب "دلالة الحائرين". وقد قام آل تيبون في ترجماتهم بخلق أسلوب فلسفي علمي، كما شكلوا مجموعة من المصطلحات أثرت اللغة العبرية، فأصبحت صالحة للتعبير عن الفكر الفلسفي والمنطقي.[72]

وهناك أيضاً الشاعر إبراهيم الحريزي "אברהם אלחריזי"، وكان معاصراً ليهودا اللاوي "יהודה הלוי"، وأغلب الظن أنه جد الحريزي. كان من أعظم المترجمين في عصره لمعرفته الجيدة باللغتين العربية والعبرية فاستطاع نقل ما وصل إلي يده من الأدب العربي إلى اللغة العبرية بلغة صحيحة وبليغة.[73]

وكذلك بدأ الحريزي عمله بالترجمة، ونظراً لتمكنه من اللغة العبرية ومعرفته الجيدة باللغة العربية وتعمقه في التلمود، قام بترجمة كتاب "آداب الفلاسفة" لحنين بن اسحاق، وعملين من أهم أعمال موسى بن ميمون هما: "تفسير المشنا"و "ودلالة الحائرين". وقد تميزت ترجمة الحريزي بأنها بسيطة وسهلة، وهذا ما جعل ابن تيبون "בן תיבון" ينقده لأنه قلل من قيمة هذا العمل الفلسفي المهم وبسَّطه للعامة بما ينافي مضمونه.[74]

وقد حدد الحريزي ثلاثة أسس لازمة لأى مترجم وهي:[75]

1-معرفة سر اللغة التي سينقل منها.

2-معرفة سر اللغة التي سينقل إليها.

3-وسر الحكمة التي يفسر كلماتها ، أى قدرته على فهم المضمون.

كما كان الحريزي إلى جانب عمله في الترجمة، من الأدباء الذين يتكسبون من الشعر، حيث كان يتودد لكبار الطوائف اليهودية لنيل عطاياهم[76]. فيهودا الحريزي يُعد نموذجاً للشاعر

الجوال الذى يتكسب من شعره ومن مدح الأغنياء الكرماء، ولكن مصدر الرزق هذا لم يكن آمناً، مثل ما جاء في المقامة السادسة والعشرين في مدح التشرد وذمه، لذلك يشير الحريزي في حزن إلى أن العهد الذهبي للشعر العبري قد ولىّ.[77]

وهؤلاء الكرماء الأثرياء الذين يعلن الحريزي عنهم صراحة في مقدمة مقاماته (تحكموني) هم: رابي شموئيل بن البرقولي "ר׳ שמואֵל בן אלברקולי" ، وأخواه الوزير المبجل رابي يوسف"ר׳ יוסף" والوزير رابي عزرا "ר׳ עזרא".[78]

وكانت مقامات الحريري ذات باع وصيت لدى الأندلسيين، حتى إنها كانت تدرس في حلقات الدرس، فحاول بعض أدباء اليهود ترجمتها ولكن الأمر كان صعباً عليهم بسبب قوافيها وألغازها اللغوية، وكان أقدرهم وأكثرهم نجاحاً في هذه المهمة يهودا الحريزي، بناءً على طلب أشراف طليطلة من اليهود، وأتمها فيما بين عامي(631-636هـ) (1210- 1215م)، وأطلق عليها "מחברות איתיאל" (مقامات ايتيئل)، وفيها حاول الحريزي التغلب على أفانين

الحريري وحيله البلاغية مع محاولة تغيير معالمها العربية والإسلامية من مصطلحات وأسماء أعلام وأماكن، وجعلها ذات معالم عبرية، فصار البطل أبو زيد السروجي "חֶבֶר הֵקֱינִי" هو حبر القيني، والحارث بن همام (الراوي) هو " איתיאל " ايتيئل. ومعنى كلمة حبر "חֶבֶר" مجمع أو هيئة وكذلك سحر أى الجليس الفكه أو الساحر، و "הֵקֱינִי" القيني كناية عن أبي البيان. و"חֶבֶר הֵקֱינִי" حبر القيني كمصطلح ورد في العهد القديم[79]، وكذلك "איתיאל" [80] ومعناه "الله معي"، كناية عن الشخص الورع المتوكل على الله.[81]

ولكن الحريزي بعد ذلك أكلته الغيرة على لغته، وندم على أنه أخذ عن لغة العرب وترك لغته المقدسة، بناءً على ما ورد في مقدمته لـ"تحكموني"، وصب غضبه على المثقفين اليهود من أبناء عصره لأنهم أبدوا إعجابهم باللغة العربية وتركوا لغتهم العبرية، فقد رأى الحريزي نفسه مُخّلَصاً للغة العبرية مثل "شلومو ابن جبيرول"[82] " שלמה בן גבירול "، لذلك قرر أن يؤلف مقامات باللغة العبرية ليظهر رونقها، وعظمتها، وأودعها في كتاب اسمه تحكموني "ספר תחכמוני"[83]،[84].

ويحوي الكتاب خمسين مقامة[85]، تسبقها مقدمة طويلة. يرويها هيمان الإزراحي الجوالة عاشق الأدب، وبطلها المتشرد صاحب الحيل، والمكائد، وربيب البلاغة حبر القيني. والكتاب متعدد الموضوعات من الألاعيب اللغوية مثل المقامة التي لو قُرئَتُ من أولها إلى آخرها فهي مدح وإذا قُرِئَت من آخرها إلى أولها فهي ذم (المقامة الثامنة)، ومقامة مبنية على الجناس (المقامة الثالثة والثلاثون) والمقامة التي كل قافية فيها مكتوبة بثلاث لغات (عبرية وآرامية وعربية) (المقامة الحادية عشر) ومقامات المحاورات بين الليل والنهار (المقامة التاسعة

والثلاثون) والمرأة والرجل (المقامة الواحد والأربعون) والمؤمن والملحد (المقامة السابعة عشر)، ومقامات عن الشعر، وشعراء الأندلس العظماء(المقامة الثالثة والثامنة عشر). ومقامات عن تمجيد، وتسبيح الخالق (المقامة الخامسة عشر) والبكاء على خراب القدس  (المقامة الثالثة والعشرون)، ومقامات ساخرة مثل قصة الديك والقروي (المقامة العاشرة)، والشعوذة والدجل (المقامة الثلاثون)، ومقامة تصف جمال طبيعة الأندلس (المقامة التاسعة والأربعون)، والنقد اللاذع لسكان المدن (المقامة السادسة والأربعون).

وفي تحكموني حاول الحريزي إنزال الشعر من قممه الشاهقة وأبراج البيوط العالية، لتعرف جو المرح والحياة الدنيوية، وبدأت اللغة العبرية تتحدث عن الأمور العادية والظواهر اليومية، فاللغة المقدسة التي كانت لغة السبت والأعياد صارت لغة دنيوية[86]، وحدث كل ذلك بتأثير من الأدب العربي المنقول إلى الأندلس، فقد أثبتت الكثير من الدراسات الأدبية أن معظم

قصص الحريزي وألغازه منقولة من الأدب العربي بعد توطئتها[87]، رغم إنكار الحريزي لذلك، وقوله إن كل مقاماته في تحكموني من خلد فكره. فهذا ليس إلا تصريحاً عنترياً لا أساس له من الصحة.[88]

وهذا بالطبع غير صحيح، حيث أن  الراوي والبطل، (هيمان الإزراحي، وحبر القيني) ليسا إلا صورة مكررة  للحارث بن همام وأبو زيد السروجي. ونلمس هذا التشابه أيضاً في مستوى لغة الكتابة، فالمقامة عند الحريزي منقسمة بين الشعر والنثر تماماً كالحريري، كما أن الشعر يكون من نَظم الحريزي، كما هو عند الحريري. وحتى تقسيم المقامة من مشكلة، وعقدة، وحل. والموضوعات كما ظهر في المقدمة من كدية، واحتيال، ووعظ وجد اللفظ، وهزله، والتزام السجع، والجناس لإظهار التفوق، والفصاحة لجذب القارئ وتشويقه، وسهولة الحفظ، والقدرة على التذكر، والاسترجاع.

وأثَّر الحريري على الحريزي في مقاماته واضح، سواء من حيث البناء الفني للمقامات، واختيار بطل وراوٍ لها واستخدام النثر المسجوع المرصع بالشعر. بل وحتى مضمون المقامات، كما أثر الهمذاني أيضاً على الحريزي، فكثير من مقامات الحريزي مأخوذة من مقامات الهمذاني.[89]

فقد أخذ الحريزي عن الحريري والهمذاني صورة المقامة، في تعدد موضوعاتها وطرق تطورها، وبطل القصص الشحاذ البليغ "حبر القيني"، الذى يظهر في كل مقامة بشكل

جديد وصديقه المحنك الراوي "هيمان الإزراحي"، الذى دائماً يفشل في التعرف عليه، وأحياناً لا يعرفه إلا بعد أن يحدق بصره فيه وفي أعماله أو يسمع حواره مع الجموع. ويستطيع هذا المتسول "حبر القيني" أن يستجلب عطف الناس بموهبته الأدبية ويخلب عقول الناس بارتجاله ويبتز منهم المال، وهو دائماً في صورة البائس الفقير الرحالة الذى يخدع الناس ببيع الدعوات والتمائم، والأدوية التي تحقق المعجزات، وعندما يغضب "هيمان الإزراحي" من أفعاله ويحاول فضحه تغلبه محبته له ولأدبه.

ونستطيع أن نقول بعد هذا إن شخصية البطل عند الحريري هي نفسها عند الحريزي، ولكن لا يوجد أى تسلسل في كتاب "تحكموني"، حتى وجود البطل والراوي في كل مقامة لم يحقق أى نوع من التسلسل. فكل مقامة منفصلة بذاتها بل من الممكن أن يتغير ترتيب المقامات دون أن يشعر القارئ بذلك. ولذلك لا يمكن أن توصف بأنها رواية أو قصة بل حكايات ذات نظام واحد.[90]

ولكن مع كل هذا لا نستطيع أن ننكر فضل الحريزي على الأدب العبري، فهو أول من ألف كتاباً بلاغياً كاملاً تجد فيه الفلسفة والمزاح والسخرية يفهمه حتى الرجل العادي، والذى ساعده على ذلك كثرة تجواله.[91]وقد كان الحريزي يهوى الاغتراب، فقد زار مصر، والشام، والقدس، والعراق. ثم عاد إلى بروفانسيا ومات بها.[92] لذلك ألف الحريزي مقامة عربية عن جولاته في بلاد الشرق (مصر وفلسطين وسوريا والعراق) واسماها "כתאב" (كتاب) وهي عبارة عن سرد لرحلاته تخلو من أي عنصر خيالي يحاول فيها وصف أحوال الطوائف اليهودية، والشخصيات البارزة التي رآها في تلك البلاد.[93] وألف أيضاً ديواناً من الشعر، به سبع وخمسون قصيدة شعرية، أطلق عليه اسم "ספר הענק" (كتاب القلادة)، ويدور الديوان حول الورع، والأخلاق الحميدة[94]، وهو على اسم كتاب لموسى بن ميمون. كما أنه ألف كتاباً في الشعر التعليمي باسم "רפואות הגוויה" (طب الجسد).[95]

-ومن أعمال الحريزي أيضاً:[96]

1-   ספר גורלות: (كتاب الأقدار)، وهو كتاب ورد ذكره في تحكموني في المقامة الخمسين.

2-   אגרת המוסר הכללית: (رسالة الأخلاق العامة) ألفها الطبيب العربي على بن ريتسوان " עלי בן ריצואן" (مات في مصر عام689ه- 1068م)، ونسبت قبل ذلك لأرسطو. وترجمها الحريزي للعبرية.

3-   אגרת תחית המתים לרמב״ם: (رسالة إحياء الموتي لموسى بن ميمون)، وترجمها الحريزي بناءً على رغبة رابي مائير بن ششات "ר׳ מאיר בן ששת".

-كما ترجم الحريزي أيضاً:

4-   ספר הנפש: (كتاب النفس) المنسوب لجالنيوس.

5-   ספר איסור הקבורה: (كتاب منع الدفن) لجالنيوس، وهو يتكلم عن منع دفن الإنسان قبل مرور 72 ساعة على موته، وهو نظام متبع في كل الدول المتقدمة، ويعنى الانتظار حتى اليوم الثالث لوفاة الميت وقد وافق على ذلك المتدينون اليهود في الغرب.

6-   סוד הסודות: (سر الأسرار) المنسوب إما لأرسطو أو للحكيم العربي البطريق وهو بمثابة مقامة عن أقوال الأخلاق والإيمان.

 



[1] -أحمد أمين مصطفي: فن المقامة بين البديع والحريري والسيوطي. القاهرة. ط1. 1991. صـ3. نيسابور: مدينة في مقاطعة خراسان، شمال شرق إيران.

[2] - هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدى البصري، عالم وشاعر وأديب عربي ولد في البصرة. وكان أبوه وجيهاً من وجهاء البصرة. ومن أشهر أعماله كتاب الجمهرة في اللغة والأشربة والأمالي.

[3] - رأى بعض الأدباء أن هناك من سبق الهمذاني في المقامات، ومنهم زكي مبارك الذى رأى أن ابن دريد هو المبدع الأصلي للمقامات، وهناك رأى آخر بأن كتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي (384هـ-994م) هو أول الكتب التي تناولت هذا النوع من الفن. واعتمد زكي مبارك على كتاب زهر الآداب للحصري (413 هـ-1022 م)، حيث قال الحصري إن "ابن دريد كتب أربعين حديثاً استنبطها من ينابيع صدره واستنتجها من معادن فكره أهداها في معارض أعجمية وألفاظ حوشية". ثم يقول الحصري: "إن هذا الأمر استحث بديع الزمان على معارضة قصص ابن دريد بمقاماته". انظر الحصري: زهر الآداب وثمر الألباب. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. دار الجيل. بيروت. ط4. 1972.مجلد 1. صـ 305- 306.

كما تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن الجاحظ سبق الهمذاني في تأليف النوادر والأمثال والقصص التي تنطوى على حكم ومواعظ، فقد كان الجاحظ كثيراً ما ينحو فيها نحو إيراد الطريف الباعث على التسلية بالخبر النادر في كتاب البخلاء ورسالة التربيع والتدوير ونوادر أبي الفرج الأصفهاني التي تشتمل على قصص الفكاهات، وكثيراً ما أورد ابن عبد ربه نوادر التسلية. ورسائل إخوان الصفا التي اتخذت من الإطار القصصي لطبائع الطير والحيوان نموذجاً. كما يتحدث ابن قتيبة -في القرن الثالث الهجري- في كتابه "عيون الأخبار" عن مقامات الزهد عند الخلفاء والملوك، وهي عشر مقامات، كل مقامة عبارة عن كلمة تلقي أمام الخلفاء الأمويين والعباسيين. وتسير مقامات ابن قتيبة على هذه الوتيرة من الوعظ والتحذير والتخويف، وليس فيها من مقومات المقامة التي ابتدعها الهمذاني شىء فلا يوجد بها راوية، ولا بطل، ولا سجع، ولا حيلة، وظل هذا المعنى سائداً إلى أن تطور في القرن الرابع الهجري، فأصبحت المقامة تدل على الدعوة التي يوجهها المعتفون وأهل الكدية (من يستجدون الناس بالأدب) إلى أهل البر والإحسان وأصبحت مقامات بديع الزمان تشمل هذا المعني وتشمل أيضاً التعبير عن آراء المؤلف في فنون الأدباء. انظر: محمد رشدى حسن. أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1974.صـ15. 

[4] -  مصطفي الشكعة: بديع الزمان رائد القصة العربية. مكتبة الأنجلو المصرية. ط3. 1975. صـ 322.

[5] - بنو بوية، سلالة من الديلم (جنوب بحر الخزر) حكمت في غرب إيران والعراق سنوات 932/ 945=1056/ 1062م. ثم استطاعوا الاستيلاء على السلطة في العراق وفارس وخلع عليهم الخليفة العباسي ألقاب السلطنة.

[6] -عبد الرحمن ياغي: رأى في المقامات. المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. ط1. 1969.صـ35.

[7] -هم جماعة من الناس تفرقوا في أقاليم شتى من العالم. وفي كل بلد يسمون باسم مختلف، باسم "الغجر" و"بني ساسان"، ومن دأب هذه الجماعة التنقل والسفر من مكان إلى آخر بحثاً عن الرزق والعيش في كنف الطبيعة الرحب. وأما أماكن سكنهم فهي الخيام والعربات المتحركة وهم سريعو التعلم للغات الأمم التي ينزلون عليها. أما رجالهم فيتميزون بالكسل على عكس نسائهم اللاتي يتميزن بالنشاط والحيوية والفجور، ويتفنن في لبس الملابس الزاهية ويبالغن في وضع الكحل ويتخذن من الرقص والغناء واللعب وسيلة لجمع المال، وهم إباحيون لا يتقيدون بمذاهب الأخلاق ودينهم مجرد طلاء ظاهري يغيرونه بحسب البلد الذى يذهبون إليه. ويعتقد بأن أصلهم يرجع إلى قبيلة "السوداس" الهندية والتي اشتهرت بالحدادة وتدريب الخيول وقد هجرت الهند أيام فتوحات "تيمورلنك".انظر: يوسف نور عوض: فن المقامات بين المشرق والمغرب. مكتبة الطالب الجامعي. مكة المكرمة. ط2. 1986. صـ89، 90. أما أحمد أمين فيري أن أصلهم ملك من ملوك العجم كان يسمى ساسان. حاربه ملوك الفرس واستولوا على ملكه فصار فقيراً يتردد في الأحياء يستعطى فضرب به المثل. انظر: أحمد أمين: ظهر الإسلام. مكتبة النهضة المصرية. القاهرة. ط5. 1982. جـ1. صـ 142.

[8] - عبد الرحمن ياغي: رأى في المقامات. صـ39.

[9] -شوقي ضيف: المقامة. دار المعارف. القاهرة. 1954. صـ 21.

[10] -يوسف نور عوض: فن المقامات بين المشرق والمغرب. صـ20.

[11] - محمد رشدى حسن: أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة. صـ17، 18.

[12]-عبد الرحمن ياغي: رأى في المقامات. صـ45، فقد كان السجع سمة من سمات الخطبة الدينية في صدر الإسلام، ثم امتد إلى الرسائل الديوانية في العصر الأموى والعباسي ثم إلى الرسائل الإخوانية، وقد وصلت الرسائل الإخوانية إلى قمة نضوجها الفني على يد الصاحب بن عباد (ت385هـ-964م) وأبي بكر الخوارزمي (ت383هـ- 962م)، وهما من معاصري البديع، ولذلك يري بعض الباحثين أن الرسائل الإخوانية مقدمة وممهدة للمقامات، حيث كانت تصاغ بلغة أنيقة بليغة مزخرفة وموشاة بكل الحلى البلاغية من موازنة وسجع واستعارة وتورية وجناس وميل إلى الاقتباس من القرآن الكريم والحديث الشريف وتضمين الأمثال والأشعار والأقوال. انظر ما اورده عمر فروخ عن القاضى الفاضل: تاريخ الأدب العربي. دار العلم للملايين.بيروت. 1972.جـ3. صـ411.

[13] - ابن منظور: لسان العرب. القاهرة. دار المعارف. مادة قام.

[14] - شوقي ضيف: المقامة. صـ 7.

[15]- وقد استخدمها البديع صراحة في المقامة الوعظية، إذ رأى عيسي بن هشام شخصاً يلقى حديثاً في المجلس، فقال عيسي بن هشام لبعض الحاضرين: "من هذا؟ قال: غريب قد طرأ لا أعرف شخصه، فاصبر عليه إلى آخر مقامته". انظر: أحمد أمين. المقامات. صـ29.

[16] - شوقي ضيف: المقامة. صـ7.

[17] - نقلاً عن حسن عباس: نشأة المقامة في الأدب العربي. دار المعارف. القاهرة. د.ت.صـ15.

[18] - شوقي ضيف: المقامة صـ8.

[19]- محمد رشدي حسن: أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة. صـ14، 24، زكى مبارك. النثر الفني في القرن الرابع. دار الجيل. بيروت د.ت.جـ1.صـ242.

[20] - محمد رشدى حسن: أثر المقامة. صـ 32.

[21] -سورة يوسف: الآيتان 3، 11.

[22] -آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري. ترجمة د/ محمد عبد الهادي أبو ريدة. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.القاهرة. ط2. 1948. جـ2. صـ76، 77.

[23] - محمد رشدى حسن. أثر المقامة. صـ19.

[24] - شوقي ضيف: المقامة. صـ13، 18. وهي أحاديث رواها بن دريد عن الأعراب وأهل الحضر.

[25] -يوسف نور عوض: فن المقامة. صـ129، 131.

[26] - هي لحم يطبخ باللبن المضير أى الحامض.

[27]- لأنها تدور حول ظهور إبليس لعيسي بن هشام، وقوله إنه شيطان الشعر الذى أوحي لأمرئ القيس وعبيد ولبيد وطرفة وجرير وأبي نواس بشعرهم.

[28] - شوقي ضيف: المقامة :صـ25.

[29] - محمد رشدى حسن : أثر المقامة. صـ11.

[30] - يوسف نور عوض: فن المقامة. صـ46.

[31] - أحمد أمين. المقامات. صـ66.

[32]- جرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية. منشورات دار مكتبة الحياة. بيروت. لبنان. 1992. جـ2. صـ39.

[33] - شوقي ضيف: المقامة. صـ 45.

[34]-عمرو فروخ: تاريخ الأدب العربي. جـ3. صـ238، 239، 240. غير أن شوقي ضيف يري أنه ألفها للخليفة المستظهر تبعاً لما رآه الشريشي شارح مقامات الحريري، لأن تاريخ تأليف الحريري للمقامات يعود إلى 504هـ، ومعنى ذلك أن ما يقال من صلة ابن صدقة وأنوشروان بتأليفها غير صحيح، فأنوشروان إنما ولى وزارة المسترشد بعد وفاة الحريري، أما ابن صدقة فتولها وهو حي سنة 512هـ ولكن بعد تأليفه لمقاماته بثمان سنوات.  شوقي ضيف. المقامة . صـ 46.

[35] - أحمد أمين. المقامات. صـ15.

[36] - المرجع السابق: صـ115.

[37] - شوقي ضيف: المقامة. صـ 48.

[38]- حيث يزعم بعض الرواة أنه شخصية تدعى المطهر بن سلار، وأنه كان نحوياً بليغاً، وصاحب الحريري. أما تسمية الراوي له بالحارث بن همام فإنما عنى به نفسه، حيث أنه شخصية سوية تقية خالية من التناقضات، لا يخدع ولا يغش كأبي زيد، وهو مأخوذ من قول النبي (صلى الله عليه وسلم) "كلكم حارث وكلكم همام"، فالحارث الكاسب الكثير الاهمام وما من شخص إلا وهو حارث وهمام، لأن كل كاسب مهتم بأمور. سنن أبي داود: حققه محمد محي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة. ط2. 1950. حديث رقم 4952. باب الأدب. وانظر: جابر قميحة: التقليدية والدرامية في مقامات الحريري. مطبعة الشباب الحر. القاهرة. 1984-1985. صـ6، وابن خلكان: وفيات الأعيان. تحقيق إحسان عباس. دار الثقافة. بيروت. د.ت. جـ4. صـ 65.

[39]- أحمد أمين. المقامات. صـ 17. ولكنه في المقامة السابعة والأربعين يكشف عن اعتقاده بتفوقه على بديع الزمان، حيث يقول على لسان أبي زيد بطل مقاماته:

إن يكن الإسكندري قبلي                    فالطل قد يبدو أمام الوبل

                    والفضل للوابل لا للطل

[40] - شوقي ضيف: المقامة. صـ64- 67.

[41] -جابر قميحة: التقليدية والدرامية في مقامات الحريري. صـ42-48.

[42] -المرجع السابق:صـ79، 131.

[43] -الكلاعي: أحكام صنعة الكلام. تحقيق د/ رضوان الداية. دار الثقافة. بيروت. 1966. صـ 206.

[44] -جميل سلطان: فن القصة والمقامة. دار الأنوار. ط1. 1967. صـ25.

[45]-  سعاد أمين محمد. النثر الفني في عهد ملوك الطوائف في بلاد الأندلس. رسالة دكتوراة غير منشورة. إشراف/ أ.د عبد السلام أحمد عواد. كلية الألسن. جامعة عين شمس. 1996.صـ65- 70.

[46] - المرجع السابق: صـ65.

[47] - חיים שירמן: השירה העברית בספרד ובפרובאנס.תל אביב.ירושלים. הוצאת מוסד ביאליק.1957- 1961 . ספר שני. חלק א.עמ״97.

[48] -שמעון דובנוב : דברי הימים לעם ישראל. הוצאת דביר.תל אביב .מה״4. 1947. כרך4. עמ״212-213.

[49] -ח.ה.בן ששון: פרקים בתולדות היהודים בימי הביניים.הוצאת עם עובד.תל אביב.1977. חלק4. עמ״73- 75.

[50] - ח.ה.בן ששון: תולדות ישראל בימי הביניים.הוצאת דביר. תל אביב..1969. כרך שני. עמ״62- 70.

[51] - رئيس الأكاديمية الربانية التلمودية في العراق.

[52]-טובה רוזן: 500 שנות ספרות עברית בספרד. זמנים. רבעון להיסטוריה. אוניברסיטת תל אביב. מס״41. אביב 1992. עמ״54، 59، 60.

[53] - شاعر ولغوي عبري ولد في فاس بالمغرب عام 920م، وكان من تلامذة سعديا جاءون، ويعد صاحب أول محاولة لتطبيق علم العروض العربي على الشعر العبري.

[54] - טובה רוזן: 500 שנות ספרות עברית בספרד: עמ״57.

[55] - שם:  עמ״65، 66.

[56] - انظر سفر الخروج( 4:26)، (27:28)، (11:36)، أخبار الأيام الأول (3:22)، أخبار أيام ثان(11:34).

[57] -יהודה גור: מלון עברי .הוצאת דביר .תל אביב . מהדורה11. 1966. עמ״501.

[58] -אבן שושן: המלון העברי המרֻכז. הוצאת קרית ספר. ירושלים. 1980. עמ״413.

[59] -شاعر يهودي معاصر ليهودا اللاوي، عاش في الأندلس في النصف الأول من القرن الثاني عشر.

[60] - ישראל צינברג :תולדות ספרות ישראל. הוצאת הקיבוץ הארצי. השומר הצעיר .מרחביה. הוצאת יוסף שרברק. תל אביב.1959.כרך ראשון .עמ״142.

[61]-وهي قصة الخياط الأحدب الذى وقع في غرام سيدة متزوجة تسكن أمامه وتكيد له المرأة وزوجها، وهي قصة ذكرها ابن السراج في مصارع العشاق وفي أمثال سندباد التي ذكرها ابن المعتز في كتابه طبقات الشعراء، واكتشاف أن المرأة الجميلة رجل ذكره ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد  وابن قتيبة في عيون الأخبار في كتاب النساء، انظر : יהודית דישון: נאום אשר בן יהודה לשלמה אבן צקבל והמקאמה העשרים בתחכמוני ליהודה אלחריזי. בקורת ופרשנות.אוניברסיטת בר אילן. רמת גן .חוברת6. דצמבר. 1974. עמ״56- 57.

[62] -חיים שירמן: השירה העברית בספרד. ח״א. עמ״11.

[63] - שם: עמ״12.

[64] - שם:  עמ״67- 70.

[65] -يعد أعظم كتاب اليهود في ايطاليا ويطلق عليه الرومي نسبة إلى روما، وهو شاعر ومفسر.

[66]- א .אורינובסקי: תולדות השירה העברית בימי הבינים .הוצאת יזרעאל. תל אביב.1968 .ספ"1.עמ״112.

[67] - ولدى العرب كان يطلق عليه يحيى أبو سليمان أبو شاؤل أبو زكريا الحريزي.

[68] - יהודה אלחריזי: תחכמוני. י. טופורובסקי. תל אביב. 1952.עמ״ 350.

[69] -א .אורינובסקי: תולדות השירה העברית בימי הבינים . ספ"1.עמ״100.

[70] - שם : ספ"1. עמ״101.

[71]- كما ألف كتاب باسم "ספר הברית"  يعقد فيه جدل بين يهودي ونصراني، ويثبت تفوق العقيدة اليهودية على المسيحية، كما نظم كتاباً للقواعد باسم" ספר הזכרון". وهو من عائلة قمحي، وأخوه الرابي العظيم دافيد قمحي "דוד קמחי"  الذى فسر بعض أجزاء العهد القديم معتمداً على النحو والاتجاه العقلي.

[72] - א .אורינובסקי: תולדות השירה העברית בימי הבינים. ספ"1. עמ״102- 103.

[73] - חיים שירמן: השירה העברית בספרד ובפרובאנס. ספר שני. חלק א.עמ״97.

[74]-אהרון בן אור: תולדות השירה העברית בימי הבינים.הוצאת ספרים.יזרעאל. תל אביב. מה״3..1954.ח״ב. עמ״103- 104. وهذا ما قرره أيضا كامينكا (محقق كتاب تحكموني) عندما قال إن "الحريزي لم يكن بارعاً في ترجمة كتاب "دلالة الحائرين لابن ميمون ، ولكن ترجمة ابن تيبون هي الترجمة التي كتب لها النجاح والشهرة بين يهود الأندلس".

[75] - א .אורינובסקי: תולדות השירה העברית בימי הבינים. עמ״103.

[76] -وكان يرأس الطائفة اليهودية في تلك الفترة رجل ثرى من محبي العلم والأدب يدعي شيشات بنبشتي "ששת בנבשתי"، يقول عنه الحريزي في تحكموني "ראש נדיבי עולם ואוצר החמודות כולם" ( رئيس كرماء العالم وخزانة النفائس) עמ״415.

[77] -ישראל צינברג :תולדות ספרות ישראל. הוצאת יזרעאל. תל אביב.1955- 1971.כרך א״. עמ״140.

[78] - وهناك اسم آخر يُذكر في مقاماته الأولى، وهو يأشياهو بن يشي "יאשיהו בן ישי"، وقد كان رئيس جالوت اليهود في دمشق وقت أن زارها الحريزي، ويرجع نسبه إلى الملك داود.

[79] -سفر القضاة (4: 11- 17)، (5: 24).

[80] -سفر الأمثال (30: 11)، نحميا (11: 7).

[81] - חיים שירמן: השירה העברית בספרד.ספר שני .ח״א. עמ״98.

[82] -(1021-1056م) شاعر وفيلسوف من أعلام الفكر اليهودي في الأندلس الإسلامية، ومعروف لدى العرب باسم أبو أيوب سليمان بن يحيي. نظم قصائد عبرية على نظام الموشحات، كما نظم قصيدة تتناول النحو العبري على غرار ألفية ابن مالك، كما ألف المدائح وأشعار الغزل والخمريات ووصف الطبيعة والشكوى من الزمان. ومن أشهر أعماله كتاب "מקור החיים" (ينبوع الحياة) و "כתר המלכות" (تاج الملك).

[83] - ישראל צינברג :תולדות ספרות ישראל.כרך א״. עמ״145- 147.

[84]- وقد وردت كلمة "תחכמוני " (تحكموني) في العهد القديم في صموئيل ثان( 23: 8)هذه أسماء الأبطال الذين لداود. "يوشيب بشبت التحكموني"، وهي كما يري د/ محمد عوني عبد الرءوف، بمعنى تجعلني حكيماً، وهي من الفعل חָכֵם  والصيغة هنا في الزمن الحالي من الفعل المضعف חִכֵם المسند إلى ضمير المخاطب ومفعوله ضمير المتكلم، وهي مأخوذة من المزامير (119: 98) (وصيتك جعلتني أحكم من أعدائي). مناع حسن عبد المحسن. المقامة بين العربية والعبرية. رسالة دكتوراة غير منشورة. قسم اللغة العبرية. كلية اللغات والترجمة. جامعة الأزهر. إشراف: د/ شعبان محمد سلام، د/ عبد الخالق بكر، د/ عبد الرازق أحمد قنديل. 1988. صـ83.

[85] - وقد أطلق على كل مقامة كلمة "שער" بمعنى باب.

[86] -  ישראל צינברג :תולדות ספרות ישראל.כרך א״. עמ״147.

[87] -א.מ.הברמן: תולדות הפיוט והשירה .הוצאת מסדה. רמת גן .1970. פרק ראשון. עמ״202- 203.

[88]-יוסף דנה: אלהמד׳אני כמקור של ר׳ יהודה אלחריזי . דפים למחקר בספרות . אוניברסיטת חיפה. חוברת1. 1984. עמ״79.

[89] - انظر فصل التناص.

[90] - חיים שירמן: השירה העברית בספרד.ספר שני .ח״א. עמ״101.

[91]-אהרן קאמינקא: ספר הנקרא תחכמוני. מחברו רבי יהודה חריזי. אגודת חסידי חבד. ארה״ב. עמ״3.

[92] -אהרון בן אור: תולדות השירה העברית בימי הבינים. עמ״104.

[93] -יהודה רצהבי: מקאמה ערבית מעטו של אלחריזי . בקורת ופרשנות 15. מרץ 1980.

-[94]האנציקלופדיה העברית : חברה להוצאת אנציקלופדיות.הוצאת ספרית פועלים .כרך שלישי.1988. עמ״520.

[95] - חיים שירמן: השירה העברית בספרד.ספר שני .ח״א. עמ״103.

[96] - אהרן קאמינקא: ספר הנקרא תחכמוני. עמ״40-39.

المصدر: المقامات بين الحريزي والحريري (دراسة نصية مقارنة)، عزة محمد سالم، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الألسن، جامعة عين شمس

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button