موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الخلاف بين العلماء اليهود والمسلمين في العصر الوسيط حول مسألة نسخ القرآن للتوراة

الخلاف بين العلماء اليهود والمسلمين في العصر الوسيط حول مسألة نسخ القرآن للتوراة

 د.عزة محمد سالم، كلية الألسن، جامعة عين شمس

تحتوى الديانات على نوعين من الشرائع؛ شرائع ثابتة؛ وهي التى تدعو إلى الوحدانية، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومكارم الأخلاق، واتباع الرسل؛ للوصول إلى الهداية؛ للحصول على الثواب في الآخرة. وتلك التشريعات ثابتة لا تتغير من دين لآخر، بل هي عمومية، ويأتى كل دين ودعوة؛ ليؤكد عليها، ويعيد تذكير البشر بها، أما النوع الثاني من الشرائع، فهى الشرائع المتغيرة تلك التى ترتبط بالأحكام والعبادات والمعاملات، فتلك تتغير من دعوة لأخرى، وفقاً للزمان والمكان المرتبطان بنزول الدعوة. والنوع الأول من التشريعات يؤكد على وحدة المصدر لكافة الديانات الكتابية والتوحيدية، وعلى إنها غير خاضعة للنسخ أو التبديل؛ لذلك خضع النوع الثاني من التشريعات للنسخ والتغيير؛ لأنه ارتبط بتغيير مصالح البشر مع تغيير أحوالهم المعيشية والحياتية. ولكن لا ننكر أن نسخ المتأخر للمتقدم لم يكن نقضاً له، ولا إنكاراً للحكمة من تشريعه، في إبان زمانه وإنما وقوفاً به عند وقته المناسب وأجله المقدر.[1]فجميع الأنبياء لهم غاية واحدة؛ وهي الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص في العبادة. فهم يتفقون في الأصول، ويختلفون في فروع الأحكام.

من هنا كانت الرسائل النبوية، قبل سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم) ترسل لقوم بعينه؛ لذلك اتسمت كل الرسائل النبوية بالخصوصية لا العمومية، أما عندما نزل القرآن برسالة الإسلام على سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم) ، كان الهدف هو العمومية وهداية البشر كافة، لذلك جاء الإسلام ناسخًا لكل الشرائع والديانات من قبله، ولا يأتي دينًا بعده ينسخه، لأن شريعته تتسم بالكمال والشمول لكل مناحي الحياة، لذلك يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 285 "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ". لذلك فالنسخ واجب عقلًا وسمعًا؛ لأن النسخ لو لم يكن جائزًا عقلًا وسمعًا لما ثبتت رسالته( صلى الله عليه وسلم) إلى الناس كافة، وكانت الشرائع الأولى باقية، ولو كانت الشرائع الأولى باقية لما ثبتت رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، ولكن ثبت أن رسالته للناس كافة، وهذا يلزم أن تكون الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع، وإنها للناس جميعًا، وهذا هو النسخ .[2]

وقد رفض اليهود نسخ القرآن للتوراة رفضًا تامًا، لذلك كان نسخ الشريعة الإسلامية للمقرا من أهم المسائل الخلافية بين علماء المسلمين واليهود في العصر الوسيط. والدليل على ذلك ما أورده الشهرستاني في كتابه الملل والنحل؛ حول أهم مسائل الجدل الكلامي بين اليهودية والإسلام؛ بقوله:" مسائلهم تدور على جواز النسخ ومنعه، وعلـى التـشبيه ونفيـه، والقول بالقدر والجبر، وتجويز الرجعة واستحالتها"، [3] . كما يقول יעקב אלקרקסאני " أبو يوسف يعقوب القرقساني"[4] "وقد استوفيت ذلك بابًا بابًا في الكتاب الذى ألفته عليهم، وذكرت فيه أيضاً مسائل جرت بيني وبين قوم من متكلميهم؛ فمن نظر فيه وقف على ضعف أمرهم ووهائه، وازداد يقينه بإله إسرائيل وبشريعته التى هي توراته"[5]

وجاء إنكار اليهود لنسخ القرآن للتوراة، وسيلة للطعن في نبوءة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم) وشريعته وإثارة الشبهات حوله، ثم انتقلوا إلى محاولة إثبات بعض الأدلة العقلية لدحض النسخ، فقالوا أن النسخ يعني اتهام الذات الإلهية بالبداء والجهل والعبث والتناقض[6]، وقالوا إن التوراة  مؤيدة لم تنسخ بشريعة سيدنا محمد  ( صلى الله عليه وسلم) ، لذلك فهم في حِل من اتباع سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم) وشريعته.[7]

ولكن للأمر بعدًا سياسيًا، فهو ترجمة للعنصرية المتأصلة في نفوسهم، ورغبتهم دائمًا بعدم الانخراط في المجتمعات التى يعيشون فيها، والرغبة في التميز والتفرد، الذى يدعونه على طول الزمان، وهو ما جمع اليهود في كل بلاد الشتات، فكان لابد من التأكيد على أبدية توراة موسي وعدم نسخ سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم)  لشريعة سينا موسي، وإلا انفرط العقد، فالانغلاق هو الأساس ليكون الإله خاص بهم، وليكونوا هم  شعب الله المختار؛ فنري "موسي بن ميمون" (משה בן מימון1138-1204م)[8] يعبر عن كراهيته الشديدة للإسلام والمسلمين(رغم حرية التعبير التى كفلت له، وجعلته من أعظم علماء اليهود كافة)، فيرى أن الحوارات اللاهوتية التى فرضها علماء المسلمين على اليهود حول نسخ التوراة وتزييفها لم يكن الهدف منه إلا تحويل اليهود عن دينهم،[9] فيقول موسي بن ميمون:"מכיון שייחד הבורא אותנו באמצעות חוקיו ומשפטיו שנאו אותנו כל העמים מתוך קנאה ותעיה. ומלכי הארץ נחלצו לרדפנו בגלל ומתוך רשעית ועוולה ... מאז ועד עתה לא היה שום דור שלא היה בו מלך חזק עיקש או שליט עז שמטרתו הראשונה ופקודתו הדחופה ביותר היתה לסתור תורתנו ולבטל את דתנו"[10]

"لقد جعلنا الله متميزين بشرائعه وتعاليمه، لذلك قامت علينا كل الأمم التى حرضها الحسد والمعصية، واضطهدنا كل ملوك الأرض بدافع من الظلم والعداوة. لذلك لا يأتى زمان إلا وجاء فيه ملك مستبد أو حاكم ظالم وجعل غايته الأولى وأمره العاجل بتدمير شريعتنا وإبطال ديننا بالسيف".

كما أن القبول بنسخ التوراة، يعني القضاء على حلم العودة إلى فلسطين؛ لذلك يقول(יפת בן עלי ت 1005م) [11] (يافث بن على القرائى) في تفسير المزامير:" لو إن التوراة نسخت بغيرها فليس لكم رجعة وايش خبركم اليوم الف وخمس مائة سنة تحت الذل.. ولو كان مذهبك حق لقد كان فرج الله عنك، لكن مذهبك باطل؛ فلذلك ليس يفرج الله عنك بل سخطه دائماً عليك مقيم... ومعناه أنه ليس يكون لإسرائيل رجعة إلى ما كانوا عليه".[12].

المحور الأول :تعريف النسخ

أ-النسخ لغًة

النسخ بمعني الإبطال والإزالة كما يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته كما في قوله تعالى في سورة الحج (52):" وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّآ إِذَا تَمَنَّىٰٓ أَلۡقَى ٱلشَّيۡطَٰنُ فِيٓ أُمۡنِيَّتِهِۦ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ ثُمَّ يُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ".  والمعني الآخر له النقل والتحويل، كقولنا "نسخت الكتاب" أي نقلت ما فيه بإثبات مثله في مكان آخر كقوله في سورة الجاثية(29):" هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"(29) فالنون والسين والخاء من أصل واحد كما قال ابن فارس إلا أنه مختلف في قياسه، قال قوم: قياسه: رفع الشيئ وإثباته غير مكانه، وقال آخرون: قياسه: تحويل شيء إلى شيء.[13]

وبذلك فالمعني هنا ينحصر بين الرفع والإزالة والنقل، ولكن في الشريعة اقتصر على الرفع والإزالة فجاءت آية ترفع آيه أوحكم يزيل حكم، ولكن ليس بمعني النقل. وهو المعني المقصود هنا أيضًا حيث رفع القرآن الكريم التوراة وأزالها ليحل محلها في التشريع لكافة البشر.

ب-النسخ اصطلاحًا

النسخ هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ عنه[14] ، ولكن يجب التنويه بأن الله تعالى لما كان عالمًا بأن الحكم الأول مؤقت من وقت كذا إلى وقت كذا كان النسخ بيانًا محضًا لمدة الحكم في حقه تعالى.[15] وعليه يكون المعني هو نسخ شرائع لشرائع سابقة، بمعني إبطال حكمها والعمل بالتشريع الناسخ الجديد، لحكمة من المشرع الإلهي، فيها مراعاة لمصلحة البشر. والنسخ يكون في الشريعة ذاتها أو بين شريعتين مختلفتين، ولا بد أن يكون بين الدليلين تعارض حقيقي، بحيث لا يمكن الجمع بينهما وإعمالهما معًا. وفي موضعنا رفع القرآن التوراة ليحل محلها ويبطل تشريعاتها، والدعوة إلى العمل بالتشريع الإسلامي.

ج- مفهوم النسخ في الشريعة الإسلامية

يؤكّد القرآن الكريم حقيقة النسخ في عدّة آيات، كما أن زمان ورود النسخ هو زمان نزول الوحي، أما بعد انقطاع الوحي فلا نسخ ولا يحق لأحد أن ينسخ حكمًا من أحكام القرآن أو السنّة النبويّة. بمعنى آخر: لا اجتهاد في النسخ بل هو شيء توقيفي. وقد أجمع علماء الأمة على أن النسخ جائز عقلًا، وواقع شرعًا.[16]

-من الأدلة النقلية علي وقوع النسخ في القرآن الكريم، ما جاء في موضع تغيير القبلة في قولى تعالى في سورة البقرة (142، 144)" سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ".

- أما الأدلة العقلية في مجلمها تستند إلى أن النسخ وقع لما فيه من مصلحة العباد، مع تغيير الأزمان، ولحكمة يعلمها الله في علمه المسبق، فيثاب العبد على طاعته في كل الأحوال. والشرع للأديان كالطب للأبدان، فلم ينسخ الله آية إلا وأتى بأفضل منها،[17] لذلك جاءت الحكمة في النسخ في عدة أوجه، منها[18]:-

-التدرج في الأحكام، فالمصلحة مقصد أصلي في التشريع، والمصالح البشرية تختلف باختلاف الزمان والمكان،

-من باب الرحمة والتوسعة على البشر.

-امتحان طاعة العباد

-بيان فضل الشريعة الإسلامية، في نسخها كل من سبق من شرائع.

-الملائمة للتطور البشري، فالبشر في بداية البشرية يختلف من طور إلى طور، مع دخوله في الأديان والإفادة من نفع العالم من حوله. من هنا تتغير ظروفه وعقوله، فتكون النفوس تهيأت لاستقبال الحكم الشرعي الأخير في مقصد بعينه.

-إقامة الحجة واستمالة القلوب، فقد جاء إن حكم تغيير القبلة في سورة البقرة، حيث كان الحكم في البداية بالصلاة باتجاه المسجد الأقصي لاستمالة اليهود في بداية الأمر، ليقتنعوا إن جهة الأنبياء واحدة.

وحاصل كل ماسبق أن الناسخ أفضل من المنسوخ، وأن المنسوخ وقت العمل به كان لمصلحة العباد والحكمة، وأن الناسخ هو المشتمل على المصلحة والحكمة بعد النسخ.

-كما حددت الشريعة الإسلامية مواضع النسخ ومجالاته، فالنسخ يقع في الشريعة الإسلامية في الأحكام التكليفية الجزئية الواقعية العملية، ولذلك لا يقع مثلًا في الأحكام الأصلية المتعلقة بثوابت الإيمان، كالإيمان بالله وملائكته ورسله، فهى ثوابت لا تقبل التغيير[19]. كما يجب أن يكون النسخ لحكم تشريعي، لا لأخبار؛ فالأخبار لا تنسخ وإلا أوجبت الجهل والكذب، مثل صفات الجنة والنار. كما أن الفضائل العامة أو المطلقة، لا يجوز عليها النسخ، لإنها حسنها غير مرتبط بأزمنة وأمكنة، مثل الصدق والعدل والوفاء والإنصاف، فقد اتفقت عليها الشرائع والعقول. والعكس كذلك فالموبقات، التى لا تقرها العقول والشرائع، لا يجري عليها النسخ، كالزنا والسرقة وما إلى ذلك. وكذلك الأحكام التى جاء فيها نص بتأييد، مثل تحريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. والأحكام الثابتة بغير الوحي، كالإجماع والقياس فإلغاء الحكم أو تقريره يكون بقول الله تعالى أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم. [20]

-اختلف علماء المسلمين حول مواضع النسخ في القرآن الكريم وما يندرج تحته ، فالنسخ عند المتقدّمين يختلف في الإطلاق عن النسخ في اصطلاح المتأخّرين، كما أن النسخ عند المفسّرين هو غيره عند الأصوليين؛ فالبعض كان يسمّي التخصيص نسخًا، وتقييد المطلق نسخًا، وبيان المبهم والمجمل نسخًا، والاستثناء نسخًا، والشرط نسخًا. والعلّة في جميع هذه الفقرات واحدة؛ لأن النسخ يقضي بأن الأمر المتقدّم غير مطلوب في التكليف، بل المراد ما جاء آخرًا، فالأول متروك والثاني هو المعمول به؛ لذلك كان النسخ من المواضع الصعبة في علم التفسير، ومن الوجوه التي مساحتها واسعة جداً والاختلاف فيها كثيراً. فقد روى مثلًا أن الصحابة والتابعين كانوا يستعملون النسخ بإزاء المعنى اللغوي الذي هو إزالة شيء بشيء، لا بإزاء مصطلح الأصوليين، ألا وهو،  إزالة بعض الأوصاف من الآية بآية أخرى. أما بانتهاء مدّة العمل أو بصرف الكلام عن المعنى المتبادر إلى غير المتبادر، أو بيان كون قيد من القيود اتفاقًا أو تخصيص عام، أو بيان الفارق بين المنصوص، وما قيس عليه ظاهراً، أو إزالة عادة جاهلية أو الشريعة السابقة؛[21] لذلك اعتنى علماء المسلمين بهذا العلم وبينوا أنه لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله تعالى، إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ؛ لذك يقول ابن عباس في قوله تعالى:" مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً"(البقرة 269) إن المقصود "ناسخه ومنسوخه ومحكمه و متشابهه ومقدمه ومؤخره وحرامه وحلاله"[22] .

المحور الثاني : موقف اليهود من نسخ القرآن للتوراة ورد علماء المسلمين

أ-الموقف العام

اتّفقت مذاهب اليهود على قول واحد؛ مفاده أن الشريعة الإسلامية لم تنسخ شريعتهم، أما موقفهم من النسخ فهم على ثلاث فرق[23]:

1-     الفرقة الشمعونيّة( ويقصد بهم الربانيين)[24] : تنفي النسخ عقلاً ونقلاً.

احتج هؤلاء ببعض أقوال التوراة مثل قوله في سفر الخروج(31: 16)" וְשָׁמְרוּ בְנֵי-יִשְׂרָאֵל, אֶת-הַשַּׁבָּת, לַעֲשׂוֹת אֶת-הַשַּׁבָּת לְדֹרֹתָם, בְּרִית עוֹלָם.  יז בֵּינִי, וּבֵין בְּנֵי יִשְׂרָאֵל--אוֹת הִוא, לְעֹלָם"(فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً وهو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد)، وما ورد في سفر (اشعيا 40/8) " וּדְבַר-אֱלֹהֵינוּ, יָקוּם לְעוֹלָם.  "  (وأما كلمة إلهنا تثبت إلى الأبد).

2-الفرقة العنانية( ويقصد بهم القراءون)[25]: مؤسّسها عنان داود، ذهبت هذه الفرقة إلى جواز النسخ عقلًا، إلاّ أنه لم يقع.

3- الفرقة العيسوية: مؤسّسها أبو عيسي إسحاق بن يعقوب الأصفهاني[26]، هذه الفرقة مذهبها في النسخ أنه جائز في حكم العقل، وأنه قد وقع فعلًا، إلا  أنها أنكرت الشريعة الإسلامية، وادّعت أنها شريعة خاصة بالعرب، ولم تكن لكافة الناس، لذا لم تنسخ شريعة موسى.

وموجز القول إن اليهود رفضوا القول  بنسخ الشريعة اليهودية بالشريعة الإسلامية، وأكدوا على أن موسي عليه السلام جاء بشريعة مؤبدة لم تنسخ، ولكنهم اختلفوا في وقوع النسخ؛ فمنهم من رفضه عقلًا وسمعًا مثل الربانيين وكل أتباعهم، أما القراءون فأجازوا وقوع النسخ عقلًا، وأنكروا وقوعه سماعًا. وهناك فرقة "أبو عيسي الأصفهاني"، فقد قالت بجواز وقوعه سمعًا وعقلًا في غير شريعة موسي، إذ  أنكروا أن شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  تنسخ شريعة سيدنا موسي ، رغم اعترافهم بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكنه بعث للعرب خاصة، وليس لكافة البشر. [27] لذلك يقول موسي بن ميمون: " وكذلك قاعدة شريعتنا أنه لا يكون غيرها أبدًا؛  فلذلك بحسب رأينا لم تكن ثم شريعة، ولا تكون غير شريعة واحدة، وهي شريعة سيدنا موسي".[28]ويقول أيضاً في مقدمة تفسيره للمشنا: "התורה הזאת אין חוקיה ומשפטיה משתנים לעולם ולעולמי עולמים ואין מוסיפין עליהן ולא גורעין מהם וכל המוסיף או גרע או שגילה פנים בתורה והוציא הדברים של מצוות מפשוטן הרי זה בודאי רשע ואפיקורוס"[29]

" هذه الشريعة لن تتغير شرائعها وقوانينها إلى أبد الأبدين، ولن يزيد عليها أو ينتقص منها، وكل من تسول له نفسه الإضافة أو الانتقاص منها أو تغيير أى وجه ومن وجوهها، أو تفسيرها خارج إطار التفسير المبسط يعد ظالم وكافر"

ويقول أيضاً : "אמר לנו שבשמים לא נותרה תורה אחרת  כדי שתתגלה ואין שם דת אחרת כדי שתופיע... ולא תהיה לנצח תורה מאת ה׳ זולתז ולא ציווי ולא אזהרה ".[30]

" أكدوا  لنا لم تبق في السماء شريعة أخرى يمكن أن تنزل لاحقًا، بل لن يوجد أى دين آخرسيظهر... ولن يكون هناك أبداً شريعة من لدن الله غيرها ولا أمر ولا نهي".

-ويقول سعديا جاءون (סעדיה גאון 883-943م) [31]حول نسخ التوراة في كتابه الأمانات والاعتقادات[32]، ليثبت موقفه حول النسخ بشكل قاطع:"وأقول لبني إسرائيل نقلًا جامعًا: أن شرائع التوراة قالت لهم الأنبياء عنها: إنها لا تنسخ، وقالوا: إن سمعنا ذلك بقول فصيح يرتفع عنه، وهم وكل تأويل، ثم تبينت الكتب، فوجدت ما يدل على ذلك"[33].

-ويؤكد أبو يعقوب القرقساني أن شريعة موسي أبدية، ولا تنسخ أبدًا، ولازمة لكل الناس إلى يوم القيامة، وملزمة لليهود وغير اليهود، وأن من عمل بها يثاب، حتى لو كان من غير اليهود، فيقول محتجًا بما ورد في سفر العدد  (15: 16): " תּוֹרָה אַחַת וּמִשְׁפָּט אֶחָד, יִהְיֶה לָכֶם, וְלַגֵּר, הַגָּר אִתְּכֶם، شريعة واحدة وحكم واحد يكون لكم وللغريب النازل عندكم، فلو كان غير لازم ولا واجب على الأجنبي، لم يكون محمودًا ولا مثابًا على اتخاذه"[34]، ثم يدلل على كلامه بفقرات من التوراة، مثل قول موسي عليه السلام :"وليس معكم وحدكم أقطع أنا هذا العهد. وهذا القسم، بل مع الذى هو معنا واقفًا اليوم أمام الرب إلهنا، ومع الذى ليس هنا معنا اليوم) (التثنية 29: 14- 15)[35]. وبهذا يحاول  القرقساني إثبات عالمية التوراة، وصلاحها لكل العصور، وبالتالى لا يجوز نسخها، فهو يدلل بذلك على أن المقصود من الخطاب ليس بني إسرائيل فقط، بل جميع الخلق. ثم بعد أن يثبت إنها شريعة لكل الخلق، يرجع لعنصريته ليفترض أن الله اختص النبوة ببني إسرائيل فقط، ومن خالف ذلك فقد خالف السمع والعقل:" ففرض التورية لا محالة لازم واجب على جميع الخلق كافة منذ بعث الله موسي إلى آخر الدهر، ومن خالف هذا القول فقد خالف العقل والسمع جميعًا. فلعل متعلقًا يتعلق بقول الكتاب "المزامير 147: 19" فيتوهم أن هذا القول يدل على أن الباريء جل وعز لم يتعبد سائر الخلق بما تعبد به آل إسرائيل. فإن هذا توهم خطاء. والمعني في ذلك هو إن الله لم يخاطب أحدًا على جهة النبوة من غير آل إسرائيل، إذ كان الأنبياء منهم دون غيرهم ".[36]

- ويقول أيضاً  نتنئيل  فيومي "נתנאל בירב פיומי 1090-1156" : [37] "وما كفي من الأمم بذلك فيهم حتى يعيروهم ويقولوا شريعتهم قد نسخت وأبطلت، وسنذكر في ذلك ما أمكن بأن التوراة ما نسخت، ولا تنسخ أبدًا إن شاء الله تعالى، ولا تبطل ولاتنسي من أفواه الأمة ما دامت السموات والأرض"[38].

ب- الأدلة النقلية لإثبات عدم وقوع النسخ

قدم علماء اليهود ما يؤكد رفضهم للنسخ بالأدلة النقلية (الكتابية) التى تؤكد صدق موقفهم:

- يقول موسي بن ميمون، ليوضح إيمانه بعدم نسخ التوراة، بالاعتماد على الدليل النقلي، استشهادًا بفقرات التوراة مثل" אֵת כָּל-הַדָּבָר, אֲשֶׁר אָנֹכִי מְצַוֶּה אֶתְכֶם--אֹתוֹ תִשְׁמְרוּ, לַעֲשׂוֹת:  לֹא-תֹסֵף עָלָיו, וְלֹא תִגְרַע מִמֶּנּוּ." (التثنية 13: 1)"חֻקַּת עוֹלָם לְדֹרֹתֵיכֶם," (اللاويين 3: 17) (العدد 15: 15)"לֹא אִישׁ אֵל וִיכַזֵּב"( العدد 23: 19).[39] كما اعتمد أيضاً على الوعد الإلهي لبني إسرائيل، فالله قد وعد موسى والأنبياء من بعده أنه لن يتخلى عن إسرائيل في شتاتهم وأحزانهم،  والله لا يغير وعده ولا يخلفه كالبشر " ב וְשַׁבְתָּ עַד-יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, וְשָׁמַעְתָּ בְקֹלוֹ, כְּכֹל אֲשֶׁר-אָנֹכִי מְצַוְּךָ, הַיּוֹם:  אַתָּה וּבָנֶיךָ, בְּכָל-לְבָבְךָ וּבְכָל-נַפְשֶׁךָ.  ג וְשָׁב יְהוָה אֱלֹהֶיךָ אֶת-שְׁבוּתְךָ, וְרִחֲמֶךָ; וְשָׁב, וְקִבֶּצְךָ מִכָּל-הָעַמִּים, אֲשֶׁר הֱפִיצְךָ יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, שָׁמָּה.  ד אִם-יִהְיֶה נִדַּחֲךָ, בִּקְצֵה הַשָּׁמָיִם--מִשָּׁם, יְקַבֶּצְךָ יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, וּמִשָּׁם, יִקָּחֶךָ.  ה וֶהֱבִיאֲךָ יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, אֶל-הָאָרֶץ אֲשֶׁר-יָרְשׁוּ אֲבֹתֶיךָ--וִירִשְׁתָּהּ; וְהֵיטִבְךָ וְהִרְבְּךָ, מֵאֲבֹתֶיךָ.  ו וּמָל יְהוָה אֱלֹהֶיךָ אֶת-לְבָבְךָ, וְאֶת-לְבַב זַרְעֶךָ:  לְאַהֲבָה אֶת-יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, בְּכָל-לְבָבְךָ וּבְכָל-נַפְשְׁךָ--לְמַעַן חַיֶּיךָ.  ז וְנָתַן יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, אֵת כָּל-הָאָלוֹת הָאֵלֶּה, עַל-אֹיְבֶיךָ וְעַל-שֹׂנְאֶיךָ, אֲשֶׁר רְדָפוּךָ.  ח וְאַתָּה תָשׁוּב, וְשָׁמַעְתָּ בְּקוֹל יְהוָה; וְעָשִׂיתָ, אֶת-כָּל-מִצְוֺתָיו, אֲשֶׁר אָנֹכִי מְצַוְּךָ, הַיּוֹם. " ( التثنية 30: 2- 9)[40] .

- استند سعديا في جدله حول رفضه لنسخ التوراة، إلى إن هناك تناقضًا بين قول الإسلام بالنسخ، وبين أقوال الأنبياء بأبدية التوراة، ثم قدم الدليل النقلي من التوراة على صدق أقواله؛ سواء من أقوال التوراة أو الأنبياء،[41] فيقول:"ثم بينت الكتب فوجدت ما يدل على ذلك أولاً أن كثيرًا من الشرائع مكتوب فيها ברית עולם ومكتوب فيها לדרתיכם وأيضا لقول التوراة(التثنية 33: 4) "תּוֹרָה צִוָּה-לָנוּ, מֹשֶׁה:  מוֹרָשָׁה, קְהִלַּת יַעֲקֹב"[42] ، كما أن وجود بني إسرائيل مرتبط بتنفيذ شرائع التوراة، لأن الرب وعد أن هذا الشعب سيبقي ما بقت السماوات والأرض، وشرائع التوراة ستبقى ما بقت السماوات والأرض، كما جاء في ارميا (31: 34- 35) "לד כֹּה אָמַר יְהוָה, נֹתֵן שֶׁמֶשׁ לְאוֹר יוֹמָם, חֻקֹּת יָרֵחַ וְכוֹכָבִים, לְאוֹר לָיְלָה; רֹגַע הַיָּם וַיֶּהֱמוּ גַלָּיו, יְהוָה צְבָאוֹת שְׁמוֹ.  לה אִם-יָמֻשׁוּ הַחֻקִּים הָאֵלֶּה, מִלְּפָנַי--נְאֻם-יְהוָה; גַּם זֶרַע יִשְׂרָאֵל יִשְׁבְּתוּ, מִהְיוֹת גּוֹי לְפָנַי--כָּל-הַיָּמִים.".[43]

واحتج سعديا أيضا بقول التوراة في السبت، ليثبت أبدية التوراة، فيقول: "فيحفظ بنو إسرائيل السبت، ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً، هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد" الخروج (31: 16-17) ،[44] كما يقول إن ملاخي خاتم النبيين، من وجهة نظره، فيقول:"اذكروا شريعة موسي عبدي التى أمرته بها في حوريب على كل إسرائيل الفرائض والأحكام، هاأنا ذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم المخوف"(ملاخي 3: 22- 23) كما أن النبي ملاخي أمر باتباع شرائع التوراة حتى يوم الدينونة "[45]

وتجدر الإشارة إلى أن سعديا اعتمد على الأدلة النقلية لرفض نسخ التوراة أكثر من المفكرين اليهود الآخرين، أمثال موسي بن ميمون والقرقساني.[46]

-اعتمد القرقساني على نفس الأدلة النقلية التى أقرها سعديا جاءون لإثبات عدم نسخ التوراة، فيقول:"جميع ما أمركم به الرب عن يد موسي، من اليوم الذى أمر فيه الرب فصاعدًا في أجيالكم (العدد 15: 23) ، فقوله أجيالكم أى بلا انقطاع ولا نهاية إلى أن ينقضي العالم، فهذا برهان على أن التوراة لا تنسخ ولا تبطل وأنها لازمة إلى انقضاء العالم"[47]، وكذلك قول التوراة في السبت "فيحفظ بنو إسرائيل السبت، ليصنعوا السبت في أجيالهم عهدًا أبديًا، هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد" الخروج (31: 16-17)  فأخبر أن السبت وحفظه والعطلة فيه لازم للدهر". وكذلك قوله في التوراة:"فريضة دهرية في جميع مساكنكم في أجيالكم"(اللاويين: 23: 21- 31: 3: 17). فهذا القول يتضمن ثلاثة تدل على التأييد، الأول:شرط الدهر، الثاني: في جميع مساكنكم، الثالث: في أجيالكم، وهذا في غاية التأكيد".[48]

ويؤكد مثل سعديا أن ملاخي خاتم النبيين، من وجهة نظره، فيقول:"اذكروا شريعة موسي عبدي التى أمرته بها في حوريب على كل إسرائيل الفرائض والأحكام، هاأنا ذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم المخوف (ملاخي:4: 4-5) فأمر بحفظ التوراة، وإقامة فرائضها إلى يوم القيامة ولم يذكر هو ولا غيره من الأنبياء أن الله جل وعز يشرع شريعة أو يأمر بفرض غير التوراة وفرائضها".[49]

كما أن القرقساني ربط أبدية التوراة وعدم نسخها، بقضية رجوع اليهود إلى فلسطين، فيؤكد أن سبب جلائهم ونفيهم وتشتتهم هو تركهم فرائض التوراة، وإن العودة مرتبطة برجوع دولتهم ومجيء المسيح المخلص. وهذا يضاد قول المسلمين بأن شريعة التوراة قد نسخت وأبطلت، ووجب اتخاذ واتباع غيرها، فيقول: "ويقال لهم إن جلاء بني اسرائيل من أرضهم وزوال نعمهم وملكهم ودولتهم إنما كان سببه تركهم لما أمرهم الله به من فرائض التورية..وأخبرهم الله عزو وجل على أيدي جماعة الأنبياء عليهم السلام أن رجوع دولتهم وملكهم ومجيء المسيح وبناء البيت الذى رآه حزقيال إنما يكون بالرجوع والتوبة.. وهذا بضد قولكم  بأن تلك الشريعة قد نسخت وأبطلت ووجب اتخاذ غيرها.. وأن هذه التورية هى التورية التى أتى بها من عند الله تعالى هم بأسرهم نقلوا أنها لا يجوز ان تنسخ ولا تغير وأنها لازمة للدهر"[50]

-أخذ أيضًا نتنئيل  فيومي يعدد الدلائل؛ فيشير أولًا أن العهد القديم به الكثير من الفقرات ما توفي هذا السند، فيقول:"ولو طلبنا نذكر جميع ما جاءت به الأنبياء عليهم السلام، في ذلك لما وسعته الأوراق...وكذلك لا تبطل شريعتهم ولا تنسخ ولا تحول ولا تزول كقوله على لسان الأنبياء الصادقين عليهم السلام(اشعيا 59: 21) وأن هذا هو عهدي معهم. قال الرب روحي التى عليك وكلامي الذى وضعت في فمك، وهو يعني بالعهد التوراة..والخاصة ما أوصانا بحفظها سبحانه نحن وأولادنا طول الدهر في مواضع شتى، وألا نزيد عليها ولا تنقص منها كقوله (التثنية 21: 32)"[51]. ثم يري إن الفقرات المبشرة بمجيء المسيح في العهد القديم خير دليل على عدم نسخ التوراة، فيقول:" وفي ذلك قال الكتاب (العدد 24: 17) آراه ولكن ليس الآن أبصره ولكن ليس قريبًا، يبرز ككوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي مؤآب، ويهلك كل بني الوغي، وتمام ذلك الكلام هنالك، وقال أيضاً التكوين (49: 10) لا يزول قضيب من يهوذا أو مشترع من بين رجليه، وهو يوميء إلى المسيح الملخص عليه السلام."[52].

ج-الأدلة العقلية لإثبات عدم وقوع النسخ

اجتمع كافة علماء اليهود على أدلة عقلية ثابتة لنفي النسخ وإنكاره، وهي:

1- إن القول بالنسخ يلزم الله البداء[53] فالله لا يغير شرائعه أو آراءه بناء على ما يستجد له من أحداث، مثل البشر فيقول موسي بن ميمون :"הקב״ה אין הוא רוצה בדבר ובוחל בו ואין הוא בוחר ואחר כך מואס"[54](الرب تبارك وتعالى لا يشاء أمراً ثم  يعرض عنه ولا يختار شيئاً ثم يبغضه).

ويقول سعديا:" وكذلك إن النسخ يعني وصف الله بالبداء؛ لأن الناقل إنما يقول في كل يوم كمثل ما قال به في أمسه، وليس هو مثل المرتأى الذى يجوز له أن يقول انكشف لي اليوم ما لم أقف عليه أمس"[55]. كما رد سعديا أيضاً على إن النسخ جاء من الخالق لعلمه بما في مصلحة العباد مع تغير الزمان والمكان، فيري أنه هكذا أدخل نظرية الثواب والعقاب على الطاعة والمعصية في الشرائع، وأن النسخ هنا جاء لإفساد الشرع الأول فقط لا غير،فيقول:"والرابع قياسه على يغني ويفقر..وأنه يفعل كل واحد منهما في الوقت الأصلح أن يفعله فيه،..لأن جامع السعادات قد جعلها من جزاء الطاعة وجميع العذاب قد جعله من جزاء المعاصي، وأما الشرع فلم يجعله جزاء لا على طاعة ولا على معصية، ولو ادعى ذلك مدع لإفساده الشرع الأول لاستحالته أن يكون جزاء لشيء تقدمه"[56].

ويقول نتنئيل  فيومي:"فما تقولون فيما أوتي موسي الكليم عليه السلام أجهل هو أم حكمة؟ فليس يمكنهم أن يقولوا جهل بل حكمة، فحسبهم هذا الجواب. إن الحكمة لا تتبدل ولا تنسخ ولا تتغير، والله سبحانه إنه حاشا بأن يأمر بأمر على يد نبي بآيات ومعجزات وخرق عوائد في السماء والأرض ثم يبدي له، وينسخ ذلك ويبطله، بل له سبحانه أن يزيد بأمر من يشاء وبعث من شاء إلى من شاء"[57].

أما الاختلاف الذى جاء به نتنئيل فيومي، هو أنه أخذ مبدأ المسلمين في إثبات النسخ بأنه رعاية من الله لمصالح العباد، واعتبره دليل لرفع النسخ عن التوراة، فيقول:"فإذا قالوا لنا: كان ذلك يلزمكم في وقت موسي لاغير، فإذا جاء آخر نسختم شريعتكم، ودخلتم في الآخرى، قلنا لهم: اعلموا أن الله تعالى أمر أن يتعبد كل قوم بشريعة، ويحل لكل قوم شيئًا حرمه على الآخرين، ويحرم عليهم شيئًا قد أحله للآخرين، لأنه عارف بمصالح خلقه. وربما يوافقهم كمعرفة الطبيب الماهر بالمرضي ولله تعالى المثل الأعلى..إنه أعرف بصلح خلقه أجمعين وحسابهم وعقابهم مفوض إليه سبحانه.. فالكل عباده ورحمته تسعهم في الدنيا والآخرة كقوله (المزامير 145: 9) الرب صالح للكل...فبعث  الأنبياء  في كل عصر وزمان ليحثوا الخلائق بالعبادة، وفعل الخير والهدى إلى الرشاد..فيجب على كل أمة أن تهتدي بما وصل إليها، وورد لديها، وتقتدي بأنبيائها وأئمتها وأوصيائها. ولم يبق أحد بغير شريعة فالكل من رب واحد و إليه يرجعون"[58].

2-القول بالنسخ يتهم الذات الإلهية بالجهل والتناقض، فقد أنزل الله تشريعًا على أنه مؤبد ثم جعله مؤقتًا. والمؤقت ينتهي بانتهاء وقته، وعندئذ يكون نسخه تحصيل حاصل، فيكون عبثًا.[59] كما  أن النسخ يقتضي أن الأمر كان حسنًا ثم قبحه الله. وذلك يلزم التناقض في شرائع الله، فتجتمع الطاعة والمعصية والحق والباطل.[60].يقول سعديا:" لو كان إنما شرع لينسخ لم يكن بد لكل شرع من أن ينسخ، فينسخ الأول بالثاني، والثاني بالثالث، إلى ما لا نهاية له، وهذا باطل، ومع ذاك لو كان هذا هكذا لكان في الشرع الثاني أبدًا تضاد ومناقضة"[61]، ويقول أيضًا:" إذ مجوز النسخ لا يجوزه قبل أن يمتثل الشرع مرة واحدة، لئلا يصير عبثًا، وإنما أمر إبراهيم بأن يبذل ابنه للقربان، فلما تم منه البذل بإظهار النار والحطب ومسك السكين قال له حسبك لم ارد منك أكثر من هذا"[62].

ويقول نتنئيل فيومي، ليثبت أن النسخ يثبت على الله التناقض : "حاشا الله تعالى بأن يكون وعيده يوافي الأمة، ويبقي وعده (أيوب 34: 10) حاشا الله من الشر وللقدير من الظلم".[63]

د- رد علماء المسلمين على أدلة اليهود لرفض النسخ

بدأ علماء المسلمين الرد على اليهود في حججهم برفض النسخ:

 أولًا: الطعن في التوراة وما شابها من تجسيم مفرط للذات الإلهية، فالأولى بهم قبل رفض النسخ، رفض ما جاء من تناقض في التوراة، فيقول ابن القيم: "اليهود متناقضون لحجرهم على الله أن ينسخ ما شرعه، لئلا يلزم البداء، ثم يقولون إنه ندم وبكي على الطوفان، وعاد في رأيه وندم على خلقه، فأى الأمرين أشد: هل النسخ رعايًة لمصالح العباد أم الندم والبكاء".[64]

ثانيًا: إثبات أنه توجد الكثير من فقرات العهد القديم، التى تؤكد طابعه المؤقت كما يقول في ارميا( 31: 31-33) " הִנֵּה יָמִים בָּאִים, נְאֻם-יְהוָה; וְכָרַתִּי, אֶת-בֵּית יִשְׂרָאֵל וְאֶת-בֵּית יְהוּדָה--בְּרִית חֲדָשָׁה.  לא לֹא כַבְּרִית, אֲשֶׁר כָּרַתִּי אֶת-אֲבוֹתָם, בְּיוֹם הֶחֱזִיקִי בְיָדָם, לְהוֹצִיאָם מֵאֶרֶץ מִצְרָיִם:  אֲשֶׁר-הֵמָּה הֵפֵרוּ אֶת-בְּרִיתִי, וְאָנֹכִי בָּעַלְתִּי בָם--נְאֻם-יְהוָה.  לב כִּי זֹאת הַבְּרִית אֲשֶׁר אֶכְרֹת אֶת-בֵּית יִשְׂרָאֵל אַחֲרֵי הַיָּמִים הָהֵם, נְאֻם-יְהוָה, נָתַתִּי אֶת-תּוֹרָתִי בְּקִרְבָּם, וְעַל-לִבָּם אֶכְתְּבֶנָּה; וְהָיִיתִי לָהֶם לֵאלֹהִים, וְהֵמָּה יִהְיוּ-לִי לְעָם.  לג וְלֹא יְלַמְּדוּ עוֹד, אִישׁ אֶת-רֵעֵהוּ וְאִישׁ אֶת-אָחִיו לֵאמֹר, דְּעוּ, אֶת-יְהוָה:  כִּי-כוּלָּם יֵדְעוּ אוֹתִי לְמִקְּטַנָּם וְעַד-גְּדוֹלָם, נְאֻם-יְהוָה--כִּי אֶסְלַח לַעֲוֺנָם, וּלְחַטָּאתָם לֹא אֶזְכָּר-עוֹד." " أيام تأتي يقول الرب، واقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا. ليس كالعهد الذى قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر، حين نقضوا عهدي فرفضتهم، يقول الرب: بل هذا هو العهد الذى أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام. يقول الرب: أجهل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا"

وهذا دليل على إن وعد الله بأن يقطع عهدًا جديدًا يختلف عن العهد الذى قطعه في جبل سيناء[65].

ثالثًا: الرد على فرقة القراءين التى قالت بجواز النسخ عقلًا ، وأنكروا وقوعه في السمع، واستدلوا بما يأتي[66] :
1- إن الحكم إن كان مقيدًا بغاية فإنه ينتهي عند غايته بانتهاء وقته ، وليس ذلك نسخًا.

2- قالوا لو صح وقوع النسخ ، وكانت شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ناسخة لشريعة موسى عليه الصلاة والسلام لبطل قول موسى: " هذه شريعة مؤبدة مادامت السموات والأرض " . وإذا بطل هذا القول لزم الكذب في خبره المتواتر، والكذب في خبره ممتنع؛  فامتنع النسخ سمعًا .
3- يقولون إن التوراة التي أنزلها الله على موسى لم تزل محفوظة لدينا، منقولة بالتواتر فيما بيننا، وقد جاء فيها هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض، وجاء فيها أيضًا" الزموا يوم السبت أبدًا". وذلك يفيد امتناع النسخ؛ لأن نسخ شيء من أحكام التوراة، لا سيما تعظيم يوم السبت، إبطال لما هو من عنده تعالى.

وجاء رد علماء المسلمين على النقطة الأولى: بأن النسخ كما عرف بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر،عرف أيضاً بأنه بيان انتهاء تعلق الحكم . وعدم تسميته نسخًا لا يضر. وفي الثانية: وقوع النسخ في العهد القديم نفسه.  والثالثة: إن نسخ الحكم المؤبد لفظًا جائز على الصحيح، فلاتكن هاتان العبارتان اللتان اعتمدوا عليهما منسوختين أيضا، وشهبة التناقض تُرفع بأن التأبيد مشروط بعدم ورود ناسخ. فإذا ورد الناسخ انتفى ذلك التأبيد، وتبين أنه كان مجرد تأبيد لفظي للابتلاء والاختبار.[67]

رابعًا: الرد على فرقة أبو عيسي الأصفهاني الذين اعترفوا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  بالنبوة، ولكن خصصوا دعوته للعرب فقط. وبذلك لا يقع النسخ لشريعة موسي عليه السلام؛ فهذا تناقض فقد اعترفوا بالنبوة، أما جزئية الخصوص فقد وردت الكثير من الآيات القرائية التى تعمم الدعوة المحمدية مثل قوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" (الأعراف 158). وكذلك النسخ في الحقيقة ليس إبطالًا بل هو تكميل، وفي التوراة أحكام عامة وأحكام خاصة إما مرتبطة بأشخاص أو بأزمنة. وإذا انتهي الزمان لم يبق ذلك لا محالة، ولا يقال إنه إبطال أو بداء، كذلك ما هاهنا.  وبذلك ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن القرآن شريعة الإسلام ناسخ لما قبله من الشرائع، ثم هو غير منسوخ كله لأنه الشريعة الخاتمة.[68]

خامسًا: بدأ علماء المسلمين في تفنيد حججهم العقلية، التى ساقوها لرفض النسخ، وأول الحجج هو اتهام الذات الإلهية بالبداء. وقد رد علماء المسلمين على هذه الحجة (البداء) بأن نسخ الله تعالى ما شاء من أحكامه مبني على حكمة معلومة له لم تكن خافية عليه. غاية ما في الأمر أن مصالح العباد تتجدد بتجدد الأزمان، وتختلف باختلاف الأشخاص، فإذا نسخ حكمًا بحكم كان لحكمة جديدة غير حكمة الحكم الأول، لذلك يقول الآمدي: "وإذا عرف  جواز اختلاف المصلحة باختلاف الازمان، فلا يمتنع أن يأمر الله تعالى المكلف بالفعل في زمان لعلمه بمصلحته فيه، وينهاه عنه في زمن آخر بسبب اختلاف مصلحته .. ولهذا خص الشارع كل زمان بعبادة غير عبادة الزمن الآخر".[69] كما يرد القاضي عبد الجبار على مسألة وقتية الحكم الشرعي بقوله:"لأن تأقيت الحكم بوقت ثم رفعه والإتيان ببدل منه لأجل معلوم كل ذلك يكون في علم الله تعالى منذ الأزل، ولا يتغير علم الله فيه قبل التشريع أو أثناءه أو بعد النسخ، وما ينسخه الله تعالى من الأحكام ويثبته إنما هو على قدر المصالح لا إنه يبدو له من الأحوال ما لم يكن باديًا، والبداء في ذلك للبشر وليس لله تعالى"[70].

ونلاحظ هنا أن علماء المسلمين استخدموا حجة واحدة رادعة في اثبات النسخ ودحض قول اليهود برفضه، ألا وهو الحكمة الإلهية؛ فكما تتقلب الأمم تتقلب يتقلب الأفراد في أطوار شتى، لذلك فمن الحكمة في سياستها وهدايتها أن يصاغ لها من التشريعات ما يناسب حالها في الطور الذي تكون فيه، حتى إذا انتقلت منه إلى طور آخر لا يناسبه ذلك التشريع الأول، حق أن يصاغ لها تشريع آخر يتفق مع هذا الطور الجديد، وإلا لاختل ما بين الحكمة والأحكام من الارتباط والإحكام، ولم يجر تدبير الخلق على ما نشهده من الإبداع ودقة النظام، وإلى هذا الدليل تشير الآية الكريم: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" (البقرة 106) فإنه يفهم منها أن كل آية يذهب بها الله تعالى على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من إزالة لفظها أو حكمها أو كليهما معًا إلى بدل، أو إلى غير بدل، فإنه جلت حكمته يأتي عباده بنوع آخر هو خير لهم من الآية الذاهبة أو مثلها.[71]

أما في الرد على حجة إن النسخ يثبت الجهل والتناقض للذات الإلهية، فقد رأى علماء المسلمين إن الحكم المنسوخ مؤقت لا مؤبد، ولكنه علم، بجانب ذلك أن تأقيته إنما هو بورود الناسخ لا بشيء آخر. وهذا لا يمنع النسخ بل يوجبه، لأن ورود الناسخ محقق لما في علمه لا مخالف له، شأنه تعالى في الأسباب ومسبباتها، فقد تعلق علمه بها كلها، فيكون النسخ بيان بالنسبة إلى الله تعالى، رفع بالنسبة إلينا، ولا تناقض فيه، لذلك يقول التفتازاني:" وإنما التناقض في رفع الوجوب بعد تأييده، كما إذا قيل: الوجوب أبدًا ثم نسخ فيكون زمان لا وجوب فيه، وهذا لا نزاع في امتناعه، وهو المراد بقولهم إن النسخ ينفي التأييد، وعليه يبتني امتناع نسخ شريعتنا".[72]

كما جاء الرد على شبهة الحسن والقبح في أفعال الله وأوامره، بأن الحسن والقبح صفتين ذاتيتين (كما إنهما صفتان عقليتان) والراجح أن الحسن والقبح ليسا من صفات الأفعال الذاتية حتى تكون الصفة ثابتة فيها لا تتغير، بل هى تابعة لتعلق أمر الله بالفعل أو نهيه عنه. وعلى هذا يكون الفعل محبوبًا وحسنًا وطاعة لله ما دام مأمورًا به من الله تعالى. وقد يكون الفعل نفسه قبيحًا ومعصية ومكروهًا له تعالى عندما يكون منهيًا عنه، وبناء عليه لا يتحقق اجتماع الضدين في النسخ، لأن الوقت الذى يكون فيه الفعل حسنًا غير الوقت الذى يكون فيه قبيحًا.[73]

وبالتالى يثبت إنه لا محظور عقلي في النسخ؛ فالمصالح تختلف باختلاف الأشخاص والازمان والأحوال.

المحور الثالث: أدلة علماء المسلمين على نسخ الشريعة الإسلامية للتوراة ورد اليهود عليهم

قدم علماء المسلمين أدلة قاطعة تؤكد نسخ الشريعة الإسلامية للتوراة، وأوجزوها في نقاط محددة هي:

أ-وقوع النسخ داخل العهد القديم ذاته[74]

جاءت النصوص في العهد القديم متعارضة بين حكمين متناقضين لا يمكن الجمع بينهما؛ أحدهما حلال والآخر حرام، مما يلزم منه بطلان أحدهما واستمرار العمل بالآخر. وهو ما يثبت أن النسخ واقع في الشريعة اليهودية، ويجوزه العقل، ومن أمثلة ذلك:

-كان الجمع بين الأختين مباحًا في عهد يعقوب، إذ جمع بين ليئة وراحيل وكانتا أختين(التكوين 29: 15-29) " וּלְלָבָן, שְׁתֵּי בָנוֹת:  שֵׁם הַגְּדֹלָה לֵאָה, וְשֵׁם הַקְּטַנָּה רָחֵל.. -וַיִּקַּח אֶת-לֵאָה בִתּוֹ, וַיָּבֵא אֹתָהּ אֵלָיו; וַיָּבֹא, אֵלֶיהָ.. וַיַּעַשׂ יַעֲקֹב כֵּן, וַיְמַלֵּא שְׁבֻעַ זֹאת; וַיִּתֶּן-לוֹ אֶת-רָחֵל בִּתּוֹ, לוֹ לְאִשָּׁה.  כט וַיִּתֵּן לָבָן לְרָחֵל בִּתּו,"" وكان للابان ابنتان اسم الكبرى ليئة واسم الصغري راحيل..وكان في المساء أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه، فدخل عليها..ففعل يعقوب هكذا فأكمل أسبوع هذه، فأعطاه راحيل ابنته زوجة له".  ثم حٌرم في شريعة موسي فقال في (اللاويين 18: 18)" וְאִשָּׁה אֶל-אֲחֹתָהּ, לֹא תִקָּח. לִצְרֹר, לְגַלּוֹת עֶרְוָתָהּ עָלֶיהָ--בְּחַיֶּיהָ." "ولاتأخذ امرأة على أختها للضر لتكشف  عورتها معها في حياتها".

-كذلك الأمر في زواج الرجل لعمته فقد كان مباحًا فيقول في التوراة في (الخروج 6: 20)" וַיִּקַּח עַמְרָם אֶת-יוֹכֶבֶד דֹּדָתוֹ, לוֹ לְאִשָּׁה, וַתֵּלֶד לוֹ, אֶת-אַהֲרֹן וְאֶת-מֹשֶׁה;" "تزوج عمرام عمته يوكابد فأنجبت له هارون وموسي"،  ثم جاء وحرمه في سفر اللاويين(18: 12) "עֶרְוַת אֲחוֹת-אָבִיךָ, לֹא תְגַלֵּה:  שְׁאֵר אָבִיךָ, הִוא.  עֶרְוַת אֲחוֹת-אִמְּךָ, לֹא תְגַלֵּה:  כִּי-שְׁאֵר אִמְּךָ, הִוא" "عورة أخت أبيك لا تكشف إنها قريبة أبيك، عورة أخت أمك لا تكشف إنها قريبة أمك".

-زواج الأخت كان مباحًا فيقول عن سيدنا إيراهيم في التكوين (20: 12)" יב וְגַם-אָמְנָה, אֲחֹתִי בַת-אָבִי הִוא--אַךְ, לֹא בַת-אִמִּי; וַתְּהִי-לִי, לְאִשָּׁה.""وبالحقيقة أيضًا  هى أختي ابنة أبي، غير أنها ليست ابنة أمى فصارت لى زوجة" عندما كان يتحدث عن السيدة سارة، ثم جاء بعد ذلك وحرم هذا الأمر في التثنية(27: 22)"  אָרוּר, שֹׁכֵב עִם-אֲחֹתוֹ--בַּת-אָבִיו, אוֹ בַת-אִמּוֹ; וְאָמַר כָּל-הָעָם, אָמֵן" "ملعون من يضجع مع اخته بنت ابيه أو بنت امه ويقول جميع الشعب آمين".

يقول سعديا في هذا الأمر:" هذا ليس نسخًا وإنما هو عذرًا؛ لأنك تعتقد أن الأخت محضورة من قبل موسي، كما وجدنا ابراهيم يقول لسارة "אמרי נא אחותי את" وإنما تزوج بنو ادم بذلك لموضع الضرورة، إذ لم يكن من الناطقين سواهم، فلما اتسع النسل انقطع العذر لمن آتي "[75].

ويقول نتنئيل فيومي:"فإن قالوا إن كتابنا نسخ كتابكم كما نسخ كتابكم كتاب إبراهيم، قلنا لهم: ليس ذلك بصحيح، بل نحن مقيمون على ملة أبينا إبراهيم  كالختانة..فلما بعث الله سبحانه الكليم موسي بتوراة بني إسرائيل..فافترض عليهم ما افترض على يديه فرائض، وزاد  على فرائض إبراهيم عليه السلام لما أوجب الوقت ذلك، ولم يبطل شريعة إبراهيم... وكانت الأخوات حلالًا من أصل شريف لعدمهم؛ حتى لا يتزوجوا المتقدسين من بنات كنعان، فلما تكاثرت الأمة حظروا عليهم، وليس ذلك نسخًا "[76]

-أما الدليل الجَلي على نسخ التوراة، هو أن العهد الجديد نسخ العهد القديم في أكثر شرائعه، فعلى سبيل المثال شريعة خليل الله إبراهيم عليه السلام  أوجبت الختان، وشددت على أبديته (التكوين17: 9-14) "וַיֹּאמֶר אֱלֹהִים אֶל-אַבְרָהָם, וְאַתָּה אֶת-בְּרִיתִי תִשְׁמֹר--אַתָּה וְזַרְעֲךָ אַחֲרֶיךָ, לְדֹרֹתָם.  י זֹאת בְּרִיתִי אֲשֶׁר תִּשְׁמְרוּ, בֵּינִי וּבֵינֵיכֶם, וּבֵין זַרְעֲךָ, אַחֲרֶיךָ:  הִמּוֹל לָכֶם, כָּל-זָכָר.  יא וּנְמַלְתֶּם, אֵת בְּשַׂר עָרְלַתְכֶם; וְהָיָה לְאוֹת בְּרִית, בֵּינִי וּבֵינֵיכֶם" "وقال الله لإبراهيم، وأما أنت تحفظ عهدي، أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم. فهذا هو عهدي الذى تحفظونه بيني وبينكم، وبين نسلك من بعدك، يختتن منكم كل ذكر؛ فتختتون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم". وعليه كان العمل أيضًا في شريعة عيسى عليه السلام، كما ورد في الأناجيل أن )المسيح عليه السالم اختتن في اليوم الثامن من والدته ) (انجيل لوقا2/21)، وظل الحكم كذلك إلى أن جاء بولس  ونسخه وأبطله، بل وشدد على منعه.[77]

وقد رد سعديا على هذه الجزئية بأن توراة موسي مكملة لشريعة إبراهيم لما مر ببني إسرائيل منذ النشأة الأولى، وإضافة شرائع على شرائع قديمة، وليس حذفها أو نسخها، فيقول:"وإذا نظرنا شريعة موسي وجدناها شريعة ابراهيم على الحقيقة وإنما زيد..لحوادث حدثت على قومه..فإن كانت الزيادة نسخًا فمن تنفل بصلاة أو بصوم أو صدقة فقد نسخ شريعته".[78]

-وكان من أهم الفقرات التى أثارت نقد علماء المسلمين واستخدموها لإثبات النسخ في التوراة ذاتها، هى "التضحية بإسحاق" حيث غير الإله التوراتي رأيه في هذه التضحية، فقد أعلنت التوراة في البداية في (التكوين 21: 12) " כִּי בְיִצְחָק, יִקָּרֵא לְךָ זָרַע" "لأنه باسحاق يدعي لك نسل"، ثم تراجع وقرر الإله التضحية به (التكوين 22:2) " וְהַעֲלֵהוּ שָׁם, לְעֹלָה," " وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال"  ثم عدل عن التضحية، وأمر إبراهيم عليه السلام بالتراجع عن ذلك (التكوين 22: 12)"  אַל-תִּשְׁלַח יָדְךָ אֶל-הַנַּעַר" "لا تمد يدك إلى الغلام".

وقد قام سعديا في البداية بتقديم ترجمة مختلفة للفقرة، فقد قال في الفقرة (التكوين 22: 12) :"فلما تم منه البذل بإظهار النار والحطب ومسك السكين،قال له حسبك لم أرد منك أكثر من هذا"[79]، ثم قام بتأويلها في محاولة منه لتخريج الفقرة بمنهج تأويلي رغم إن الفقرة واضحة ولا تحتاج للتأويل؛ فرأى إن الأمر يقتصر على التصعيد على النار فقط لا التضحية، ثم رأى إن الجملة أساسًا شرطية فهى كالتالى: העלהו.... אשר = אם אומר אליך مثل الفقرة في سفر اللاويين (4: 22) "אֲשֶׁר נָשִׂיא, יֶחֱטָא;" حيث جاءت كلمة אשר بمعني אם، كما إن كلمة העלהו عائدة على الأيل، كما إن الله لم يقل في أمره לעולם، وبالتالى لا يجوز النسخ.[80]ويقول أيضاً :" إذ مجوز النسخ لا يجوزه قبل أن يمتثل الشرع مرة واحدة لئلا يصير عبثًا، وإنما أمر إبراهيم بأن يبذل ابنه للقربان، فلما تم منه البذل بإظهار النار والحطب ومسك السكين قال له حسبك لم ارد منك أكثر من هذا"[81].

 ويحيل موسى بن ميمون هذا التذبذب في الأمر الإلهي في التضحية باسحاق، إلى رغبة الرب في امتحان عباده، ثم نفي الجهل عنه في معرفته مسبقًا برد فعل إبراهيم عليه السلام، قائلًا:" ודע, שכבר חיזק זה הענין ב׳תורה׳ ובארו וזכר שתכלית ה׳תורה׳ כולה בכל מה שכללה אותו ממצות עשה וממצות לא תעשה ומיעודים וסיפורים, אמנם הוא דבר אחד והוא – יראת האלוה ית; והוא אמרו: ״אם לא תשמור לעשות את כל דברי התורה הזאת הכתובים בספר הזה ליראה את השם הנכבד והנורא הזה וגו׳״. זה – אחד משני הענינים המכוונים ב׳עקדה׳... כן צריך שנבין עניני ה׳נסיונות׳ – לא שהאלוה ית׳ ירצה לבחון אדם ולנסותו עד שידע מה שלא היה יודעו קודם – חלילה לו חלילה ממה שידמוהו הסכלים הפתאים ברוע מחשבתם. ודע זה!" [82]

"واعلم إنه قد تم التأكيد على هذا الأمر في التوراة وتفسيرها، وأشير إلى أن هذا هو الهدف الأساسي من الوصايا والتشريعات (أفعل ولاتفعل) والاستشهادات والقصص، كلها الهدف منها واحد وهو مخافة الله، ولذلك قال في التثنية (28: 58) "إن لم تحرص لتعمل بجميع كلمات هذا الناموس المكتوبة في هذا السفر، لتهاب هذا الاسم الجليل المرهوب، الرب إلهك.. وهذا هو أحد الأمور المقصودة من قصة  التضحية باسحاق.. وهكذا يجب أن نفهم الاختبارات الإلهية وهو أن الله لا يريد أن يختبر الإنسان ويجربه ليعلم ما لم يكن في علمه-حاشا لله فهذا ما يتوهمه الحمقي الأغبياء الذين ضل فكرهم"

-كذلك من الفقرات التى استحقت النقد في التوراة، واشارت لوقوع النسخ[83]، الفقرة في سفر التكوين (2: 17)، والتى تضمنت الوعد الإلهي بموت آدم وحواء بالموت بعد الأكل من الشجرة "בְּיוֹם אֲכָלְךָ מִמֶּנּוּ--מוֹת תָּמוּת." "لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت"، ثم لم يحدث أن ماتا، فقال سعديا في ترجمتها"فأنك في يوم تأكل منها تستحق أن تموت"، وبذلك خرج سعديا من تغيير قرار الإله، وقال في التفسير " ولكنى أقول إن بيوم أكلك يوم على ظاهره وأما معني מוֹת תָּמוּת تستحق أن تموت"[84]

ب- العهد القديم يبشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

اعتمد علماء المسلمين، في دحض أقوال اليهود لرفضهم نسخ التوراة، على أن التوراة بها الكثير من الفقرات التى تبشر بمجيئ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم[85] ، ورغم نقد علماء اليهود في العصر الوسيط لهذه الفقرات التوراتية، عبر تقديم تفسير مختلف لها، فقد رأي كلا من موسي بن ميمون وسعديا أن هذه التفسيرات لفقرات العهد القديم من قبل المسلمين، والتى تبشر بمجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  جاءت نتيجة لليهود الذين أسلموا، وفسروا الفقرات؛ وفقًا  للعقيدة الجديدة التى دخلوا بها مثل (סמואל לאלמוגרבי 1130-1180)[86] شموئيل المغربي، الذى ألف كتاب "بذل المجهود في إفحام اليهود".[87]

 ومن أهم الفقرات التى اعتمد عليها علماء المسلمين، ما جاء في:

- سفر حبقوق (3: 3-4) " אֱלוֹהַּ מִתֵּימָן יָבוֹא, וְקָדוֹשׁ מֵהַר-פָּארָן סֶלָה; כִּסָּה שָׁמַיִם הוֹדוֹ, וּתְהִלָּתוֹ מָלְאָה הָאָרֶץ.  ד וְנֹגַהּ כָּאוֹר תִּהְיֶה, קַרְנַיִם מִיָּדוֹ לוֹ; וְשָׁם, חֶבְיוֹן עֻזֹּה"" الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران سلام، جلاله غطي السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور، لم من يده شعاع، وهناك استتار قدرته".

-في سفر التثنية(18: 18-19)" נָבִיא אָקִים לָהֶם מִקֶּרֶב אֲחֵיהֶם, כָּמוֹךָ; וְנָתַתִּי דְבָרַי, בְּפִיו, וְדִבֶּר אֲלֵיהֶם, אֵת כָּל-אֲשֶׁר אֲצַוֶּנּוּ.  יט וְהָיָה, הָאִישׁ אֲשֶׁר לֹא-יִשְׁמַע אֶל-דְּבָרַי, אֲשֶׁר יְדַבֵּר, בִּשְׁמִי--אָנֹכִי, אֶדְרֹשׁ מֵעִמּוֹ"أقيم لهم نبيًا من وسط أخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامي الذى يتكلم به باسمي أنا أطالبه".

-سفر اشعيا أيضًا به الكثير من الفقرات التى تبشر بمجيء سيدنا محمد فيقول في (9: 5): " כִּי-יֶלֶד יֻלַּד-לָנוּ, בֵּן נִתַּן-לָנוּ, וַתְּהִי הַמִּשְׂרָה, עַל-שִׁכְמוֹ; וַיִּקְרָא שְׁמוֹ פֶּלֶא "لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويدعي اسمه عجيبًا". وكذلك(اشعيا 21: 13)" מַשָּׂא, בַּעְרָב:  בַּיַּעַר בַּעְרַב תָּלִינוּ, אֹרְחוֹת דְּדָנִים." "وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب، تبيتين، يا قوافل الددانيين"، وكذلك (اشعيا 42: 1) " הֵן עַבְדִּי אֶתְמָךְ-בּוֹ, בְּחִירִי רָצְתָה נַפְשִׁי; נָתַתִּי רוּחִי עָלָיו, מִשְׁפָּט לַגּוֹיִם יוֹצִיא." "هوذا عبدي الذى اعضده، مختارى الذى سرت به نفسي، وضعت روحي عليه، فيخرج الحق للأمم".

-في سفر التكوين(التكوين 21: 20-21)"  וַיְהִי אֱלֹהִים אֶת-הַנַּעַר, וַיִּגְדָּל; וַיֵּשֶׁב, בַּמִּדְבָּר, וַיְהִי, רֹבֶה קַשָּׁת.  כא וַיֵּשֶׁב, בְּמִדְבַּר פָּארָן"" وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية، وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أهل مصر".

وبدأ علماء المسلمين جدلهم مع اليهود، في هذه الجزئية، بإثبات مكان الوحي الأخير وهو فاران، عبر عدة نقاط:

- أولًا: الغلام المشار إليه هو سيدنا إسماعيل، وسيدنا إسماعيل معروف تاريخيًا أنه نشأ في الحجاز وبالتالى تكون فاران في الحجاز، وفق أقوال العهد القديم نفسه. ويؤكد الأمر في موضع آخر فيقول في (التكوين 25: 16- 18):" אֵלֶּה הֵם בְּנֵי יִשְׁמָעֵאל, וְאֵלֶּה שְׁמֹתָם, בְּחַצְרֵיהֶם.. וַיִּשְׁכְּנוּ מֵחֲוִילָה עַד-שׁוּר, אֲשֶׁר עַל-פְּנֵי מִצְרַיִם" "هؤلاء هم بنو إسماعيل، وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم.. وسكنوا من حويلة إلى شور" وأما حويلة مقاطعة في بلاد العرب، قريبة من حضرموت، أما شور فهي موضع في البرية جنوب فلسطين وشرق مصر[88]. ويؤكد ياقوت الحموي أن فاران كلمة عبرانية مُعربة، وهي من أسماء مكة، ورد ذِكْرُها في التوراة، وقيل اسم لجبال مكة[89]. وهو ما أكده أيضاً بعض المؤرخين مثل القديس جيروم(420م).[90]

-ثانيًا: التحليل الجغرافي لهذه الأماكن يوكد أنها  أراضٍ من جهة بلاد العرب، في تيمان وفاران، وهى الديار التى سكنها قيدار في إشارة واضحة لمجيئه من شبه الحزيرة العربية، وقيدار هو الابن الثاني لسيدنا إسماعيل، وهو أب لأشهر قبائل العرب (التكوين 25: 13)" וְאֵלֶּה, שְׁמוֹת בְּנֵי יִשְׁמָעֵאל,.. קֵדָר". وأرض تيمان نسبة إلى تيما شقيق قيدار، من أبناء اسماعيل (التكوين 25: 15) "חֲדַד וְתֵימָא,". وهي كلمة عبرية بمعني الجنوبي، والمكان وفق قاموس الكتاب المقدس في المنتصف بين دمشق ومكة، وجنوب فلسطين[91]، بل  إن حكماء المشنا ربطوا بين جبل فاران وسيدنا إسماعيل فقالوا: "כשנגלה המקום ליתן תורה לישראל לא בלשון אחד נגלה אלא בארבע לשונות ...הופיע מהר פארן זה לשון ערבי"[92] "(وعندما تجلى الرب ليمنح التوراة لبني إسرائيل لم يمنحها بلغة واحدة ولكن بأربع لغات.. وظهرت واحدة منهم من جبل فاران وتلك كانت باللغة العربية).

وجاء رد اليهود على هذه الجزئية كالتالى:

1-خالف سعديا آراء حكماء المشنا  في الفقرات التى تؤكد البشارة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مثل ربطه بمنطقة فاران، ورأى أن المكان المقصود به جبل سيناء، وأن هناك ثلاثة مسميات لجبل سيناء في التوراة (סיני-שעיר-פארן)؛ حيث ارتبط اسم شعير بسيدنا عيسي، وبالتالى فإن منطقة فاران هى أيضاً جبل سيناء مكان التجلي الإلهي لسينا موسى.

وكذلك الفقرة في سفر حبقوق، التى كانت مثار النقض لليهودية، باعتبارها بشارة صريحة بمجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ادعى سعديا ان الفعل المراد به الماضي، وليس المستقبل، كما هو واضح في الفقرة، فيقول في ترجمة الفقرة: "وقال اللهم الذى تجلى لنا من طور سيناء وأشرق بنوره من جبل شعيرولوح به من جبل فاران".[93] ويقول أيضًا في الامانات والاعتقادات:" وهذه الثلاثة أسماء لجبل سيناء...كذلك جبل سيناء هو جبل يقابل سيناء وشعير وفاران؛ إذ هو على خط مستقيم فهو يسمي باسم ثلاثتهما"[94]،  وكذلك الفقرة في سفر اشعيا(9: 5)" כִּי-יֶלֶד יֻלַּד-לָנוּ, בֵּן נִתַּן-לָנוּ, וַתְּהִי הַמִּשְׂרָה, עַל-שִׁכְמוֹ;" فترجمها المسلمون إن معنها بشارة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  وإن العلامة أو الشامة بين كتفيه، فترجمها سعديا:"وكانت الرياسة على رأسه" فغير مكان عضو الجسم ليتخلص من الشارة [95].

2-بدأ موسي بن ميمون جدله حول هذه القضية بالرد على فقرة سفر العدد (14: 7)"וַיֹּאמְרוּ, אֶל-כָּל-עֲדַת בְּנֵי-יִשְׂרָאֵל לֵאמֹר:  הָאָרֶץ, אֲשֶׁר עָבַרְנוּ בָהּ לָתוּר אֹתָהּ--טוֹבָה הָאָרֶץ, מְאֹד מְאֹד" "وكلم كل جماعة بني إسرائيل قائلين: الأرض التى مررنا فيها لنتجسسها الأرض جيدة جدا جدا"؛ حيث رأى بعض المفسرون المسلمون أن القيمة العددية لكلمتي :((מְאֹד מְאֹד)  تشير إلى اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ورأى بن ميمون إن الاسم المقصود أحمد، فأكد الأمر وهو لا يعلم؛ لأن أحمد من أسماء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم انتقد أيضًا الفقرات المرتبطة بمكان ظهور سيدنا محمد، وهو فاران، واستخدم نفس حجج سعديا بربط الفعل بالماضي وليس المستقبل، وأن البشارات تدل كذلك على أن النبي المقصود نبي من بني إسرائيل.

(לך לדעת שזה השם שעלה בדעת הישמעאלים שכתוב בתורה שאחזו בו הפושעים כלומר במאד מאד שהוא מחמד אינו מחמד אלא אחמד ... ומספר במאד מאד אינו עולה למספר אחמד שסוברים שהוא כתוב בתורה ואלו אמר יופיע מפארן ..ואמר הופיע הורה שהוא דבר שכבר עבר וביאור הדבר שהוא מספר מעמד הר סיני ואומר כשנגלה על הר סני לא נגלה מן השמים על הר סיני ...והדבר מובן למי שירצה כלומר לישראל.. ועל הדרך שבארוהו חכמים ז"ל שהקב''ה שלח נביא לאדום קודם משה רבינו להורות להם התורה ולא רצו לקבלם וכן שלח לישמעאל והראה אותה להם ולא קבלוהו ממנו ואחר כך שלח לנו משה רבינו וקבלנוה .. אבל הראיה שהם מביאים ממה שנאמרדברים י"ח ט"ו) נביא מקרבך מאחיך כמוני יקים לך ה' אלקיך.. ואמר שכל נביא שישלח אלינו להודיענו העתיד יהיה מקרבכם כדי שלא תצטרך לשוטט אחריו מעיר לעיר ולהלוך אחריו מהלך רחוק זהו ענין מקרבך..   וכתיב מאחיך יתכן להיות מעשו ומישמעאל לפי שמצאנו כתוב בעשו (במדבר כ' י"ד... הוצרך לאמר כמוני כלומר מבני יעקב ואין כמוני בכאן להיות כמוהו במעלת הנבואה שכבר אמר ולא קם נביא עוד בישראל כמשה  "[96]

"ويجب أن تعلم أن الاسم الذى ظن الإسماعليون (العرب) إنه كتب في التوراة، وتمسك به المرتدون بأن كلمة מְאֹד מְאֹד. هى إشارة لمحمد فهو ليس محمد ولكنه احمد ....وأن القيمة العددية لأحمد ليست كالقيمة العددية ل מְאֹד מְאֹד. ومن رأى إن الفقرة التى تشير إلى الظهور من جبل فاران.. ونقول إن الظهور هنا مقصود به الفعل الماضي، وإن المقصود به من جبل سيناء؛ لأنه لم يكن هناك تجلى إلا على جبل سيناء .. أما الدلالة التى احتجوا بها في سفر التثنية (18: 15) "ويقيم لك الرب نبيًا من وسطك من أخوتك". ونقول إن كل نبي سوف يرسل إلينا ليخبرنا عن المستقبل يجب أن يكون وسطنا حتى لا نضطر للتجوال ورائه من بلد لبلد،  والسفر إلى مناطق بعيدة؛ لذلك قال من وسطك.. وكتب من أخوتك، وربما تفهم على إنها عيسو واسماعيل كما جاء عن عيسو في العدد (20: 14) .. ولكن من أخوتك هنا تعني من أبناء يعقوب، ولا يوجد مثله يضاهيه في مرتبة النبوة، كما جاء لم يقم نبي في إسرائيل مثل سيدنا موسي (الثنية 10: 34)"

3-استخدم القرقساني حجة جديدة، غير موسي بن ميمون وسعديا، فرأى أن الفقرات التى بشرت بمجيء سيدنا محمد في التوراة ، كان يجب أن تأتى على جهة التصريح وليس التلميح؛ فيقول:" يقال لهم أيضًا، ومثل هذا الأمر العظيم الجليل، وهذا السيد الرفيع الذى طاعته واجبة على جميع الخلق، وشريعته لازمة لهم أيضًا، للعربي والعجمي، لم اراد أن يذكر بالرمز والتطريح؛ حتى يوصل إلى معرفة ذلك بالتأويل والاستخراج، وإنما كان يجب أن يفصح بذلك إفصاحًا لا يقع فيه خلف، وينادى باسمه نداء يزيل الشك ..كما أن الله جل وعز لما أراد يبشر إبراهيم باسحق ابنه أخبره بذلك بالتصريح والإفصاح باسمه"[97].

5- اتبع يهودا اللاوى (יהודה הלוי 1075- 1141)[98] نفس نهج سعديا وموسي بن ميمون؛ فغير المكان فيقول:"فليس لإسماعيل عهد ولا لعيسي، وإن سعدوا...وأما سيناء وفاران فكلها من نطاق الشام...وأما نبوة أرميا بمصر فيها ومن أجلها، وكذلك نبوة موسي وهارون ومريم، وأما سيناء وفاران فكلها من حدود الشام؛ لأنها دون بحر "سوف" كما قال تعالى (واجعل تخومك من بحر سوف إلى بحر الفلسطينيين، ومن البرية إلى النهر) فالبرية هى برية فاران، وهي حدها في الجنوب والنهر هو نهر الفرات حدها في الشمال، وفيها المذابح التى للآباء، والتى أجيبوا فيها بالنار السماوية والنور الإلهي، وقد كان تقديم إسحق في جبل الموريا، فهناك لا محالة المواضع التى تستحق أن تلمس أبواب السماء، ألا ترى كيف نقل إبراهيم من بلده لما نجب، ووجب اتصاله بالأمر الإلهي".[99].

ثم انتقل علماء اليهود، في جدلهم لإبطال نسخ التوراة، لدحض نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان لكل منهم منهجه. وذلك على النحو التالى:

1-بدأ سعديا  بنفي الخبر الوارد عنها،  لذلك يقول:"كل خبر يمنعه ويفسده العقل، لا توجد ضرورة للبحث عنه"[100].

2-اعتمد موسي بن ميمون في إنكار نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، على أنه غير مؤهل ليكون نبيًا، مستندًا على نظرية ارسطو حول ضرورة كون النبى انسانًا روحانيًا يتخلى عن كل الملذات الدنيوية ليحظى بالحكمة؛  لذلك خرج سيدنا محمد من هذا الإطار، وشبهه بصدقياهو بن معيا واحاب بن كولياه"צדקיהו בן מעשיה ואחאב בן קוליה " اللذين ادعيا النبوة، وتبعهم الكثير من البشر، وفي النهاية وقعوا في الزنا مع نساء رفقائهم، ولعنهم الله، فيقول:"שזאת תחילת מדרגות אנשי החכמה כל שכן הנביאים .., כמו שזכר אריסטו ... תראה צדקיה בן מעשיה, ואחאב בן קוליה איך התפארו בנבואה ונמשכו אחריה בני אדם, ואמרו דברי נבואה שאמרום זולתם, והתמידו בפחיתות תענוג המשגל, עד שזנו בנשי חבריהם..ובן מטרה זו:"[101] "وهذه هى بداية فضائل الحكمة، المختصة بالأنبياء..كما ذكرها أرسطو .. انظر إلى صدقياهو بن معيا واحاب بن كولياه [102]اللذين ادعيا النبوة وتبعهم بعض البشر، ورددوا أقوال النبوة كما قالها غيرهم، وتمادوا في الانحطاط بالانغماس في الملذات، حتى زنوا بزوجات اصدقائهم.." فكانت كلمة בן رمزًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول أحد الباحثين: "והבן זאת הכוונה הרומזות כנראה למוחמד שהיה כידוע בעל מספר נשים דבר המעיד על היותו שטרף זימה ותאוותן מופלג ולפיכך בלתי מתאים לנבואה".[103]"وكلمة בן ترمز إلى محمد على ما يبدو، فكما هو معروف إنه كان متعدد الزوجات، الأمر الذى يدل على أنه كان فاحش وشهواني للغاية، وبذلك فهو غير مناسب للنبوة".

3- لم ينكر نتنئيل فيومي النبوة، ولكنه اعتبرها خاصة بالعرب، فيقول:" فتعلم يا أخى أن الله تبارك وتعالى لم يمتنع أن يبعث إلى عالمه من شاء متي شاء، إذ فيض عالم القدم دائم متواتر غير منقطع.. وأنه سبحانه قد بعث إلى الأمم أنبياء من قبل نزول التوراة... فلم يمتنع أن يبعث إليهم من شاء بعد نزولها ولا يبقي العالم بلا دين.. ولكنه سبحانه اختارنا وشرفنا من بين الأمم، لا لفضيلة سبقت، بل من إنعام الله على آبائنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب كقوله في التثنية(7: 7- 8) ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب، التصق الرب بكم واختاركم، لأنكم أقل من سائر الشعوب، بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذى أقسم لآبائكم"[104]

4-نفي القرقساني وجود أىة بشارة أو تصريح من جانب أنبياء بني إسرائيل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول:"ثم يقال لهم كيف يجوز أن يكون الله جل وعز قد علم انه يريد أن ينسخ شريعة موسي عليه السلام وتوريته على يد نبي يرسله إلى جميع أهل الأرض من الأبيض والأسود، ويأمرهم بأسرهم أن يتخذوا شريعة، ولا يخبر بذلك على يد سيد المرسلين موسي عليه السلام، ولا على يد غيره من سائر الأتبياء عليهم الرحمة... وما يكون في أيامه من شمول السلامة، وبطلان الحروب، وزوال الكفر، وكون الخلق على ملة واحدة ولغة واحدة كما ذكره دانيال في الدول دولة دولة إلى مجيء المسيح واستيلائه على ملك العالم.. وهذه الأخبار خبر هذا الرجل ونبوته وشريعته، بل قد كان يجب بأن تتقدم خبره على كل خبر، ويكون ذكره والبشارة به أولى من ذكر كل أمر"[105] .

وجاء رد علماء المسلمين قاطعًا في هذه الجزئية، وهو أن معجزات سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، وسيدنا عيسي عليه السلام، دليل على كذب اليهود.[106] فيقول القاضي عبد الجبار:"فإذا بعث الله نبياً مؤيداً بالمعجزات يدعي نسخ الشرائع، وجب تصديقه، فيكون مراد موسي من هذه الأخبار أن شريعته لا تنسخ على يدي من لا معجز معه. فلامانع من أن يكون ذلك مشروطًا بعدم ظهور نبي آخر، ويكون هو المراد باللفظ... ولذلك لا وجه للأخذ بحقيقة هذه الأخبار، فقد نفتها نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالأدلة القاطعة. وهنا يجب أن يتم حتى لو أخذنا بهذه الفقرات وإنها لم تحرف، بتأويل هذه الفقرات وإن شريعتي(شريعة سيدنا موسي) تنسخ لو جاء من تم تأيده بمعجزات".[107] وقدم القاضي الدليل الحاسم باعتراف المسلمين بنبوة سيدنا موسي بالخبر والاضطرار، فيقول: "كما إن المسلمون يعلمون بالضرورة عن سيدنا موسي وما جاء من قصص عنه في القرآن، وكان ذلك يوجب معرفتهم عن عدم جواز نسخ التوراة"[108].

وعندما فرغت الحجة، بدأ علماء اليهود في نقض معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك على النحو التالى:

1-يرى سعديا أنه لن يأتي نبياً كسيدنا موسي في معجزاته؛ لذلك لا يجب الإيمان بغيره من الأنبياء، وأن العلامات والمعجزات هى دليل الصدق في النبوة، فقد استخدم سعديا حدوث المعجزات على يد أنبياء العهد القديم لإثبات أبدية التوراة؛ لأن ذلك دليل على المصدر الإلهي للتوراة.[109]فيقول:"وذلك إن سبب تصديقنا بموسي لم يكن الآيات المعجزات فقط، وإنما سبب تصديقنا به وبكل نبي أن يدعونا أولًا إلى ما  هو جائز فإذا سمعنا دعواه ورايناه جائزًا طالبناه بالبراهين عليها. فإذا أقامها آمنا به....وإذا أشهدنا الآيات والبراهين فرأيناها ضرورة .. فأجبت بأنا نقول له حينئذ كما نقول كلنا في من شاهد الايات والبراهين على ترك ما في عقولنا من استحسان واستقباح الكذب.."[110]

2-اعتقد موسي بن ميمون  أنه لم ولن يوجد نبي كسيدنا موسي، فيقول:" وذلك أن هذه دعوة موسي رابينا لنا لم تتقدم مثلها لأحد ممن علمناه من آدم، ولا تأخرت بعده دعوة مثلها لأحد من الأنبياء، وكذلك قاعدة شريعتنا أنه لا يكون غيرها أبداً؛ فلذلك بحسب رأينا لم تكون ثم شريعة ولا تكون غير شريعة واحدة هى شريعة موسي رابينا. وبيان ذلك بحسب ما نصت عليه الكتب النبوية وجاء في الآثار...فهذه الشريعة فقط هى ما نسميها شريعة إلهية أما ما سواها من التدبيرات المدنية، كنواميس اليونان وهذيانات الصائبة وغيرها فكل ذلك من فعل أقوام مدبرين لا أنبياء كما بينت" [111] ويقول أيضًا: " أما كل نبي متأخر بعد سيدنا موسي، فقد علمت نص قصتهم كلها وكونهم بمنزلة الوعاظ للناس داعين لشريعة موسي.."[112]

وبالتالى فنبي آخر الزمان لن يكون من نسل سيدنا إسماعيل، وآخر شريعة ملزمة للبشر لن تكون أيضًا من نسله، فيقول في الرسالة اليمنية:" ثم أنكر أن يكون نبي آخر الزمان من نسل سيدنا إسماعيل، وإن الشريعة الأخيرة لن تخرج من نسل إسماعيل، فيقول:" שכתוב ונתתיו לגוי גדול אין רצונו לאמר גדול בתורה ובנבואה אלא במנין בלבד וכבר נאמר בעובדי עבודה זרה גוים גדולים ועצומים ..והנה באר הקדוש ב''ה בתורה לאברהם אבינו ע"ה שכל מה שהבטיחו הבורא יתברך מברכות ושיתן מצות לזרעו ויבדיל אותו מזולתם שבשביל זרע יצחק.. ועוד כשנסכים על ישמעאל שאפילו היות זרעו הרבה במניין לא יהיה חסיד ולא יהיה לו חן בשלמות האנושי כדי שתתפרסם בו ותתודע אבל תתודע חסידותיך בזרעך החסיד והוא הזרע הבא מיצחק"[113]" وكما جاء في التوراة إنه سيجعل منه نسلًا عظيمًا، لم يكن مراد الله أن يكون عظيم في التوراة والنبوة، بل في العدد فقط، فقد جاء في التورية سابقًا إنهم يكونوا نسلًا عظيمًا وقويًا..وهنا أوضح الله عز وجل في التوراة لإبراهيم ابينا عليه السلام، أن كل ما وعد الله به من بركات ووصايا لنسل، ليتميز به عن غيره كان لنسل اسحاق فقط.. وإنه حتى لو اتفقنا إن اسماعيل كان ذا نسل كبير العدد فلن يكون تقيًا، ولن يكون مرضيًا من الناحية الإنسانية؛ حتى تشتهر به وتصبح معروفًا، ولكن ستعرف تقواك عندما تكون فقط من نسل اسحاق".

3-تمادى القرقساني كثيرًا في نقض معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عن القرآن الكريم:"فأما ما ادعوه من إعجاز القرآن فقد ألزموا فيه أشياء منها أن الأمر لو كان على ما ذكروا من أن الفصحاء من العرب لم يعارضوا عليه لم يجب من ذلك أن يكون معجزًا ولا كان فيه دليل على نبوة؛ إذ كان الناس قد يتفاضلون في معرفة اللغة والفصاحة والبلاغة وإذا كان ذلك كذلك جاز أن يكون هو قد كان أفصح القوم وأبلغهم وأعلاهم طبقة في هذا الشأن، فلم يفوا به فيه. ومن ذلك أنه كان مبعوثًا على ما ذكر إلى جميع الخلق العربي والعجمي، فإنما كان يجب أن يأتى بآية وبرهان يعلمون بأسرهم أنه معجز والقرآن فليس تعلم سائر الأعجام وسائر الأمم والملل الذين لا يفهمون لغة العربي أنه معجز"[114]، ويكمل تجديفه بأن معجزة القرآن غير كافية، فيقول:"فإن كنت كما تزعم إنك نبي فأتنا ببرهان غني بنفسه، لا تحتاج فيه إلينا، ولا يكون عجزنا عنه هو الدليل؛ فإن هذا الدليل الذى تدعيه دليل فقير... كيف يجوز أن يكون لصاحبكم معجزة، وهو لم يذكر في كتابه أنه فعل معجزة، ولا قلب عينًا ولا غير شيئًا عن طبعه"[115]. كذلك يقول إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لما تم له الأمر حجب كل المعارضات الموجهة له:"ومن ذلك إن قولهم إن القوم لم يعارضوه دعوى لم تصح، ولا قام عليها برهان، وإنما هذا خبر عنه وما الذى ينكر أن يكونوا قد عارضوه بمعارضات، فلما تم له الأمر، وحلت اليد، وانعقدت الدولة، تتبعت تلك المعارضات فأحرقت وابطلت"[116].

5-اعتمد أيضًا يهودا اللاوي في رفضه للنسخ، في كتابه"الكوزارى" على قصة مجيء العالم المسلم وقوله بنسخ الإسلام لما قبله من ديانات، وإن القرآن الكريم هو معجزة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، فرد العالم  اليهودى، بدحض في معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول:"فقال له الخزري: إن من يرام هدايته بأمر الله ويحقق عنده، عنده، يكلم البشر، وهو يستبعد ذلك. ماذا يقرر عنده أمور مشهورة لا مدفع فيها، وبالحالة قد تكون كلم بشريًا عنده وإن كان كتابكم معجزة، والكتاب عربي فليس يميز معجزته وغرابته عجمي مثلي، وإذا تلى على لم أفرق بينه وبين غيره من كلام العربي..فقال له العالم، وقد صدر على يديه معجزات، لكن لم تجعل حجة في قبول شريعته.. فقال الخزري نعم، ولا تسكن النفوس إلى أن تنفد إلى متصل بالبشر إلا بمعجزة يقلب في الأعيان، فنعلم حسنًا وذلك يقدر إلا من اختر من الأشياء، ويكون ذلك الأمر بين يدي جماهير يرونه عيانًا". [117]

6-ساق نتنئيل فيومي نفس دليل يهودا اللاوي، وهو أنه جاء بلغة العرب وليس بلغتهم، فيقول:" ودليل على أنه سبحانه أرسل إلى كل قوم رسولًا  بلغتهم كقوله في القرآن(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)، فلو كان أرسل إلينا لكان بلغتنا، وكذلك لو كان إلينا لما قال له (إنك من المرسلين لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم) فهو يعني القوم الذين كانوا يعبدون الأوثان والعزات، وأما نحن فإن آباءنا فلم يزل منهم نذر المنذرين طول الزمان.. فكانت رسالته إلى قوم لم ينذر آباؤهم"[118].

وقد جاء رد علماء المسلمين بأن معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقعت لنا بالاضطرار، وإن الرسول صلي الله عليه وسلم نشأ مع العرب ولو عرفوه كاتبًا أو صاحب أهل الكتاب والسير، لصرحوا بذلك لتكذيبيه، ولكنهم لم يفعلوا، ولم يخف عليهم أمره. ولو كان القرآن من نظم العرب المعروفة، لعلموا ذلك وصنفوه تحت جنسه، ولن يكون الإتقان في الصنعة البشرية، لدرجة ألا يأتى بمثله، بل طاشت عقولهم بما جاء، فعلم بذلك أن ماء جاء به ليس من جنس الحذق والتقدم في الصناعة في شيء،[119]كما إنه يستحيل فيمن نشأ بين جماعة يتعاطون البلاغة ويتباهون بالفصاحة أن يتعلمها ويأخذها منهم، ثم يبلغ فيها حدًا لا يوجد في كلام واحد منهم، بل في كلام جماعتهم فصل يساوى كلامه في الفصاحة أو يدانيه أو يقرب منه أو يشتبه الحال فيه.[120]

أما بالنسبة لأن القرآن نزل باللغة العربية، فإعجازه غير ملزم للعجم، فقد أشار إليه القاضي عبد الجبار إلى أن هنـاك طـريقين أحـدهما تفصيلي والآخر إجمالي، حيث يقول : "العلم بذلك على وجهين : أحدهما علـم تفـصيل، والآخر علم جملة، والعرب علموا ذلك على سبيل التفصيل، والعجم علموه على سـبيل الجملة، وطريقته أن محمدًا صلى الله عليه وسلم  تحدى العرب بمعارضته، فلم يمكنهم الإتيان بمثله، فلـولا كونه معجزًا دالًا على نبوته، وإلا لما كان ذلك كذلك" . [121]، ثم ينتقل الباقلاني إلى طريق آخر في بيان وجه إعجاز القـرآن للعجـم، وهـو الطريق الإلزامي، ومؤداه : أنه كما أن حجة ومعجزة موسى وعيـسى عليهمـا الـسلام قائمة على من ليس بساحر ولا طبيب، فكذا حجة ومعجزة محمد في القرآن قائمة علـى العجم.[122]

ثم يجادل الباقلاني اليهود، بالحـديث عـن طريقة إثبات صحة المعجزات عند اليهود، فيذكر أن "طريقتهم في إثبات صـحتها هـي نقل اليهود خلفًا عن سلف، وهم يرون أن ناقليها قوم بهم تقوم الحجة، لما هم عليه مـن كثرة العدد، وتفرق الدواعي والهمم وتباين الأوطان، وتباعد الديار، واختلاف المـذاهب. وهذه أسباب تحيل التواطؤ والاجتماع على الكذب، فالكذب ممتنع على مثلهم فـي نقـل معجزات موسى، فوجب العلم بصحتها، وإن أنكرها المجـوس والبراهمـة والملحـدون وأهل التنجيم وغيرهم من الجاحدين لنبوته، وهذا ينقض كون النقل موجبًا للعلـم؛ لأنـه إذا استوى أول الخبر وآخره وطرفاه ووسطه، ثبتت صحته، ووجب العلم بصدق نقلتـه، وإن خالف في ذلك مخالفون... وكذلك معجزات المسلمين، فقـد نقلهـا المسلمون خلفًا عن سلف، مع كثرة عددهم، وتنافر طباعهم، وتباين أغراضـهم، ودواعـيهم واختلاف آرائهم، ومذاهبهم وتفرق أوطانهم، وغيرها مـن أسـباب تحيـل اجتمـاعهم وتواطؤهم على الكذب، فيكون هذا النقل شبيهًا بنقل أعلام موسى ومعجزاتـه، فوجـب القضاء بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، كما وجب – فيما سبق – القضاء بنبوة موسى عليـه الـسلام، بالدلائل والطرق ذاتها"[123].

كما ردوا أيضًا على شبهة، أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  لم تم له أمرالنبوة، قضي على كل المعارضات التى وجهت له ، بالتشبيه بأحوال المعارضين للسلاطين والملوك،  فمن المعلوم لدى الجميع أن الدول والممالك لا تغطي على الأمور التـي قـد كانت وقعت، ولا يطمع عاقل في كتمان ما هذا سـبيله، وإن ضـره ظهـوره، وسـاءه انتشاره، وأسقط من قدره؛  فهذا أمر لا يقدر على ضبطه والمنع منه أحد، لا سيما مع انخراق الدنيا، وسعة أقطارها من أقصى السند إلـى أقـصى الأنـدلس، فلـو أمكنـت معارضته ما تأخر عن ذلك من له أدنى حظ من استطاعة عند نفسه على ذلك ممـن لا بصيرة له في الإسلام في شرق الأرض وغربها[124]. ولو أن العرب قدروا على المعارضة، لكانت أسهل من استئـصال محمـد  ومكانه في العرب، ولا يليق بالعاقل البالغ الكامل العقل العدول عن السهل إلـى الأمـر الصعب، إلا إذا لم يرتفع غرضه بالأمر السهل، فحينئذ يعذر في العدول عنه إلى ما هو أصعب منه، فلما اشتغلوا بالمقاتلة وأبوا إلا المحاربة، تبين عجـزهم وقـصورهم عـن المعارضة.[125]

ج-تحريف التوراة

جاء إنكار اليهود للنسخ، رداً ضمنيًا منهم، على عدم اعتراف المسلمين بنسخة التوراة الموجودة في ذلك الحين، وإنها فقدت ولم تعد موجودة.[126]حيث إنه من حجج علماء المسلمين آنذاك لإثبات النسخ أن التوراة الموجودة حاليًا ليست هى توراة موسي عليه السلام الحقيقية. وكانت حجة المسلمين في ذلك، هو أن التواتر غير موجود في اليهودية.[127].

وقد احتج اليهود بإثبات التواتر، بالقول إن التجلى الإلهي على جبل سيناء لا يضاهيه شيء، وإنه خير دليل على التواتر.[128]لذلك يقول موسي بن ميمون:"המציאו לי מעמד דוגמת מעמד הר סיני אשר מחנה ישראל ומחנה אלהים היו בו זה לעומת זה ואז נחזור לדעתכם "[129] "أوجدوا لي مكانة تضاهي مكانة جبل سيناء؛ فهو مهبط إسرائيل ومهبط الرب؛ كلُ منهما في مقابل الآخر، وحينها سنتراجع عن رأينا ونوافقكم"

ويقول القرقساني في الرد على تزييف التوراة :"وجواب أهل النظرمنهم في ذلك على جهتين بعضهم يزعم أن التورية التى في أيديكم ليست التورية التى أتى بها موسي؛ لأن تلك أحرقها بخت نصر، وإنما ألفت هذه بعد ذلك، فهؤلاء أيضاً يلزمهم ما لزم أولائك من أن اليهود بأجمعهم من الشرق إلى الغرب مع جماعة النصاري أيضاً يخبرون بأن هذه التورية التى في أيديهم هي التورية التى آتى بها موسي عليه السلام، يتناقلونها منذ أيامه إلى هذه الغاية، ليس بينهم في ذلك خلاف. فإن جاز عليهم في هذا المعني الكذب، لم يكن على الأرض خبر صحيح، على أن قولهم هذا أيضاً مناقض لما قدمنا ذكره من قول كتابهم وتحقيقه للتورية واستشهاده لها ولأهلها وقوله في غير موضع"[130]

الخاتمة

-كان إثبات نسخ القرآن الكريم للتوراة، أمرًا مُلحًا،  للعلماء المسلمين في العصر الوسيط، لأن أدلة العقل والنقل تؤكد وقوعه، ولذلك انتقل علماء المسلمين بمعني النقل من الخاص إلى العام؛ ألا وهو معنى الرفع والإزالة، فهو مبدأ ثابت في داخل  الشرع الإسلامي ينص على أن الله سبحانه وتعالى قي يأتى بحكم تشريعي، ثم يري لحكمته المسبقة، إزالته ورفعه، وإثبات حكم آخر والعمل به، لحكمة ظاهرة للعيان، ثم يأتي للعموم، وهو أن الله أقر أن الشريعة الإسلامية هى آخر الديانات الكتابية وإن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، وبالتالى فهو يرفع ويزيل ما جاء قبله، وهذا يؤيده النقل؛ بما جاء من آيات محكمات في القرآن الكريم، ثم يأتى دور أدلة العقل التى تشير إلى أن اليهودية والمسيحية  والإسلام ثلاث ديانات توحيدية،  وبالتالى فإن مصدر الوحي واحد ، فمن البديهي أن يكون الله عزو وجل أنزل شريعته على مراحل؛ ليبدأ باليهودية  ثم المسيحية  وأخيراً يختم شريعته بالإسلام، ولم يكن الهدف الإلهي الفرقة والاختلاف بين البشر وإنما تجميعهم على ديانة خاتمة ، والدليل الاتفاق في الكليات. ومن هنا جاء إصرار العلماء المسلمين على إثبات أحقية النسخ.  

-لذلك كانت  قضية نسخ القرآن للتوراة، من أهم القضايا الخلافية، التى فرضت نفسها في مؤلفات اليهود في العصر الوسيط، رغم أن اليهود قدموا لها في كتب عامة، وليس في كتب اختصت بهذا الشأن، بإستثناء القرقساني، الذى صنف كتابًا خاصًا؛ فند فيه نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان علماء المسلمين على دراية تامة بما قدمه اليهود في كتبهم؛ من رفض للنسخ، وبالتالى إلغاء الشريعة الإسلامية، ورفض نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل ما احتوته كتبهم من ردود، وتخصيص كتب بعينها للرد على هذا الشأن. ولكن على العكس من علماء المسلمين، كان الهدف من هذه الكتابات، إفراغ العنصرية المتأصلة لديهم ضد المسلمين، فلم يكن الأمر مختصًا برفض النسخ فقط، وإنما كان حجة للتجريح والهجوم على الشريعة الإسلامية، وعلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. رغم أن نقدهم للدين الإسلامي ونبيه وعدم تعرضهم لأى أذى يدل عل سماحة الدين الإسلامي، وعلى حرية الفكر المكفولة لهم في تلك الفترة، وكذلك على التسامح ورغد العيش الذى عاشوا فيه في ظل الحكم الإسلامي .

- لم يكن الهدف الأساسي من رفض علماء اليهود لنسخ القرآن للتوراة مجرد جدل فكري وديني، بل كان للحفاظ على الهوية اليهودية والوحدة الدينية، بدليل ربط قضية النسخ بحلم العودة لفلسطين. ولم يكن الخلاف مع المسلمين خلافًا فقهيًا، بل كان حجة لرفض الشريعة الإسلامية، وذريعة لبطلانها، ولبطلان نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

- كان كل فريق، سواء اليهود أو المسلمين،في فترة العصر الوسيط، على دراية كاملة بما يُكْتَبُ في كتب الآخروملمًا بتفاصيل عقيدته، وما يوجد في كتبه المقدسة.

-اختلاف علماء اليهود في موقفهم من نسخ القرآن الكريم للتوراة؛ فمنهم من أقر بعدم وقوعه  سمعًا وعقلا، ومنهم من أقره عقلًا ورفضه سمعًا، والاختلاف هذا  دليل على عدم أحقية القضية وعدم عدالتها.

-عندما بدأ علماء اليهود الرفض القاطع لنسخ القرآن للتوراة جملةً وتفصيلًا، احتج بعضهم بتكذيب كل ما جاء بعد اليهودية، وبأن السماء لن تنزل شرعًا آخر بعد اليهودية، بل وبعضهم أقر مثل القرقساني إن التوراة ملزمة لغير اليهود، وأن النبوة خاصة ببني إسرائيل ولن تخرج منها، وإن الشريعة اليهودية خاصة ببني إسرائيل فقط، وهم شعبه المختار، لأنه هو متلقي الشريعة الأوحد، فماذا عن بقية البشر؟، والسبل لهدايتهم وتنظيم أمورهم بالتشريع الملزم، فالعلم بالضرورة يستلزم إرسال أنبياء لهم بتشريع جديد، يجُب التشريع السابق.

- اعتمد علماء اليهود في أدلتهم النقلية، على الأقوال التوراتية التى تتصف بالأبدية، ولزوم الدهر، وإن ملاخي آخر الأنبياء؛ لتثبت أبدية التوراة، وعدم قبولها للنسخ؛ مثل سعديا جاءون ونتنئيل فيومي، ومنهم، كالقرقساني، من زاد على هذه الأدلة بربطها بالوعد الإلهي لبني إسرائيل، و بحلم العودة الذى بشرهم به العهد القديم؛ لأن الاعتقاد بنسخ القرآن للتوراة، يلغي هذا الحلم.

- اتفق علماء اليهود في استخدام الأدلة العقلية، التى تؤيد عدم وقوع نسخ القرآن للتوراة مثل البداء والجهل والتناقض.

- كان سعديا جاءون من أكثر العلماء اليهود اعتمادًا على الأدلة النقلية.

-استطاع علماء المسلمين إثبات النسخ، نقلًا وعقلًا، معتمدين في ذلك أن الدليل النقلي في التوراة جاء منقوصًا، لأن العهد القديم نفسه أبان الطابع المؤقت في كثير من شرائعه، وللطبيعة البشرية التى اتسم بها الإله في التوراة، وكانت محل نقض من علماء المسلمين وغير المسلمين. وأن التأبيد يأتى على سبيل الاختبار وألزام العباد بالشريعة المنزلة في وقتها، وأن هذا التأبيد مشروط بعدم نزول النسخ؛ فإذا نزل الشرع الناسخ بطل التأبيد. وأما في الدليل العقلي، كان الرد الإسلامي مقنعًا، لأن البداء والجهل والتناقض صفات بشرية لا إلهية، ووقوع النسخ لا يقتضي هذه الصفات؛ لأن ورود النسخ محقق في علمه، شأنه في ذلك الأسباب والمسببات، وكذلك فحسن الشيء وقبحه مرتبط بالأمر به أو النهي عنه، وبذلك فهما صفتان ذاتيتان، يتغيران بتغير الأحوال والظروف، وأن النسخ جاء رحمة من الله بالعباد، ورعاية لمصالحهم؛ بدليل وقوعه في الجزئيات، وليس في الأحكام العامة، التى جاءت موحدة عند كل الأنبياء.

- من الحجج المقنعة على إثبات نسخ القرآن الكريم للتوراة، أن العهد القديم نفسه يزخر بالنسخ، وأن هناك تناقضًا في أحكامه من سفر لسفر، بل ومن إصحاح لإصحاح، مثل قضية التضحية بإسحاق. وقد جاءت الردود اليهودية هزيلة؛ فقد أثبت سعديا ونتنئيل الفيومي النسخ، وهم يقومون برفضه، وقالوا إن الفقرات المتناقضة أو المنسوخة التى احتج بها المسلمون هى تكميل لشريعة إبراهيم عليه السلام أو لتغير الظروف. ومن الحجج المقنعة أيضًا، التى استخدمها علماء المسلمين لتأييد النسخ، هى الفقرات التورتية التى تبشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءت ردود علماء  اليهود، عند هذه النقطة،  قائمة على قلب الحقائق ومحاولة المفسرين اليهود لوى عنق النص مثل سعديا ويهودا اللاوي.  بل وخرج بعضهم عن طوروه وعاث نقدًا في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتفنيد معجزاته، والإقرار بأن النبوة انتهت عند سيدنا موسي عليه السلام،  مثل  بن ميمون والقرقساني. والبعض الآخر اثبت الشريعة الإسلامية واعترف بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن خصها بالمسلمين فقط، مثل نتنئيل فيومي. وكانت رد القاضي عبد الجبارمفحمًا؛ حيث قال إننا كمسلمون علمنا بالنقل والضرورة عن سيدنا موسي والتوراة، فبالأولى إن نعرف بعدم نسخ القرآن للتوراة. والرد الوجيز والقاطع للباقلاني في معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إنه كما آمن اليهود بمعجزات سيدنا موسي عن طريق النقل المشهود له بالثقة، نحن أيضًا كمسلمين آمنا بمعجزات سيدنا محمد، بالنقل من الثقات والأجماع، فوجب الإيمان بمعجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما آمن اليهود بمعجزات سيدنا موسي عليه السلام.

 

ثبت المصادر والمراجع

أولًا: المصادر والمراجع العربية

المصادر العربية

-القرآن الكريم

-العهد القديم

 المراجع العربية

- ابن القيم: هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى ،تحقيق أحمد حجازى السقا، مكتبة الكليات الأزهرية

- ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل،دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1999.

- الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، تعليق عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي، دمشق،ط2 1402هـ

-الباقلاني: التمهيد، تحقيق الأب ريتشارد يوسف مكارثي، المكتبة الشرقية، بيروت 1957.

- البيضاوي: منهاج الأصول في علم الأصول، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2006.

- الجويني: الإرشاد إلي قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تحقيق وتعليق: د/ محمد يوسف، على عبد المنعم، مكتبة الخانجي.

- الزرقاني: مناهل العرفان في علوم القرآن،دار المعرفة، بيروت،ط1.،1999 .

- الزركشي: البحر المحيط، تحرير عمرو سليمان الأشقر،دار الصفوة، القاهرة،ط1، 1409هـ.

- السيوطي: الاتقان في علوم القرآن،تحقيق: مصطفي شيخ مصطفي، مؤسسة الرسالة 2009.

- الشهرستانى: الملل والنحل، تحقيق: محمد سيد كيلاني،دار المعرفة، بيروت،1404.

- القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001.

- ثريا محمود عبد الفتاح: النسخ وموقف العلماء منه، دار الضياء للنشر والتوزيع، ط1، 1987.

- محمد جمال الدين قاسمي:محاسن التاويل، علق عليه واخرجه: فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1،1418هـ.

- محمد عبد الله دراز : الدين، دار القلم ،الكويت، 1980.

- محمد محمود ندا:  النسخ في القرآن بين المؤيدين والمعارضين، مكتبة الدار العربية للكتاب،ط1، 1996.

الدوريات

-د/سمير عبد المنعم حسن : النسخ عند المسلمين وأهل الكتاب، حولية كلية الدعوة الإسلامية، العدد 24، الإصدار الثاني،2010.

-على الفواز: النسخ عند اليهود ودوافعه (دراسة نقدية)، المجلة الأردنية في في الدراسات الإسلامية، مج14،عدد 3،2018.

-د/ نجيب الله فهيم- د/ عبد الرحمن شاه : نسخ القرآن الكريم للتوراة والأنجيل، المجلة الألكترونية الشاملة متعددة المعرفة لنشر الأبحاث العلمية والتربوية، العدد28، آب،2020.

الكتب المترجمة

- موسي بن ميمون : دلالة الحائرين: تحقيق حسن آتاى، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة،2002.

- نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول، نقله للخط العربي وعلق عليه د/ سهير سيد أحمد دويني،المركز القومي للترجمة،ط1 ، 2014.

- يهودا هليفي:الحجة والدليل في نصر الدين الذليل، ترجمة: د/ ليلي أبو المجد، مراجعة: د/أحمد هويدي-د/حسن حنفي، المركز القومي للترجمة،القاهرة،ط1، 2014.

المعاجم والموسوعات

- ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر،بيروت،1979 .

المصادر والمراجع العبرية

-المصادر

-תנ״ך

المراجع

-יוסף קאפח:.סעדיה אלפיומי ،ספר הנבחר באמנות ודעות،ניו יורק،1970  .

- משה בן מימון : איגרת תימן، א״ש הלקין، ניו יורק،1952.

- רמב״ם: משנה תורה ،יוסף קאפח،ח״ד-ירושלים،1984 .

- דלאלה אלחאירין: לרבנו משה בן מימון، תרגם לערבית על ידי שלמה בן אליעזר מונק،ירושלים،עזריאל،תרצ"א .

- איגרת הנחמה: רבי מימון הדיין אבי הרמב״ם،תירגם מערבית ב׳ קלאר،ירושלים،1945.

. משה לוינגר: הנבואה אצל אומות העולם לפי הרמב״ם ،דברי הקונגרס העולמי הרביעי למדעי היהדות ،כרך ב ،1969.

- משה צוקר: פירושי רבנו סעדיה גאון לבראשית ،ניו יורק،1984.

الدوريات

-אילה ליונשטם: משקלו של השם קראי، לשוננו، 38 ،1974 .

-אליעזר שלוסברג : יחסו של רס״ג לאסלאם، דעת، כתב עת 25-،קיץ תש״ן .

                           :  נגד מי התפלמס רב סעדיה גאון בדיונו בביטול התורה،כתב עת דעת، חוברת מס'32. 33، הוצאת אוניברסיטת בר אילן.1994

                              : מאמר יחסו של הרמב״ם אל האסלאם ،פעמים 42، 2000.

- דותן ארד : ביקורת המקרא באסלאם והשתקפותה בתרגום רס"ג לתורה، מאמר מתוך היה והיה،במה צעירה להיסטוריה،גליון 2006.

-חיים קרייסל: אימות הנבואה בפילוסופיה היהודית של ימי-הביניים، מחקרי ירושלים במחשבת ישראל ،כרך דחוברת א/ב، אדר תשמ"ה.

-יורם ארדר : יחסו של הקראי יפת בן עלי לאסלאם לאור פירושו למזמורי תהלים יד: נג، מיכאל יד،תשנ"ז.

-מאירה פוליאק : אוריינות קראות היקרעות،רבעון ציון ،שנה פ. ג،2015.

- שמואל הרוי : ביקורת המקרא באסלאם،תרביץ، כרך סא، חוברת ג/ד،ניסן-אלול .תשנ"ב .

المعاجم والموسوعات

-  אוצר ישראל. יהודה דוד איזנשטין، כרך ט'،1952.

-האנציקלופדיה העברית: ירושלים،תל אביב ،כרך 2،1948.

- לקסיקון מן המסד ליהדות ולציונות، משרד הביטחון، הדפסה18، 2005.

المراجع الأنجليزية

- Camilla adang: muslim writers on Judaism and the Hebrew bible from ibn rabban to ibn hazam، Nijmegen،1993.

-James Strong: Strongs Hebrew Dictionary of Bible،Miklal Software، 2011.

-KitÆab al-anwÆar wal-marÆaqib;code of Karaite law,by Ya'qÆub al-QirqisÆanÆi (second quarter of the tenth century) Edited from the manuscripts in the State public library at Leningrad and the British museum at London, by Leon Nemoy ، New York،The Alexander Kohut memorial foundation، 1939.

الموسوعات الأنجليزية

 

Judica:Keter Publishing House LTD.Jerusalem second edition..vol 14--

مواقع

https://www.sefaria.org/Iggerot_HaRambam%2C_Iggeret_Teiman.13?ven=Iggeret_Teim

an&lang=bi

https://www.sefaria.org/Yalkut_Shimoni_on_Torah.951.14?lang=bi

النسخة الالكترونية لقاموس الكتاب المقدس www.injeel.comLkamous.aspx https://web.archive.org/web/20110523162544/http://www.jewishencyclopedia.com/view.jsp?artid=174&letter=A

https://www.sefaria.org/Guide_for_the_Perplexed%2C_Part_3.24?lang=bi

https://teman.org.il/content/7009

 

 



[1] - محمد عبد الله دراز : الدين ،دار القلم الكويت، 1980، صـ 178، 179.

[2] - سمير عبد المنعم حسن : النسخ عند المسلمين وأهل الكتاب،حولية كلية الدعوة الإسلامية،العدد 24، الإصدار الثاني، 2010، صـ96.

1-الشهرستانى: الملل والنحل: تحقيق: محمد سيد كيلاني،دار المعرفة، بيروت،1404، 1/211، מאירה פוליאק : אוריינות קראות היקרעות. -רבעון ציון שנה פ. ג-2015- עמ׳12

[4] -هو مفكر يهودي ينتمي لطائفة القرائين، لا يعلم تحديداً تاريخ مولد ووفاته ولكنه عاش في النصف الأول من القرن العاشر وكان معاصراً لسعديا جاءون، وهو متكلم يهودي له العديد من المؤلفات أبرزها على الإطلاق كتاب الأنوار والمراقب وكتاب الرياض والحدائق. אוצר ישראל: יהודה דוד איזנשטין،כרך ט'،1952، עמ׳236-234

[5]-KitÆab al-anwÆar wal-marÆaqib;code of Karaite law,by Ya'qÆub al-QirqisÆanÆi (second quarter of the tenth century) Edited from the manuscripts in the State public library at Leningrad and the British museum at London, by Leon Nemoy ، New York،The Alexander Kohut memorial foundation, 1939، p:301

[6] -انظر تعريفات تلك المصطلحات في صـ12، 13 من البحث

[7] - على الفواز: النسخ عند اليهود ودوافعه (دراسة نقدية)، المجلة الأردنية في في الدراسات الإسلامية، مج14، عدد 3، 2018،صـ2.

[8] -من أعظم وأهم مفسري ومشرعي الديانة اليهودية في العصر الوسيط، تميز موسي بن ميمون بمنهج فلسفي وعقائدي يمزج بين العقل والنقل، وكان لهذا المنهج تأثيرعظيم في الفكر الديني اليهودي نتج عنه صياغة نظرية في أصول الدين اليهودي، تأثرًا بالثقافية الإسلامية التى سادت قبل عصر بن ميمون وأثنائه وخصوصا آراء المعتزلة، والفلسفة المشائية الإسلامية(فلسفة ابن رشد وابن سينا والفارابي) التى لعبت دورًا بارزًا في إنقاذ التراث الديني التلمودي من تناقضات الآراء الحاخامية التى سيطرت على مجمل التراث الديني اليهودي قبل ابن ميمون.Judica:Keter Publishing House LTD.Jerusalem second edition..vol 14. P:308

[9] - אליעזר שלוסברג : מאמר יחסו של הרמב״ם אל האסלאם ،פעמים، 42، 2000،עמ׳38 -58 

[10] - משה בן מימון : איגרת תימן، א״ש הלקין، ניו יורק، 1952،עמ׳8.

[11] -هو حاخام قرائي ومفسر للمقرا ونحوي ومؤرخ عين رئيساً لجماعة حزاني صهيون، وهناك دخل مع الربانيين في جدل شديد ، وبالتحديد مع سعديا جاءون، كما هاجم المسيحية والإسلام. האנציקלופידיה העברית : ירושלים،תל אביב ،כרך 20 ، עמ׳ـ158-159.

[12] - יורם ארדר : יחסו של הקרא יפת בן עלי לאסלאם לאור פירושו למזמורי תהלים יד: נג، -מיכאל יד،תשנ"ז،עמ׳7، ومن الواضح إن التمسك بعدم نسخ التوراة، كان مرتبط بحلم العودة عند اليهود لأنه ظهر أيضًا عند القرقساني، وظهر في رد الباقلاني عليهم، فيقول:" لأنه قول بشري والإنسان قد يقول القول وينسخه، ويداوم على ما ثيبت طاعته قبل النسخ، ولكن بني إسرائيل داوموا على المعصية فزال ملكهم" الباقلاني: التمهيد. تحقيق الأب ريتشارد يوسف مكارثي، المكتبة الشرقية، بيروت 1957، صـ180

[13] - ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر،بيروت، 1979،ج5 ،صـ 424.

 

[14] -البيضاوي: منهاج الأصول في علم الأصول، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2006، صـ56.

2-ثريا محمود عبد الفتاح: النسخ وموقف العلماء منه، دار الضياء للنشر والتوزيع، ط1،1987،صـ16.

3-سامي بن على القليطي: النسخ في اليهودية والنصرانية، جامعة طيبة، السعودية، ط1، 2012، صـ434

[17] - د/ سامي بن على القليطي. النسخ في اليهودية والنصرانية، صـ444.

                                                                                                    -المرجع السابق: ص447- 453ـ[18]

[19] -الزركشي: البحر المحيط، تحرير عمرو سليمان الأشقر،دار الصفوة،القاهرة،ط1، 1409هـ،(4/79- 80).

[20] -سمير عبد المنعم حسن: النسخ عند المسلمين وأهل الكتاب،ص98. كما لا يسري النسخ  في الأحكام المؤقتة فلا يكون انقضاء الوقت نسخ له، ولا يكون في الأحكام الفرعية التى يمكن الجمع بينها بوجه من وجوه الجمع الصحيحة، بمعني أن يكون هناك تعارض ظاهري بين الناسخ والمنسوخ فلا يصح القول بالنسخ حين يمكن إعمال الدليلين معاً والجمع بينهما. كما يجب أن يكون الناسخ منفصلاً عن المنسوخ متأخراً عنه فإن المقترن كالشرط والصفة والاستثناء لا يسمي نسخًا بل تخصيصًا، كما يجب أن يكون المقتضي للمنسوخ غير المقتضي للناسخ حتى لا يلزم البداء، وكذلك أن يكون النسخ بدليل شرعي فخرج بذلك الموت والجنون، إذ كل منهما يرفع الحكم الشرعي عن الشخص ولا يسمي نسخًا لأن نسخ الحكم حصل بالفعل بأنه لا تكليف مع الموت والجنون.

[21] - محمد جمال الدين قاسمي:محاسن التاويل،علق عليه واخرجه: فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1.،1418هـ،( 1/ 13).

[22] -السيوطي: الاتقان في علوم القرآن:تحقيق: مصطفي شيخ مصطفي، مؤسسة الرسالة،2009،( 3/85)

-الزرقاني: مناهل العرفان في علوم القرآن، دار المعرفة،بيروت،ط1، 1999 ،( 2/186 )[23]

[24] - الربانيون:  في العربية جمع كلمة رباني وتشير هذه الكلمة إلى حكماء التلمود وفقهائهم. ويقابلها في العبرية كلمة "רבנים  وهى جمع كلمة "רבןيستخدم الاسم ربانيم للإشارة إلى اليهود الذين يؤمنون بالتوراة المكتوبة والشفوية معاً للتمييز بينهم وبين غيرهم من اليهود القرائين الذين يؤمنون بالتوراة المكتوبة فقط. وترجع أصول الربانيين إلى فترة عزرا الكاتب (5ق.م)، حيث شهدت هذه الفترة بداية تكون الجماعات التى أسهمت في تشكيل الفكر الرباني. ويعد الربانيون هم السلطة الرسمية منذ الأزل وحتى الآن، وكانت الربانية وما زالت هى الموجه للطوائف اليهودية في كل أمورها الدينية والدنيوية، وممثلها أمام السلطات الحاكمة في بلاد الشتات.Judica. Vol: 13. P: 1445.

[25] - القراءون: مشتقة من الفعل العبري קרא، ولكن هناك من أرجعها إلى كلمة מקרא أى العهد القديم، وذلك لإيمانهم بالتوراة المكتوبة فقط دون التوراة الشفوية المتمثلة في التلمود. وهناك من يطلق عليهم اسم العنانية نسبة إلى مؤسسها عنان بن داود. وذهب بعض العلماء إلى أن اسمهم يعنى الدعاة والمبشرين أى من يدعون للإيمان بالدين الجديد ومفسري العهد القديم وفقاً للمعنى الحرفي. אילה ליונשטם: משקלו של השם קראי، לשוננו، 38 ،1974، עמ׳ 182

[26] -من مواليد اصفهان بفارس، ادعى النبوة في آواخر عهد ملوك بني أمية وأغلب الظن في عهد عبد الملك بن مروان، وادعى إنه المسيح المنتظر واتبعه خلق كثير من اليهود، وادعى إنه أُمر بتخليص اليهود من السبي فجهز جيش وحارب المنصور في الرى ثم هزمه المنصور وقتله وخالف اليهود في كثير من الشرائع مثل رفضه للتلمود وأحكام الذبح وما يؤكل من الطير والبهائم .الشهرستاني: الملل والنحل،1/257-258.

[27] -على الفواز: النسخ عند اليهود ودوافعه، صـ7.

[28] - موسي بن ميمون : دلالة الحائرين: تحقيق حسن آتاى، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، صـ 412.

[29] - רמב״ם: משנה תורה ،יוסף קאפח،ח״ד،ירושלים، 1984، עמ׳215- הערה77.הלכות מלכים، פי״א، ה״ו.

[30] - איגרת תימן: עמ׳52-28

[31] - ولد في قرية أبو صوير بالفيوم، ثم انتقل إلى بغداد، وترأس طائفة الربانيين في صراعهم الفكري والعقائدي ضد القرائين، ولذلك تقلد منصب رئيس مدرسة سورا، وله العديد من المؤلفات المهمة في تاريخ الفكر اليهودي في العصر الوسيط مثل تفسير وترجمة التوراة، ومعجم الأجرون، وتفسير السبعبن لفظة المفردة والعديد من الأعمال في كافة المجالات.האנציקלובדיה העברית: ירושלים، תל אביב ،כרךעמ197.

[32] - رغم إن هناك من الباحثين اليهود من يري إن سعديا هنا كان يجادل المسحيين انظر: אליעזר שלוסברג : נגד מי התפלמס רב סעדיה גאון בדיונו בביטול התורה،כתב עת דעת، חוברת מס'32. 33، הוצאת אוניברסיטת בר אילן.

[33] -  יוסף קאפח:.סעדיה אלפיומי ،ספר הנבחר באמנות ודעות،ניו יורק،1970،עמ׳132.

[34] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ 284، 385

[35] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ290."  וְלֹא אִתְּכֶם, לְבַדְּכֶם--אָנֹכִי, כֹּרֵת אֶת-הַבְּרִית הַזֹּאת, וְאֶת-הָאָלָה, הַזֹּאת.  יד כִּי אֶת-אֲשֶׁר יֶשְׁנוֹ פֹּה, עִמָּנוּ עֹמֵד הַיּוֹם, לִפְנֵי, יְהוָה אֱלֹהֵינוּ; וְאֵת אֲשֶׁר אֵינֶנּוּ פֹּה, עִמָּנוּ הַיּוֹם."(التثنية 29: 14-15)

[36] -الفرقساني: الأنوار والمراقب،صـ290، 291."  מַגִּיד דְּבָרָו לְיַעֲקֹב;    חֻקָּיו וּמִשְׁפָּטָיו, לְיִשְׂרָאֵל."(المزامير147: 19)

[37] - هو  من يهود اليمن ، وكان الحاخام الرئيس في اليمن في النصف الأول من القرن الثاني عشر،  من أشهر أعماله "גן השכלים" (بستان العقول) وهو كتاب في فلسفي أخلاقي، يشبه في مضمونه كتاب باحيا بن باقودة "فرائض القلوب".https://teman.org.il/content/7009

[38] - نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول: نقله للخط العربي وعلق عليه د/ سهير سيد أحمد دويني،المركز القومي للترجمة.،ط1 .،2014،صـ179

[39] -משנה תורה הלכות יסודי התורה-פ״ט-ה״א."كل ما أوصيك أن تعمله فلاتضيف إليه ولا تنقص منه" (التثنية 13: 1) "فريضة دهرية في أجيالكم"(اللاويين 3: 17) (العدد 15: 15) "ليس الله إنسانا يكذب" (العدد 23: 19).

[40] - איגרת תימן: עמ״34."  ورجعت الى الرب الهك وسمعت لصوته حسب كل ما انا اوصيك به اليوم انت وبنوك بكل قلبك وبكل نفسك  يرد الرب الهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك اليهم الرب الهك4 ان يكن قد بددك الى اقصاء السموات فمن هناك يجمعك الرب الهك ومن هناك ياخذك 5 ويأتي بك الرب الهك الى الأرض التي امتلكها اباؤك فتمتلكها ويحسن اليك ويكثرك اكثر من ابائك6 ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا7 ويجعل الرب الهك كل هذه اللعنات على اعدائك وعلى مبغضيك الذين طردوك. واما انت فتعود تسمع لصوت الرب وتعمل بجميع وصاياه التي انا اوصيك بها اليوم 9 فيزيدك الرب الهك خيرا في كل عمل يدك في ثمرة بطنك وثمرة بهائمك وثمرة ارضك.لان الرب يرجع ليفرح لك بالخير كما فرح لابائك "

[41] - אליעזר שלוסברג : יחסו של רס״ג לאסלאם، דעת כתב עת، 25-קיץ תש״ן، עמ״40.

[42] - الأمانات والاعتقادات: صـ 132"بناموس أوصانا موسي ميراثًا لجماعة يعقوب" (التثنية 33: 4)

[43] -الأمانات والاعتقادات: صـ132."هكذا قال الرب الجاعل الشمس للإضاءة نهارًا، وفرائض القمر والنجوم للإضاءة ليلًا، الزاخر البحر حين تعج أمواجه رب الجنود اسمه، إن كانت الفرائض تزول من أمامى، يقول الرب، فإن نسل إسرائيل أيضاً يكف من أن يكون أمة أمامي كل الأيام" (ارميا 31: 34- 35)

[44] -الأمانات والاعتقادات: صـ 128." ְשָׁמְרוּ בְנֵי-יִשְׂרָאֵל, אֶת-הַשַּׁבָּת, לַעֲשׂוֹת אֶת-הַשַּׁבָּת לְדֹרֹתָם, בְּרִית עוֹלָם.  יז בֵּינִי, וּבֵין בְּנֵי יִשְׂרָאֵל--אוֹת הִוא, לְעֹלָם" (الخروج 31: 16- 17).

[45] -الأمانات والاعتقادات : صـ 128،" זִכְרוּ, תּוֹרַת מֹשֶׁה עַבְדִּי, אֲשֶׁר צִוִּיתִי אוֹתוֹ בְחֹרֵב עַל-כָּל-יִשְׂרָאֵל, חֻקִּים וּמִשְׁפָּטִים.  כג הִנֵּה אָנֹכִי שֹׁלֵחַ לָכֶם, אֵת אֵלִיָּה הַנָּבִיא--לִפְנֵי, בּוֹא יוֹם יְהוָה, הַגָּדוֹל, וְהַנּוֹרָא."(ملاخي 3: 22- 23)

[46] - חיים קרייסל: אימות הנבואה בפילוסופיה היהודית של ימי-הביניים، מחקרי ירושלים במחשבת ישראל כרך ד، חוברת א/ב ، אדר תשמ"ה،עמ׳21.

[47] -القرقساني: الأنوار والمراقب: صـ293." אֵת כָּל-אֲשֶׁר צִוָּה יְהוָה אֲלֵיכֶם, בְּיַד-מֹשֶׁה:  מִן-הַיּוֹם אֲשֶׁר צִוָּה יְהוָה, וָהָלְאָה--לְדֹרֹתֵיכֶם."(العدد 15: 23)

[48] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ293

[49] - المرجع السابق. صـ293

[50] - المرجع السابق . صـ297

[51] -نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول. صـ 180، 184، 185" וַאֲנִי, זֹאת בְּרִיתִי אוֹתָם אָמַר יְהוָה--רוּחִי אֲשֶׁר עָלֶיךָ, וּדְבָרַי אֲשֶׁר-שַׂמְתִּי בְּפִיךָ:  לֹא-יָמוּשׁוּ מִפִּיךָ וּמִפִּי זַרְעֲךָ וּמִפִּי זֶרַע זַרְעֲךָ, אָמַר יְהוָה, מֵעַתָּה, וְעַד-עוֹלָם".(اشعيا 59: 21)

1-نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول. صـ 180-" אֶרְאֶנּוּ וְלֹא עַתָּה, אֲשׁוּרֶנּוּ וְלֹא קָרוֹב; דָּרַךְ כּוֹכָב מִיַּעֲקֹב, וְקָם שֵׁבֶט מִיִּשְׂרָאֵל, וּמָחַץ פַּאֲתֵי מוֹאָב, וְקַרְקַר כָּל-בְּנֵי-שֵׁת" (العدد 24:17)- "לֹא-יָסוּר שֵׁבֶט מִיהוּדָה, וּמְחֹקֵק מִבֵּין רַגְלָיו"( التكوين 49: 10).

[53] - البداء يعني الظهور بعد الخفاء، أو ظهور الشيء واستصوابه بعد خفائه، وحصول العلم به بعد أن لم يكن معلوماً، يقال/ بدا لي في الأمر بداء، إذا ضربت عنه وظهر لى فيه رأى آخر أو تغير رأيي فيه عما كان عليه، وهذا كله يستلزم سبق الجهل بعواقب الأمور وهذا يلازم الإنسان لتغير موافقه، ولكنه يستحال على الذات الإلهية. بمعني إنه ظهرت له بعد ذلك مصلحة لم تكن واضحة له في البداية وذلك يجوز عليه البداء أو أن يكون بلا مصلحة فيكون عبثاً وكلاهما باطل(الزرقاني: مناهل العرفان، ج2، صـ88، ابن فارس: معجم مقاييس اللغة،ج1،صـ 212.

[54] - איגרת הנחמה רבי מימון הדיין אבי הרמב״ם-תירגם מערבית ב׳ קלאר، ירושלים،1945، עמ׳8. Camilla adang: muslim writers on Judaism and the Hebrew bible from ibn rabban to ibn hazam. Nijmegen.1993:p:154

[55] -سعديا: الأمانات والاعتقادات:صـ143

[56] - المرجع السابق:صـ143

[57] -نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول،صـ192

[58] -نتنئيل بيرف الفيومي: بستان العقول،صـ190"טוֹב-יְהוָה לַכֹּל" (المزامير 145: 9)

[59] -الزرقاني: مناهل العرفان،ج2،صـ88.

[60] - Camilla adang: muslim writers on Judaism and the Hebrew bible:p:152-الزرقاني:مناهل العرفان،ج2، صـ90.

[61] -سعديا: الأمانات والاعتقادات،صـ133،134

[62] - المرجع السابق:صـ141.

[63] -نتنئيل بيرف فيومي: بستان العقول،ص180" לָכֵן, אַנְשֵׁי לֵבָב--    שִׁמְעוּ-לִי:חָלִלָה לָאֵל מֵרֶשַׁע;    וְשַׁדַּי מֵעָוֶל" (أيوب 34: 10).

[64] -ابن القيم: هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى .تحقيق أحمد حجازى السقا، مكتبة الكليات الأزهرية،صـ 218.

[65] -سيأتى الحديث عن هذا الدليل بشيء من التفصيل لاحقًا في البحث.

[66] -ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل،دار الكتب العلمية،بيروت،ط2،1999،ج1،صـ118.

[67] -الزرقاني: مناهل العرفان، 2/ 197

[68] -محمد محمود ندا:  النسخ في القرآن بين المؤيدين والمعارضين، مكتبة الدار العربية للكتاب،ط1، 1996، صـ25.

[69] -الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، تعليق عبد الرزاق عفيفي،المكتب الإسلامي، دمشق،ط2، 1402هـ، ج3، صـ144.

[70] -القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001، صـ 394.

[71] - الزرقاني: مناهل العرفان في علوم القرآن، 2/174.

[72] -المرجع السابق: 2/ 89

[73] -المرجع السابق:2/90-91

[74] -.لمزيد من الأمثلة غير المعروضة هنا في هذه الجزئية من البحث انظر: د/ نجيب الله فهيم- د/ عبد الرحمن شاه : نسخ القرآن الكريم للتوراة والأنجيل،المجلة الألكترونية الشاملة متعددة المعرفة لنشر الأبحاث العلمية والتربوية، العدد28، آب،2020.

[75] -سعديا : الأمانات والاعتقادات،صـ139.

[76] -بيرف فيومي: بستان العقول، صـ189.

[77] - نجيب الله فهيم. نسخ القرآن الكريم للتوراة والأنجيل، صـ17،18

[78] -سعديا: الأمانات والاعتقادات: صـ135. وانظر رد بيرف الفيومي أيضا على هذه الجزئية الصفحة السابقة،صـ16

[79] - משה צוקר: פירושי רבנו סעדיה גאון לבראשית ניו יורק،1984،עמ׳141

[80] - שם: עמ׳141.

[81] -سعديا: الأمانات، صـ 141

2- מורה נבוכים: חלק ג' ، כ״ד. https://www.sefaria.org/Guide_for_the_Perplexed%2C_Part_3.24?lang=bi

[83] - وهناك العديد من الأمثلة على وقوع النسخ في التوراة، لا يتسع المجال هنا لذكرها، نذكر منها على سبيل المثال  سفر العدد(28: 3-7)  جاء فيه أحكام للمحرقة، ثم جاء في جزقيال (46: 13- 15) وبدل تلك الأحكام، وفي سفر التكوين أحل لآدم ومن بعده نوح كل الحيوانات (التكوين 1: 28-30)  ثم عاد وخصص وحرم أنواع معينة من الحيوانات في اللاويين (11: 1: 29). وفي سفر اللاويين (21: 13: 14) حرم على الكاهن الزواج بزانية، ثم يأتى مع النبي هوشع ويأمره بالزواج من زانية (هوشع 1: 2).

[84] - משה צוקר: פירושי רבנו סעדיה גאון לבראשית،עמ׳64.

[85] -على الفواز: النسخ عند اليهود ودوافعه، صـ327: 232.

[86] - شموائيل بن يهوذا بن آبونحيت وبعد تحوله للإسلام عرف باسم المسؤال المغربي، وهو عالم رياضيات وطبيب من عائلة يهودية من المغرب، وعندما انتقل لفارس اشهر اسلامه، فصار يادفع عن الإسلام ويحارب اليهودية، وفي كتابه الشهير"بذل المجهود في إفحام اليهود" كشف عن وقوع النسخ في التوراة،  وتزييفها والبشارة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. https://web.archive.org/web/20110523162544/http://www.jewishencyclopedia.com/view.jsp?artid=174&letter=A

[87] - דותן ארד : ביקורת המקרא באסלאם והשתקפותה בתרגום רס"ג לתורה ، מאמר מתוך היה והיה، במה צעירה להיסטוריה، גליון5،2006،עמ׳13.

[88] - النسخة الالكترونية لقاموس الكتاب المقدس www.injeel.comLkamous.aspx

[89] - ياقوت الحموى: معجم البلدان دار صادر بيروت،د.ط، 1977،ج4،صـ225

[90] - James Strong: Strong⸴s Hebrew Dictionary of Bible.Miklal Software. 2011.p: 1143

[91] - النسخة الالكترونية لقاموس الكتاب المقدس www.injeel.comLkamous.aspx

[92] -ילקוט שמעוני: 951: 14 https://www.sefaria.org/Yalkut_Shimoni_on_Torah.951.14?lang=bi

[93] - דותן ארד: ביקורת המקרא באסלאם והשתקפותה בתרגום רס"ג לתורה،עמ׳27

[94] -سعديا: الامانات،صـ137

[95] - דותן ארד: ביקורת המקרא באסלאם והשתקפותה בתרגום רס"ג לתורה، עמ״27

[96] -איגרת תימן. https://www.sefaria.org/Iggerot_HaRambam%2C_Iggeret_Teiman.13?ven=Iggeret_Teiman&lang=bi

[97] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ 296

[98] - من أعظم الشعراء اليهود في العصر الوسيط، كما يعد من أهم فلاسفتهم، عاش في الأندلس وكتب العديد من الأشعار التى فاضت بالحنين إلى فلسطين، حتى اعتبروه شاعر صهيون الأول وأشهر أعماله في هذا المجال هي قصيدة " ציון הלא תשאלי"صهيون ألا تسألين" كما له عمل فلسفي موسوعي باسم "الكوزراى"، عبارة عن محاورات فلسفية لإثبات أى الديانات هى أقرب للعقل والصدق وبالطبع كانت اليهودية. לקסיקון מן המסד ליהדות ולציונות، משרד הביטחון،הדפסה18، 2005،עמ'120

[99] -يهودا هليفي:الحجة والدليل في نصر الدين الذليل. ترجمة: د/ ليلي أبو المجد. مراجعة: د/أحمد هويدي-د/حسن حنفي، المركز القومي للترجمة،القاهرة،ط1، 2014، صـ176، 177

[100] -سعديا :الأمانات.صـ132 ، رغم إن سعديا كان أكثر اعتدالًا في الهجوم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث وجه أغلب علماء اليهود في العصر الوسيط انتقادات خالية من أى منطق لسيدنا محمد مثل يافث بن على القرائي الذى اتهم سيدنا محمد بسرقة قصص اليهود، لذلك يري إن أى تشابه بين التوراة والقرآن، الذى استخدمه علماء المسلمون كدليل على نسخ القرآن للتوراة، هو نتيجة لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد نقل عن الديانات السابقة له فيقول في تفسره لزكريا (6: 3) "هم الذى اخذوا عن نواميس غيرهم من المجوس والصائبة والنصارى واليهود" יורם ארדר: יחסו של הקרא יפת בן עלי לאסלאם، עמ׳7

[101] -מורה הנובכים: חלק2 ، פרק40.

[102] -صدقياهو بن معيا: أحد مدعي النبوة في عصر النبي ارميا، واحاب بن كوليا: مدعي نبوة في عهد المللك صدقيا ملك يهوذا والنبي ارميا.

[103] - משה לוינגר: הנבואה אצל אומות העולם לפי הרמב״ם،דברי הקונגרס העולמי הרביעי למדעי היהדות ،כרך ב ،1969،עמ׳21-22.

[104] -بيرف فيومي: بستان العقول، صـ186

[105] -القرقساني: الأنوار والمراقب،صـ 294، 295.

[106] -الجويني: الإرشاد إلي قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تحقيق وتعليق: د/ محمد يوسف، على عبد المنعم، مكتبة الخانجي، 1950، صـ 343.

[107] -القاضي عبد الجبار : شرح الأصول ،صـ580، 581.

[108] -المرجع السابق: صـ580

[109] -  חיים קרייסל: אימות הנבואה בפילוסופיה היהודית של ימי הביניים، עמ׳5

[110] - سعديا : الأمانات، صـ138

[111] - דלאלה אלחאירין לרבנו משה בן מימון:תרגם לערבית על ידי שלמה בן אליעזר מונק،ירושלים،עזריאל،תרצ"א،עמ׳268- وكذلك מורה הנובכים:  חלק2 ، פרק39.

[112] -دلالة الحائرين: للفيلسوف موسي بن ميمون القرطبي الأندلسي، صـ412

[113] -איגרת תימן: עמ׳40- 42.

[114] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ299

[115] -المرجع السابق: صـ300

[116] -المرجع السابق:صـ299

[117] -الكوزاري: الحجة والدليل: صـ131

[118] -بيرف فيومي: بستان العقول، صـ192

[119] -الباقلاني: التمهيد صـ 132، 133، 142، 143، 145.

[120] -القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة. صـ593- 594.

[121] -المرجع السابق :صـ 594

[122] -المرجع السابق:صـ 154

[123] -الباقلاني: التمهيد، صـ161، 162.

[124] -ابن حزم: الفصل، 1/ 189

[125] -القاضي عبد الجبار. شرح الأصول، صـ590، 591

[126] -على الفواز: النسخ عند اليهود ودوافعه، صـ319

[127] - שמואל הרוי : ביקורת המקרא באסלאם،תרביץ، כרך סא, חוברת ג/ד،ניסן-אלול תשנ"ב،עמ׳7

[128] - שם: עמ׳7

[129] - איגרת תימן: עמ׳32

[130] -القرقساني: الأنوار والمراقب، صـ296


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button