إن إحدى البنى النحوية الأكثر شيوعاً فى اللغة العبرية، والتى يشيع استخدامها فى عبرية العهد القديم أكثر من العبرية المعاصرة تتجلى من خلال الجمل التالية:
- הוא היטיב לְנַגֵן
- أحْسَنَ العزف
- הוא הִתְחִיל לְנַגֵן
- بدأ يعزف
- הוא עומֵד לְנַגֵן
- يوشك أن يعزف
- הוא יודֵע לְנַגֵן
- يعرف أن يعزف
ورد فى الجمل السابقة تركيب خبرى مكون من الأفعال:(היטיב)(أَحْسَنَ) و(הִתְחִיל)(بدأ) و (עומֵד)(يوشك) و(יודֵע)(يعرف)، وصيغة المصدر لفعل آخر هو (לְנַגֵן)(أن يعزف)، وتحل أفعال كثيرة أخرى محل هذه الأفعال.
وما يميز هذا القالب هو أن الكلمة التى تحدد الحدث الرئيس هى صيغة المصدر- التى ترتبط بالفعل السابق عليها - وليس الفعل الرئيس فى الجملة والذى يكون مطابقاً للمسند إليه نحو :
- הוא היטיב לְנַגֵן
- أحسن العزف
- הם היטיבו לְנַגֵן
- أحسنوا العزف
وهكذا فإن جوهر الحدث فى الجمل الممثل لها آنفاً ليس في الأفعال (היטיב) (أحسن)، و(הִתְחִיל) (بدأ)، (עומֵד) (يوشك)، ولكن فى الفعل (נִגֵּן)(عزف).
وتوضح النظرة المتعمقة لهذا القالب النحوى جوانب أساسية فى لغة العهد القديم، وتبين أيضاً اختلافاً بين تلك اللغة وبين العبرية المعاصرة، فكلمة (היטיב) فى جملة (הוא היטיב לְנַגֵן) – التى تبدو كفعل رئيس– تصف الفعل الوارد فى صيغة المصدر، وهى بذلك تضيف اتساعاً ظرفياً لجملة: (הוא נִגֵּן). ومن الممكن أن نصف هذه الجملة وصفاً دلالياً، فعلاوة على البنية الدلالية المستخدمة فى جملة (הוא נִגֵּן) فقد حدث توسع من خلال الوصف (היטיב)، ذلك التوسع الذى يخلق خبراً وصفياً.
وتعرض اللغات المختلفة مجموعة من القوالب النحوية للبنى الدلالية المنضوية على فكرة وصفية، فهناك قوالب نحوية مهيأة لقبول جميع التوسعات الوصفية، وثمة قوالب مهيأة لقبول جزء من تلك التوسعات. ونستعرض ههنا بإيجاز الوسائل المختلفة التى تُربط من خلالها الفكرة الوصفية بالبنية الدلالية الأساسية.
إن إحدى الظواهر الأساسية فى اللغة تتمثل فى أن التوسع الوصفى يلحق الفعل المعبر عن الحدث الرئيس وذلك من خلال دمج الفكرة الوصفية والفكرة الرئيسة فــى كلمة واحــدة نحــو :
- האיש נע + קדימה = האיש התקדם
- تحرك الرجل + إلى الأمام = تقدم الرجل
- האיש נע + אחורה = האיש נסוג
- تحرك الرجل + إلى الخلف = تراجع الرجل
فالمادة المعجمية (התקדם) تجمع بين المعنى المعجمى لـــــــ (נע) و(קדימה).
وتعرض اللغة فى حالات عديدة نمطين من القوالب اللغوية البديلة، تتمثل فى (البنية المعجمية المكثفة) المتمثلة فى استخدام الأفعال المنضوية على عدة مكونات دلالية، وفى مقابلها قالب نحوى مفصل يُخَصَّص به لكل مكون دلالى تركيب مستقل. وفى هذه الحال يتخذ هذا القالب النحوى المفصَّل الذى يخصَّص فيه لكل مكون وصفى تركيب نحوى مستقل أحد هذين النمطين:
1- إما أن يندمج العنصر الوصفى داخل البنية التى جاء لوصفها، وعندئذ يطرأ عليه تغير، فبدلاً من أن يكون خبراً وصفياً فإنه يصير مكملاً وصفياً للمسند، فمثلاً ينتج من البنية الأساسية: הוא נגן + הוא עשה זאת היטב التركيب : הוא נגן היטב . وهكذا الأمر فى جمل مثل:
- הוא אכל במהירות
- أكل بسرعة
- הוא אמר זאת יפה
- قال ذلك بشكل حسن
2- وإما أن يندمج العنصر الوصفى داخل البنية التى جاء لوصفها محتلاً فيها موقع المسند- أى موقع الفعل الرئيس- الذى يتم نقله من موقعه ليرد فى صيغة المصدر. وعلى ذلك ينتج من البنية الأساسية: הוא נגן + הוא עשה זאת היטב التركيب: הוא היטיב לנגן.
وبناء على ما تقدم فما موقف كل من عبرية العهد القديم والعبرية المعاصرة من هذا الأمر؟
إن التعبير عن الخبر الوصفى من خلال بنية معجمية مكثفة، مع دمج الوصف والخبر الرئيس فى فعل واحد أمر شائع فى كلتا اللغتين، وكذلك الحال فى لغات شتى. ففى لغات عديدة تشيع الأفعال التى يمكن تحليلها إلى فعل رئيس وعنصر وصفى، وما تختلف فيه لغة عن أخرى فى هذا الأمر هو درجة الاستخدام ليس أكثر.
وتختلف عبرية العهد القديم والعبرية المعاصرة – بدرجة كبيرة – فى استخدام النمط الثانى، فالقالب النحوى المميز لعبرية العهد القديم هو المتمثل فى جملة : הוא היטיב לנגן، فيقال فى لغة العهد القديم:
- הוא מיטיב לעשות ولا يقال: הוא עושה היטב
- أحسن الصنيع
- הוא מיהר לפעול ولا يقال: הוא פעל במהירות
- أسرع فى العمل
وبناء على ذلك تشيع فى العهد القديم جمل نحو:
- הוא הרע לעשות
- أساء الصنيع
- הוא הרחיק ללכת
- ذهب بعيداً
- הוא השפיל לשבת
- جلس مذلولاً
- הוא הקדים לקום
- قام مبكراً
وثمة بعض القوالب النحوية الأخرى لهذه البنية النحوية فى العهد القديم، ولنقارن الجمل التالية:
- הוא היטיב לנגן
- أحسن العزف
- אל תרבו תדברו גבוהה (صموئيل الأول 2/3)
- لا تتكلموا كثيراً بصوت عال
- ומהרתם והורדתם (تكون 45/13)
- وتستعجلون وتنزلون
ففى جملة : אל תרבו תדברו גבוהה التى تعنى: אל תדברו הרבה تم نقل الفعل المعبر عن حدث الكلام (תדברו) من موقعه، لكنه لم يتحول إلى صيغة مصدر، بل ظل فعلاً متصرفاً يرتبط دون أداة بالفعل الوصفى. وتشيع هذه البنية فى لغة العهد القديم، وتعد من السمات المميزة لها.
وهكذا يقال فى العهد القديم:
- לא ידעתי אכנה (أيوب 32/ 22) بدلاً من: לא ידעתי לכנות
- ה' חפץ יגדיל תורה (اشعياء 42/21) بدلاً من: ה' חפץ להגדיל תורה
- الرب قد سُرَّ بتعظيم الشريعة
- לא אוסיף ארחם بدلاً من: לא אוסיף לרחם
- لن أعود أرحم
- מהרו עשו כמוני بدلاً من: מהרו לעשות כמוני
- فأسرعوا افعلوا مثلي
وكذلك فى جملة (ומהרתם והורדתם) يتخذ الفعل الوصفى موقع الفعل الرئيس، ناقلاً بذلك الفعل الدال على الحدث من موقعه، لكن الفعل المعبر عن الحدث ههنا لا يُضَمَّن فى الفعل الوصفى، فكلا الفعليين يتضامان لبعضهما. فأمامنا حقيقة تضمين فعل فى آخر على مستوى الدلالة، لكنّا أمام فعلين متناظرين على مستوى البنية النحوية.
إن هذه الطريقة التى يتم فيها وضع فعلين – وكذلك جملتين- الواحد بجوار الآخر لكونهما مترابطين بدلاً من دمجهما تعد واحدة من الخصائص المميزة لعبرية العهد القديم. فواحدة من السمات الأساسية فى عبرية العهد القديم أنه فى أحيان كثيرة يكون على قارىء النص الكشف عن العلاقة بين الأفعال أو الجمل المتجاورة من خلال سياق الموقف، إذ لا توجد فى النص أدوات ربط مفسرة لتلك العلاقات.
فماذا عن السمات السابقة فى العبرية المعاصرة؟
مما لا شك فيه أن الطريقة الرئيسة لوصف الفعل فى العبرية المعاصرة تتمثل فى وضع المركب الوصفى كمكمل نحو:
- הוא נגן היטב
- أحسن العزف
- הוא אכל במהירות
- أكل بسرعة
فالمركب الوصفى يتحول إلى "حال". ولتلك الطريقة التى تندر فى عبرية العهد القديم حضور طاغى فى العبرية المعاصرة، وهكذا الأمر فى اللغة الإنجليزية وفى لغات عديدة.
ولوجهة نظر أقطاب اللغة فى فترة الإحياء أهمية خاصة فى هذا الشأن، فبعض من مقعدى العبرية حاولوا أن يخطوا للعبرية طريقاً تسير فيه على نهج عبرية العهد القديم فيما يخص الظاهرة التى نتناولها بالدرس فى هذا الموضع. فمن هؤلاء من حاول أن يُحَجِّمَ جملاً نحو: הוא נגן היטב بزعم أنها غير أصيلة فى العبرية، لكن الواقع قد سار فى طريق آخر، فقد تبنت العبرية استخدام "الحال" للتعبير عن المركب الوصفى.
وترد البنية النحوية المميزة للغة العهد القديم (הטבתי לנגן) كذلك فى العبرية المعاصرة، إلا أنها تستخدم بكثرة فى اللغة الأدبية، ولا تستخدم تلك البنية مطلقاً فى عبرية الحديث. كما إن استخدامها فى اللغة الأدبية كذلك يكون بشكل أقل من البنية البديلة التى تشتمل على (حال)، أما البنية التى تمثلها جملة (תרבו תדברו) والمشتملة على فعلين متجاورين دون أى تعبير عن علاقة بينهما فلا وجود لها مطلقاً فى العبرية المعاصرة. وكذلك البنية التى تمثلها جملة (ומהרתם והורדתם) والتى يرتبط بها الفعلان توجد أيضاً فى العبرية المعاصرة، حيث نجد إلى جانب جمل مثل : הם טענו את העגלה במהירות (حَمَّلوا العربة بسرعة) جملاً مثل הם מהרו וטענו את העגלה(أسرعوا فى تحميل العربة)، وكذلك إلى جانب : הוא בא מוקדם (جاء مبكراً) تأتى جملة: הוא הקדים ובא(بَكَّرَ بالمجىء)، فهذه الطريقة كذلك تستخدم حالياً فى اللغة الأدبية واللغة الشاعرة فحسب، أما فى لغة الحديث فتسود الطريقة الأولى التى يستخدم فيها المركب الوصفى مكملاً للفعل.
وفيما يتعلق بالعناصر الجهوية المتعلقة بالجملة الخبرية فإنها متعددة، فهناك عناصر تعبر عن بداية الحدث وأخرى تعبر عن استغراقه وأخرى تعبر عن انتهائه نحو:
- הוא התחיל לנגן
- شرع يعزف
- הוא המשיך לנגן
- استمر فى العزف
- הוא הפסיק לנגן
- توقف عن العزف
فبنية دلالية مثل: הוא התחיל (הוא מנגן) لا تتحقق من خلال "وحدة معجمية مركبة " مثل " התחיל" بدأ و" מנגן " يعزف. ويعبر عن هذا التركيب فى عبرية العهد القديم من خلال عدة وسائل هى:
- ותוסף ללדת (تكوين 4/2)
- ثم عادت فولدت
فالفكرة الرئيسة فى الجملة السابقة تعبر عنها صيغة المصدر.
- לא אוסיף ארחם על ציון
- لن أعود أرحم صهيون
فالفكرة الرئيسة فى الجملة السابقة يعبر عنها فعل متصرف غير مرتبط بما قبله.
- ותוסף ותלד (تكوين 38/5)
- ثم عادت فولدت
فالفكرة الرئيسة فى الجملة السابقة يعبر عنها من خلال الفعل المعطوف، فكما يتضح فى تلك البنية فإن الفعلين لا يعبران عن حدثين. وهكذا لا يصح القول:
- אתמול היא הוסיפה ועתה היא ילדה
فالفعل الأول يعبر عن (جهة) فى الحدث الذى يعبر عنه الفعل الثانى، فالفعل (הוסיף) يعبر دائماً عن جهة فى الحدث، لا عن ذات الحدث. لكن هناك من الأفعال ما يستخدم للتعبير عن حدث أو جهة، وتُنتَج مثل هذه الأفعال فى مواضع عديدة حاملة دلالة ثنائية نحو:
- הם שבו ואכלו
- عادوا وأكلوا
فالفعل (שבו) يفسر فى هذا الموضع كفعل دال على حدث، وهكذا تفهم الجملة كاختصار لجملة:
- הם שבו לכאן מן הכפר ואכלו
- عادوا من القرية إلى هنا وأكلوا
لكن هذا الفعل يفسر كذلك كفعل دال على جهة، وهكذا تفهم الجملة بفهم يقترب من جملة:
- הם אכלו שוב
- أكلوا مرة أخرى
ويعبر عن تلك الجهات - التى نتناولها بالدراسة فى هذا الموضع - فى العبرية المعاصرة من خلال التركيب (فعل + مصدر). وإلى جانب هذه البنية تستخدم الآن بنية أخرى مأخوذة من لغة المشنا، تستبدل فيها صيغة المصدر بصيغة المضارع نحو:
- הוא התחיל מנגן
- شرع يعزف
- הוא התחיל אוכל
- شرع يأكل
وهذه البنية خاصة بالجهة الدالة على بداية الحدث فقط، فلا يقال مطلقاً:
- הוא הפסיק מנגן
- توقف عن العزف
- הוא הפסיק אוכל
- توقف عن الأكل
- הוא המשיך מנגן
- استمر فى العزف
- הוא המשיך אוכל
- استمر فى الأكل
أما البنيتان المقرائيتان البديلتان: (היא הוסיפה וילדה) و (הוא יוסיף ירחם) فلا استخدام لهما فى العبرية المعاصرة. لكنّا قد رأينا الفعل الدال على جهة الحدوث (שב) يتم ربطه بالفعل المعبر عن الحدث الرئيس هكذا: הוא שב ואמר أى: عاود قائلاً.
وبنفس الطريقة التى يتم فيها وضع الفعل الدال على الجهة قبل الفعل المعبر عن الحدث الرئيس، توضع أيضاً الأفعال الدالة على النية وماهية الشخص الذى يدور حوله الحديث نحو:
- הוא עומד לנגן
- يوشك أن يعزف
- הוא הולך לנגן
- يتأهب للعزف
فهاتان الجملتان اللتان تشتملان على فعلين دالين على جهة (עומד/הולך) تشيران إلى عملية تطور لتلك الأفعال، فمن الواضح أن هذه الدلالات ليست هى الدلالات الرئيسة للفعلين: עמד وقف/ הלך ذهب، ومن الواضح كذلك أن الدلالات الرئيسة لهذين الفعلين تتضح من خلال الجمل التالية:
- הוא עומד עתה בקצה המסדרון
- يقف الآن فى نهاية الممر
- הוא הולך עתה לכפר
- يذهب الآن إلى القرية
ففى الجملتين السابقتين يعبر الفعلان (עומד) و (הולך) عن الحدث أو الحالة الرئيسة، وقد تحولت دلالة هذين الفعلين من الدلالة الأصلية إلى الدلالة على الحركة المجردة المنضوية على النية، وهكذا فقد تغيرت الدلالة الرئيسة للعديد من أفعال الحركة. وبدلاً من صيغة المصدر قد ترد صيغة الاسم المشتق أو صيغة اسمية أخرى تعبر عن الحدث نحو:
- הוא התחיל בנגינה
- بدأ فى العزف
- הוא התחיל בעבודה חדשה
- بدأ فى عمل جديد
وكذلك :
- הוא התחיל במלאכה
- بدأ فى العمل
فالصيغة الاسمية (נגינה)(عَزْفٌ) مشتقة من الفعل(נגן)(عَزَفَ). وهكذا الأمر فى (עבודה)(عَمَلٌ) و(עבד)(عَمِلَ). أما صيغة الاسم (מלאכה)(عَمَلٌ) الواردة فى موقع المصدر فى تلك البنية، فليست مشتقة من فعل، لكنها تعبر عن حدث ينطوى على مجموعة من الأحداث نحو:
-הוא התחיל במלאכה بدأ فى العمل
- הוא התחיל בבניה بدأ فى البناء
- הוא התחיל בניסור بدأ فى النشر
وعلى أية حال، فإن المفردات (נגינה) و (עבודה) و (מלאכה) ليست واردة ههنا فى موقع اسم الذات، فلا يقال مطلقاً:
- הוא התחיל בשלחן
وبدلاً من صيغة المصدر الواردة فى بنية كهذه تأتى كذلك صيغة بديلة تعد بمثابة إحالة على الحدث نحو:
- הוא התחיל זאת
فكلمة (זאת) تشير إلى حدث محدد يكون ماثلاً أمام أعين المتكلم والسامع.
المصدر: העברית שלנו והעברית הקדומה אלעזר רובנשטיין האוניברסיטה המשודרת,1980
