موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية


تعتبر حروف المعاني من الموضوعات التي تحظى دراستها بأهمية خاصة في اللغات السامية؛ وتزداد هذه الأهمية عندما يتعلق الأمر بلغة العهد القديم أو لغة القرآن الكريم، فبهما تتعدد دلالات تلك الحروف بين دلالات أصلية وفرعية وأخرى مجازية؛ لذا فإن الوقوف على دلالاتها المختلفة ودقائقها من الأمور التي تساعد في فهم الجملة وما تحويه من معان بشكل دقيق، كما أن بعض اللغات السامية تتفق أحياناً في استخدام نفس القيمة الصوتية للحرف للتعبير عن ذات الدلالة؛ الأمر الذي تسعى هذه الدراسة إلى بيانه، والتحقق منه من خلال الأمثلة المختلفة.

وقد وقع الاختيار في هذه الدراسة على عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم، لما لهاتين اللغتين من خصوصية واستعمالات متفردة، لا نجدها في غيرهما من استعمالات لغوية أخرى، سواء في العبرية أو العربية. هذا إلى جانب التقاء اللغتين العبرية والعربية في العديد من الاستعمالات اللغوية؛ الأمر الذي يدفعنا- في هذه الدراسة- إلى محاولة تتبع الأغراض البلاغية لاستعمال الحرف في غير ما وُضع للتعبير عنه في الأصل، بغرض الوقوف على نقاط الالتقاء بين هاتين اللغتين الساميتين في هذا المستوى من مستويات الاستخدام اللغوي.  

-       سبب اختيار الموضوع:

السبب في تناول هذا الموضوع تحديداً هو ما تشتمل عليه حروف المعاني من دلالات ثرية ودقيقة، ما كان للمرء أن يقف على دقائق دلالة الجملة دون التثبت من معانيها الوظيفية وأغراضها البلاغية، سواء ما وضعت له أصلاً أو تجوزاً. أما اختيار حرف من حروف الجر تحديداً فيرجع إلى ما لهذه الحروف من أهمية قصوى في تحديد معنى الفعل بصفة خاصة، ومعنى الجملة بصفة عامة. ثم نأتي إلى سبب اختيار حرف الباء – في هذه الدراسة – دون سائر حروف الجر الأخرى، وهو أنه يعبر عن العديد من الدلالات التي تعبر عنها معظم حروف الجر الأخرى، فضلاً عن دلالته الأصيلة، التي تمتزج مع تلك الدلالات؛ فتعبر عن أدق تفاصيل المعنى.

-       مادة الدراسة:

تتخذ الدراسة من عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم مادةً للتطبيق.

-       منهج الدراسة:

   تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي؛ من أجل وصف الدلالات المنوط بتأديتها حرف الباء، وتحليلها لبيان أصالتها من استعمالاتها المجازية، ولما كانت الدراسة مقارنة، فقد أفادت من المنهج المقارن في الوقوف على نقاط الاتفاق والاختلاف بين اللغتين العبرية والعربية، فيما يعبر عنه حرف الباء من دلالات، وما تحمله عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم من أغراض بلاغية.

    وتسير الدراسة في ثلاثة محاور هي:

1-    معنى الحرف لغة واصطلاحاً وأنواعه

2-    الوظائف الدلالية لحرف الباء في عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم

3-    الأغراض البلاغية لاستعمال حرف الباء في عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم


1-  الحرف لغةً واصطلاحاً:

1-1: الحرف لغةً

1-1-1: الحرف لغة في اللغة العبرية

يطلق على الحرف في اللغة العبرية "אות"، ويعرفه أليعيزر بن يهودا بقوله: " علامة في جسم الإنسان، أو في أي شيء لدلالة معينة..... أو علامة حسية لشيء لا يمكن رؤيته بالعين"[1].

1-1-2:الحرف لغة في اللغة العربية:

يقول الأزهري:"حرف كل شيء ناحيته، كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره[2]. ويقول ابن منظور:"وحرف السفينة والجبل جانبهما.... وحرف الشيء ناحيته، وفلان على حرف من أمره أي ناحية منه، كأنه ينتظر ويتوقع، فإن رأى من ناحية ما يحب، وإلا مال إلى غيرها"[3].     

1-2: الحرف اصطلاحاً:

1-2-1: الحرف اصطلاحاً في اللغة العبرية:

يقول مروان بن جناح: " اعلم أن أقسام الكلام كله – عبري وعربي، وفي غير ذلك من اللغات ثلاث؛ أسماء وأفعال وحروف ...... والحروف مثل: גם,רק,אך وما شابه"[4]. وقد أطلق على تلك الحروف مصطلح "מלות הטעם"، وأوضح أن وظيفتها هي الربط بين أقسام الكلام، التي يتعذر أن ترتبط أو تتراكب مع بعضها من تلقاء نفسها؛ إذ يقول: "والنمط الثالث مــن أقسام الكلام هو الذي يكون بحاجة إلى الحــرف، كقولنا : ראובן בבית رأوبين في المنزل وשמעון בחוץ شمعون في الخارج؛ إذ لم يكن من الممكن الربط بين ראובן وבית أوשמעון وחוץ إلا من خلال مجيء حرف بينهما"[5]. ويبدو من خلال ما ساقه ابن جناح من أمثله، أنه استعمل مصطلح " מלות הטעם" ليعبر عما ليس باسم ولا بفعل؛ أي حروف النسب وأدوات الربط على حد سواء. أما حروف النسب تحديداً فيطلق عليه في الدرس اللغوي العبري المعاصر مصطلح (מלות יחס). ويعرفه (يهودا ليف بن زئيف) بقوله:" كلمة تحدد علاقة الاسم بما يجاوره، كما تحدد دلالته داخل الجملة"[6]. كما يعرفه (أفراهام ايفن شوشان) بقوله:" كلمة تعبر عن علاقة ما بين اسمين، أو بين فعل واسم"[7].

1-2-2: الحرف اصطلاحاً في اللغة العربية:

يقول سيبويه:" فالكَلِمُ: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل"[8]؛ لذا يقول الأزهري:" وكل كلمة بنيت أداة عارية في الكلام لتفرقة المعاني فاسمها حرف، وإن كان بناؤها بحرفين أو فوق ذلك"[9]. ويعرف ابن يعيش الحرف بأنه" كلمة دلت على معنى في غيرها...... وقولنا دلت على معنى في غيرها فصل ميزة الاسم والفعل؛ إذ معنى الاسم والفعل في أنفسهما، ومعنى الحرف في غيره"[10]. إذن فالحرف هو كل كلمة موضوعة للتعبير عن معنى في غيرها، أما هي - في حد ذاتها- فلا تتحدد دلالتها إلا إذا ركبت مع اسم بعدها. يقول المرادي " فإن قيل ما معنى قولهم الحرف يدل على معنى في غيره ؟ فالجواب : معنى ذلك أن دلالة الحرف على معناه الإفرادي متوقفة على ذكر متعلقة بخلاف الاسم والفعل فإن دلالة كل منهما على معناه الإفرادي غير متوقفة على ذكر متعلق؛ ألا ترى أنك إذا قلت " الغلام" فهم منه التعريف، ولو قلت "أل" مفردة لم يفهم منه معنى. فإذا قرن بالاسم أفاد التعريف. وكذلك باء الجر فإنها لا تدل على الإلصاق، حتى تضاف إلى الاسم الذي بعدها، لا إنه يتحصل منها مفردة. وكذلك القول في سائر الحروف"[11].

أما عن سبب تسمية الحرف حرفاً فيقول المرادي:" سُمي بذلك لأنه طرف في الكلام وفضلة. والحرف في اللغة هو الطرف. ومنه قولهم : حرف الجبل أي طرفه، وهو أعلاه المحدد. فإن قيل: فإن الحرف قد يقع حشواً نحو : مررت بزيد، فليست الباء في هذا بطرف. فالجواب أن الحرف طرف في المعنى؛ لأنه لا يكون عمدة، وإن كان متوسطاً"[12].

       وتنقسم الحروف – بشكل عام – إلى نوعين؛ حروف المباني وحروف المعاني. أما حروف المباني فهي تلك الصوامت المجردة من الدلالة، التي تتضافر معاً لبناء كيان لغوي يعرف باسم "الكلمة"، وأما حروف المعاني فهي تلك الحروف التي تعبر عن معنى في غيرها، لا في نفسها، كما سبق وأشرنا؛ فتربط بذلك معنوياً بين أجزاء الجملة أو أجزاء النص بشكل عام. ومن بين حروف المعاني هذه حروف الجر، التي تقوم بنقل معنى ما قبلها إلى ما بعدها. يقول ابن الحاجب:"حروف الجر ما وُضع للإفضاء بفعل أو معناه إلى ما يليه"[13]. ويقول أبو الحسن طاهر بن أحمد في شرح المقدمة النحوية: "حروف الجر كلها – على اختلاف معانيها – إنما أدخلت لتوصيل معاني الأفعال التي قبلها إلى الأسماء التي بعدها"[14].

      أما حرف الباء – موضوع الدراسة – فقد قسمت الدراسة الدلالات التي يعبر عنها إلى قسمين؛ أولهما الدلالات الأساسية، وهو قسم ينقسم بدوره إلي دلالات أصلية وأخرى فرعية، وثانيهما الاستعمالات المجازية لهذا الحرف. فالدلالة الأصلية هي الدلالة المنوط بالحرف التعبير عنها في الأساس، أما الدلالة الفرعية فهي دلالة يعبر عنها الحرف، وقد تكون دلالة أصلية لحرف آخر. والدلالات الأساسية لحرف الباء - كما تعرضها الدراسة - هي (الإلصاق – الظرفية المكانية – الظرفية الزمانية - الاستعانة – المقابل – البدل – الكيفية – القسم- التعجب)[15]، أما الاستعمالات المجازية، فيعبر عنها الحرف بخروجه عما وُضع للتعبير عنه في الأساس؛ ليعبر عن معنى آخر في سياق ما. وهذا المعنى المجازي الذي يؤديه هذا الحرف - في هذا السياق - هو معنى أصلى لحرف آخر. وهذا التجوز في الاستعمال تحكمه طبيعة الفعل الذي يتعلق به الحرف؛ كأن يكون فعلاً لازماً، أو فعلاً استعملته الجماعة اللغوية متعلقاً بحرف أو حروف أخرى غير هذا الحرف. والاستعمالات المجازية لحرف الباء – كما تعرضها الدراسة - هي ( المصاحبة - السببية – التبعيض- المجاوزة – الاستعلاء - التعدية – التخصيص – انتهاء الغاية)[16].

    من هنا يتبادر إلى الذهن السؤال عن العلة أو الغرض البلاغي من استعمال الحرف في غير ما وضع له؛ أي استعماله من باب التجوز، وهو ما يتنافى مع الرأي القائل بتعاور حروف الجر وتعاقبها؛ الأمر الذي يوحي بعدم وجود فارق دلالي عند استعمال بعضها محل البعض الآخر. والحقيقة أن استعمال حرف - أو إذا جاز التعبير انتداب حرف - له وظيفة دلالية أساسية يؤديها في اللغة لأداء وظيفة أخرى هو – في الأساس- غير منوط بتأديتها، لا يكون عشوائياً أو غير مقصود، لكنه يكون لأداء معنى في غاية الدقة، ما كان ليصل إلى القارىء حال استعمال حرف آخر سواه. وهذا الرأي يتعارض ما ذهب إليه الكوفيون بجواز الإبدال بين حروف المعاني وتعاقبها، كما يتعارض مع تخريجات البصريين لهذه الظاهرة من قولهم بتضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، أو تخريجه على شذوذ النيابة، ويقترب – إلى حد ما – مع بعض الآراء التي أجازت استعمال الحروف محل بعضها في مواضع محددة، وبشروط معينة كما ذهب ابن السراج وابن جني[17].

    2: المعاني الوظيفية لحروف المعاني في عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم:

2-1: المعاني الوظيفية الأساسية لحرف الباء:

2-1-1: الإلصاق:

2-1-1-1: اللغة العبرية:

تعبر اللغة العبرية عن دلالة الإلصاق عن طريق حرف الباء(ב). ودلالة الإلصاق الواردة في عبرية العهد القديم جاءت على نمطين؛ إلصاق حقيقي (مادي) وإلصاق مجازي (معنوي). أما الإلصاق المادي فيكون مثلاً بين جسم وآخر، واستخدام حرف الباء تحديداً – دون غيره من الحروف التي يمكن أن تؤدي هذا المعنى – يعبر عن شدة الترابط والاختلاط، وليس مجرد الاتصال أو التواصل السطحي. يقول (יהודה ליב בן זאב)(يهودا ليف بن زئيف) " غالباً ما يتعلق بالفعل (אחז) حرف الباء (ב) عندما يكون المعنى المقصود هو الأخذ باليد، وقد يتعدى بـ (את) عندما يكون المعنى المقصود هو الاحتجاز"[18]. وهذا يعني أن تعلق حرف الإلصاق(ב) بالفعل (אחז)(أخذ) يعبر عن الإمساك المباشر بالشخص أو الشيء. ومن أمثلة الإلصاق المادي في العهد القديم:

-        (עַל-כֵּן, יַעֲזָב-אִישׁ אֶת-אָבִיו וְאֶת-אִמּוֹ; וְדָבַק בְּאִשְׁתּוֹ, וְהָיוּ לְבָשָׂר אֶחָד) تكوين 2/24

-        لذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان جسداً واحداً

وحال استعمال حرف الباء (ב) للتعبير عن الإلصاق المعنوي، فإنه يعبر عن عمق التواصل والامتزاج. ومن أمثلة ذلك في العهد القديم:

-        (מִן-הַגּוֹיִם, אֲשֶׁר אָמַר-יְהוָה אֶל-בְּנֵי יִשְׂרָאֵל לֹא-תָבֹאוּ בָהֶם וְהֵם לֹא-יָבֹאוּ בָכֶם, אָכֵן יַטּוּ אֶת-לְבַבְכֶם, אַחֲרֵי אֱלֹהֵיהֶם-בָּהֶם דָּבַק שְׁלֹמֹה, לְאַהֲבָה) ملوك أول/11-2

-        (من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون إليهم، وهم لا يدخلون إليكم؛ لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم، فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة)

فالمقصود بالالتصاق في الفقرة السابقة يعنى شدة التواصل وعمق الاختلاط بين سليمان وأبناء الأمم الأخرى.

-        (דָּבַקְתִּי בְעֵדְותֶיךָ; יְהוָה, אַל-תְּבִישֵׁנִי) مزامير 119/31

-        (لصقت بشهاداتك. يا رب لا تخزني !)

فاستعمال  حرف الباء (ב) في الفقرة السابقة يعبر عن شدة الطاعة والامتثال للأمر.

وقد يرد الفعل (דָבַק) متعلقاً به حروف أخرى مثل (אל) و (ל) مثل:

-        (הוּא קָם וַיַּךְ בַּפְּלִשְׁתִּים עַד כִּי-יָגְעָה יָדוֹ, וַתִּדְבַּק יָדוֹ אֶל הַחֶרֶב) صموئيل الثاني: 23-10

-        (أما هو فأقام وضرب الفلسطينيين؛ حتى كلت يده، ولصقت يده بالسيف)

-        (כִּי שָׁחָה לֶעָפָר נַפְשֵׁנוּ; דָּבְקָה לָאָרֶץ בִּטְנֵנוּ) مزامير 44/26

-        (لأن أنفسنا منحنية إلى التراب. لصقت في الأرض بطوننا)

وعند النظر إلى العلة البلاغية من استعمال المركب (דָבַק ב) في مواضع من العهد القديم، والمركب (דָבַק/ אלל)  في مواضع أخرى، نجد أن المركب الأول يستعمل للدلالة على ارتباط شخص بآخر ارتباطاً ناجماً عن اختيار أو رغبة، أما المركب الثاني فيستعمل للدلالة على اتصال شيء بآخر دون اختيار أو قصد[19].

وقد يرد الفعل (דָבַק) متعلقاً به حرف النسب (עִם) مثل:

-         (וַיֹּאמֶר בֹּעַז אֶל-רוּת הֲלוֹא שָׁמַעַתְּ בִּתִּי, אַל-תֵּלְכִי לִלְקֹט בְּשָׂדֶה אַחֵר, וְגַם לֹא תַעֲבוּרִי, מִזֶּה; וְכֹה תִדְבָּקִין עִם-נַעֲרֹתָי) راعوث 2/8

-        (فقال بوعز لراعوث ألا تسمعين يا بنتي. لا تذهبي لتلتقطي في حقل آخر، وأيضاً لا تبرحي من ههنا، بل هنا لازمي فتياتي)

ومن اللافت للنظر أن العهد القديم بعد أن استعمل حرف النسب (עם) متعلقاً بالفعل (דָבַק) في الفقرة السابقة، فإنه قد عاد ليستعمل حرف الباء(ב) متعلقاً بذات الفعل في نفس السياق، وفي نفس الإصحاح من سفر (راعوث)؛ الأمر الذي دفع بعض الباحثين إلى القول بأن استخدام المركب (דָבַק עם) هو سمة أسلوبية خاصة بلغة إحدى شخصيات القصة، وهي شخصية (بوعز)، لكن عندما يكون الكلام على لسان الراوي المقرائي، فإن المركب المعياري (דָבַק ב) يكون هو المستعمَل كما ورد في الفقرة (23) من الإصحاح الثاني من سفر راعوث:

-         וַתִּדְבַּק בְּנַעֲרוֹת בֹּעַז, לְלַקֵּט--עַד-כְּלוֹת קְצִיר-הַשְּׂעֹרִים, וּקְצִיר הַחִטִּים راعوث 2/23

-        فلازمت فتيات بوعز في الالتقاط حتى انتهى حصاد الشعير وحصاد الحنطة[20].  

غير أنه من خلال تتبع السياق العام للقصة يتضح لنا أن استعمال المركب (דָבַק עם) لم يكن سمة أسلوبية خاصة بشخص بعينه؛ لأنه من المنطقي ألا يخرج الشخص عن العرف اللغوي لأبناء جماعته اللغوية؛ حتى يكون كلامه مفهوماً، ولكن استعمال المركب (דָבַק ב) تارة والمركب (דָבַק עם) تارة أخرى، إنما يرجع إلى فروق دلالية دقيقة، فعندما طلب (بوعز) من (راعوث) مصاحبة فتياته في عملية الحصاد، كان ذلك مجرد طلب، ولم تكن عملية المصاحبة أو المخالطة بهؤلاء الفتيات قد تمت بالفعل؛ لذلك استعمل الحرف الدال على مجرد المصاحبة، لا التداخل في العلاقة وشدة الارتباط وهو حرف (עם)، أما بعد تعامل (راعوث) مع الفتيات واختلاطها بهن، وارتباطها بهن؛ نتيجة لمعاملتهن الطيبة لها، فقد استُعمل الحرف الدال على الإلصاق وهو الباء (ב)، الذي يدل – في هذه الحالة – على المصاحبة الممزوجة بالالتصاق، كي يدل على أن العلاقة بينهن لم تكن علاقة عادية بل كانت علاقة قوية.   

2-1-1-2: اللغة العربية:

تعبر اللغة العربية عن هذه الدلالة من خلال حرف الجر (الباء). يقول المالقي في معرض حديثه عن حرف الباء:" أن تكون للإلصاق، نحو مررت بزيد، وقدته بعصاه، وجذبته بشعره. معنى ذلك كله أنك ألصقت المرور بزيد، والقود بالعصا، والجذب بالشعر، ومنه وصلت هذا بهذا، أي ألصقته به. فالإلصاق يكون لفظياً ومعنوياً"[21]. قال ابن هشام في معرض حديثه عن هذه الوظيفة:" وهو معنى لا يفارقها؛ فلهذا اقتصر عليه سيبويه"[22]. والإلصاق نوعان؛ حقيقي كقولك "أمسكت بزيد" إذا قبضت على شيء من جسمه أو على ما يحبسه من يد أو ثوب ونحوه، ومجازي نحو: "مررت بزيد"؛ أي ألصقت مروري بمكان يقرب من زيد"[23]. يقول ابن يعيش:" فأما الإلصاق فنحو قولك: أمسكت زيداً، يحتمل أن تكون باشرته نفسه، ويحتمل أن تكون منعته من التصرف من غير مباشرة له، فإذا قلت: أمسكت بزيد فقد أعلمت أنك باشرته بنفسك"[24].

ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم:

-       الإلصاق الحقيقي:

-        { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} سورة البقرة: الآية 196

يقول السمين الحلبي:" والباءُ في" به " يجوزُ فيها وجهان، أحدُهما: أن تكونَ للإِلصاق، والثاني: أن تكونَ ظرفيةً"[25]. وقد وصف الزمخشري ذلك الأذى بقوله:" وهو القمل أو الجراحة، فعليه إذا احتلق فدية"[26].

-       الإلصاق المجازي:

-        { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } سورة الروم: الآية 34


2-1-2: الظرفية المكانية:

2-1-2-1: اللغة العبرية:

تعد دلالة الظرفية - سواء المكانية أو الزمانية - هي الدلالة الرئيسة لحرف الباء في اللغة العبرية[27]. وقد تكون الظرفية المكانية حسية؛ أي أن الحدث يقع في مكان ملموس، وفي نقطة محددة، وقد تكون معنوية؛ أي تعبر عن الحلولية في ذات دون الوجود الحسي[28]. ومن أمثلة تعبير الباء عن الوجود في مكان حسي ملموس في العهد القديم ما يلي:

-        (וַיָּשָׁב וַיֵּלֶךְ בַּבַּיִת) ملوك ثاني: 4-35

-        (ثم عاد وتمشى في البيت)

-        (וַיָּשֻׁבוּ הַמַּיִם, וַיְכַסּוּ אֶת-הָרֶכֶב וְאֶת-הַפָּרָשִׁים, לְכֹל חֵיל פַּרְעֹה, הַבָּאִים אַחֲרֵיהֶם בַּיָּם) خروج 14/28

-        (فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر)

وقد تعبر الباء عن الوجود في أكثر من نقطة من ذات المكان، وليس الوجود في نقطة بعينها[29]، وهو ما يعبر عنه في العربية بـ "خلال" أو "بين". ومن أمثلة ذلك:

-        (רַק בְּכָל-אַוַּת נַפְשְׁךָ תִּזְבַּח וְאָכַלְתָּ בָשָׂר, כְּבִרְכַּת יְהוָה אֱלֹהֶיךָ אֲשֶׁר נָתַן-לְךָ בְּכָל-שְׁעָרֶיךָ) تكوين 12/15

(ولكن من كل ما تشتهي نفسك تذبح، وتأكل لحماً في جميع أبوابك)

-        (אוֹדְךָ בָעַמִּים אֲדֹנָי; אֲזַמֶּרְךָ בַּלְאֻמִּים) مزامير 57/10

-        (أحمدك بين الشعوب يا رب. أرنم لك بين الأمم)

وقد تكون الظرفية المكانية معنوية، كما في المثال التالي:

-        (וַיֹּאמֶר דָּוִד אֶל-אָכִישׁ, כִּי מֶה עָשִׂיתִי וּמַה-מָּצָאתָ בְעַבְדְּךָ, מִיּוֹם אֲשֶׁר הָיִיתִי לְפָנֶיךָ, עַד הַיּוֹם הַזֶּה) صموئيل 1/29-8

-        (فقال داود لأخيش فماذا عملت وماذا وجدت في عبدك من يوم صرت أمامك إلى اليوم)

2-1-2-2: اللغة العربية:

تعبر الباء عن الظرفية المكانية إذا جاز إحلال حرف "في" محلها دون إخلال بالمعنى"[30]. ويقول السيوطي في معرض حديثه عن معاني حرف الباء:" الظرفية كفي زماناً ومكاناً"[31]. ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم:

-        "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" سورة آل عمران: الآية 123

المقصود بـ "ببدر" في الآية الكريمة السابقة "في بدر". يقول العكبري " قوله تعالى: ببدر ظرف، والباء بمعنى في"[32].

-        "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً" سورة يونس: الآية 87

يقول المالقي: " أي في مصر"[33].

2-1-3: الظرفية الزمانية:

2-1-3-1: اللغة العبرية:

من وظائف حرف الباء (ב) في اللغة العبرية التعبير عن الظرفية الزمانية، أي وقوع الفعل في نقطة زمنية محددة.[34] ومن أمثلة ذلك في العهد القديم:

-        (וַיִּתֵּן אֹתָם אֱלֹהִים, בִּרְקִיעַ הַשָּׁמָיִם, לְהָאִיר, עַל-הָאָרֶץ، וְלִמְשֹׁל, בַּיּוֹם וּבַלַּיְלָה) تكوين 1/17-18

-        (وجعلهم الله في جلد السماء ليضيئوا، وللإضاءة في النهار وفي الليل)[35]

-        (בְּכָל עֵת, אֹהֵב הָרֵעַ، וְאָח לְצָרָה יִוָּלֵד) أمثال 17/17

-        (الصديق يُحَبُّ في كل وقت. أما الأخ فللشدة يولد)

2-1-3-2: اللغة العربية:

 - "إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَر" سورة القمر: الآية 34

التقدير هنا "في سحر"[36]. قال الآلوسي: " { نَّجَّيْنَـٰهُم بِسَحَرٍ } أي في سحر، وهو آخر الليل، وقيل: السدس الأخير منه.... ويجوز كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال؛ أي متلبسين (بسحر) داخلين فيه"[37].

2-1-4: الاستعانة:

2-1-4-1: اللغة العبرية:

من المعاني الوظيفية للباء في اللغة العبرية التعبير عن الآلة أو الوسيلة المستعان بها في تنفيذ الفعل[38].

والاستعانة قد تكون مادية، كما هو الحال في الاستعانة بالآلة، ومثالها:

-        (וַתֵּרֶא הָאָתוֹן אֶת-מַלְאַךְ יְהוָה, וַתִּרְבַּץ תַּחַת בִּלְעָם; וַיִּחַר-אַף בִּלְעָם, וַיַּךְ אֶת-הָאָתוֹן בַּמַּקֵּל) عدد22-27

-        (فلما أبصرت الآتان ملاك الرب، ربضت تحت بلعام، فحمي غضب بلعام، وضرب الآتان بالقضيب)

-        (וַאֲנִי נָתַתִּי לְךָ שְׁכֶם אַחַד עַל אַחֶיךָ אֲשֶׁר לָקַחְתִּי מִיַּד הָאֱמֹרִי בְּחַרְבִּי וּבְקַשְׁתִּי) تكوين 48/22

-        (وأنا قد وهبت لك سهماً واحداً فوق إخوتك، أخذته من يد الأموريين بسيفي وقوسي)

وقد تكون معنوية، ومثالها:

-        (בֵּאלֹהִים נַעֲשֶׂה-חָיִל וְהוּא יָבוּס צָרֵינוּ) مزامير 60/14

-        (بالله نصنع ببأس، وهو يدوس أعداءنا)

-        (יִשְׂרָאֵל נוֹשַׁע בַּיהוָה תְּשׁוּעַת עוֹלָמִים) إشعيا 45/17

-        (أما إسرائيل فيخلص بالرب خلاصاً أبدياً)

2-1-4-2: اللغة العربية:

الباء الدالة على الاستعانة هي الباء الدالة على آلة الفعل[39]. يقول المالقي في معرض حديثه عن الوظائف الدلالية لحرف الباء " أن تكون للاستعانة نحو قولك: كتبت بالقلم، وضربت بالسوط"[40]. ويقول ابن هشام في عرضه للوظائف الدلالية لهذا الحرف: "الاستعانة، وهي الداخلة على آلة الفعل...... قيل: ومنه البسملة؛ لأن الفعل لا يتأتى على الوجه الأكمل إلا بها"[41]. ولم يُجَوِّز بعض النحاة إطلاق مصطلح الاستعانة على الأفعال المنسوبة لله عز وجل؛ إذ ذهب المرادي إلى أن الباء الواردة في سياقات كهذه تندرج وظيفتها تحت السببية لا الاستعانة؛ حيث يقول: " والنحويون يعبرون عن هذه الباء بالاستعانة. وآثرتُ على ذلك التعبير بالسببية، من أجل الأفعال المنسوبة لله تعالى، فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة لا يجوز"[42]. يقول محمد عبد الخالق عضيمة في ذلك: "أسقط ابن مالك الاستعانة وأدرجها في السببية، قال: لأن مثل هذه الباء واقعة في القرآن الكريم، ولا يجوز التعبير بالاستعانة في الأفعال المسندة إلى الله تعالى"[43].

والاستعانة نوعان؛ معنوية كما في قوله تعالى :

" إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ" سورة النمل: الآية 30

ومادية كما في قوله تعالى:

-        " وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ" سورة الأنعام: الآية 7

يقول القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة "أي فعاينوا ذلك ومسوه باليد كما اقترحوا، وبالغوا في ميزه وتقليبه؛ جساً بأيديهم ليرتفع كل ارتياب، ويزول عنهم كل إشكال، لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم"[44].

-        " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ " سورة الأنعام: الآية 38  

يقول القرطبي في معرض حديثه عن هذه الآية الكريمة: "بجناحيه تأكيداً وإزالة للإبهام؛ فإن العرب تستعمل الطيران لغير الطائر؛ تقول للرجل : طر في حاجتي؛ أي أسرع؛ فذكر { بجناحيه} ليتمحض القول في الطير، وهو في غيره مجاز. وقيل: إن اعتدال جسد الطائر بين الجناحين يعينه على الطيران، ولو كان غير معتدل لكان يميل؛ فأعلمنا أن الطيران بالجناحين"[45].

2-1-5: المقابل:

يتم الخلط أحياناً بين الدلالة على المقابل والدلالة على البدل؛ فالمقابل هو أن تأخذ أو تعطي نظير مبلغ من المال أو ما يعادله، أي نظير ثمن، أما البدل فهو أن تأخذ أو تعطي شيئاً نظير شيئ آخر. يقول أبو هلال العسكري: " البدل ما يقام مقامه ويوقع موقعه على جهة التعاقب، دون المثامنة..... والثمن يستعمل فيما كان عيناً أو ورقاً"[46].

2-1-5-1: اللغة العبرية:

يستعمل حرف الباء في اللغة العبرية للتعبير عن المقابل المادي[47]. ومن أمثلة ذلك في العهد القديم:

-        (וְיִתֶּן לִי אֶת מְעָרַת הַמַּכְפֵּלָה אֲשֶׁר לוֹ אֲשֶׁר בִּקְצֵה שָׂדֵהוּ בְּכֶסֶף מָלֵא יִתְּנֶנָּה לִי בְּתוֹכְכֶם לַאֲחֻזַּת קָבֶר) تكوين 23/9

-        (أن يعطيني مغارة المكفيلة التي له، التي في طرف حقله. بثمن كامل يعطيني إياها في وسطكم ملك قبر)

 

2-1-5-2: اللغة العربية:

تعبر اللغة العربية عن هذا المعنى عن طريق استخدام الباء الداخلة على الأثمان والأعواض[48]. ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم:

-        {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } سورة يوسف: الآية 20

-        { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } سورة النحل: الآية 32

2-1-6: البدل:

2-1-6-1: اللغة العبرية:

من الدلالات التي يعبر عنها حرف الباء في عبرية العهد القديم التعبير عن إبدال شيء بآخر[49]. ومن أمثلة ذلك:

-        (לֹא יַחֲלִיפֶנּוּ, וְלֹא יָמִיר אֹתוֹ טוֹב בְּרָע אוֹ רַע בְּטוֹב) لاويين 27/10

-        (لا يغيره ولا يبدله جيداً برديء أو رديئاً بجيد)

2-1-6-2: اللغة العربية:

يقول المرادي فيما يخص دلالة حرف الباء عن هذا المعنى " وعلامتها أن يحسن في موضعها بدل"[50]. من ذلك قوله تعالى :

-        ﴿ وبدلناهم بجنتيهم جنتين﴾ سورة سبأ : الآية 16

-        ﴿ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ﴾ سورة البقرة: الآية 108

2-1-7: الكيفية:

2-1-7-1: اللغة العبرية:

تعبر اللغة العبرية من خلال حرف الباء متبوعاً بالاسم عن الكيفية التي يحدث بها الفعل[51]. ومن أمثلة ذلك في العهد القديم:

-        (וַאֲכַלְתֶּם אֹתוֹ בְּחִפָּזוֹן) خروج 12/11

-        (وتأكلونه بعجلة).

2-1-7-2: اللغة العربية:

خلط كثير من اللغويين العرب بين الباء التي تدل على المصاحبة، وتلك التي تدل على الكيفية؛ فلم يميزوا بين المصاحبة والكيفية، وعدوهما شيئاً واحداً، واعتبروا – بشكل بعيد عن الصواب- الباء الداخلة على اسم معنوي دالة على المصاحبة لا الكيفية[52]. ولكن الباء - كما سبق وأشرنا في هذه الدراسة- إذا تبعها اسم معنوي فإنها تدل على الكيفية لا المصاحبة. ومن أمثلة ذلك :

-        ﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾ سوورة النحل: الآية 7

-        ﴿ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ﴾ سورة النساء: الآية 17

2-1-8: القسم:

2-1-8-1: اللغة العبرية:

يعد حرف الباء هو الحرف الوحيد بين حروف النسب الذي يستخدم في جملة القسم في اللغة العبرية؛ إذ يرد قبل المقسم به. ومن أمثلته في العهد القديم:

-        (נִשְׁבַּע אֲדֹנָי יְהוִה בְּקָדְשׁוֹ) عاموس 4/2

-        (قد أقسم السيد الرب بقدسه)

2-1-8-2: اللغة العربية:

من المعاني التي يعبر عنها حرف الباء القسم نحو بالله لأفعلن. يقول المرادي " وهي أصل حروف القسم، ولذلك فضلت سائر حروفه بثلاثة أمور، أحدها أنها لا يجب حذف الفعل معها، بل يجوز إظهاره نحو أقسم بالله، والثاني أنها تدخل على المضمر نحو: بك لأفعلن، والثالث أنها تستعمل في الطلب وغيره"[53]؛ لذلك قال ابن هشام أنها تستعمل في القسم الاستعطافي نحو " بالله هل قام زيد" أي أسألك بالله مستحلفاً"[54]. ومنه في القرآن الكريم:

-        ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ﴾ سورة الواقعة:75

-        ﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ سورة فاطر: 42

2-1-9: التخصيص:

2-1-9-1: اللغة العبرية:

تستعمل اللغة العبرية حرف الباء للدلالة على التخصيص بعد التعميم.[55] ومن أمثلة ذلك:

-        (וְאַבְרָם, כָּבֵד מְאֹד, בַּמִּקְנֶה, בַּכֶּסֶף וּבַזָּהָב) تكوين 13/2

-        وكان ابرام غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب

-        (תֹפֵשׂ הַקֶּשֶׁת לֹא יַעֲמֹד, וְקַל בְּרַגְלָיו לֹא יְמַלֵּט) عاموس 2/15

-        وماسك القوس لا يثبت وسريع الرجلين لا ينجو

2-1-9-2: اللغة العربية:

لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العربية.

2-1-10: التعجب:

2-1-10-1: اللغة العبرية

    لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العبرية

2-1-10-2: اللغة العربية:

-        ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ سورة مريم: الآية 38

يقول المرادي " المعنى: هؤلاء ممن يتعجب منهم أو هذا ممن يتعجب منه، إذ لا يصح التعجب من الله تعالى لإحاطة علمه بالكلي والجزئي على ما هو عليه سبحانه، والتعجب لا يكون إلا مما خفي سببه"[56]؛ لذا يقول الزمخشري:" لا يوصف الله تعالى بالتعجب، وإنما المراد أن أسماعهم وأبصارهم يومئذ جدير بأن يتعجب منهما بعد ما كانوا صما وعمياً في الدنيا"[57].

2-1-11: التعريف:

2-1-11-1: اللغة العبرية:

استعملت الباء في مواضع من العهد القديم بدلالة هاء التعريف[58]. ومن أمثلة ذلك:

-        (שָׂמְחוּ לְפָנֶיךָ כְּשִׂמְחַת בַּקָּצִיר) إشعيا 9 / 2

-        (فَرِحُوا أَمَامَكَ كَفَرْحَةِ الحَصَادِ)

-        (הַהֹלֵךְ לִפְנֵיכֶם בַּדֶּרֶךְ לָתוּר לָכֶם מָקוֹם לַחֲנֹתְכֶם בָּאֵשׁ לַיְלָה לַרְאֹתְכֶם בַּדֶּרֶךְ אֲשֶׁר תֵּלְכוּ בָהּ) تثنية 1/33

-        (السَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي الطَّرِيقِ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَانًا لِنُزُولِكُمْ، فِي نَارٍ لَيْلًا لِيُرِيَكُمُ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسِيرُونَ فِيه)

2-1-11-2: اللغة العربية:

لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العربية.

2-2: الاستعمالات المجازية لحرف الباء في عبرية العهد القديم وعربية القرآن الكريم:

2-2-1: الدلالة على المصاحبة:

2-2-1-1: اللغة العبرية:

-        (וַתָּבֹא יְרוּשָׁלְַמָה, בְּחַיִל כָּבֵד מְאֹד)[59] ملوك أول: 10 – 1/2

-        (فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جداً؛ بجمال حاملة أطياباً وذهباً كثيراً جداً وحجارة كريمة)

عند النظر إلى الفقرة السابقة، يتضح لنا أن الراوي المقرائي كان أمامه خياران في استخدام حرف النسب المتعلق بالفعل (תָּבֹא)، فكان بإمكانه استخدام أحد المركبين (וַתָּבֹא עם) أو (וַתָּבֹא ב) لكنه آثر استخدام المركب الثاني دون الأول، على الرغم من أن حرف النسب (עם) يعبر في الأساس عن المصاحبة. فما الغرض البلاغي إذن من هذا الاستخدام ؟

إن استخدام المركب (וַתָּבֹא עם) يعبر عن مجرد المصاحبة، التي لا يظهر فيها تميز لشخص أو سيطرة أو   أفضلية لشخص على آخر، لكن الأمر هنا مختلف لكون الموكب على رأسه ملكة ذاهبة بعطايا وهبات نفيسة لملك كبير وهو سليمان؛ ومن ثم لم يكن دورها قاصراً على مجرد اصطحاب الموكب، بل كانت – بالتأكيد – حريصة على أن تظهر هي وموكبها في أبهى صورة أمام هذا الملك العظيم؛ الأمر الذي كان يتطلب منها – بلا شك – متابعة كل تفاصيل المشهد عن قرب، فضلاً عن أن الكلمة لها باعتبارها الملكة والجميع تابعون لها؛ لذلك تم استخدام المركب المشتمل على حرف الإلصاق (וַתָּבֹא ב)؛ ليعبر عن شدة الاقتراب والمتابعة، وليس مجرد المصاحبة. يقول (يتسحاق بيرتس) " يجب التمييز دلالياً بين (ב) و (עם)؛ فـ (עם) تعبر عن اشتراك ذاتين أو أكثر في القيام بالفعل، أما (ב) فتعبر عن أن الاسم الوارد بعدها يرتبط بالاسم الوارد قبلها ارتباط تبعية"[60].

-        (וַיִּחַר לְיַעֲקֹב וַיָּרֶב בְּלָבָן וַיַּעַן יַעֲקֹב וַיֹּאמֶר לְלָבָן מַה־פִּשְׁעִי מַה חַטָּאתִי כִּי דָלַקְתָּ אַחֲרָי) تكوين 31/36

-        فاغتاظ يعقوب واختصم مع لابان، وأجاب يعقوب، وقال للابان: «ما جرمي؟ ما خطيتي حتى حميت ورائي؟

يقول (يهودا ليف بن زئيف):" בְּלָבָן أي: مع لابان"[61].

بالرجوع إلى معجم العبرية نجد أن الفعل (רָב) بمعنى (خاصم/اختصم) يتعلق به حرفا نسب هما (ב/עִם)[62]. أما عن سبب استعمال حرف منهما دون الآخر في سياق ما، فيرجع ذلك إلى فروق دلالية دقيقة، تتمثل في درجة الخصومة أو العداء. فحرف (עִם) يحمل في الأصل الدلالة على المصاحبة؛ أي اشتراك ذاتين في ذات الحدث، أما حرف الباء (ב) فموضوع - في الأصل - للدلالة على الإلصاق، فعندما يستعمل مجازياً للتعبير عن المصاحبة، فإن ظلال معناه الأصلى (الإلصاق) تظل فيه، ومن ثم يؤدي اندماج الدلالتين معاً إلى إنتاج دلالة جديدة تعني (شدة الخصومة أو العداء) وليس مجرد الخصومة بمعناها العام.

2-2-1-2: اللغة العربية:

الباء المعبرة عن المصاحبة هي التي تعطي معنى "مع"[63]. ومن ذلك قوله تعالى:

-          ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾  سورة طه: 78 يقول المالقي:" أي مع جنوده"[64]. يقول العكبري:     " قوله تعالى: بجنوده: هو في موضع الحال، والمفعول الثاني محذوف؛ أي فأتبعهم فرعونُ عقابَه، ومعه جنوده"[65]. وهذه الباء الوارده بهذا المعنى يتوجب أن يكون الاسم الوارد بعدها اسماً حسياً؛ لأنه إذا كان معنوياً لدل على الكيفية وليس المصاحبة، على عكس ما ذكر المرادي في شرح معاني هذا الحرف، إذ يقول في معرض حديثه عن دلالة حرف الباء على المصاحبة:    " لها علامتان؛ إحداهما أن يحسن في موضعها مع، والأخرى أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال"[66].

وقد ورد الفعل (أتبع) متبوعاً بحرف العطف (الواو) في نفس سياق ملاحقة فرعون وجنوده لبني إسرائيل في موضع آخر من القرآن الكريم في سورة يونس: الآية 90 في قوله تعالى:

-         ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ﴾  

إذن استخدم القرآن الكريم نمطين تركيبيين في سياق واحد هما:

  • "فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ"
  • "فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ"

والسؤال الآن: لماذا استخدم القرآن الكريم حرف الإلصاق (الباء) ليعبر عن المصاحبة في موضع، ولم يستخدم حرف (مع) الدال – في الأساس-على المصاحبة، واستخدم واو العطف في ذات السياق في موضع آخر ؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب تتبع السياق الذي ورد فيه كلا التركيبين؛ فالتركيب (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) جاء في بداية وصول فرعون بجيشه إلى اليم، ودخولهم فيه؛ حيث كان الطريق لهم مفتوحاً، والماء على الجانبين جامداً؛ فجيء بحرف (الباء) الدال على الإلصاق؛ ليعبر عن اللحمة بينه وبين جنوده، وسيطرته على الموقف، من خلال التواصل فيما بينهم. أما عندما قطعوا شوطاً داخل اليم، وشاءت إرادة الله أن يعود الماء إلى طبيعته السائلة، وبدأت المياه في تغطيتهم، وشتت شملهم، وتناثروا هنا وهناك، عندئذ فقد فرعون السيطرة على زمام الأمور؛ إذ كان يصارع الموت هو وجنوده؛ لذا استخدم النظم القرآني حرف الواو العاطفة الدالة على مطلق الجمع لا الإلصاق. يقول المرادي في معرض حديثه عن الواو العاطفة:    " ومذهب جمهور النحويين أنها للجمع المطلق. فإذا قلت: قام زيد وعمرو. احتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكونا قاما معاً، في وقت واحد. والثاني أن يكون المتقدم قام أولاً. والثالث أن يكون المتأخر قام أولاً. قال سيبويه: وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء بعد شيء"[67]؛ فيفهم من ذلك أنها حرف يستخدم فقط عن إرادة التعبير عن مجرد الجمع والمشاركة، وهو ما يفهم من سياق تلك الآية.

2-2-2: السببية:

2-2-2-1: اللغة العبرية:

عند تعلق حرف الباء بالفعل في اللغة العبرية فإنه قد يعبر عن السبب في وقوع الفعل، إلا أن هذا السبب إما أن يكون مشتملاً على دلالة الجعل أو مشتملاً على دلالة الغاية (أي تكون بمعنى من أجل)[68]. فمن أمثلة السبب المنضوي على دلالة الجعل:

-        (וַיַּעֲבֹד יַעֲקֹב בְּרָחֵל, שֶׁבַע שָׁנִים; וַיִּהְיוּ בְעֵינָיו כְּיָמִים אֲחָדִים, בְּאַהֲבָתוֹ אֹתָהּ)[69] تكوين 29/20

-        (فخدم يعقوب من أجل راحيل سبع سنين، وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها)

أي أن محبة يعقوب لراحيل كانت سبباً في خدمته أبيها سبع سنوات، دون أن يشعر بتعب أو كلل. والعلة هنا من استعمال الباء دون غيرها من سائر الحروف المعبرة عن السببية هي اشتمالها على معنى آخر – وهو الإلصاق- الأمر الذي يعبر عن شدة محبته لها وتعلقه بها. يقول (شموئيل بن مائير): " كان للابان ابنتان، أما الصغرى فقد نالت إعجاب يعقوب، إذ كانت حسنة المظهر؛ فطلب الزواج منها"[70].

-        (לֹא יוּמְתוּ אָבוֹת עַל בָּנִים וּבָנִים לֹא יוּמְתוּ עַל אָבוֹת אִישׁ בְּחֶטְאוֹ יוּמָתוּ) تثنية 24/15

-        (لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيته يقتل)

تأتي الفقرة السابقة في سياق الحديث عن القصاص؛ فتشير إلى أن القصاص يجب أن يكون ممن ارتكب الجرم، وليس شخصا آخر غيره؛ فتم استعمال حرف الإلصاق (الباء) ليعبر عن لزوم الجرم بصاحبه لزوماً لا ينفك عنه، يفضي به إلى أن يُقتل كما قَتل.

ومن ذلك أيضاً:

-        (וְלֹא תָחוֹס עֵינֶךָ נֶפֶשׁ בְּנֶפֶשׁ עַיִן בְּעַיִן שֵׁן בְּשֵׁן יָד בְּיָד רֶגֶל בְּרָגֶל) تثنية 19/21

-        (لا تشفق عينك.نفس بنفس.عين بعين.سن بسن.يد بيد.رجل برجل)

ومن أمثلة السبب المنضوي على الغاية ما يلي:

-        (וַיִּלָּחֲמוּ בְנֵי יְהוּדָה בִּירוּשָׁלִַם וַיִּלְכְּדוּ אוֹתָהּ וַיַּכּוּהָ לְפִי חָרֶב וְאֶת הָעִיר שִׁלְּחוּ בָאֵשׁ) قضاة 1/8

-        (وحارب بنو يهوذا من أجل أورشليم، وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار)

-        (וַיִּבְרַח יַעֲקֹב שְׂדֵה אֲרָם וַיַּעֲבֹד יִשְׂרָאֵל בְּאִשָּׁה וּבְאִשָּׁה שָׁמָר) هوشع 12/13

-        (وهرب يعقوب إلى صحراء آرام، وخدم إسرائيل من أجل امرأة، ومن أجل امرأة رعي)

فالمعنى الذي تعبر عنه الباء في الفقرتين التاليتين هو الدلالة على الغاية؛ أي (من أجل القدس) و (من أجل امرأة).

2-2-2-2: اللغة العربية:

يقول المرادي في معرض حديثه عن المعاني التي يؤديها حرف الباء " التعليل: قال ابن مالك: هي التي تصلح غالباً في موضعها اللام"[71]. ومن ذلك قوله تعالى:

-         ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ سورة المائدة: الآية45

عند استخدام حرف الباء – وهو موضوع في الأساس للدلالة على الإلصاق – للتعبير عن دلالة أخرى وهي السبية، فإن هذا يدعونا إلى التساؤل عن علة استخدام هذا الحرف تحديداً دون غيره. للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نؤكد على أن استخدام الحرف في غير ما وُضع له لا يكون من باب تعاور الحروف وتعاقبها فيما بينها – كما ذهب بعض اللغويين- وإنما يكون هذا الاستخدام لعلة بلاغية تتمثل في الرغبة في إنتاج دلالة جديدة تعد مزيجاً بين دلالة الأداة المستخدمة بالفعل ودلالة الأداة التي كان من المفترض أن تستخدم في هذا الموضع. يقول محمد محمد أبو داوود " المعنى الأصلى لكل حرف من حروف الجر يتصل بكل المعاني الفرعية الأخرى ولا يغيب عنها، فمثلاً الباء أصلاً للإلصاق، وحين تستخدم بدلالات أخرى، فإن معنى الإلصاق لا يختفي في وجود الدلالة الأخرى، ولكن تغلب دلالة من الدلالات الفرعية من خلال السياق، ويتراجع المعنى الأصلي قليلا مخليا مكانه لمعنى الجديد الذي استوجبه السياق اللغوي"[72].

وبناء على ما تقدم، يمكن القول إن استخدام حرف الباء – الذي هو موضوع في الأساس للتعبير عن الإلصاق- للتعبير عن السبب، يعد من باب المجاز. يقول محمد أمين الخضري " يحسن بنا أن نقرر أن المعنى الذي تدور حوله الباء، ولا يكاد يفارقها، هو الإلصاق والاختلاط، كما أكده إمام النحاة سيبويه؛ سواء تجلت في ثوب من الحقيقة أو توارى في دثار من التجوز"[73]. وقد أشار العز بن عبد السلام إلى الاستخدام المجازي لحرف الباء بقوله " الباء: قال سيبويه هي للإلصاق، والإلصاق أضرب. أحدها حقيقي وهو إلصاق جرم بجرم كقولك ألصقت القوس بالفراء والخشبة بالجدار. الثاني إلصاق المعنى بالجرم كقولك: لطفت بزيد ورأفت به، كأنك ألصقت اللطف والرأفة به لتعلقهما به...... الثالث إلصاق المعنى بالمعنى كقوله " النفس بالنفس والعين بالعين" أي النفس مقتولة بقتل النفس والعين مفقوءة بفقأ العين، أتى بالباء ليكون المسبب وهو القصاص منسوباً إلى الجناية نسبة السببية، فأشبه لذلك الإلصاق الحقيقي"[74].

يقول محمد الأمين الخضري تعليقاً على ما ذكره العز بن عبد السلام " فما قيل من معنى السببية في الباء أرجعه بذلك العز إلى الإلصاق المجازي، وهو ما يمكن أن يقال في غيره من المعاني التي قيل إن الباء تؤديها بعيداً عن معنى الإلصاق. ويبقى السؤال: ما الذي يوحي به الإلصاق في الآية الكريمة؟ أقول : إن القرآن قصد إلى التخويف وشدة الزجر بغية منع الناس من الإقدام على القتل منذراً بسرعة العقوبة، وتعجيل القصاص قبل أن تجف الدماء، وكأن نفس القاتل مرهونة مقيدة بنفس القتيل، وإقدامه على قتل غريمه بمثابة إقدامه على قتل نفسه. وهذا معنى إلصاق نفس القاتل بنفس من قتله، ومثله القصاص في الجوارح؛ حتى لا يقدم من تعز عليه عينه على فقء عين ملتصقة بعينه التصاقاً يلحق بها نفس الأذى الذي يلحقه بعين أخيه"[75].

-        ﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً﴾ سورة النساء: الآية 160

يقول الشوكاني: " الباء في قوله { فَبِظُلْمٍ } للسببية، والتنكير والتنوين للتعظيم، أي فبسبب ظلم عظيم حرّمنا عليهم طيبات أحلت لهم، لا بسبب شيء آخر، كما زعموا أنها كانت محرّمة على من قبلهم"[76]. وبالنظر إلى علة استخدام القرآن الكريم لحرف الباء - في هذا الموضع - دون غيره، فلم يقل مثلاً: "فبسبب ظلم الذين هادوا" نجد أن هذا الاستخدام القرآني يعد توجيهاً إلى أن ظلم اليهود هذا كان لصيقاً بهم، وكأنه صفة فيهم لا تنفك عنهم، ومن ثم فهو واقع منهم في كل تعامل، وفي كل زمن ومكان، فلو استخدمت كلمة "بسبب" مثلاً لاحتملت الدلالة وقوع الظلم ثم انقطاعه، وهو ما لا يعنيه القرآن الكريم.

2-2-3: التبعيض:

2-2-3-1: اللغة العبرية[77]

-        (וַיֹּאמֶר מַלְאַךְ יְהוָה אֶל-מָנוֹחַ, אִם-תַּעְצְרֵנִי לֹא-אֹכַל בְּלַחְמֶךָ) قضاة/ 13-15

-        (فقال ملاك الرب لمنوح ولو عوقتني لا آكل من خبزك)

-        (לְכוּ, לַחֲמוּ בְלַחֲמִי، וּשְׁתוּ בְּיַיִן מָסָכְתִּי) أمثال 9/5

-        (هلموا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر)

-        (וַיָּקָם דָּוִד וַיֵּלֶךְ הוּא וַאֲנָשָׁיו, וַיַּךְ בַּפְּלִשְׁתִּים מָאתַיִם אִישׁ) صموئيل أول 18/27

-        (حتى قام داود وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مئتي رجل)

يلاحظ من خلال الأمثلة السابقة أن الباء جاءت مصاحبة لأفعال (אכל/שתה/הכה) وهي أفعال لا ينفصل فاعلها عن مفعولها حال القيام بها، فهناك علاقة التصاق واختلاط طبيعية بين الإنسان وما يأكله أو يشربه أو ما يضربه أو يتقاتل معه. من هنا، فإن استعمال الباء - في مثل هذه المواضع – يعبر عن دلالة أخرى وهي التبعيض. يقول (ميخال إيرن) "  يلاحظ أن حرف النسب (ב) مثله مثل الحرف (מן) يستعمل للدلالة على التبعيض"[78]، بل إنه يذهب لأبعد من هذا، ويرى أن دلالة التبعيض دلالة أصيلة فيها، إذ يقول " يبدو أن الانتقال من استعمال حرف النسب (ב) إلى استعمال حرف النسب (מן) بدلالة التبعيض يعكس تغييرات تاريخية، فمن المعلوم أن حرف النسب (מן) غير موجود في الأوجاريتية؛ لذا يفترض أن يكون هذا الاستعمال تطورا متأخرا في اللغات السامية الشمالية الغربية؛ ففي الأوجاريتية تستعمل (ב) للتبعيض"[79]. ويؤدي تعلق حرف الباء بالفعل (אכל) إلى إعطائه دلالة أخرى – إلى جانب دلالة التبعيض – ألا وهي دلالة التخصيص، فاستعماله في مثل هذه المواضع يكون متعلقاً بأمور فقهية، فمثلاً في الفقرة :

-        (וּבַת-כֹּהֵן כִּי תִהְיֶה אַלְמָנָה וּגְרוּשָׁה, וְזֶרַע אֵין לָהּ--וְשָׁבָה אֶל-בֵּית אָבִיהָ כִּנְעוּרֶיהָ, מִלֶּחֶם אָבִיהָ תֹּאכֵל; וְכָל-זָר, לֹא-יֹאכַל בּוֹ) لاويين 22/13

-        (وأما ابنة كاهن قد صارت أرملة أو مطلقةأ ولم يكن لها نسل ورجعت إلى بيت أبيها كما في صباها، فتأكل من طعام أبيها، لكن كل أجنبي لا يأكل منه)

فالفعل (אכל) في العهد القديم تعلقت به ثلاثة أحرف، ومع كل حرف كان لهذا الفعل معنى، نوضحه على النحو التالي:

-        אכל + את أكل كل الطعام

-        אכל + מן أكل بعض الطعام

-      אכל + ב أكل نوعاً خاصاً من الطعام (المباح شرعاً).[80] ومن ذلك أيضاً:

-        (וַיַּגֵּד לָהֶם מִכָיְהוּ, אֵת כָּל-הַדְּבָרִים אֲשֶׁר שָׁמֵעַ, בִּקְרֹא בָרוּךְ בַּסֵּפֶר, בְּאָזְנֵי הָעָם) إرميا 36/13

-        (وأخبرهم ميخايهو بكل الكلام الذي سمعه عندما قرأ باروخ من السفر في آذان الشعب)

يلاحظ في الفقرة السابقة أن استعمال (קרא בַּסֵּפֶר) دل على أن القراءة كانت لجزء من الكتاب، وليس كل الكتاب؛ لأنه لو كان المقصود قراءة كل الكتاب لتم استعمال (קרא את הספר)[81].

-        (וְהַנּוֹתָר בַּבָּשָׂר וּבַלָּחֶם בָּאֵשׁ תִּשְׂרֹפוּ) لاويين 8/32

-        (والباقي من اللحم والخبز تحرقونه بالنار)

يقول (يهودا ليف بن زئيف) فيما يتعلق بدلالة الباء في الفقرة السابقة إنها بمعنى "من"[82].

2-2-3-2: اللغة العربية:

وردت آيتان في القرآن الكريم مشتملتين على حرف الباء، متعلقاً بفعلين لا يتعلق بهما في عرف الجماعة اللغوية؛ وقد ذهب فيهما اللغويون والمفسرون أكثر من مذهب، فيما يتعلق بدلالة حرف الباء على التبعيض. وهاتان الآيتان هما[83]:

-         ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ المائدة/6

-        ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ الإنسان/6

عند التعرض للآية الكريمة (المائدة/6) نجد أن اللغويين قد انقسموا بشأنها إلى فريقين؛ الأول عدَّ الباء فيها بعد الفعل (امْسَحُوا) تبعيضية، ومنهم الأصمعي والفارسي وابن مالك[84]، وعليه يكون المسح لبعض الرأس، وهو ما قال به الإمام أبو حنيفه والشافعي[85]. أما الفريق الآخر – ومنهم ابن جني - فينفي عنها وظيفة التبعيض، ويعزي القول بهذه الوظيفة إلى الفقهاء وليس اللغويين[86].وبناء على ذلك فإنها تظل محتفظة بوظيفتها الرئيسة وهي الإلصاق.

ويعرض لنا محمد الأمين الخضري رأياً يوضح - من خلاله - العلة البلاغية لمصاحبة حرف الباء للفعل (مسح) على غير ما تعارفت عليه الجماعة اللغوية؛ إذ إن مصاحبة حرف الباء للفعل (مسح) يكون في سياق التعبير عن الوسيلة أو الأداة، فتقول مثلاً: "مسحت يدي بالمنديل" . يقول محمد الأمين الخضري:" أما سر العدول إلى تعدية الفعل بالباء مغايراً بينه وبين تعدية فعل الغسل بنفسه فذلك لأن المسح لابد فيه من إلصاق اليد بالممسوح ومباشرته، بخلاف الغسل الذي يتحقق بصب الماء على العضو، ولو لم يباشره العضو الغاسل، وأوضح دليل على ذلك أن الوجه واليدين عدى إليهما فعل الغسل بنفسه في الوضوء، وعدي إليهما فعل المسح بالباء في التيمم، لما كانا من الممسوحات..... فالباء إذن جيء بها للدلالة على مباشرة المسح باليد للرأس وإلصاقه بها. وليس التبعيض من دلالتها"[87].

أما من قال من الفقهاء بدلالتها على التبعيض بدليل رؤيتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بعض رأسه أثناء الوضوء، فمردود على كلامهم بأنه لو كان هناك دلالة على التبعيض فهي دلالة مجازية من خلال التركيب لا من خلال حرف الباء. يقول الخضري " فالتبعيض المفهوم ليس حقيقة، وإنما هو مجاز مرسل من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، وليس من حقيقة الباء، وهذا ما أوضحه المالقي بقوله " والصحيح أن الباء في ذلك كله للإلصاق، كما تقدم في المعنى الثالث، وإنما التبعيض الذي يمكن في التمثيل في الآية على المجاز، لا أصل للبناء فيه، فهو مثل قولك: ضربت زيداً، وأنت تريد بعضه، بإطلاق اللفظ مجازاً"[88].

أما عند الحديث عن الآية رقم (6) من سورة الإنسان ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ فنجد أن اللغويين والمفسرين قد اختلفوا في تحديد دلالة حرف الباء بعد الفعل "يشرب". يقول المرادي في معرض حديثه عن دلالات حرف الباء "الحادي عشر: التبعيض. وعبر بعضهم عن هذا بموافقة "من" يعني التبعيضية. وفي هذا المعنى خلاف، وممن ذكره الأصمعي والفارسي في " التذكرة" ونُقل عن الكوفيين، وقال به القُتبي وابن مالك. واستدلوا على ذلك بقوله تعالى " يشرب بها عباد الله"[89]. ويقول أبو حيان: " يشرب بها أي يمزج شرابهم بها. أتي بالباء الدالة على الإلصاق. والمعنى يشرب عباد الله بها الخمر"[90]. أي أن أبا حيان قد جعلها على ما وضعت للدلالة عليه في الأصل وهو الإلصاق. ومنهم من فسرها بتضمين الفعل شرب في هذا الموضع معنى الفعل رُوِيَ أو التذ أو انتفع . يقول القرطبي: " { يَشْرَبُ بِهَا } قال الفراء: يشرب بها ويشربها سواء في المعنى، وكأنّ يشرب بها يَرْوَي بها ويَنْقع"[91]. ويقول ابن كثير: " أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله، صرفاً بلا مزج، ويروون بها، ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء"[92]. أما الآلوسي فيقول: " { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } على تقدير مضاف أيضاً أي يشربون ماء عين يشرب بها إلخ وتعقب بأن الجملة صفة { عَيْناً } فلا يعمل فعلها بها وما لا يعمل لا يفسر عاملاً. وأجيب بمنع كونها صفة على هذا الوجه. والتركيب عليه نحو: رجلاً ضربته نعم هي صفة عين على غير هذا الوجه والباء للإلصاق وليست للتعدية وهي متعلقة معنى بمحذوف؛ أي يشرب الخمر ممزوجة بها؛ أي بالعين عباد الله وهو كما تقول: شربت الماء بالعسل، هذا إذا جعل كافوراً علم عين في الجنة........وقيل الباء للتعدية وضمن {يَشْرَبُ} معنى يروي فعدي بها. وقيل: هي بمعنى من، وقيل هي زائدة والمعنى يشربها"[93]. ويذهب ابن قتيبة إلى أن الباء لا تأثير لها في المعنى؛ فهو يرى أن "يشرب بها" يعطى نفس ما يعطيه "يشربها" من دلالة. يقول:" تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا أي من ماء كذا. قال الله تعالى: "عينا يشرب بها المقربون" و " عينا يشرب بها عباد الله". ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها"[94].

وبحصر المواضع التي ورد بها الفعل شرب في القرآن الكريم نجده قد ورد ست عشرة مرة (في الزمن الماضي والمضارع وصيغة الأمر)؛ صاحبه فيها حرف الباء في موضعين فقط (سورة الإنسان: الآية6 – سورة المطففين: الآية 28) وصاحبه في ستة مواضع الحرف (من)، وجاء غير مصحوب بحرف جر في ثمانية مواضع. واللافت للنظر أن الموضعين الذين ورد بهما الفعل شرب مصحوباً بالباء كان بعد كلمة (عين) وفي سياق الحديث عن أهل الجنة. 

ومن الأمور التي يجب التأكيد عليها أن الله سبحان وتعالى ما كان ليورد فعلاً أو حرفاً أو تركيباً إلا لمعنى محدد مقصود بعينه؛ لذا فعند التعامل مع حالة قرآنية متفردة في صياغتها صرفياً أو نحوياً فلا ينبغي محاولة تخريجها بزيادة الحرف مثلاً أو استخدامه بمعنى حرف آخر أو أن الفعل المتعدي بحرف لا يتعدى به قد تضمن معنى الفعل الذي يتعدى بهذا الحرف المستخدم بالفعل. فكل هذه التخريجات لا ينبغي اللجوء إليها، لأن الله سبحانه وتعالى لو كان يريد الدلالة التي يعبر عنها فعل ما فلماذا لا يذكره مع الحرف الذي يتعدى به، ويأتي بفعل آخر يتضمن معناه، ولو كان سبحانه وتعالى يريد المعنى الأصيل لحرف من الحروف فلماذا إذن يستخدم حرفاً آخر ليأتي بعض اللغويين والمفسرين ليقولوا إن هذا الحرف في هذا السياق يعبر عما يعبر عنه حرف كذا دون أي خلاف في المعنى ؟

يورد لنا محمد الأمين الخضري رأياً يوضح العلة البلاغية من استخدام هذا المركب "يشرب بها" تحديداً دون غيره؛ إذ يقول:    "وأجد في الباء هنا دلالة تهمس بأن العين هي مستراحهم، والمكان الذي يجدون فيه متعة العين وسعادة النفس؛ فالكأس بأيديهم، وهم على حافة العين يشربون، كلما فرغت الكأس ملأوها منها، ولذة الشرب ممزوجة بلذة العين، فجاءت الباء دالة على التصاقهم بالعين وقربهم منها. يؤيده وصف القرآن للجنات" تجري من تحتها الأنهار" وليس جريان الأنهار تحت المؤمنين إلا إمتاعاً لأنظارهم، وإسعاداً لأنفسهم، وليس لمجرد الشرب دنت منهم الأنهار"[95]. فما ذكره الخضري فيما تقدم يفيد بأن الباء في هذا الموضع دالة على الإلصاق- وهو دلالتها الأصيلة – وليس التبعيض.

2-2-4: المجاوزة:

2-2-4-1: اللغة العبرية:

لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العبرية.

2-2-4-2: اللغة العربية.

 معنى المجاوزة أن تكون الباء موافقة لمعنى "عن"[96].  وكثيراً ما تعبر هذه الباء عن هذا المعنى بعد السؤال؛ لذا أطلق المالقي على هذا المعنى "السؤال"[97]. ومن أمثلتها في القرآن الكريم:

-        { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } سورة الفرقان: الآية 59

-        { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } سورة المعارج: الآية 1

وفي غير سياق السؤال ترد الباء للمجاوزة قليلاً[98]. وذهب إلى ذلك ابن يعيش، وذكر أن هذا المعنى لا يقتصر على سياق السؤال، ومثل لذلك بقوله تعالى"نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَٰنِهِمْ"[99].

وقد ذهب ابن قتيبة إلى أنه لا يوجد فرق دلالي بين الباء وعن، بدليل قوله:" فاسأل به خبيراً" أي عنه[100].

وبمطالعة تفاسير القرآن الكريم يلاحظ أن معظمها يكاد يُخَرِّجُ استخدام الباء بعد (سأل) بموافقتها لمعنى "عن" أو أن الفعل (سأل) في هذا السياق يتضمن معنى (دعا)[101].

والسؤال الآن: إذا كان " سأل به" يعبر عما يعبر عنه " سأل عنه"، فلماذا عدل الحق سبحانه وتعالى – في بعض السياقات القرآنية - عن الحرف، الذي هو موضوع – في الأساس- للدلالة عن المجاوزة، وهو "عن"، واستخدم حرفاً آخر "الباء" للتعبير عما يعبر عنه حرف "عن" ؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن ننحي جانباً ما ذُكر بخصوص تعاور حروف الجر وتعاقبها وتأدية بعضها ما يؤديه البعض الآخر من دلالات. فالحرف في مثل هذه السياقات القرآنية المتفردة إنما جيء به حاملاً دلالته الأصيلة لتمتزج مع الدلالة العامة التي يفرضها السياق العام منتجاً دلالة جديدة تعبر عن دقائق دلالية ما كان هذا الحرف ليعبر عنها خارج السياق الذي وضع فيه، وما كان السياق سيحققها باستخدام حرف آخر سواه. وهذا من دلائل إعجاز القرآن الكريم.

يقول محمد الأمين الخضري في معرض حديثه عن دلالة حرف الباء على المجاوزة في بعض السياقات القرآنية كقوله تعالى "سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ" سورة المعارج: الآية 1 " وأرى – والله أعلم بمراده – انطلاقاً مما قرره الأعلام من أن (عن) تدل على مجاوزة ما تضاف إليه، أن السؤال حين يتعدى بها، يدل على أن المسئول عنه مغيب عن السائل بعيد عنه، سواء أكان ذلك البعد حسياً أم معنوياً، حقيقة أم تجوزاً، كما في قوله تعالى:" يسألونك عن الساعة أيان مرساها" سورة النازعات: الآية 42 حيث أمر الساعة مغيب عن السائل، وهو يستبعد وقوعها، ولذلك كان جوابه: " فيم أنت من ذكراها" مشيراً إلى غاية قربها، وحين يعدى السؤال بالباء يدل على أن المسئول عنه ملاصق للسائل متلبس به، قريب منه، وهذا ما قصد إليه القرآن في آية المعارج، مبالغة في تحقيق وقوع العذاب بالكافرين، وتأكيد لحوقه بهم، فكأن السائل يسأل عما هو واقع به مصاحب له"[102].

2-2-5: الاستعلاء:

2-2-5-1: اللغة العبرية:

-        (וּבְהֵמָה אֵין עִמִּי כִּי אִם הַבְּהֵמָה אֲשֶׁר אֲנִי רֹכֵב בָּהּ) نحميا 2/12

-        (ولم يكن معي بهيمة إلا البهيمة التي كنت راكبها)

يقول (يهودا ليف بن زئيف): "רֹכֵב בָּהּ: أي ركب عليها"[103].

واللافت للنظر أن الشائع في عبرية العهد القديم هو تعلق حرف النسب (עַל) بالفعل (רכב) كما في المثال:

- (וַיִּתְיַצֵּב מַלְאַךְ יְהוָה בַּדֶּרֶךְ, לְשָׂטָן לוֹ; וְהוּא רֹכֵב עַל-אֲתֹנוֹ, וּשְׁנֵי נְעָרָיו עִמּוֹ ) عدد 22/22

- ( ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه وهو راكب على أتانه، وغلاماه معه)

يتضح مما تقدم أن الفعل (רכב) يتعلق به حرفا نسب هما (ב) و (עַל)، فإذا أريد معنى التمكن من المكان والاستقرار فيه استُخدم الحرف الدال على الظرفية والإلصاق، وهو حرف الباء (ב)، وإذا أريد التعبير عن مجرد الركوب استُخدم الحرف الدال على الاستعلاء وهو (עַל)، وما يحدد هذا الاستعمال هو السياق.

2-2-5-2: اللغة العربية:

عند استخدام الباء في هذا السياق يكون معناها موافقاً لمعنى "على"[104].  يقول الزركشي  في معرض حديثه عن معاني حرف الباء "للاستعلاء كعلى: " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار" أي على قنطار، كما قال " هل آمنكم عليه" ، ونحو " وإذا مروا بهم يتغامزون"؛ أي عليهم، كما قال: " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين"[105].

ونعرض فيما يلي آيتين من آي القرآن الكريم، استُخدم فيهما حرف الباء متعلقاً بفعلين يتعلق بهما الحرف    "على"؛ فذهب كثير من المفسرين واللغويين إلى موافقته دلالياً لحرف الاستعلاء "على" قياساً على ذلك.

-         { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } سورة آل عمران: الآية 75

-        {  وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} سورة المطففين: الآية 30

لقد وقع الاختيار على هاتين الآيتين تحديداً للوقوف على دلالة الباء فيهما؛ وذلك لاشتمالهما على فعلين وردا في مواضع أخرى من القرآن الكريم متعلقاً بهما حرف جر آخر هو "على"؛ الأمر الذي يفرض علينا أن ننقب عن الدقائق الدلالية لهذين الحرفين، طالما أنهما يتعلقان بذات الفعل، وهو ما نجد فيه قصداً أسلوبياً، وليس مجرد توافق دلالي، كما ذهب معظم المفسرين واللغويين القدامى.

من خلال رصد المواضع التي ورد بها الفعل "أَمِنَ" متعدياً بحرف في القرآن الكريم وجدنا أنه قد ورد في خمسة مواضع؛ ورد في ثلاثة منها متعدياً بحرف "على"، وفي موضعين متعدياً بحرف "الباء"، وبرصد المواضع التي ورد بها الفعل "مَرَّ" في القرآن الكريم متعدياً بحرف وجدنا أنه قد ورد في سبعة مواضع؛ ورد في ثلاثة منها متعدياً بحرف "على"، وفي ثلاثة منها متعدياً بحرف "الباء". ونعرض تلك الأمثلة على النحو التالي:

-        أَمِنَ + على

{ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } سورة يوسف: الآية 11

{ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } سورة  يوسف: الآية 64

-        أَمِنَ + ب

{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } سورة آل عمران: الآية 75

يقول محمد الأمين الخضري في معرض حديثه عن دلالة الفعل (أمن) مع الباء وعلى: " وهذا يتطلب البحث عن سر إيثار كل منهما في موضعه. وحين نمعن النظر فيما جاء معدى بعلى نجد المؤتمن عليه في الآيتين اللتين وردتا بعلى في القرآن الكريم إنساناً عاقلاً، يملك حرية الإرادة والتصرف، والأمانة عليه تعني الإشراف والحفاظ عليه من أن تمتد إليه يد بسوء، أو تعدو عليه عادية مما لا يستطيع دفعه عن نفسه، وعلى بحكم معناها ترمز إلى استعلاء المؤتمن بقوته واستحكام أمره على من أؤتمن عليه. وهذا ما نطق به السياق في الموضعين...... أما التعدية بالباء في قوله تعالى: " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك" فقد جاءت في سياق لا يخشى فيه على المؤتمن من عدوان خارجي يتطلب إشراف المؤتمن، وحفاظه عليه منه، واستعلاءه بقوته وفكره دفاعاً عما اؤتمن عليه، وإنما هو موضع يخشى فيه على الأمانة من ذات المؤتمن وقربه من الأمانة والتصاقه بها، وتمكنه من حيازتها لنفسه، هو الذي يكشف عن نزاهته أو خيانته..... وهذا موقف لا يصلح فيه غير الباء التي تدل على إلصاق المؤتمن بالأمانة وملابسته لها، ليمتاز الأمين عن الخائن"[106].

-        مَرَّ + على

{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} سورة البقرة: الآية 259

{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} سورة هود: الآية 38

{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } سورة الصافات: الآية 137

{ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } سورة يوسف: الآية 105

-        مَرَّ + ب

{ وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } سورة الفرقان: الآية 72

{ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } سورة المطففين: الآية 30

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} سورة الأعراف: الآية 189

يقول الخضري نقلا عن محمد حسن عواد " إن الفعل مرَّ تعدى بالباء تارة، وتعدى بعلى تارة أخرى، وأدى الفعل مر مع كل حرف من الحرفين معنى مختلفاً عن المعنى الذي يؤديه مع الحرف الآخر ف (مر على) هو مرور مصحوب باستعلاء، ومر بالمكان هو مرور مع ملاصقة. ولو كان معنى الحرفين واحداً لاقتصر على حرف واحد"[107].

2-2-6: التعدية:

2-2-6-1: اللغة العبرية:

لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العبرية.

2-2-6-2: اللغة العربية.

تعبر الباء أحياناً بعد الفعل اللازم عن معنى التعدية. يقول المرادي: " وباء التعدية هي القائمة مقام الهمزة في إيصال معنى الفعل اللازم إلى المفعول به"[108]. ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم:

-        { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ} سورة البقرة: الآية 17

يقول أبو البقاء العكبري: " الباء هنا معَدِّية للفعل كتعدية الهمزة له. والتقدير "أذهب الله نورهم"[109].

2-2-7: الغاية:

2-2-7-1: اللغة العبرية:

لم يعبر هذا الحرف عن هذه الدلالة في اللغة العبرية.

2-2-7-2: اللغة العربية.

-        {وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ} سورة يوسف: الآية 100

أي : أحسن إليّ[110]. قال الزمخشري في معرض تفسيره لهذه الآية الكريمة "يقال أحسن إليه وبه، وكذلك أساء إليه وبه"[111].

يفهم مما ذكره الزمخشري أن أحسن إلى وأحسن بـ يعطيان نفس المعنى، إلا أن المتتبع لدقائق النظم القرآني تتجلى له فروق دلالية دقيقة بين كلا الاستعمالين؛ فاستعمال إلى – وهو حرف انتهاء غاية - مع الفعل (أحسن) يوحي بوقوع الإحسان من قبل المحسن مع احتمال رفع المحسن يده عمن وقع عليه الإحسان، أما حرف الباء – وهو حرف إلصاق – فيوحي بشدة القرب بين المحسن ومن وقع عليه الإحسان، بل ومداومة الإحسان واستغراقه فترات طويلة. يقول الزركشي "  فإنه يقال: أحسن بي وإليَّ؛ وهي مختلفة المعاني، أليقها بيوسف عليه السلام "بي"، لأنه إحسان درج فيه دون أن يقصد الغاية التي صار إليها"[112]. ويقول الدكتور محمد الأمين الخضري: "إن ما يؤيد دلالة الباء في الآية الكريمة السابقة على أن الإحسان امتاز بالدوام والاستغراق، وأنه لم يكن غاية انتهى بحصولها هو تعديد يوسف عليه السلام لمواطن الإحسان الذي درج فيه " إذ أخرجني من السجن، وإذ جاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" وما بين السجن والمجيء بهم من البدو كثير مما طوي من إحسان الله، إنجاء من فتنة امرأة العزيز، وتوليته ملك مصر، وإيواء أخيه إليه، وغير ذلك مما لا يحصى"[113].

ومن ذلك أيضاً:

-        { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ } سورة الأعراف: الآية 80

-        { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } سورة العنكبوت: الآية 28

يقول الدكتور محمد الأمين الخضري: " والمتتبع لآيات الكتاب العزيز يجد أن مادة السبق عديت بأربعة حروف هي الباء واللام وعلى وإلى. وقد خلع كل حرف على سياقه من معناه ما يحقق أغراضه ويعبر عن مقاصده ....... أما تعدية فعل السبق بالباء في قوله تعالى " ما سبقكم بها أحد من العالمين" فهي توحي بأنهم استصحبوا هذا الفعل الفاحش، وذهبوا به دون أن يشاركهم فيه أحد من خلق الله، بما يدل على أنهم اقترفوا هذا الإثم، واخترعوا تلك الفاحشة بما لم يسبقوا به".[114]

ويلخص الجدول التالي الدلالات التي يعبر عنها حرف الباء في لغة العهد القديم ولغة القرآن الكريم          

الدلالات العامة

عبرية العهد القديم

عربية القرآن الكريم

دلالة أساسية

استعمال مجازي

دلالة أساسية

استعمال مجازي

دلالة أصلية

دلالة فرعية

دلالة أصلية

دلالة فرعية

الإلصاق

+

-

-

+

 

-

الظرفية المكانية

+

-

-

-

+

-

الظرفية الزمانية

+

-

-

-

+

-

الاستعانة

-

+

-

-

+

-

المقابل

-

+

-

-

+

-

البدل

-

+

 

-

+

-

الكيفية

-

+

-

-

+

-

القسم

-

+

-

-

+

-

التخصيص

-

-

+

-

-

-

التعجب

-

-

-

-

+

-

المصاحبة

-

-

+

-

-

+

السببية

-

-

+

-

-

+

التبعيض

-

-

+

-

-

+

المجاوزة

-

-

-

-

-

+

الاستعلاء

-

-

+

-

-

+

التعدية

-

-

-

-

-

+

انتهاء الغاية

-

-

+

-

-

+

الخاتمة وأهم النتائج:

-        تنقسم المعاني الوظيفية لحرف الباء في العبرية والعربية إلى معنى أو معان أصلية ومعان فرعية واستعمالات مجازية، يستعمل فيها الحرف في غير ما وُضع له في الأساس.

-        عند استعمال حرف الباء استعمالاً مجازياً ليعبر عن دلالة غير دلالته الأصلية فإنه يظل محتفظاً بلمحة من دلالته الأصلية التي تمتزج مع الدلالة الجديدة التي يفرضها السياق لتنتج دلالة جديدة مقصودة بعينها لغرض بلاغي.

-        إن استعمال الحرف بغير دلالته الأصلية ليس من باب تعاور الحروف وتعاقبها كما ذهب جمهور الكوفيين، وليس من باب التضمين أو شذوذ النيابة كما ذهب جمهور البصريين، لكنه استعمال بلاغي، يجمع بين دلالة حرفين للتعبير عن معنى بعينه، ما كان استعمال الحرف بدلالته الأصلية ليعبر عنه.

-        المعنى الوظيفي الأصلي لحرف الباء في اللغة العربية هو الإلصاق، وفي اللغة العبرية هو الإلصاق والظرفية.

-        استعملت اللغة العربية حرف الباء للدلالة على التعجب خلافاً للغة العبرية التي لم تعبر فيها الباء عن هذا المعنى الوظيفي.

-        استعملت اللغة العبرية حرف الباء للدلالة على التخصيص خلافاً للغة العربية التي لم تعبر فيها الباء عن هذا المعنى الوظيفي.

-        يعبر حرف الباء عن معنى التخصيص في اللغة العبرية بعد الصفة لا الفعل.

-        استعملت اللغة العربية حرف الباء للدلالة على انتهاء الغاية خلافاً للغة العبرية التي لم تعبر فيها الباء عن هذا المعنى الوظيفي.

-        يعبر حرف الباء في اللغة العربية عن معنى التعدية خلافاً للغة العبرية التي لم تعبر فيها الباء عن هذا المعنى الوظيفي.

-        استعمال الباء للتعبير عن المجاوزة، أي أن تأتي بمعنى (عن) غير وارد في اللغة العبرية، خلافاً للغة العربية التي استعملت الباء للتعبير عن هذا المعنى.

-        الدلالة على الإلصاق في كل من العربية والعبرية نوعان؛ أحدهما حقيقي ويعنى المباشرة بالنفس، والثاني مجازي ويعني المنع من التصرف دون المباشرة.

 

 

 

 

 

 



هوامش:

[1] - אליעזר בן יהודה, מלון הלשון העברית הישנה והחדשה,  הוצאת מקור בע"מ,ירושלים תש"מ, כרך ראשון, עמ׳ 119 . 

[2] - الأزهري، تهذيب اللغة، تعليق: عمر سلامي وعبد الكريم حامد، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ط 1، 2001، ج5، ص 11.

[3] - ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ، ج 9، ص 42.

[4] - יונה מראן אבן גנאח, ספר הרקמה, מתורגם עברית מאת החכם יהודה אבן תבון, בימ״ס ביגלאייזן, פראנקפורט, תרי"ו, עמ׳ 1

[5] - שם, עמ׳  3.

[6] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברי, ווילנא והוראדנא, תק'צ, עמ׳  262.

[7] - אברהם אבן שושן, מלון אבן שושן המרוכז, הוצאת עם עובד בע"מ, כנרת זמורה ביתן דביר בע"מ, ידיעות אחרונות ספרים, 2010 ,  עמ׳  522 .

[8] - سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، ط2، 1982، ج 1، ص12.

[9] - الأزهري، تهذيب اللغة، ج5، ص10.

[10] - ابن يعيش، شرح المفصل، إدارة الطباعة المنيرية، ج 8، د.ت، ص2.

[11] - المرادي، الجني الداني في حروف المعاني، تحقيق: فخر الدين قباوة ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1992، ص 22.

[12] - المرجع السابق، ص 23-24

[13] - ابن الحاجب، الكافية في علم النحو، تحقيق د. صالح عبد العظيم الشاعر، مكتبة الآداب،2010، ص 51  .

[14] - ابن بابشاذ، شرح المقدمة النحوية، تحقيق: محمد أبو الفتوح شريف، الجهاز المركزي للكتب الجامعية والمدرسية، 1978، ج2، ص21 وانظر كذلك: كمال عوض حسين وأحلام دفع الله محمد، حروف الجر ووظيفنها النحوية والدلالية في تراكيب القرآن الكريم- دراسة نحوية دلالية، مجلة العلوم والبحوث الإسلامية، مجلد 18، (1) 2017، ص78.

[15] - هذه الوظائف الدلالية قد تشترك فيها اللغتان العبرية والعربية، وقد توجد بعضها في لغة دون الأخرى.

[16] - هذه الوظائف الدلالية قد تشترك فيها اللغتان العبرية والعربية، وقد توجد بعضها في لغة دون الأخرى.

[17] - انظر في ذلك: محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، مكتبة وهبة،  ط1، 1989،  ص 12 وما بعدها؛محمد محمد داوود، القرآن الكريم وتفاعل المعاني، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2002، ج1، ص 32 وما بعدها؛ عمر صابر عبد الجليل، حروف الجر في العربية- دراسة مقارنة في ضوء علم اللغات السامية المقارن – دار الثقافة العربية، ط1، 2000،  ص 96 وما بعدها.

[18] - יהודה ליב בן זאב، תלמוד לשון עברי، עמ׳ 30.

[19] - שם, עמ׳  311.

[20]- מיכל ארן، הצרכת הפועל בלשונות השמיות הצפון מערביות, חיבור לשם קבלת התואר  דוקטור לפילוסופי ," הפקולטה למדעי הרוח, אוניברסיטת חיפה, 2012 ,עמ׳ 74-75.

[21] - المالقي ، رصف المباني في شرح حروف المعاني، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، ط3، 2002، ص 221.

[22] - ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق مازن المبارك ومحمد على حمد الله، دار الفكر، دمشق، ط1، 1964، ج1،  ص 106.

[23] - المرجع السابق، ج1، ص106.

[24] - ابن يعيش، شرح المفصل، إدارة المطابع المنيرية، ج8، ص 22.

[25] - السمين الحلب،  الدرر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، ج 2، ص 317.

[26] - الزمخشري، تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، اعتنى به وخرج أحاديثه وعلق عليه : خليل مأمون شيحا، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، ط3، 2009، ص 119.

[27] - יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, הוצאת "מסדה" בע"מ, תל אביב, מהדורה שלישית מתוקנת, תש"ו, עמ׳  48  .

28-Bruce K.Waltke and M.O’Connor,An Introduction to  Biblical Hebrew Syntax , Eisenbrauns, Indiana,1990, p.196.

29- Ibid, p.196

[30] - المرادي، الجني الداني، ص 40.

[31] - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، إصدارات وزارة الشئون الإسلامية  والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، ج 2، ص 183.

[32] - العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق على محمد البجاوي، القسم الأول، ص 290.

[33] - المالقي، رصف المباني في شرح حروف المعاني، ص 223.

34- Bruce K.Waltke and M.O’Connor,An Introduction to  Biblical Hebrew Syntax, p.196.

[35] - تم الاعتماد في ترجمة هذه الفقرة على ترجمة سعديا جاءون للتوراة المعروفة باسم تفسير التوراة بالعربية، أخرجه وصححه: يوسف درينبورج، نقله إلى الخط العربي وعلق عليه: سعيد عطيه مطاوع وأحمد عبد المقصود الجندي. وذلك لعدم وضوح المعنى في النسخة العربية المتداولة للكتاب المقدس.

[36] - انظر: البرهان في علوم القرآن، الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث – القاهرة، ج 4، ص 256 ؛ الإتقان في علوم القرآن، السيوط، ج2، ص 183.

[37] - الآلوسي، تفسير روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ج 27، ص 90.

[38] - انظر: יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, עמ׳ 49 ; יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 320 .

[39] - انظر: الإتقان للسيوطي، ج2، ص183 ؛ البرهان للزركشي،ج4، ص256.

[40] - المالقي، رصف المباني في شرح حروف المعاني، ص 221.

[41] -  ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، ص 108.

[42] - المرادي، الجني الداني في حروف المعاني، ص 39.

[43] - محمد عبد الخالق عضيمة، دراسات لأسلوب القرآن الكريم، دار الحديث، القاهرة، ج2، ص5.

[44] - القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي وآخرين، دار الرسالة، ج8، ص 326.

[45] - المرجع السابق، ج 8 ، ص 369.

[46] - العين تطلق على ما ضُرب نقداً من الدنانير، والوَرِق - بفتح الواو وكسر الراء - الفضة  [أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية،  تحقيق محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة،  ص 237-238] .

[47] -  انظر: יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, ע'49  ;יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳320 .

[48] - المرادي، الجني الداني، ص41. وانظر كذلك: مغني اللبيب،ج1، ص110.

[49] - יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, עמ׳49   .

[50] - المرادي، الجني الداني، ص 40.

[51] - יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, עמ׳49  .

[52] - انظر: المرادي، الجني الداني، ص40 ؛ ابن هشام، مغني اللبيب، ج1، 109.

[53] - المرادي، الجني الداني، ص 45.

[54] - ابن هشام، مغني اللبيب، ج1، ص112.

[55] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 321.

[56] - المرادي، الجني الداني، ص222.

[57] - الزمخشري، الكشاف، ص 637.

[58] - שלמה בן אברהם הידוע "פרחון", מחברת הערוך, ראב"ד בק"ק, פראג, תר"ד, עמ׳   27.

[59] - יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, עמ׳ 48 .

[60] - שם, עמ׳ 49.

[61] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 321.

[62] -  אברהם אבן שושן, מלון אבן שושן המרוכז, עמ׳ 912.

[63] - المالقي، رصف المباني، ص222.

[64] - المرجع السابق، ص 222.

[65] - العكبري،  التبيان في إعراب القرآن، تحقيق: على محمد البجاوي ، الناشر: عيسى البابي الحلبي، 1976، ج2 ، ص 899.

[66] - المرادي، الجني الداني، ص 40.

[67] - المرجع السابق، ص 158.

[68] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 320.

[69] - יצחק פרץ,תחביר הלשון העברית, עמ׳ 49.

[70] - שמואל בן מאיר, פירוש שמואל בן מאיר על התורה, ספר בראשית,  29/20 ,אתר על התורה : https://alhatorah.org

[71] -  المرادي، الجني الداني، ص 39.

[72] - محمد محمد أبو داوود، القرآن الكريم وتفاعل المعاني، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2002، ج1، ص 22.

[73] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 1، 1989، ص 165.

[74] - العز بن عبد السلام، الإشارة إلى الإيجاز، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، د.ت، ص 36-37.

[75] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، ص 166-167.

[76] - الشوكاني، فتح القدير، اعتنى به وراجع أصوله: يوسف الغوش، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، ط 4، 2007، ص 343 .

[77] - יצחק פרץ, תחביר הלשון העברית, עמ׳ 48-49.

[78] - מיכל ארן, הצרכת הפועל בלשונות השמיות הצפון,מערביות, עמ׳  33  .  

[79] - שם, עמ׳ 33.

[80] - שם, עמ׳ 34.

[81] - שם, עמ׳ 34.

[82] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 321 .

[83] - محمد عبد الخالق عضيمة، دراسات لأسلوب القرآن الكريم، ج 2، ص 26-27.

[84] - المرجع السابق، ج2، ص26.

[85] - انظر: محمد محمد أبو داوود، القرآن الكريم وتفاعل المعاني، ص 13؛ محمد عبد الخالق عضيمة، دراسات لأسلوب القرآن الكريم، ج2 ، ص27.

[86] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، 195.

[87] - المرجع السابق، ص 196.

[88] - المرجع السابق، ص 195-196.

[89] - المرادي، الجني الداني، ص43.

[90] - أبو حيان الأندلسي، تفسير البحر المحيط، طبعة بعناية الشيخ عرفات العشا حسونة، مراجعة صدقي محمد جميل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 2010 ، ج 10، ص 360-361.

[91] - القرطبي، ج  21، ص 456.

[92] - ابن كثير، تفسير القرآن العظيم،  تحقيق: سامي بن محمد السلامة،  دار طيبة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط2، 1999، ج 8،         ص 287 .

[93] - الآلوسي، تفسير روح المعاني، ج 29، ص 154 .

[94] -  ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية، د.ت، ص 575.

[95] -  محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، ص 197.

[96] - المرادي، الجني الداني، ص 41.

[97] - المالقي، رصف المباني، ص222.

[98] - المرادي، الجني الداني، ص 42.

[99] - ابن هشام، مغني اللبيب، ص110.

[100] - ابن قتيبه، تأويل مشكل القرآن، ص568.

[101] - انظر في ذلك تفسير الآية 1 من سورة المعارج: الزمخشري، الكشاف،ص 1138؛ ابن كثير،تفسير القرآن العظيم،ج8،ص 220 ؛ الآلوسي،روح المعاني،ج29،ص55؛ الشوكاني، فتح القدير، ص 1528 .

[102] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، ص 204-205.

[103] - יהודה ליב בן זאב, תלמוד לשון עברית, עמ׳ 320-321  ;דוד בן יוסף קמחי הספרדי,  ספר השרשים, ברלין, 1847, עמ׳            352.

[104] - المرادي، الجني الداني، ص 42.

[105] - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج4، ص 257 ؛ السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج2 ،  ص 183. 

[106] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، ص 180-181.

[107] - المرجع السابق، ص 155 نقلاً عن محمد حسن عواد: تناوب حروف الجر في لغة القرآن، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 1982،     ص 17.

[108] - المرادي، الجني الداني، ص 37.

[109] - العكبري، التبيان في إعراب القرآن، ج1، ص 33.

[110] - انظر : ابن هشام، مغني اللبيب، ج 1، ص 112 ؛ المرادي، الجني الداني، ص 45.

[111] - الزمخشري، الكشاف، ص .531

[112] - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ص176.

[113] - محمد الأمين الخضري، من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، ص 199.

[114] - المرجع السابق، ص 201-202.


-ثبت المصادر والمراجع:

- أولاً: المراجع العربية

  - الأزهري

 تهذيب اللغة، تعليق: عمر سلامي وعبد الكريم حامد، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ط 1 ، 2001.

- الآلوسي

تفسير روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي، لبنان، د.ت.

- ابن بابشاذ

شرح المقدمة النحوية، تحقيق: محمد أبو الفتوح شريف، الجهاز المركزي للكتب الجامعية والمدرسية، 1978 .

 - ابن الحاجب

الكافية في علم النحو، تحقيق د. صالح عبد العظيم الشاعر، مكتبة الآداب،2010 .

 - أبو حيان الأندلسي

تفسير البحر المحيط، طبعة بعناية الشيخ عرفات العشا حسونة، مراجعة صدقي محمد جميل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 2010 .

- الزركشي

البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، د.ت.

- الزمخشري

تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، اعتنى به وخرج أحاديثه وعلق عليه : خليل مأمون شيحا – دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، ط3، 2009 .

- السمين الحلبي

 الدرر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، د.ت.

- سيبويه 

الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، ط2، 1982 .

- السيوطي

الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، إصدارات وزارة الشئون الإسلامية  والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، د.ت.

- الشوكاني

فتح القدير،  اعتنى به وراجع أصوله: يوسف الغوش، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، ط 4 ، 2007 .

- العز بن عبد السلام

الإشارة إلى الإيجاز، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة،د.ط، د.ت.

  - العكبري

التبيان في إعراب القرآن، تحقيق على محمد البجاوي - عيسى البابى الحلبي وشركاه، د.ت.

- عمر صابر عبد الجليل

حروف الجر في العربية- دراسة مقارنة في ضوء علم اللغات السامية المقارن – دار الثقافة العربية، ط1، 2000.

- ابن قتيبة

تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية، د.ت.

- القرطبي

الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي وآخرين، دار الرسالة، د.ت.

- ابن كثير

تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد السلامة،  دار طيبة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط2، 1999 .

- كمال عوض حسين

حروف الجر ووظيفنها النحوية والدلالية في تراكيب القرآن الكريم، دراسة نحوية دلالية، مجلة العلوم والبحوث الإسلامية، مجلد 18- (1) 2017 .

- المالقي

رصف المباني في شرح حروف المعاني، تحقيق: أحمد محمد الخراط، دار القلم، ط3، 2002.

- محمد الأمين الخضري

من أسرار الحروف في الذكر الحكيم، مكتبة وهبة، ط1، 1989 .

- محمد عبد الخالق عضيمة

دراسات لأسلوب القرآن الكريم، دار الحديث، القاهرة، د.ت.

- محمد محمد داوود

القرآن الكريم وتفاعل المعاني، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2002.

- المرادي

الجني الداني في حروف المعاني، تحقيق: فخر الدين قباوة ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1،1992.

- ابن منظور

لسان العرب، دار صادر، بيروت، د.ت.

- ابن هشام

مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق مازن المبارك ومحمد على حمد الله،  دار الفكر، دمشق، ط1، 1964.

- أبو هلال العسكري

الفروق اللغوية،  تحقيق محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، د.ت.

- ابن يعيش

شرح المفصل، إدارة الطباعة المنيرية، د.ت.

ثانيا: المراجع العبرية

1  -  אברהם אבן שושן

-מלון אבן שושן המרוכז, הוצאת עם עובד בע"מ , כנרת זמורה ביתן דביר בע"מ , ידיעות אחרונות ספרים , 2010

2-  אליעזר בן יהודה

- מלון הלשון העברית הישנה והחדשה ,  הוצאת מקור בע"מ, ירושלים , 1980

3- דוד בן יוסף קמחי

ספר השרשים,  ברלין, 1847

4- יהודה ליב בן זאב

- תלמוד לשון עברית , ווילנא והוראדנא , 1830

5- יונה מראן אבן גנאח

- ספר הרקמה , מתורגם עברית מאת החכם יהודה אבן תבון, בימ״ס ביגלאייזן , פראנקפורט, 1956

6- יצחק פרץ

 תחביר הלשון העברית , הוצאת "מסדה" בע"מ , תל אביב , מהדורה שלישית מתוקנת  , 1946

7- מיכל ארן

הצרכת הפועל בלשונות השמיות הצפון–מערביות , חיבור לשם קבלת התואר  "דוקטור לפילוסופיה" , הפקולטה למדעי הרוח , אוניברסיטת חיפה , 2012

8- שלמה בן אברהם הידוע "פרחון"

- מחברת הערוך  , ראב"ד בק"ק, פראג, 1844

9- שמואל בן מאיר

 פירוש שמואל בן מאיר על התורה , אתר על התורה : https://alhatorah.org

محمد محمود السامي، مجلة بحوث كلية الآداب، جامعة المنوفية، إصدار رقم 130، يوليو 2022

 

 

 


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button