موقع يهتم بالدراسات السامية، ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودي

موقع يهتم بالدراسات السامية بشقيها اللغوي والفكري. ويولي اهتماما خاصا باللغة العبرية والثقافة اليهودية

إعلان الرئيسية




رافدان لغويان للعبرية المعاصرة

تسير العبرية المعاصرة على درب لغة المقرا فى عديد من الأبواب النحوية. ففى كثير من الأحيان يصعب التمييز بين جملة ما فى العبرية المعاصرة ونظيرتها فى لغة المقرا. وكذلك فقد تسير العبرية المعاصرة على درب لغة المشنا. وبناءً على ذلك، فالعبرية المعاصرة هى نتاج لعدة مستويات لغوية. ونُمثل على ما نقول ببنية تركيبية تدل على وقوع الحدث بطريقة غير مباشرة، وذلك من خلال المقارنة بين هاتين الجملتين:

1- יעקב הִרְקִיד אֶת חֲבֵרו

- رَقَّصَ يعقوبُ صديقَه

2- יעקב בִּקֵּש מֵחֲבֵרו לִרְקֹד

- طلب يعقوب من صديقه أن يرقص

تعبر الجملة الأولى عن حدوث مباشر، حيث تحدد هذه الجملة أن يعقوب قد جعل صديقه يرقص بالفعل. بينما الجملة الثانية لا تحدد أن يعقوب قد جعل صديقه يرقص بالفعل، ولكن غاية ما تعبر عنه أن يعقوب قد باح لصديقه برغبته فى قيامه بالرقص. ومن هنا - وفى حقيقة الأمر - فلسنا بصدد حدوث مباشر. وكذلك يمكن التعبير عن الحدوث غير المباشر هذا من خلال قولنا:

- יעקב בִּקֵּש מֵחֲבֵרו לִרְקֹד אבל הוא לא רָקַד

ذلك الأمر الذى لا يمكن تقديره فى الجملة الأولى. وفى هذه البنية التركيبية، يغلب ورود الأفعال (בִּקֵש طلب - דָרַש طلب - צִוָּה أمر - הִרְשָה سمح - אָסר منع - אָמַר قال)، وهى أفعال تنضوى دلالتها على محاولة شخص ما حث شخص آخر على فعل شئ معين أو عدم فعله.

والآن سنحلل البنية التركيبية الخاصة بهذه الأفعال، أما بالنسبة للأفعال القريبة من تلك المجموعة فلها تحليل قريب للغاية من هذا. ففى الجملة رقم (2) – موضع اهتمامنا ههنا – يوجد اسم ذات مستعمل مسنداً إليه وهو (يعقوب)، ويوجد اسم ذات مستعمل مفعولاً به للفعل وهو (חֲבֵרו)(صديقه)، ويوجد بها مكمل وارد على صيغة المصدر اللامى هو (לִרְקֹד)(أن يرقص). فالخاصية المميزة لهذه البينة هى اشتمالها على علاقة إسناد بين المكملين: (חֲבֵרו)(صديقه) و(יִרְקֹד)(يرقص). وبالفعل فإن هذا الأمر يعد انعكاساً لدلالة الفعل داخل البنية. ويعبر اسم الذات (חֲבֵרו) فى هذا الموضع عن ذلك الذى يُوَجَّه إليه الطلب، أى مستقبِل الطلب، كما يشير أيضاً إلى من سيؤديه أو إلى المتوقَّع منه تأديته. ولهذه البنية التركيبية الواردة فى الجملة رقم (2) صدى فى لغة العهد القديم وفى لغات مختلفة أخرى، إذ إنها تعبر عن أحد القوالب الدلالية الرئيسة فى اللغة، ومنها فى العهد القديم:

- וְלֹא נָתַן סִיחֹן אֶת יִשְׂרָאֵל עֲבֹר בִּגְבֻלוֹ (عدد 21/ 23)

- فلم يسمح سيحون لإسرائيل بالمرور في تخومه

- וַיְצַו יוֹסֵף אֶת עֲבָדָיו אֶת הָרֹפְאִים לַחֲנֹט אֶת אָבִיו (تكوين 50/ 2)

- وأمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه

ففى هاتين الجملتين المقرائيتين ترد جميع التراكيب النحوية من النوع المألوف، فهى جمل تامة تعبر بوضوح عن الدلالة الكامنة بها. ولكن توجد فى العهد القديم بعض البنى التى تكون بها الدلالة غامضة إلى حد ما نحو:

- וּכְבוֹא הַשֶּׁמֶשׁ צִוָּה יְהוֹשֻׁעַ וַיֹּרִידוּ אֶת נִבְלָתוֹ מִן הָעֵץ (يهوشع 8/ 29)

- وعند غروب الشمس أَمَرَ يشوع فأنزلوا جثته عن الخشبة

فهذه الجملة تفتقر إلى المكمل الذى يشير إلى مَنْ أُمر بأداء الفعل، أى مَنْ وُجـِّه إليه الأمر، وتفتقر كذلك إلى صيغة المصدر المنوط بها التعبير عن الأمر ذاته أى الحدث المراد القيام به.

وحقيقة الأمر أن البنية التركيبية الخاصة بهذه الجملة تختلف عن بنية الجملة رقم (2). فاللغوى سيعى أننا لسنا بصدد جملة بديلة، لكنّا بصدد بنية مختصرة من البنية المتقدمة، حيث يمكن إكمال الجزء الناقص فى تلك البنية الأخيرة، إذ إنه ليس من الصعب علينا أن نملأ الفراغات التركيبية فى هذه الجملة، وأن ننتج بذلك بنية تامة، ليكون تقدير هذه الجملة على هذا النحو:

- יְהוֹשֻׁעַ צִוָּה אֶת אַנְשָיו לְהורִיד אֶת נִבְלָתוֹ וַיֹּרִידוּ

- طلب يهوشع من رجاله أن يُنزلوا جثته فأنزلوها

ويمكن أيضاً أن نصيغ قاعدة تركيبية أسلوبية تربط بين البنيتين التركيبيتين، وهى أنه فى حال ورود قصة تنفيذ الحدث بعد جملة من الجمل سالفة الذكر قد تحذف صيغة المصدر من الجملة الأولى، وتـُستدعى من خلال قصة تنفيذ الحدث، فبدلاً من جملة:

- צִוָּה יְהוֹשֻׁעַ לְהורִיד ---- וַיֹּרִידוּ

يقال :

- צִוָּה יְהוֹשֻׁעַ וַיֹּרִידוּ

ومرة أخرى، فإن الكلمة (וַיֹּרִידוּ) فى الجملة المذكورة لا تمثل المكمل المعتاد بعد الفعل (צִוָּה)، لكنها تعد تركيباً من خلال قصة التنفيذ. والذى خوَّل لنا ذلك هو أن الرجال قد فعلوا ما أُمروا أن يفعلوه بالفعل. وأمثلة هذه الجمل كثيرة فى لغة العهد القديم منها:

- וָאֶשְׁלַח לִפְנֵיכֶם אֶת הַצִּרְעָה וַתְּגָרֶשׁ אוֹתָם מִפְּנֵיכֶם (يهوشع 24 / 12)

- وأرسلتُ قدامكم الزنابير وطردتهم من أمامكم

فهذه الجملة ليست إلا إيجازاً للجملة :

- וָאֶשְׁלַח לִפְנֵיכֶם אֶת הַצִּרְעָה לְגַרֵש אוֹתָם מִפְּנֵיכֶם וַתְּגָרֶשׁ הַצִּרְעָה.

وخلاصة القول إن العبرية المعاصرة والعبرية المقرائية تتشابهان فى هذه البنية التركيبية، حيث توجد الجملة التى تستخدم هذه البنية فى العهد القديم والعبرية المعاصرة على حد سواء. ويكمن الفارق بين اللغتين فى سريان قانون حذف صيغة المصدر قبل قصة التنفيذ فى لغة العهد القديم، فى حين لا يسرى هذا القانون على العبرية المعاصرة. فالعبرية المعاصرة قد حاكت العبرية المقرائية فى هذا الأمر، غير أنها قد انتهجت نهج لغة المشنا فيما يخص تلك الظاهرة. فالأمر المتبع فى لغة المشنا أنه لا ترد صيغة مصدر فى مثل هذه البينة المذكورة فى هذا الموضع، بل يرد ذلك فى لغة العهد القديم، ولكن ترد بها جملة مكملة تُعبر عن مضمون الأمر. فمثلاً يتم تمثيل جملة مثل الجملة رقم (2) فى لغة المشنا على النحو التالى:

- יְהוֹשֻׁעַ צִוָּה עַל אַנְשָיו שֶיֹּרִידוּ אֶת נִבְלָתוֹ מִן הָעֵץ

إن العلاقة التركيبية بين نمطى الجملتين المقرائية والمشنوية واضحة للغاية، فصيغة المصدر الواردة فى البنية المقرائية ليست إلا نتاجاً لاختصار الجملة المفسرة للأحداث، حيث ترد صيغة المصدر عندما يكون فى الإمكان إعادة البناء التركيبى للفعل الدال على الحدث، وحيث إن هذه البنية تشتمل على مكمل اسمي للفعل يشير إلى مستقبِل الأمر أو منفذ العمل، فيتحقق بذلك شرط حذف المسند إليه من الجملة المكملة وإحلال صيغة المصدر محله نحو:

- --- צִוָּה עַל האיש שאיש יֵלֵךְ

- --- צִוָּה עַל האיש לָלֶכֶת

ويُكثر الأدب العبري الحديث من استخدام هذين الاستعمالين المقرائى والمشنوى لتلك البنية نحو :

- חפץ הייתי לבקש מאת אחי שיראני את עצם הכלי מיד. "بياليك"

- كنت أريد بشغف أن أطلب من أخى ليرينى ذات الأداة على الفور.

- מענין לענין התחיל לפתותה שתעבור עם הכלב אליו. "بياليك"

- بدا لها أن تذهب إليه بمصاحبة الكلب

- והיא משדלת את בנה שלא ילךְ בדרךְ המסוכנת. "فيخمان"

- أقنعت ولدها بألا يذهب فى الطريق الخطر.

وذلك فى مقابل :

- יומם צוה לי את מלאכיו הנעלמים לשעשעני בחלומות. "بياليك"

- أمر ملائكته المحتجبة بمداعبتى فى أحلامى نهاراً.

- רמז לי לצאת מן החנות. " تاموز"

- أومأ إلىّ بالخروج من المحل.

- הוא בּקשני לשים עין על קבוצה של בְּדואים. "تاموز"

- طلب منى الاعتناء بجماعة من البدو.

وفضلاً عن ذلك، هناك العديد من الجمل التى تستخدم لغة المقرا ولغة المشنا جنباً إلى جنب، حيث وجدنا جملاً تنضوى على فعلين من الأفعال التى ترد فى مثل هذه البنية، ويتم إكمال جملة أحد هذين الفعلين على غرار لغة المقرا وجملة الفعل الآخر على غرار لغة المشنا. ومن ذلك :

- הוא הפציר בִּי שאצוה על לאפי לחקות קולותיהם של חיות "تاموز"

- ألَّح علىّ أن آمر لافى لتقلد أصوات الحيوانات

فلو اختار الكاتب أن يسير على درب لغة المقرا كان لزاماً عليه أن يكتب :

- הוא הפציר בִּי לצוות את לאפי לחקות

ولـو اختار أن يحاكى لغة المشنا كان لزاماً عليه أن يصيغ كلامه على النحو التالى :

- הוא הפציר בִּי שאצוה על לאפי שתחקה

ولم نتطرق فى هذا الموضع إلى جهات أخرى من الجهات المتاحة فى اللغة مثل استعمال (ו' ההִיפּוךְ) (واو القلب) على نحو (ויפצר). ويحتمل أن يكون الكاتب قد عمد إلى ذلك بغية التنويع، أى حتى لا ترد الصيغتان (שתחקה שאצוה) جنباً إلى جنب .

وهذه الطريقة الخاصة بدمج كلا الأسلوبين مع بعضهما لم تكن منهج غالبية الكـُتاب بالعبرية المعاصرة. فمن خلال العديد من النصوص التى تم تحليلها فقد تم تحديد نزعة واسعة النطاق تعمد إلى توحيد الأسلوب. فتوجد مثلاً فى أسلوب (بياليك) نزعة واضحة للتمييز بين اللغتين، فأسلوبه فى (מֵאחורי הגדר) مختلف عنه فى (דון קישוט). وقد شغلت قضية استعمال هاتين اللغتين الكـُتابَ واللغويين بشكل كبير فى فترة إحياء اللغة. وكان هؤلاء الكتاب واللغويين هم أول من أعلنوا ضرورة التأكيد على التمييز بين المصادر الأدبية، وكانوا هم من دفعوا غيرهم من الكُتاب إلى دمج تلك المصادر فى لغة واحدة.

ويتضح من خلال تتبع نمط الجمل فى النصوص المختلفة الممثلة للعبرية المعاصرة فى الأدب والصحافة ولغة الحديث انتشار البنية المميزة للغة المقرا التى تشتمل على مكمل تمثله صيغة المصدر أكثر من البنية المميزة للغة المشنا، فى حين لا يستعمل نمط لغة المشنا فى لغة الحديث مطلقاً، ويندر استعماله فى لغة الصحافة، ويشيع النمط المقرائى كذلك فى اللغة الأدبية. ويحتمل أن يكون لتأثير اللغات الأجنبية أيضاً دور فى هذا الأمر، حيث يقال مثلاً فى اللغة الإنجليزية :

I persuaded the boy to eat -

- أقنعت الطفل أن يأكل

غير أن اللغة الإنجليزية لا توجد بها بنية مقابلة للبنية الخاصة بلغة المشنا.

سبق وذكرنا وجود لغتين تقفان جنباً إلى جنب فى نسيج العبرية المعاصرة، غير أنه تجدر الإشارة إلى عدم قيامنا بالدمج التام بينهما، فثمـة قيود لدمج اللغات فى بعضها، لذلك لم نجد مثلاً فى العبرية المعاصرة جملة ترد على نحو:

- דָוִד בִּקֵּש ממשה כִּי יָבוא אליו

- طلب دافيد من موسى أن يأتى إليه

فالأداة (כִּי) تستلزم سواء فى لغة المقرا أو فى العبرية المعاصرة جملاً تامة، وكذلك فإن استعمال أداة ربط كهذه فى الجملة ينىشىء بها قاعدة مقرائية، ولكن الجملة المذكورة فى هذا الموضع مبنية على غرار صيغة الجمل فى لغة المشنا، فالمكمل الثانى هنا جاء على هيئة جملة وليس على هيئة صيغة المصدر. فليس أمامنا فى هذا الموضع لغة مقرائية ولغة مشنوية تقفان معاً جنباً إلى جنب، لكننا بصدد بنية واحدة ناشئة عن تداخل تراكيب من لغات مختلفة. وهكذا فإذا ما أردنا – فى العبرية المعاصرة – أن نبنى جملة على غرار الجملة فى لغة المشنا فسنستعمل أداة الربط (ש) المميزة للغة المشنا نحو:

- דָוִד בִּקֵּש ממשה שיָבוא אליו

وإذا ما أردنا صياغة جملة على غرار الجملة المقرائية فسنستعمل صيغة المصدر نحو:

- דָוִד בִּקֵּש ממשה לָבוא אליו

ومن جهة أخرى، فمن شأن نماذج كهذه أن تكون دليلاً على حفاظ العبرية المعاصرة على قدر من الولاء للغات تعد بمثابة مصادرها التاريخية.

أما الأمر الذى لم تأخذ به العبرية المعاصرة وكان متبعاً فى فترة إخفاق لغة المقرا فيتمثل فى عدم استخدامها البنى الواردة فى الأسفار المتأخرة من المقرا، تلك البنى التى مزجت بين لغتين والتى يمكن أن تمثل (لغة مُهَجَنَة). فمن المعروف أن المتحدثين بلغة ما عندما يتحدثون لغة أخرى قد ينقلون تراكيب من لغتهم إلى اللغة الأجنبية على نحو ما. ويؤدى التلاقى بين اللغتين فى أحيان كثيرة إلى نشأة (لغة مهجنة). ولا ينطبق ذلك الأمر على ما يتعلق بأساليب النطق فقط - وهو الأمر المعروف لدى الجميع- بل يتطرق أيضاً إلى مستويات لغوية أخرى. ولن نشغل أنفسنا فى هذا الموضع بالتساؤل عن هوية اللغة التى كانت مستخدمة فى بداية فترة (الهيكل الثانى)، إذ يكفينا أن نعلم أن اللغة التى كانت سائدة فى تلك الأيام هى اللغة الآرامية، ومن المؤكد أنه قد استخدمت فى تلك الفترة كذلك تلك اللغة التى تمخضت عنها لغة المشنا.

فعلى أية حال، فمن الأمور المشكوك فيها - إلى حد كبير- أن تكون اللغة المقرائية الكلاسيكية قد استخدمت فى الحياة اليومية فى تلك الفترة. فمما لا شك فيه أن مدونى النص المقرائى فى تلك الفترة المتأخرة كانوا فى حاجة إلى محاكاة اللغة المقرائية، ومع ذلك لم يستطيعوا التحرر من أساليب لغتهم هم، لذلك أفرز هذا الواقع جملاً مثل:

- כִּי מרדכי צוה עליה אשר לא תגיד (استير1/10)

- لأن مردخاى قد أمرها بألا تجيب

فكاتب هذه الجملة استخدم أداة الربط (אשר)، وهى أداة ربط مقرائية، لكنه لم يتخلص تماماً من البنية الخاصة بلغة المشنا، تلك البنية التى استخدمها فى الحياة اليومية نحو :

- כִּי מרדכי צוה עליה שלא תגיד

فصياغة هذه الجملة على غرار القالب المقرائى تكون على النحو التالى:

- ומרדכי צוה אותה לא להגיד

أو :

- ויצו מרדכי אותה לא להגיד

ويوضح استخدام أداة الربط (אשר) فى الجملة الواردة فى سفر إستير تداخل آخر بين لغات مختلفة، فجملة المفعول فى اللغة المقرائية الكلاسيكية تُربط من خلال أداة الربط (כִּי)، فى حين تختص الأداة (אשר) بالربط فى جملة الصلة بشكل عام، لذا لا يعد استعمال تلك الأداة - فى هذا الموضع - من جوهر اللغة المقرائية الكلاسيكية. ونوضح ذلك على النحو التالى:

- يتم ربط الأجزاء المختلفة للجمل المترابطة فى لغة (المشنا) بالأداة (ש)، ولا يُفرَّق فى استخدام (ש) بين الجملة التابعة وجملة المفعول، وهذا هو الاستعمال المعمول به فى العبرية المعاصرة بتأثير لغة المشنا مثل:

1- הכְּפָר שנסעתי ממנו יפה

- القرية التى سافرت منها جميلة

2- אני שמעתי שהכְּפָר יפה

- سمعتُ أن القرية جميلة

ففى الجملة رقم (1) نجد جملة تابعة وهى جملة الصلة، وتُربط هذه الجملة التابعة باسم الذات السابق على أداة الصلة من خلال الضمير نحو : הכְּפָר --- ממנו. وفى الجملة رقم (2) توجد جملة تابعة، لكنها ليست جملة صلة، فليس فيها ضمير يعود على اسم الذات المتقدم عليها. ويطلق على مثل هذه الجملة التابعة فى الجملة رقم (2) مصطلح (משפט תוכן) جملة المضمون.

وخلاصة القول إن جملة الصلة وجملة المضمون على حد سواء يتم ربطهما فى لغة المشنا بأداة الربط (ש)، ولكن الأمر مختلف فى اللغة المقرائية الكلاسيكية، حيث ترتبط جمل الصلة بالأداة (אשר)، وترتبط جمل المضمون بأداة الربط (כִּי). ومن ثم تنضوى عبرية العهد القديم على تمييز بين نمطى الجمل التابعة، ذلك التمييز الذى لا يوجد فى لغة المشنا.

وقد سارت العبرية المعاصرة على درب كلتا اللغتين :

- הכְּפָר שנסעתי ממנו יפה (جملة صلة تم ربطها وفقاً لنظام الربط فى المشنا)

- הכְּפָר אשר נסעתי ממנו יפה (جملة صلة تم ربطها وفقاً لنظام الربط فى المقرا)

- אני שמעתי שהכְּפָר יפה (جملة مضمون تم ربطها وفقاً لنظام الربط فى المشنا)

- אני שמעתי כִּי הכְּפָר יפה (جملة مضمون تم ربطها وفقاً لنظام الربط فى المقرا)

والعبرية المعاصرة تعرف هذين الدربين، لكنها لم تنتج منهما (بنى مهجنة)، فلا يقال فى العبرية المعاصرة:

- הכְּפָר כִּי נסעתי ממנו יפה

- אני שמעתי אשר הכְּפָר יפה

ولم نجد جملاً على غرار الجملة الأولى فى لغة العهد القديم. أما النوع الثانى من الجمل التى ترتبط فيها جملة المضمون بالأداة (אשר) المخصصة للربط فى جملة الصلة فترد فى الأسفار المتأخرة من العهد القديم تحديداً :

- כִּי שָׁמַעְנוּ אֵת אֲשֶׁר הוֹבִישׁ יְהוָה אֶת מֵי יַם סוּף מִפְּנֵיכֶם (يهوشع/ 2/10)

- لأننا قد سمعنا كيف يبّس الرب مياه البحر الأحمر أمامكم

وأيضاً :

- כִּי אֲנִי יָדַעְתִּי אֲשֶׁר עֲבָדֶיךָ יוֹדְעִים לִכְרוֹת עֲצֵי לְבָנוֹן (أخبار الأيام الثانى 2/7)

- لأني أعلم أن عبيدك ماهرون في قطع خشب لبنان

ويوجد غير ذلك من تلك الجمل، إلا أنها لا تُسمع مطلقاً فى العبرية المعاصرة.

ويمكن تفسير هذه الظاهرة الخاصة من خلال إرجاعها إلى تداخل لغتين، حيث نقل المتحدث أو الكاتب الذى استخدم فى حياته اليومية لغةً لا تميز بين ربط جمل الصلة وربط جمل المضمون- من خلال ربط كلتا الجملتين بأداة واحدة وهى (ש) الخاصة بلغة المشنا – أساليب لغته إلى النص الذى أصبح فيما بعد يمثل النص المقرائى. فالكاتب الذى أراد إصباغ النص بالطابع المقرائى قد استخدم الأداة (אֲשֶׁר)، لكنه فعل ذلك دون التمييز بين أنماط الجمل التابعة. ذلك التمييز المعتاد - كما سبق ورأينا- فى اللغة المقرائية الكلاسيكية. وإذا صح هذا التفسير فستكون أمامنا ظلال للغة المشنا فى فقرات مقرائية، حتى وإن خلت تلك الفقرات من أداة الربط الخاصة بلغة المشنا ذاتها، ولو صح هذا التفسير كذلك سيكون لزاماً علينا أيضاً أن نتساءل عن علة ظهور الأداة (אֲשֶׁר) كذلك فى صدر بعض جمل المضمون فى الأسفار غير المتأخرة من العهد القديم، لكنّا لن نشغل أنفسنا فى هذا الموضع بهذا السؤال الصعب الذى يشغل باحثى العهد القديم وهو السؤال الخاص بزمن تدوين الأسفار المختلفة. ويمكن أيضاً أن نفسر هذه الظاهرة الخاصة بورود (אֲשֶׁר) فى صدر جمل المضمون على أنها نتيجة التقاء لهجات عبرية مختلفة فى فترة العبرية المقرائية القديمة ذاتها، فها هى الأداة (שֶׁ) الخاصة بلغة المشنا ترد فى لغة العهد القديم، وترد أيضاً فى النصوص غير المتأخرة على الإطلاق :

- עַד שַׁקַּמְתִּי דְּבוֹרָה שַׁקַּמְתִּי אֵם בְּיִשְׂרָאֵל (القضاة 5 / 7)

- حتى قمتُ أنا دبورة قمت أُمّا في إسرائيل

فما وجدناه فى سفر أخبار الأيام وسفر إستير لم نجده فى العبرية المعاصرة. فنحن ورثة للعبرية المقرائية وكذلك فإننا متأثرون بلغة المشنا، ولا يزال التمييز بين كلتا اللغتين واجباً علينا.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button